جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الرد على مقال: " انكار السنة فى مقدمة صحيح مسلم 8 - 8 "
الرد على انكار السنة فى مقدمة صحيح مسلم 8 - 8
ساقوم بنشر موضوع منكر السنة ثم انقل الرد عليه ============= <CENTER>انكار السنة فى مقدمة صحيح مسلم - الحلقة الثامنة </CENTER>بسم الله الرحمن الرحيم د. أحمد صبحى منصور الموقع الظروف التى كتب فيها مسلم مقدمته ومنهجه فى الكتابة، والتعليق عليه: أولا : 1 ـ الدولة العباسية كدولة دينية اعتمدت علي فقهائها ورواة الحديث التابعين لها في تعزيز سياستها ضد خصومها ، واذا قصّر احد الفقهاء في طاعة الدولة كان يتعرض للعقاب ، وهذا ما حدث مع مالك وابى حنيفة والشافعى ، ثم ابن حنبل فيما بعد.الا ان الدولة العباسية فتحت ابواب الترجمة عن اليونانية والسيريانية والهندية وواكب ذلك عودة الحياة الي المدارس الفلسفية اليونانية القديمة . ومن الطبيعي ان ينفر الفقهاء المحافظون من هذا التيار الجديد المتأثر بالثقافة اليونانية الغربية وما يتمخض عنه من تكرار مقالات الفلسفة ،خصوصا مع ظهور المعتزلة الذين يقرأون الفلسفة ويقرأون التدين السائد قراءة عقلية، وبصورة تخالف القراءة المحافظة التقليدية .وقد وقع الخليفة المأمون (813-833)في هوى ذلك التيار المعتزلى الجديد ، واقتنع بمقولة المعتزلة ان القرآن مخلوق، واستعظم ان يعارضهم الفقهاء المحافظون ،وكان يتزعمهم في عهده احمد بن حنبل فصمم علي فرض رأيه علي الدولة ،وبدأت بذلك محنة ابن حنبل لإجباره علي القول بأن القرآن مخلوق .وتحت الضغط والتهديد تراجع الفقهاء عدا ابن حنبل ومحمد بن نوح فوضعا في السجن تحت العذاب . ومات المأمون وقد اوصى ولي عهده المعتصم بالله بالاستمرار بالقضية ، فأمر المعتصم بتعذيب ابن حنبل سنة218،وظل ابن حنبل بالسجن الي ان افرج عنه في رمضان سنة 220هـ،واستمر اثر الضرب في جسده يتوجع منه الي ان مات سنة241 هـ.2 ـ وادى ما حدث لابن حبل الي قطيعة بين الفقهاء المحافظين والعباسيين ،واستغل الفقهاءمكانتهم في الشارع ،واقد اصبح لقبهم الحنابلة ،وبدءوا في اثارة القلاقل ضد الدولة بحجة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،مما دعاالخليفة الواثق الي القبض علي زعيم الفقهاء الحنابلة ،وهو احمد بن نصر الخزاعي بحجة انه ينكر خلق القرآن ،وحقق الخليفة معه ثم قتله بيده ،وامر بصلب رأسه في موضع وصلب جسده في موضع آخر وكان ذلك سنة231. وفي غضون هذ الأحداث وضع الحنابلة حديث (من رأي منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وهذا اضعف الايمان )ليعطوا لانفسهم سلطة الحركة فى الشارع. في هذه الفترة كان نفوذ المعتزلة سائدا في الدولة العباسية حيث كان الوزير المعتزلي محمد بن عبد الملك بن الزيات يسيطر علي الامور ،ويستهين بولي العهد وهو أخ الخليفة الواثق الذي تولي الخلافة فيما بعد تحت اسم الخليفة المتوكل .3 ـ وعندما تولي المتوكل سنة 232/847م بادر بقتل ابن الزيات وتحسين علاقته بالفقهاء الحنابلة ،فاستقبل ابن حنبل وكرمه وارسل الحنابلة للتبشير بالسنة في الولايات ،فتحكم الحنابلة في الدولة وفي الشارع معا ، وبدأ اضطهاد أهل الكتاب والمعتزلة والشيعة والصوفية . وفى هذا المناخ ظهر البخارى ومسلم وآخرون يجعلون أحاديثهم دينا بإسنادها للوحى المزعوم. ثانيا لم يستشهد الامام مسلم فى مقدمته بالقرآن الكريم ، بل استدل بأحاديث من داخل دينه السنى .