![]() |
جديد المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تدويل الحرمين..دعوة كارثية
إحسان الفقيه في وادٍ غير ذي زرع، كانت هاجر التي أنهكها الظمأ وجف اللبن عن رضيعها، تقطع الأشواط بين الصفا والمروة طلبا للغوث. أصغَت سمعها لصوت الماء الذي ينبع من الأرض، فعلمت أنه ثمرة يقينها بربها، فشربت من زمزم وأرضعت الصبي، فهدأت النفس واطمأن القلب. *تأتي قبيلة جرهم اليمنية إلى الماء بعدما أرشدها حوَمان الطيور، ويستأذن رجالها المرأة الضعيفة الوحيدة برضيعها في المقام حول زمزم، فتأذن لهم. لقد كان عُرفا سائدا فرَضه الإطار الأخلاقي العربي، في أن السابق إلى المكان هو الأولى به، ومن العار منازعته إياه. وبعد بناء الكعبة، ظلت قبيلة جُرهم أصهار إسماعيل عليه السلام، هم القائمين على بيت الله الحرام، ولم ينازعها أحد في هذا الشرف، إلى أن أجْلتهم "خزاعة" فصارت لهم الوصاية على الكعبة. استمرت وصاية خزاعة على الكعبة بضعة قرون، قال المسعودي في كتابه "مروج الذهب": " كانت ولاية البيت في خزاعة ثلثمائة سنة". استمر حكم خزاعة لمكة البلد الحرام حتى جاء قصي بن كلاب والمسمى بـ قريش الأصغر، وأخرجهم منها، لتؤول الوصاية على البيت إلى قريش، والتي اكتسبت منزلتها الدينية والاقتصادية بسبب رعايتها للبيت، ولم تنازعها القبائل العربية الأخرى في إدارة بيت الله الحرام. *وبعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، كان الخوف يساور صناديد قريش في أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يطمح إلى السيطرة على البيت الحرام وانتزاع السيادة والرفادة من قريش، حتى هاجر وأسس دولته في المدينة. *ومنذ أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا وإلى اليوم، يتولى آل الشيبي سدانة الكعبة المكرمة، والذين ينتسبون إلى شيبة بن عثمان بن طلحة. وفي عصور الإسلام، كان الخلفاء والأمراء والسلاطين يولون الحرمين اهتماما بالغا، حتى أن صلاح الدين الأيوبي يعتبر أول من لقب بـ خادم الحرمين الشريفين، وورد هذا اللقب في كتاب النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية لابن شداد. *وفي عصر المماليك كان للسلاطين جهود طيبة في خدمة الحرمين، يقول د. محمد عقل: " دأب سلاطين المماليك على إظهار تمسكهم بالإسلام والذب عنه، واعتنوا كثيراً بالأماكن المقدسة في الحجاز والقدس، ولقب كل واحد منهم نفسه بخادم الحرمين الشريفين، فقد ذكر ابن بطوطة في كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار أنه زار مصر سنة 725هـ/1324م وهو في طريقه للحج وأشاد بالسلطان المملوكي بقوله: وكان سلطان مصر على عهد دخولي إليها الملك الناصر أبو الفتح محمد بن المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي...وللملك الناصر السيرة الكريمة والفضائل العظيمة، وكفاه شرفاً انتماؤه لخدمة الحرمين الشريفين، وما كان يفعله كل سنة من أفعال البر التي تعين الحجاج من الجمال التي تحمل الزاد والماء للمنقطعين والضعفاء، وتحمل من تأخر أو ضعف عن المشي في الدربين المصري والشامي". *وأما الدولة العثمانية، فحِرص سلاطينها منذ نشأتها على التعبير عن حبهم وتعظيمهم للحرمين، وبذلوا لأهله مكة الأموال والمساعدات عند التعرض للكوارث والنكبات، حتى قبل أن تصل جيوشهم إلى العالم الإسلامي، حيث كانوا يرسلون الصُرة منذ زمن بايزيد الأول ثم مراد الثاني ثم محمد الفاتح وغيرهم، وأوقف السلاطين من بعدهم على