وقفات مع آيات الحج
أنور الداود النبراوي
القسم السادس والأخير
امتن اللَّه تعالى على عباده بأن جعل البُدن قربة عظيمة تهدى إلى بيته الحرام، بل هي أفضل ما يهدى إليه، فقال تعالى:
{ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36﴾}(الحج).
{ والبُدْن }: جمع بَدَنة؛ وهي الجمل أو الناقة، أو ما يساويهما من البقر، وسمَّاها بَدَنة إشارة إلى ضرورة أنْ تكون بدينة سمينة وافرة، ولا بُدَّ أنْ يراعى فيها هذه الصفة عند اختيار الهَدْي الذي سيقدم لله تبارك وتعالى: { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ.. }(البقرة: 267).
{ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ } جعلها الله معالم تؤذن بالحج، وجعل لها حرمة. وهذا وجه تسميتهم وضع العلامة التي يعلّم بها بعير الهَدْي في جلده إشعارًا. وكان عبد الله بن عمر إذا أهدى هدْيًا من المدينة قلّده وأشعره بذي الحليفة، يقلّده قبل أن يُشعره، وذلك في مكان واحد وهو موجهه إلى القبلة، يقلده بنعلين، ويشعره من شقه الأيسر (رواه مالك في الموطأ). وتقليد الهدي: أن يعلق شيء على عنقه. وإشعار الهدي: أن يطعن في صفحة سنامه حتى يسيل الدم. والحكمة من ذلك أن يُعرف أنه هدي، فيُحترم ولا يتعرض له أحد.
وقد عُدَّ الاعتداء عليه في جملة الحرمات في قوله:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ }(المائدة).
وفي الآية دليل على أن الشعائر عام في جميع أعلام الدين الظاهرة. وتقدم أن الله أخبر أن من عظَّم شعائره، فإن ذلك من تقوى القلوب.
{ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } والخير: هو النّفع، والمراد: ما يحصل للناس من النفع في الدنيا؛ من انتفاع الفقراء بلحومها وجلودها وجِلالها ونعالها وقَلائدها، وما يحصل للمُهدين وأهليهم من الشبع من لحمها يوم النّحر، إضافة إلى خير الآخرة من الثواب والأجور، وثواب الشكر من الذين أُعطوا لحومَها، حيث يتوجهون إلى ربّهم - الذي أغناهم بها - بالثناء والحمد.
وبعد أن بين سبحانه أنه أراد بالبدن الخير لعباده، بيَّن الواجب عليهم مقابل ذلك، فقال:
{ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ } أي: اذكروا الله بالشكر على أنْ وهبها وذلَّلها لكم، واذكروا اسم الله عليها حين ذَبْحها.
ومعنى ﴿ صَوَافَّ ﴾ أي: واقفةً قائمة على أرْجُلها، لا ضعفَ فيها ولا هُزَال، مصفوفة وكأنها في معرض أمام الناس. وهذه صفات البُدْن الجيدة التي تناسب هذه الشعيرة وتليق أنْ تُقدَّمْ هَدْياً لبيت الله.
وقد ورد في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه في حجّة الوداع قال فيه: ( ثم انصرف رسول الله إلى المنحرَ فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثلاثًا وستين بَدنة جعل يطعنها بحَربة في يده ثم أعطى الحربة عليًّا فنحر ما غَبَر، أي ما بقي وكانت مائة بدنة ) رواه مسلم.
وهذا يقتضي أنها كانت مجتمعة متقاربة.وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه: أنه أتى على رجل قد أناخ بَدَنته وهو ينحرها، فقال: ( ابعثها قيامًا مقيدة سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم ).
وإيقاف الناس بُدْنَهم للنحر مجتمعة ومنتظمة غير متفرقة مما يزيد هيئتها هيبة وجلالًا، وهو من مظاهر القوة والامتثال والانقياد، كما في قوله تعالى: { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيان مرصوص (4﴾} [الصف: 4]. فتُنْحَر الإبل واقفة قد صُفَّتْ ثلاث من قوائمها وقُيِّدت الرابعة.
{ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا } وجبَ الشيء وجباً يعني: سقط سقوطاً قوياً على الأرض، فإذا نحرت البُدْن، وسقطت جنوبها على الأرض، وخرجت روحها أكل منها أصحابها استحبابًا وتعبدًا.
ولا يجوز الأكل من البَدَنة إذا نُحرت حتى تموت وتَبْرد حركتها، فعن شَدّاد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ولْيُحدَّ أحدكم شَفْرَته، ولْيُرِحْ ذَبِيحته )رواه مسلم.
والقصد من هذا التوقيت المبادرة بالانتفاع بها إسراعًا إلى الخير الحاصل من ذلك في الدنيا بإطعام الفقراء وأكل أصحابها منها، فإنه يستحب أن يكون فطور الحاج يوم النحر مِن هديه، وكذلك الخير الحاصل من ثواب الآخرة.
وفي الأمر بالأكل منها إبطال لما كان عند أهل الجاهلية من تحريم أكل المُهدي من لحوم هديه.
{ وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ } وأطعموا منها الفقير القانع؛ الذي لا يسأل تعففًا، والفقير المعتر؛ الذي يتعرض للسؤال لحاجته، فكل منهما له حق. والأمر هنا للوجوب.
والله سبحانه قادر أنْ يعطي الفقير الذي أمرك أنْ تعطيه، ويجعله مثلك تمامًا غير محتاج، لكنه أراد من تباين الناس في مسألة الفقر والغنى أن يُحدِث توازنًا في المجتمع، فحياة البشر لا بُدَّ فيها من هذا التفاوت بين الناس، ثم تأتي الشريعة فتأخذ من القوي وتعطي الضعيف، وتأخذ من الغني وتعطي الفقير؛ لتقضي على مشاعر الحقد والحسد والبغضاء والأَثَرة. فحين يعطي القويُّ الضعيفَ من قُوْتِه، فإن الضعيف لا يحسده عليها، بل ويتمنى له الزيادة من فضل الله؛ لأن خير ذلك العطاء سوف يعود عليه، وحين يعطي الغنّي مما أفاض الله عليه للفقير فإنه يُؤلِّف قلبه، ويجتثّ منه الغِلَّ والحسد، ويدعو له بدوام النعمة. لا بد من هذا التفاوت ليتحقق فينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشدُّ بعضه بعضًا ) رواه البخاري ومسلم.
فإنْ لم تفعل فلا أقلَّ من إخفاء هذا الخير عن أعْيُنِ المحتاجين حتى لا تثير حفائظهم.
لذلك، ترى صاحب النعمة الذي ينثر منها على غيره، إنْ أصابته في ماله مصيبة يحزن له الآخرون ويتألمون بألمه؛ لأن نعمته تفيض عليهم، وخيرُه ينالهم.
وأيام الذبح أربعة على الأصح؛ يوم العيد، وثلاثة أيام بعده؛ لحديث جبير بن مطعم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( وأيام التشريق كلها ذبح ) رواه أحمد وابن حبان وضعفه البيهقي. كما أن هذه الأيام مشتركة في الرمي والتكبير وحرمة الصيام، فلا يمكن أن نُخْرِجَ عن هذا الاشتراك وقت الذبح.
وقد احتج بهذه الآية الكريمة مَن ذهب من العلماء إلى أن الأضحية تُجزَّأ ثلاثة أجزاء: فثلث لصاحبها يأكله منه، وثلث يهديه لأصحابه، وثلث يتصدق به على الفقراء.
وقال الشافعي، وأحمد: لا تجب الأضحية، بل هي مستحبة؛ لما جاء في الحديث: ( ليس في المال حق سوى الزكاة ). والنبي عليه الصلاة السلام ضحى عن أمته فأسقط ذلك وجوبها عنهم.
