جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
السنة مصدر للتربية السليمة
عندما نتأمل السنة النبوية، نجدها عامرة بالمواقف التربوية
الرائعة، والتي تجعل من نفسها نورًا يهتدي به من قبل الآباء والمربون، فلقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم، على إيضاح كيفية التعامل خاصة مع الأبناء والأطفال، وما هي الصور الصحيحة لتربيتهم، وفي هذا المقال نتناول بيان نبوي يتضح من خلاله طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الأطفال، فعن أنس بن مالك قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علينا، ولي أخ صغير يكني أبا عمير، وكان له نغر يلعب به فمات، فدخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فرآه حزينًا، فقال: ما شأنه؟ قالوا: مات نغره، فقال: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟) [صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، (4969)]. فإذا نظرنا سويًا في هذا الموقف سنجد كيفية اغتنام النبي صلى الله عليه وسلم للفرص، فالأطفال يحبون من يتعاطف معهم ويهتم بهم، وها هو النبي صلى الله عليه وسلم وهو من هو أشرف الخلق وسيد ولد آدم، وأحب الناس إلى الله عز وجل، يسأل أبو عمير عن حاله هذا الطفل الصغير الذي مات طائره، والسؤال هنا: هل تهتم بطفلك وتسأل عن حاله باستمرار؟ على خطى النبي وأبي عمير؟ المتأمل الحقيقي في هذه القصة، يستخرج عدة معاني هامة: 1. الاهتمام بالطفل: فالاهتمام بالطفل من الأمور التي يجب أن تأخذها في اعتبارك، فالطفل إذا أردت أن تعلمه وتكسبه القيم يجب أن تقيم علاقة قوية معه، وتمنحه الحب، فهذه قاعدة قد وضعها النبي صلى الله عليه وسلم، (إنها قاعدة عامة يضعها النبي صلى الله عليه وسلم في المعاملة مع الغير وخاصة مع من نعاشرهم وعلى الأخص الأطفال الصغار لحاجتهم للحنان والعطف ولعدم إدراكهم هذا المعنى إلا من خلال سلوك ظاهر وعملي، فيجب على الوالدين والكبار عمومًا عند معاملة الأطفال ومعاشرتهم استخدام أساليب عملية ومعبرة عن المودة والمحبة لهم، مثل حمل الصغار وتقبيلهم وملاعبتهم ومصاحبتهم خارج المنزل للتنزه والتفرج وزيارات المعارف والأقارب والاهتمام بأمورهم، والرد على كل أسئلتهم والنوم بجانبهم والسماح لهم بالجلوس مع ضيوف البيت، ومدح سلوكهم الصحيح أو المتميز وتقدير أعمالهم بالجوائز والحلوى، وعدم زجرهم ومنعهم من اللعب والحركة وأمثال ذلك من الأسباب التي توطد العلاقة مع الطفل وتقنعه بالحب والاهتمام وتشبع حاجاته. عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:(صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى ثم خرج إلى أهله وخرجت معه فاستقبله ولدان فجعل يمسح خدي أحدهم واحدًا واحدًات، وأما أنا فمسح خدي فوجدت ليده بردًا وريحا كأنما أخرجها من جؤنة عطار) [رواه مسلم]. فأي صورة من الحنان المعبر والأبوة والشفقة تلك التي يبديها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلقى بعض الأطفال في طريقه، فيمسح بحنان ومودة على كل خد للأطفال واحدًا واحدًا، لأنه الحنان الغامر الذي يشمل كل طفل وأين هذا السلوك من سلوك الذي يزجر كل طفل يلقاه معترضاً طريقه؟ أو على الأقل من لا يحدثهم ولا يلقي إليهم السلام؟) [العشرة الطيبة مع الأولاد، أ.محمد حسين، ص(283)]. 2. الرحمة والشفقة: إن كلمات النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عمير، هي والله خير دليل على الشفقة والرحمة، فقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم حزينًا فأشفق عليه وسأل الناس عن سبب حزنه، وعندما علم ذهب بنفسه صلى الله عليه وسلم إلى أبي عمير لكي يواسيه في حزنه، فأي رحمة وشفقة أعظم من هذه الرحمة الجليلة، والإسلام بمنهجه الحكيم يدعو المربين ولا سيما الآباء والأمهات إلى أن يتحلوا بالأخلاق العالية والمعاملة الحسنة التي تفيض بالرحمة والشفقة والحنان حتى ينشأ الأولاد على الاستقامة ويتربوا على الجرأة واستقلال الشخصية وبالتالي حتى يشعروا بكرامتهم واحترامهم عند آبائهم. (وقد وجه الإسلام إلى حسن المعاملة مع كل الناس ولا سيما الأقربين فقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: 90]. وقال سبحانه وتعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة: 83]، وفي الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي عنه عليه الصلاة والسلام: (الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) [صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، (4941)]، من حسن معاملة الأولاد مخاطبتهم بأطيب الكلام وملاطفتهم في الحديث، ومن حسن معاملتهم غرس الثقة في نفوسهم وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن رغباتهم وطموحاتهم وإشعارهم بأهميتهم كأعضاء صالحين في دائرة الأسرة والمجتمع) [كيف نربي أبناءنا تربية صالحة، حمد حسن رقيط، ص(27)]. 