الحرمين الأوقاف العظيمة، ولُقب كذلك السلطان سليم الأول بخادم الحرمين الشريفين. *وبعد أن تصدى العثمانيون لمحاولات برتغالية لاحتلال الحرمين في القرن السادس عشر الميلادي، اتجهت أنظارهم إلى الحجاز، وصارت لهم الوصاية على أرض الحرمين، وحرص العثمانيون على الصِبغة الاستقلالية لهذه البلاد، وكلفوا (وُلاة مصر) بتحمل نفقات أهل الحجاز، وازداد نظام الأشراف قوة ونفوذا في عهد الدولة العثمانية. * وبعد قيام الدولة السعودية وحتى اليوم، يولي ملوكها الحرمين عناية خاصة، فالجهود الجبارة التي تبذلها المملكة في رعاية الحرمين يشهد لها الداني والقاصي، وهكذا ظلت الوصاية السعودية على الحرمين بلا منازع، بل هو شيء تأصّل في حس المسلمين قديما وحديثا. غير أن إيران قد جددت دعوتها مؤخرا لتدويل إدارة الحرمين وخروجها عن الوصاية السعودية، مُستغلين حادث تدافع منى، والتشهير بالقيادة السعودية بأنها عاجزة عن إدارة الحرمين. *رئيس مجلس الشورى الايراني (علي لاريجاني) نادى بضرورة "تقييم كيفية إدارة مراسم موسم الحج من قبل كافة الدول الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي وبرلمانات الدول الإسلامية". *ونقلت وكالة (تسنيم الإيرانية) عن (محمود الهاشمي الشاهرودي) نائب رئيس مجلس خبراء القيادة، مطالبته بدخول الحرمين الشريفين تحت إدارة إسلامية غير السعودية، زاعما أن المملكة عجزت عن إدارتها، ولم ينس أن يتقيأ شيئا من طائفيته تجاه السعودية متهما إياها بنشر الفكر الوهابي التكفيري، بحسب زعمه. *كما قال آية الله إمامي كاشاني في خطبة صلاة الجمعة في طهران "اقترح على البلدان الإسلامية أن تلجأ إلى منظمة التعاون الإسلامي لتحديد مصير الحج لأن الحج ليس حكرا على النظام السعودي بل هو متعلق بجميع الدول الإسلامية". *ومن جانبه اقترح عضو اللجنة الاجتماعية في مجلس الشورى الإسلامي، محمد إسماعيل سعيدي، إدارة الحرمين الشريفين من قبل منظمة التعاون الإسلامي أو مجموعة من الدول الإسلامية. ==== *ليست هذه هي المرة الأولى التي تطالب فيها إيران بتدويل إدارة الحرمين، فقد حدث الأمر ذاته في عهد الخميني في الثمانينيات إبان الحرب العراقية الإيرانية، عندما ساندت السعودية العراق بقوة، ما عرض المملكة لهجوم إيراني لاذع، وانطلقت دعوات تدويل الحرمين. *وكما ذكرتُ في مقالتي السابقة عن حادث تدافع منى، نادى (محمد جواد لاريجاني) عندما وضع نظرية "أم القرى" بتدويل الحرمين، وضرورة خروجهما عن السيطرة السعودية، وأن تدار عن طريق لجان دولية يكون لإيران فيها نصيب أكبر. إذا غضضنا الطرف عن الوقائع التي تشير بأصابع الاتهام لإيران بالضلوع في الحدث، فإننا لا ينبغي أن نناقش رد الفعل الإيراني بمعزل عن عاصفة الحزم التي تقودها السعودية ضد الحوثيين أذناب إيران في اليمن. *لقد وظفت إيران هذا الحادث وأثارت زوبعات التدويل، في وقت يتعثر فيه المشروع الإيراني بعد أن أوقفته السعودية وحلفاؤها في محطة اليمن الهامة بالنسبة لإيران، والتي ما إن تسيطر على اليمن حتى يسهل عليها الانطلاق إلى الحدود الخليجية المتاخمة. بعض النخب الفكرية والثقافية أيضا في الوطن العربي قد أطلقوا هذه الدعوة، وبدافع العداء لما يطلقون عليه الوهابية في السعودية، واعتبارها مرادفا للإرهاب والتطرف. *في سبتمبر 2007م، كتب (ممدوح إسماعيل) مقالة على صحيفة المصريون القاهرية، أوضح فيها أنه اطلع على مقالة لـ (د رفعت سيد أحمد) مؤسس ومدير مركز يافا للدراسات، يهاجم