جيشنا الباسل في ذكراه التسعين ....بين التأسيس والتسييس
جيشنا الباسل في ذكراه التسعين ....بين التأسيس والتسييس
لايختلف اثنان على المكانة التي يحتلها الجيش العراقي الباسل والتي جاءت من دوره الريادي في الدفاع عن مصالح الوطن والامة العربيه اضافة الى ما يتمتع به من مهارات وقدرات فنية وعسكرية وقيادية لجميع صنوفه (البرية والجوية والبحرية) والتي افرزها تاريخه المشرف في حروب الدفاع عن فلسطين وهضبة الجولان فضلا عن التصدي لحركات التمرد في شمالنا الحبيب والتي كانت مدعومة من دول الجوار اضافة الى حرب الثمان سنوات والتي تصدى فيها للعدوان الايراني واثبت فيها قدرات عالية وخبرات ومهارات يشهد بها العدو قبل الصديق .
ولكننا نلاحظ ان اهم ما ابتلي بيه جيشنا الباسل المغوار هو محاولات تسييسه من قبل الانظمة الحاكمة التي توالت على حكم البلاد ومحاولة اخضاعه الى ارادة الحاكم واهوائه من خلال تحزيب قياداته ومراتبه كذلك تسجيل جميع منجزاته باسم شخص الحاكم ، وهنا نريد ان نتطرق الى مرحلتين مهمتين في تاريخ جيشنا الباسل الاولى تمثلت بمرحلة ما بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانيه عام 1988 وحتى دخول الاحتلال الامريكي الغاشم وسيطرة احزاب التيه وارباب دول الجوار والاقليم على بلدنا عام 2003 .
فبعد خروج جيشنا منتصرا بعد حرب الثمان سنوات مع جارة السوء ايران وامتلاكه لكثير من الخبرات والقدرات العسكريه جعلته يحتل المرتبة الخامسة في العالم مما شكل حصنا منيعا يضاف الى ان لم يكن على راس منظومة الامن القومي العربي والاسلامي والذي يتعرض لخطرين هما التهديد الايراني وتهديد ات الكيان الصهيوني الغاصب . وقد احتل جيشنا الباسل بذلك مكانة مرموقه ومنزلة محترمة في نفوس الشعب العربي والاسلامي . ولكن مأساته تكمن في سياسة النظام الحاكم والذي اساء لهذا التاريخ المشرف والسفر الخالد من خلال جر واجبار جميع قياداته للانضمام والانتساب الى حزب البعث والذي جعل تلك القيادات ذات الخبرات القيادية والميدانية العالية والتي تعتز بمهنيتها امام خيارين اما القبول على مضض من اجل البقاء ضمن تلك المؤسسة التي تحملوا ما تحملوا وغامروا بارواحهم حد الموت وقدموا التضحيات والالاف من الشهداء من اجل بنائها واصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتهم او الرفض الذي يعرضهم لقسوة النظام تحت مسمى الخيانة او الاحالة على التقاعد في احسن الاحوال وهذا الامر جعل السطوة والحاكمية لقياداة حزب البعث على الجيش اكثر من قياداته العسكريه . وقد جر هذا الامر الى ادخال الجيش العراقي في حرب خاسرة واعتداء عسكري واحتلال لدولة عربيه جارة هي الكويت وبغض النظر عن الموقف الكويتي في تلك المرحلة والذي كان متحامل على العراق فانه ليس من المبرر اقحام الجيش العراقي في هذه المعركة وكان الواجب ترك المجال للخيار الدبلوماسي لمعالجتها خصوصا ان الكويت دولة صغيرة وضعيفه ولا وجود لوجه المقارنة مع العراق وقدراته ولكن حصل ما حصل من زج الجيش واحتلاله للكويت واما اعقب ذلك من احداث شرخ كبير وانقسامات في الصف العربي والاسلامي على المستويين الرسمي والشعبي مما ادى الى اسقاط تلك الصورة الحسنة التي كانت مرسومة عنه في مخيلة الشعوب العربيه والاسلاميه اضافة الى