3.الدعاء لهم: فمن مظاهر حسن معاملتك لولدك، أن تدعو لهم وترجو أن يرزقوا بالصلاح والهدى، (فللدعاء أثر عجيب في صلاح الأولاد واستقامتهم إذ دعاء الوالدين مستجاب عند الله، فبالدعاء تزداد شحنة العاطفة وقودًا وتتمكن الرحمة والرأفة من قلبي الوالدين، فيتضرعان إلى الله ويبتهلان إليه في إصلاح الطفل ومستقبله وهذه سنة الأنبياء والمرسلين وأكثر الناس دعاءًا لله لصلاح أبنائهم، فهذا إبراهيم الخليل عليه السلام يقول: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم:35]، وهذا زكريا الذي أنعم الله عليه بذرية طيبة على كبر وهرم كإبراهيم الخليل عليهما السلام يقول: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38]، تضرع ودعا أن يرزقه الله الذرية، وأي ذرية؟ أن تكون طيبة صالحة، سبحان الله ونحن إذا رزقنا بها دعونا عليها بالموت والهلاك والعمى والكسر وحوادث السيارات، ولعل الدعوة توافق ساعة استجابة فيستجيب الله لنا.! ويخبر الله على لسان المؤمنين الصالحين فيقول: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]، لهذا نجد من الخطورة الدعاء على الأبناء لأنه عمل خطير جدًا فيه دمار الولد ومستقبله وفيه دمار الوالدين عندما يرون فعل الدعاء بالأبناء فيموتون ندمًا لدمار أبناءهم. فاحذري أيتها الأم وأنت أيها الأب من الدعاء على الولد خاصة عند الغضب، وربما أطلقنا لساننا بالسب واللعن ولا نفكر بالنتائج الوخيمة. وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ندعو عليهم لأن ذلك مناف للخلق الإسلامي، ويبتعد عن منهج النبوة في دعوة الناس إلى الإسلام، حتى إنه لم يدع على المشركين في الطائف الذين آذوه وكسروا رباعيته وضربوه بالحجارة بل قال لملك الجبال: أرجو من الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وقد حقق الله رجائه، فكيف بالأبناء؟ فعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث دعوات لا شك في إجابتهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده) [حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، (1655)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم) [صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، (1532)]) [ولدي قرة عيني، سعاد سليمان، ص(18)]. كلمة أخيرة: قبل أن نختم مقالتنا كما تعودنا بالواجب العملي، نؤكد على مدى اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم وحبه للأطفال الصغار، (فعن أسامة بن زيد قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه أن ابنًا لي قد قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: (إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب)، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة ورجال من أصحابه، فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تقعقع كأنها شنة، ففاضت عيناه صلى الله عليه وسلم، فقال سعد: يا رسول الله، ما هذا؟، فقال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء) [متفق عليه])[نقلًا عن أطفال المسلمين كيف رباهم النبي الأمين؟، جمال عبد الرحمن، ص(40)]. لعلك الآن قد عرفت مدى أهمية حب الأولاد والاهتمام بهم، فلاشك أنك تريد أن يكون ولدك شخصية لها مكانة ورفعة، وتحقق نجاحات، وتكون متفوقة، فابدأ بصناعة معدنك النفيس من خلال أن تهتم به، ولتنظر إلى صناعة الذهب كيف يمر بعدة مراحل من الاهتمام والتنقية من الشوائب حتى يخرج في الشكل الذي نراه في محلات بيع الذهب والحلي، وهكذا ولدك عليك أن تهتم به حتى يكون ذهبًا يضيء لمعانه في سبيل خدمة الإسلام. ولا تنسى أخي الحبيب فعل هذه الأشياء: 1. حدد كيف تهتم بطفلك؟ وما هي وسائلك في تحقيق ذلك، فمن ذلك أن تحرص على الاستماع لولدك باهتمام وتتفهم حاجاته وما يريده، أن تتذكر أن ولدك ولد على الفطرة فهو يحتاج إلى من يرشده ويهديه إلى السلوك الصحيح. 2. إذا غضبت من ولدك فلا تدعو عليه أبدًا، بل استفيد من ذلك بأن تدعو له بالصلاح والرشاد. المصدر موقع الطفل المسلم |
أدوات الموضوع | |
|
|