أى وجّه خطابه لمن يقتنع به من أتباع الدين السنى لتحصينهم من التأثر بالخصوم من المعتزلة وغيرهم ، ولسحب البساط من تحت أقدام أولئك الخصوم ، فنراه يبادر باتهام بعض اصحابه بالكذب حتى يقطع الطريق على الخصوم قبل ان يبادروا بالهجوم ، وحتى ينحصر التكذيب لأشخاص من هنا ومن هناك دون أن يصل الى الدين السنى ذاته. لو كان القرآن الكريم فى بؤرة شعوره لاحتكم الى القرآن الكريم ، ولو فعل لأنكر الحديث جملة وتفصيلا ، ولجعله ضمن التراث البشرى و ليس دينا كما زعم. أى كان سيبدأ بالقرآن الكريم يرد به على اصحاب الحديث ثم ياتى بروايات المحدثين التى تنضح بالكذب والتى تتبادل مع بعضها الاتهام بالكذب ، ليستدل على فساد هذا الدين الأرضى بالقرآن و باقاويل أصحابه. ثالثا هناك حقائق قرآنية ـ لا يجادل فيها إلا الذين كفروا ـ غافر:4) أغفلها الامام مسلم ، وهى : 1 ـ لا إله إلا الله ولا كتاب للمسلم إلا القرآن كتاب الله.. يقول الله تعالى فى ذاته العلية ﴿مالهم من دونه من ولى ولا يشرك فى حكمه أحدا. واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا﴾.(الكهف 26:27) فالله وحده هو الولى الذى لا يشرك فى حكمه أحدا ،والقرآن هو وحده الكتاب الذى أوحى للنبى ولا مبدل لكلماته ولن يجد النبى غير القرآن كتاباً يلجأ إليه..والنبى لا يلجأ إلا لله تعالى رباً وإلهاً ﴿قل إنى لن يجيرنى من الله أحداً ولن أجد من دونه ملتحدا﴾ (الجن 22).والنبى أيضاً ليس لديه إلا القرآن ملتحداً وملجأ ﴿واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا﴾ هذا بالنسبة للنبى عليه السلام.. فكيف بنا نحن؟. 2- المؤمن يكتفى بالله تعالى رباً ويكتفى بالقرآن كتاباً عن اكتفاء المؤمن بالله تعالى رباً يقول تعالى ﴿أليس الله بكاف عبده؟﴾ (الزمر 36) ولابد للمؤمن أن يكتفى به تعالى رباً ﴿قل أغير الله أبغى رباً وهو رب كل شىء؟﴾.(الأنعام 164) والمؤمن طالما يكتفى بالله تعالى رباً فهو أيضاً يكتفى بكتاب الله: ﴿أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم؟﴾ (العنكبوت 51). 3- القرآن هو الحق الذى لا ريب فيه، وما عداه ظن ولا ينبغى اتباع الظن.. يقول تعالى عن القرآن ﴿ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين﴾ (البقرة 2). فالقرآن لا مجال فيه للريب أو الشك، وحقائق القرآن مطلقة، وما عداه من كتب يعترف أصحابها بأن الحق فيها نسبى أى يحتمل الصدق والكذب.. وما يحتمل الصدق والكذب يدخل فى دائرة الظن.. ودين الله الحق لا يقوم إلا على الحق اليقينى الذى لا ريب فيه حتى لا تكون للبشر حجة على الله يوم القيامة. لذا ضمن الله حفظ كتابه من كل عبث أو تحريف ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ (الحجر 9). ﴿وإنه لكتاب عزيز. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد﴾ (فصلت 41: 42). أما أديان البشر الوضعية فالمجال واسع فيها للظن والريب.. لذا يأمرنا جل وعلا باتباع الحق الذى لا ريب فيه والإعراض عن المعتقدات التى تقوم على الظن، يقول تعالى فى الاعتقاد القائم على الظن ﴿وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون﴾ (يونس 66). ولكن المشكلة أن الغالبية العظمى من البشر ينبذون الحق ويتبعون الظن، يقول تعالى يخاطب النبى الكريم ﴿وإن تطع أكثر من فى الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون﴾ (الأنعام 116). وعلماء الحديث يؤكدون أن الأغلبية العظمى من الأحاديث المنسوبة للرسول (صلى الله عليه وسلم) هى أحاديث آحاد ويؤكدون أنها تفيد الظن ولا تفيد اليقين..ومع ذلك يأمرنا بعضهم باتباع الظن مع أن الظن لا يغنى من الحق شيئا.. ويلفت النظر أن الله تعالى وصف ذاته العلية بأنه الحق، ﴿فذلك الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال؟﴾ (يونس 32).﴿ذلك بأن الله هو الحق وإن ما يدعون من دونه الباطل﴾ (لقمان 30). ووصف إنزال القرآن بأنه أنزله بالحق، ﴿وبالحق أنزلناه وبالحق نزل﴾ (الإسراء 105). ووصف القرآن نفسه بأنه الحق ﴿والذى أوحينا إليك من الكتاب هو الحق﴾ (فاطر 31). ﴿إن هذا لهو القصص الحق﴾ (آل عمران 62). .. بل إن الله تعالى يصف الحق القرآنى بأنه الحق اليقينى المطلق، يقول تعالى ﴿إن هذا لهو حق اليقين﴾ (الواقعة 95).﴿وإنه لحق اليقين﴾ (الحاقة 51).وجاءت الصيغة بالتأكيد.. فإذا كان الله قد أكرمنا بالحق اليقينى فكيف نأخذ معه أقاويل ظنية.. مع أنه لا مجال فى الدين الحق للظن؟؟ 4 ـ القرآن هو الحديث الوحيد الذى ينبغى الإيمان به: أكد رب العزة أن الإيمان لا يكون إلا بحديثه تعالى فى القرآن الكريم فقال فى آخر سورة المرسلات ﴿فبأى حديث بعده يؤمنون؟﴾ (المرسلات 50).وتكرر نفس المعنى فى سورة (الأعراف 185). بل إن الله تعالى يجعل من الإيمان بحديث القرآن وحده مقترناً بالإيمان به تعالى وحده، فكما لا إيمان إلا بحديث القرآن وحده فكذلك لا إيمان إلا بالله وحده إلهاً.. وجاءت تلك المعانى فى قوله تعالى ﴿تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأى حديث بعد الله وآياته يؤمنون. ويل لكل أفاك أثيم. يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم﴾ (الجاثية 6: 8). وذلك الذى يعرض عن آيات الله شأنه أنه يتمسك بأحاديث أخرى غير القرآن سماها القرآن ﴿لهو الحديث﴾ يقول تعالى ﴿ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين. وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم﴾ (لقمان 6: 7). وحين يقول رب العزة ﴿ومن الناس﴾ فإنه تعالى يقرر حقيقة تنطبق على كل مجتمع بشرى فيه ناس فى أى زمان ومكان.. 5 ـ الوحى المكتوب الذى نزل على الرسول هو سور وآيات فى القرآن فقط تحدى الله تعالى المشركين أن يأتوا بسورة مثل القرآن ﴿وإن كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله﴾ (البقرة 23).﴿أم يقولون افتراه؟ قل فأتوا بعشر سور مثله﴾ (يونس 38). والشاهد هنا أن الذى نزله الله تعالى على رسوله الكريم هو سور، وليست هناك سور إلا فى القرآن. إذن فالقرآن هو الوحى الوحيد المكتوب الذى نزل على الرسول عليه السلام . 6 - البشر مطالبون يوم القيامة بما نزل على الرسل من آيات الوحى فقط يوم القيامة سيقول تعالى ﴿يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتى وينذرونكم لقاء يومكم هذا؟