قال ابن عمر: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين يضحي. رواه الترمذي.
وقال أبو أيوب: كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس فصار كما ترى. رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني. وكان عبد الله بن هشام يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله (رواه البخاري).
وأما مقدار سِنّ الأضحية، فقد روى مسلم عن جابر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تذبحوا إلا مُسِنَّة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن ).
{ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ } أي: البُدْن { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } لعلكم تشكرون الله على تسخيرها، فإنه لولا تسخيره لها، لم يكن لكم بها طاقة، ولكنه ذللها لكم وجعلها منقادة لكم خاضعة، إن شئتم ركبتم، وإن شئتم حلبتم، وإن شئتم ذبحتم، رحمة بكم وإحسانا إليكم، قال تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (73﴾}(يس). ولولا أنّ الله أودع في طباعها هذا الانقياد لما كانت أعجزَ من بعض الوحوش التي هي أضعف منها فتنفر من الإنسان ولا تسخّر له.
فعليكم أنْ تشكروا الله وتحمدوه على ذلك، وتشكروه على أنْ هداكم للقيام بهذا المنسك، وأداء هذه الشعيرة وعمل هذا الخير الذي سيعود عليكم بالنفع في الدنيا وفي الآخرة، وتفردوه سبحانه وتعالى بالعبادة.
وهذا تعريض بالمشركين إذ وضعوا الشرك موضع الشكر.
{ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }(الحج: 37).
{ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا } تعليل للآية السابقة: { كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون }.
أي: أنه ليس المقصود من الهدي ذبحها فقط، فإنه لن ينال اللهَ مِن لحوم هذه الذبائح ولا من دمائها شيء، إنما شرع الله نحر هذه الهدايا والضحايا وسخرها لإقامة شكره وذكره عند ذبحها، وحين التمكن من الانتفاع بها، فإنه تعالى الخالق الرازق وهو الغني الحميد، ولا يريد الله منكم على ذلك إلا أن تتّقُوه وتعظموه كما هداكم لدينه وشرعه، وما يحبه ويرضاه، ونهاكم عن فعل ما يكرهه ويأباه، وقد هداكم إلى توحيده والاتجاه إليه، وإدراك حقيقة الصلة بين الرب والعباد.
والنَيْل: هو الإصابة. يقال ناله، أي أصابه ووصل إليه. ويقال أيضاً بمعنى أحرز ، فإن فيه معنى الإصابة، كقوله تعالى: { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }(آل عمران: 92)، وقوله: { وهموا بما لم ينالوا }(التوبة: 74).
وفي الآية إيماء إلى أن إراقة الدماء وتقطيع اللحوم ليسا مقصودين بالتعبد ولكنهما وسيلة لنفع الناس بالهدايا إذ لا يُنتفع بلحومها وجلودها وأجزائها إلا بالنّحر أو الذبح وإن المقصد من شرعها انتفاع الناس المُهدين وغيرهم.
كما أومأ إليه قوله تعالى: { جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد } (المائدة: 97).
وفي الآية إبطال ما يفعله المشركون من نضح الدماء في المذابح وحول الكعبة، وكانوا يذبحون بالمَرْوَةِ. قال الحسن: كانوا يلطخون بدماء القرابين وكانوا يشرّحون لحوم الهدايا وينصبونها حول الكعبة قربانًا لله تعالى، يعني زيادة على ما يعطونه للمحاويج.
وربما كانوا يقذفون بمِزع من اللحم على أنها لله فربما أصابها محتاج، وربما لم يتفطن لها فتأكلها السّباع أو تفسد.
يشبه ذلك ما كان يفعله اليونان، حيث يشوون لحوم القرابين على النار حتى تصير رمادًا ويتوهمون أنّ رائحة الشواء تسرّ الآلهة المتقرب إليها بالقرابين، وكان المصريُّون يُلقون الطعام في النهر للتماسيح؛ لأنها مقدّسة.