نتيجة حرب تحرير الكويت التي ادت الى كسر هيبة وقوة و قدرات الجيش العراقي الذي دخل فيها وهو غير مؤمن بعملية دخول الكويت اصلا ولكنه ارغم نزولا عند رغبة النظام السياسي المتمثل بحزب البعث وهذا الامر الذي اسس لحالة خطيره ظهرت نتيجتها عام 2003 عند دخول الاحتلال وهي فقدان الجيش العراقي للمبدا الذي يقاتل من اجله حيث ان مرحلة التسعينات عاش فيه الجيش العراقي اسوا مراحله خصوصا مع الوضع الاقتصادي تحت وطاة الحصار والتي انهكت مؤسساته وعناصره من قيادات وضباط ومراتب. وفي عام 2003 ومع بدء هجوم قوات الاحتلال الامريكي البريطاني نجد ان اثر سياسة نظام صدام الخاطئة بحق الجيش العراقي والتي جعلت منه ادات بيد قياداة حزب البعث تحركها نزواتهم بدات تظهر واهمها فقدنا المبدا والارادة الوطنية وتمثلت ردة الفعل بتخلي الكثير من قيادات وقطعات الجيش عن اداء واجبها في تلك المعركة لانه شعرت انها تقاتل عن شخص رئيس النظام والذي ورط الجيش بمغامراته وليس عن الوطن وبذلك تحقق هدف الاحتلال والذي حسم المعركة خلال 20 يوم كان منها خمسة عشر يوم في المنطقة الجنوبيه وثلاثة في الوسط فيما استسلمت بغداد وما بعدها من المحافظات الغربيه دون أي مقاومة تذكر وخلال ساعات.
واما في عصر الاحتلال الذي عمد حاكمه سيء الصيت بريمر الى حل الجيش وما تبعه من تاسيس حكومات الاحتلال المتعاقبه فقد تعرض الجيش العراقي الى ما هو اسوا مما عمله نظام صدام فقد بني الجيش على اساس المحاصصات الطائفيه كذلك تم تشكيل نواته الجديد من عناصر المليشيات المسلحة التابعه لاحزاب السلطة والتي كانت تمثل مايسمى بالمعارضة كمليشيات المجلس الاعلى ومنظمة بدر وحزب الدعوة وحزب الله والبيشمركة كذلك سيطرة ما يسمى بضباط الدمج (المليشيات)وهم العناصر القيادية لمليشياة المعارضة المسلحة على قيادة ذلك الجيش وتم منحهم رتب وصلت حتى رتبت لواء ركن بعد ان تم زجهم في دورات تاهيلية لمدة ستة اشهر واعتقد ان ما يعنيه هذا السلوك في العرف العسكري واضح لايحتاج الى شرح. وقد تم استغلال الجيش في الحملات الانتخابيه والتصويت لصالح تلك الجهة او تلك وهي ضاهرة واضحة يعرفها جميع العراقيين واصبح فيها الجيش الجديد متعدد الولاءات . اما بالنسبة لقيادات الجيش السابق ذات الخبرات والقدرات الفنية والقيادية والميدانية و الذي تم حله فقد تم ابعادهم تحت طائلة قانون اجتثاث البعث والذي انتج فيما بعد تصفية المئات منهم وبتحريك ودعم من ايران والكويت(كعملية انتقام لحروب العراق معهما) وبتنفيذ مليشيات احزاب السلطة التي شكلت نواة الجيش الجديد بما فيها مليشيا مقتدى الصدر(جيش المهدي) وكانت حصة قيادات طيران الجيش والقوة الجوية والحرس الجمهوري هي الاكبر في عمليات التصفية تلك .مما اضطر المتبقي منهم الى مغادرة العراق طلبا للامان والذي عجزت الدولة الحديثة عن توفيره لهم بل كانت هي المساعدة في الحاق الحيف والضيم بهم .كذلك فانه قد تم اذلال الجيش الجديد من خلال الاتفاقية الامنية مع الاحتلال والتي جعلته تابع لارادة المحتل ودرع حماية لقواته. ونحن نكتب تلك الكلمات فاننا نعتصر الما ونتحرق شوقا الى اليوم الذي يتحررفيه جيشنا الباسل من ارادة السلطة الحاكمة ويكون ارتباطه وانتمائه وولائه للوطن وليس لشخص الحاكم او حزبه كائنا من كان.
|