﴾ (الأنعام 130) فالرسل كانوا يقصون آيات الله التى أنزلها عليهم.. ويقول تعالى فى أصحاب النار ﴿وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم..﴾ (الزمر 71). أى كان الرسل يتلون آيات الله. ومن أعرض عنها دخل النار وحشره ربه أعمى.. ﴿قال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا؟ قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى. وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه..﴾ (طه 125: 127..). إذن نحن مطالبون بالإيمان بالآيات التى نزلت على النبى، وليست هناك آيات من الوحى خارج القرآن الكريم.. إذن هو القرآن الكريم وكفى... 7- لا مثيل للقرآن كما أنه لا مثيل لله تعالى: يقول تعالى عن ذاته العلية ﴿ليس كمثله شىء وهو السميع البصير﴾ (الشورى 11). ويقول تعالى عن كتابه الحكيم ﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله﴾ (الإسراء 88).. إذن لا مثيل للقرآن كما أنه لا مثيل لله.. وكما أن الله تعالى أحد فى ذاته وصفاته ولا يشبهه أحد من المخلوقات ﴿هل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد﴾ (الإخلاص 1: 4) فإنه ليس فى استطاعة المخلوقات أن تأتى بسورة واحدة مثل السورة القرآنية ﴿فأتوا بسورة من مثله﴾ (البقرة 23). ﴿فأتوا بسورة مثله﴾ (يونس 38). ليس هناك مثيل للقرآن، وليس هناك مثيل لأى سورة من سور القرآن.. ومع ذلك يقولون أن الله أوحى للنبى القرآن ﴿ومثله معه﴾ فإين ذلك المثيل إذا كان الله تعالى قد نفى وجوده؟ 8 - بيان القرآن فى داخل القرآن، القرآن كتاب مبين فى ذاته: يقول تعالى ﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم﴾ (البقرة 159). كتاب الله هو الكتاب المبين بذاته، وآياته موصوفة بالبينات أى التى لا تحتاج فى تبيينها إلا لمجرد القراءة والتلاوة والتفكر والتدبر فيها. والذى جعل الكتاب مبيناً وجعل آياته بينات هو رب العزة القائل ﴿بعد ما بيناه للناس فى الكتاب﴾ والقائل عن كتابه ﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر﴾ (القمر 22). ﴿فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لدا﴾ (مريم 97). ﴿فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون﴾ (الدخان 58). وكل المطلوب منا أن نتلوا القرآن وإذا تلوناه نطقت آياته البينات بنفسها والتى لا تحتاج منا إلا لمجرد النطق وعدم الكتمان. لذا فإن الله تعالى يجعل الكتمان- كتمان الآيات- هو عكس التبيين لذا فإن الله تعالى يهدد من يكتم آيات الله البينات التى بينها فى كتابه ﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب أولئك يلعنهم الله..﴾ ويقول تعالى عن أهل الكتاب ﴿وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه﴾ (آل عمران 187). فشرح تعالى تبيين البشر للكتاب بأنه عدم كتمانه، أى تلاوته وقراءته، ومتى تلونا الكتاب المبين نطقت آياته البينات لمن يريد تدبرها . والآيات التى تتحدث عن بيان القرآن ووصفه بالكتاب المبين والبينات أكثر من أن تستقصى ومع ذلك فإن منا من يعتقد أن كتاب الله غامض مبهم يحتاج إلى من يفسره.. هذا مع أن الله تعالى يقول عن كتابه ﴿ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا﴾ (الفرقان 33). فأحسن تفسير للقرآن هو فى داخل القرآن. وابن كثير يعترف فى بداية تفسيره أن أحسن التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن.. 9- القرآن ما فرط فى شىء ونزل تبياناً لكل شىء يحتاج البيان وجاء مفصلاً لكل شىء يحتاج التفصيل : يقول تعالى ﴿ما فرطنا فى الكتاب من شىء﴾ (الأنعام 38).