وسئل عامر الشعبي عن جلود الأضاحي، فقال: { لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا }، إن شئت فبع، وإن شئت فأمسك، وإن شئت فتصدق.
{ وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ } ولكن يناله الإخلاص فيها، والاحتساب، والنية الصالحة، وأن يكون القصد بها وجه الله وحده، لا فخرا ولا رياء، ولا سمعة، ولا مجرد عادة، وهكذا سائر العبادات، إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله، كانت كالقشور الذي لا لب فيه، والجسد الذي لا روح فيه.
ويشمل التقوى ذكر اسم الله عليها، والتصدّق ببعضها على المحتاجين، واتباع منهج الله في الحياة، فيُطاع الله فلا يُعصي، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم.
{ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ } كذلك ذللها لكم -أيها المتقربون-؛ لتعظموا الله وتجلوه، وتشكروه على ما هداكم من الحق، وعلى ما هداكم إليه من الأنعام، والهداية إليها: هي تشريع الهدايا في تلك المواقيت لينتفع بها الناس، ويرتزق سكان الحرم الذين اصطفاهم الله ليكونوا دعاةَ التوحيد لا يفارقون ذلك المكان.
وقوله: { عَلَى مَا هَدَاكُمْ } لفظ (على) فيه للاستعلاء بمعنى التمكن، أي: لتكبّروا الله عند تمكنكم من نحرها، فإنه يستحق أكمل الثناء وأجل الحمد، وأعلى التعظيم.
{ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ } الذين أحسنوا وأخلصوا العمل لله، قال عليه الصلاة والسلام عندما سئل عن الإحسان: ( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) رواه البخاري ومسلم، فالمحسن يراقب الله، ويعلم أن الله مطلع على اعتقاده وأقواله وأفعاله، ويخلص في عبادته، ويتابع ويوافق فيها رسوله الله صلى الله عليه وسلم، ويأتي بالأعمال الصالحة في أفضل أوقاتها، فكان إحسانه سببًا لمزيد الهداية وتوالي الرحمات من الله، { ومن أحسن دينًا ممن أسلم وجهه لله } (النساء: 125).
والمحسنون.. هم الفاعلون للحسنات من الفرائض والنوافل، كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: ( ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ) رواه البخاري، فهو يعيش المبادرة والمسارعة إلى الخيرات، حيث يفعل المستحبات من الدين فوق ما فرض الله عليه من واجبات بلذة واشتياق.
والمحسنون.. هم الذين يحسنون إلى الناس؛ ببذل الندى، وبحسن الخلق، وكف الأذى، قال عليه الصلاة والسلام: ( وخالق الناس بخلق حسن ) رواه الترمذي وحسنه الألباني، وقال صلى الله عليه وسلم: ( البر حسن الخلق ) رواه مسلم،
فإنهم يتمثلون الإحسان في أخلاقهم وتعاملهم، حتى في أقوالهم كما في قوله تعالى: { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا } (البقرة: 83).
والمحسنون.. يحسنون كذلك إلى خلق الله من الدواب والبهائم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ( إن الله كتب الإحسان في كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلى وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ) رواه مسلم.
فهؤلاء المحسنون لهم البشارة من الله بسعادة الدنيا والآخرة، قال تعالى: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } (يونس: 26).
وسيحسن الله إليهم، كما أحسنوا في عبادته، وكما أحسنوا لعباده، { هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ (60) } (الرحمن).
وهكذا لا يخطو المسلم في حياته خطوة، ولا يتحرك في ليله أو نهاره حركة، إلا وهو ينظر فيها إلى الله، ويجيش قلبه فيها بتقواه، ويتطلع فيها إلى وجهه ورضاه، فإذا الحياة كلها عبادة تتحقق بها إرادة الله من خلْقِ العباد، وتصلح بها الحياة في الأرض وهي موصولة السبب بالسماء.
انتهى بحمد الله
عن موقع شبكة الألوكة الشرعية