فيها المملكة، ويدعو فيها إلى تدويل إدارة الحرمين. *ثمة بُعد آخر للدعوة الإيرانية لتدويل الحرمين، وهو ما ذكره (د. فراس الزوبعي)، حيث أكد أن هذه الدعوة "تتعلق بمكانة المملكة العربية السعودية الدينية التي تكتسبها من وجود الحرمين داخل أراضيها، إضافة للمكانة السياسية المتميزة التي تتمتع بها بين دول العالم، فمكانتها الدينية تتيح لها القدرة على التأثير على أكثر من مليار ونصف مليار مسلم في العالم، أي أنها قادرة على التأثير على 23% من سكان العالم، وهذا يخيف إيران". *تدويل الحرمين فكرة كارثية، من شأنها أن تنقل الصراع الأيديولوجي في العالم الإسلامي إلى أرض الحرمين الشريفين، وتجعلها عرضة لتسلل الأفكار والسلوكيات الطائفية، وزرع جيوب لإيران وغيرها في الدولة السعودية. بينما الإدارة السعودية الدائمة للحرمين تحقق الاستقرار والانضباط في الزيارات والمشاعر والنسك، وهو الأمر الذي يبين براعة المملكة في إدارة الحرمين رغم وفود الناس من كل مشرب ومذهب. *تدويل الحرمين، يعني نزع القيادة الدينية للعالم السني عن السعودية، ما يضعف من ترابط السنة وهو عين المراد لدى الصفويين. تدويل الحرمين خطوة على طريق تحقيق الهدف الأكبر لإيران في السيطرة على السعودية، وهو ما صرح به العديد من القيادات الدينية والسياسية في إيران. في كتابه "الإسلام على ضوء التشيع"، قال حسين الخراساني أحد رموز الجمهورية الإيرانية: "إن كل شيعي على وجه الأرض يتمنى فتح وتحرير مكة والمدينة وإزالة الحكم الوهابي النجس عنها". *وفي احتفال رسمي بالثورة الخمينية أقيم في الأحواز بتاريخ 17 مارس 1979م، ألقى الدكتور (محمد مهدي صادقي)، خطبة جاء فيها: "وبعدما قمنا وثبتنا على أقدامنا، ينتقل المجاهدون المسلمون إلى القدس وإلى مكة المكرمة وإلى أفغانستان". وأضاف مبينا حيثيات استهداف مكة: "أصرح يا إخوان المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أن مكة المكرمة حرم الله الآمن يحتلها شرذمة أشد من اليهود". *السعودية استجابت لتوصيات منظمة المؤتمر الإسلامي باستقبال ألف حاج من كل مليون نسمة من كل دولة، إلا أن إيران وعُمّالها في العراق وغيرها، يفتعلون الأزمات من أجل بناء وعي جمعي بين المسلمين بعدم مقدرة المملكة على إدارة الحرمين، وبالتالي ينطلقون إلى المطالبة بتدويل إدارتهما. وعندما رفضت السعودية سبعة آلاف حاج عراقي إضافي عام 2006م، حاولت حكومة إبراهيم الجعفري تسييس القضية متهمة المملكة بالتعامل على أساس طائفي، وهذه المرة (بعد حادث منى) يطلق (نوري المالكي) الذي يتحرك بتوجيهات الولي الفقيه دعوته لوضع شؤون الحج تحت تخطيط وإدارة منظمة التعاون الإسلامي. *على الدعاة والمصلحين والنخب والقيادات الدينية والثقافية والسياسية وقادة الرأي الشرفاء في العالم الإسلامي، التصدي لهذه الدعوة بدعوة أخرى مضادة، ونشر الوعي ببطلان هذه الدعوة وكارثيّتها. *لا نريد أن نستيقظ يوما ونجد أحد عمائم قم يؤم المصلين في الحرم بمصحف فاطمة المزعوم. ولا نريد أن نسمع أورادهم التي يلعنون فيها أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة (رضي الله عنهم جميعا ) تتردد في الحرمين. ولا أن يرتقي منبرهما من يطعن في عرض أم المؤمنين عائشة. *السعودية مستهدفة اليوم كأشد ما يكون الاستهداف، والقيادة الجديدة تسير بخطى رصينة تستحق عليها الدعم، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين. عن شؤون خليجية |
#2
|
|||
|
|||
![]()
الرد على مقال "تدويل الحرمين..دعوة كارثية"
المقال عبارة عن خبطة عشواء مليئة بالأخطاء سواء من الناحية التاريخية أو الشرعية أو الواقعية! فحين يتعصب الانسان لأشخاص و يريد الدفاع عنهم بأي ثمن فإنه يفقد لا محالة البوصلة و المصداقية! و هذا هو ما وقعت فيه و للأسف صاحبة المقال! أولا من الناحية التاريخية فقد كانت سدانة الكعبة بيد اسماعيل عليه السلام، ثم بعد وفاته صارت لولده ثابت بن اسماعيل الى أن اغتصبها من ولده أخواله جرهم، و لما أفسدت جرهم و طغت قاتلتهم خزاعة و طردتهم و تولت ولاية مكة و سدانة الكعبة! و الامر الأهم هو أن الكاتبة لم تفرق بين سدانة الكعبة و تنظيم الحج و رعايته! فالسدانة هي الوظيفة التي تعني بالكعبة و القيام بشؤونها من تنظيفها و غسلها و إصلاح كسوتها إذا تمزقت، و صاحب السدانة بيده مفتاح الكعبة! و هناك أيضاً السقاية التي كانت تعنى بتوفير المياه للحجاج منذ القدم (اي منذ قبل الاسلام)، إذ تقع مكة في منطقة تقل فيها المياه و الأمطار، فكان توفير المياه للحجاج غاية في الأهمية لتمكين الناس من الحج. و كانت أيضاً الرفادة، و هي إطعام الحجيج، بحيث كانت تُجمع الاموال لشراء و إعداد الطعام للحجاج! و في عهد قريش كانت هذه الوظائف الثلاثة المتعلقة بالحج (الى جانب مهمات اخرى متعلقة بسياسة و إدارة مكة) توزع بين بطون قريش حتى لا يحتكر بطنٌ كل الوظائف فيخل بتوازن القوى في مكة و يحصل تنافس و صراع و تنافر، و بالتالي لتحفظ قريش وحدتها وتماسكها، ولتوفر لمكة الهدوء والسلام اللازمين، و من ثم لتشجيع الحجاج والتجار على القدوم إلى مكة! أما خدمة السقاية فقد انتهت رسميا سنة 1400هـ/1979م بسبب تطور وسائل توفير المياه و إيصالها عبر الأنابيب الخ ....، فلم تعد حاجة لنقل المياه العذبة من الآبار على الإبل و وضعها مثلا في حياضٍ من الجلد في فناء الكعبة! لكن سدانة الكعبة ليست لها اي علاقة بشؤون الحج و إدارته و إمارة الحج! فهذين أمرين مختلفين تماماً، و من ثم أخطأت كاتبة المقال خطأً فادحا عندما جعلت من سدانة الكعبة و حديث الرسول "خُذُوهَا يَا بَنِي شَيْبَةَ خَالِدَةً تَالِدَةً ، لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ"(صحيح مسلم)، مطية لإضفاء الشرعية على ملوك و أمراء السعودية و منحهم الحق المطلق و المنفرد بشؤون الحج و الحجاج! فحين جعل صلى الله عليه و سلم مفتاح الكعبة بيد بني شيبة و قال "خُذُوهَا يَا بَنِي شَيْبَةَ خَالِدَةً تَالِدَةً، لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ"، حين قال الرسول هذا الحديث لم يجعل لهم بذلك إمارة الحج و إدارته، فهذا ليس له علاقة البتة بذاك! بل كما هو معلوم#أَمَّرَ الرسول عتاب بن أسد على الحج سنة ثمانية للهجرة، ثم أبا بكر سنة تسعة للهجرة، و تولى رسول الله صلى الله عليه و سلم نفسه إمارة الحج في السنة العاشرة! فإدارة الحج و إمامته موكلة للخليفة يقوم بها هو مباشرة أو ينيب عنه من يقوم بها! و هكذا كان الخلفاء الراشدون يتولون مباشرة إمارة الحج أو يُعَيِّنُون من ينوب عنهم في ذلك، فقد#تولى مثلا إمارة الحج في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة ثلاث عشرة عبد الرحمن بن عوف، و تولى عمر نفسه إمارة الحج في السنين التالية مدة خلافته، فحج بأمهات المؤمنين في آخر حجة حجها! ... و ولى الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه إمارة الحج لعبد الرحمن بن عوف سنة أربع وعشرين هجرية! .... و في غياب خلافةٍ عامة للمسلمين و غياب خليفة اختاره المسلمون قاطبة أميرا عليهم و خليفة لرسول الله في إقامة شريعة الاسلام و توحيد المسلمين و حمايتهم من طغيان و سطو الكفار، في هذا الغياب من له الحق في إمارة الحج و إدارته؟ هذا هو السؤال المهم الذي لم يجب عنه أحد، إجابة بعيدة عن النعرات القومية و التعصب الوطني الوثني الذي أذمه الله و رسوله! فليس هناك اي دليل شرعي و لا عقلي يخول إدارة الحج لآل سعود وحدهم، بل الأقرب للصواب و الضامن لقلع الفتنة و ترسيخ التآلف هو إشراك ممثلين و مندوبين عن كل البلدان الاسلامية في إدارة الحج و إمارته، و لا حرج في أن يختار هؤلاء المندوبين من بينهم أميرا عاما للحج، يتم اختياره كل سنة او كل بضع سنين! ما الضير في ذلك؟ ماذا سيخسر آل سعود بذلك؟ فهاهم العثمانيون، الذين مدحتهم الكاتبة في مقالات عدة، وضعوا خلال فترة حكمهم (منذ العام 1120هـ / 1708 – 1709م) إمارة الحج في دمشق! فلماذا هذا التعنت و التجبر في موقف آل سعود في مسألة إدارة الحج؟ لا نفهم البتة هذه الحساسية الكاذبة المريضة اللاشرعية اللإسلامية حين يتم الحديث عن "تدويل رعاية الحج"، تدويلها بين بلدان اسلامية، كلهم أشقاء و أخوة في الدين و كلهم لهم الحق في الحج و في بيت الله و في مسجد رسول الله، ... في حين تجد نفس المعارضين لإشراك مندوبين عن كل البلدان الاسلامية في تنظيم الحج، تجدهم يصفقون و يطالبون و يُلِحُّون على تدويل كل قضايا المسلمين، تدويلها بين الكفار، نذكر على سبيل المثال لا الحصر: >> تدويل قضية القدس و الأقصى، >> تدويل ثورة سوريا، >> تدويل قضية غزو صدام حسين للكويت و استقبال جيوش امريكا و الغرب في بلاد المسلمين و منها السعودية و منحهم قواعد عسكرية في بلاد المسلمين، الخ ... >> تدويل قضية قتل الحريري في لبنان،... >> في كل أزمة و مصيبة تحل بالمسلمين تسمع الأصوات المنادية بتدخل المجتمع الدولي! >> و كلما وقع حادث في بلاد المسلمين ذهب ضحيته أوربيين أو أمريكيين تجد البلد المسلم المعني بالأمر يسمح فورا للجهات الأمنية و القضائية الغربية بدخول بلاد المسلمين و المشاركة، بل و قيادة التحقيقات في الحادث، بل و تسلم رعاياها المسلمين المتهمين ليحقق معهم الغرب و يقاضيهم في بلده! ... فالكارثي ليس تدويل الحرمين و وضع الحج تحت إشراف مندوبين من كل البلدان الاسلامية، فهؤلاء كلهم مسلمون و لهم الحق في ذلك، و إشراك كل البلدان الاسلامية في إدارة الحج عن طريق مندوبين يقوي اللحمة و الوحدة و المودة و يقلع الفتن، ... لكن الكارثة الحقيقية و العظمى هو تدويل قضايا المسلمين و جعل أمريكا و الامم المتحدة راعين لكل قضايا المسلمين، فكثير من بلاد المسلمين جعلتموها تحت الاشراف المباشر للكفار: سيناء، جنوب لبنان، ليبيا، اليمن، العراق، .... و اللائحة طويلة! فالأولى بصاحبة مقال "تدويل الحرمين..دعوة كارثية" و أمثالها أن يحدثونا عن كوارث تدويل قضايا المسلمين بين الكفار و قبول المسلمين للدول الكافرة راعية لقضاياهم و مشرفة عليها! و في الأخير نذكر أن رعاية الحجاج، رغم الأجر الذي فيها و أهميتها، إلا انها لا ترتفع أبدا لدرجة ما هو اهم و اعظم بكثير، ألا و هو تطبيق شرع الله و الدفاع عن الامة الاسلامية و عن المظلومين من المسلمين أينما تواجدوا في العالم:#{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19)}(التوبة)، ... |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|