ويقول تعالى ﴿ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شىء﴾ (النحل 89).ويقول تعالى ﴿ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل كل شىء﴾.(يوسف 111) والمؤمن بالقرآن لا يبادر باتهام كتاب الله بأنه فرط وجاء غامضاً يحتاج لما يبينه وجاء مجملاً يحتاج لمن يفصله.. والمؤمن بالقرآن يؤمن بأن الله تعالى صادق فيما يخبر به من أن القرآن ما فرط فى شىء وأنه نزل تبياناً لكل شىء وتفصيلاً لكل شىء. وحتى لا تتلاعب به أهواء السوء لتقول له وأين كذا وكذا فى القرآن عليه أن يتفهم منطق القرآن قبل أن يبادر بالاتهام.. يقول تعالى ﴿ما فرطنا فى الكتاب من شىء﴾ والتفريط هو إغفال الشىء الضرورى الهام وتركه، ونحن مثلاً لا نواجه مشكلة فى عدد ركعات الصلاة ولا فى كيفيتها. والله تعالى ـ وهو الأعلم بالماضى والحاضر والمستقبل- لو عرفنا أننا سنواجه مشاكل فى موضوع الصلاة لأوضح لنا عددها وكيفيتها ومواقيتها بالتحديد.. ولكنه تعالى أنزل القرآن يوضح ما نحتاج إليه فعلاً فى الحاضر وفى المستقبل وأنزل القرآن بالحق والميزان ﴿الله الذى أنزل الكتاب بالحق والميزان﴾ (الشورى 17). فلا مجال فيه لزيادة أو تزيّد لسنا فى حاجة إليه، ولو نزل القرآن يحكى لنا تفصيل الصلاة ونحن نعرفها ونمارسها منذ الصغر لكان فى ذلك شىء من الهزل، ولا مجال للهزل فى كتاب الله ﴿والسماء ذات الرجع. والأرض ذات الصدع. إنه لقول فصل. وما هو بالهزل﴾ (الطارق 11: 14). لذا فالقرآن ما فرط فى شىء نحتاج إليه. ويقول تعالى ﴿ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شىء﴾ والتبيان هو التوضيح لما يستلزم البيان والتوضيح . والشىء الواضح بذاته لا يحتاج لما يبينه ويوضحه وإلا كان فضولاً فى الكلام وثرثرة لا حاجة إليها.. والله سبحانه وتعالى أنزل كتابه محكماً لا مجال فيه للغو والتزيد لذا كان البيان فيه لما يتطلب البيان، وكل شىء يستلزم البيان والتوضيح جاء فى القرآن بيانه وتوضيحه. وما ليس محتاجاً لبيان فلا مجال فيه للتفصيل والبيان فى كتاب فُصّلت آياته ثم أحكمت من لدن حكيم خبير. لذا يرتبط "البيان فى القرآن" بالهدى والرحمة والبشرى للمسلمين ﴿ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شىء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين﴾ فبيان القرآن ﴿هدى﴾ للباحث عن الهدى وسط ركامات من الغموض والحيرة، وبيان القرآن ﴿رحمة﴾ به حين يبين له ما خفى ويصل به إلى شاطئ الأمان والرحمة الإلهية وهناك ﴿البشرى﴾ بعد الهدى والرحمة.. وأيضاً ترتبط (تفصيلات القرآن) بالهدى والرحمة، يقول تعالى ﴿ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون﴾ (الأعراف 52). فالتفصيلات القرآنية التى شملت كل شىء جاءت هدى وحمة لأولئك الذين يحتاجون إلى هذه التفصيلات. وإذا كانت الأمور واضحة لا تحتاج إلى تفصيل وإيضاح فمن العبث توضيح ما هو واضح، وتعالى الله عن العبث. والبشر قد تتحول التفصيلات فى كلامهم إلى لغو وثرثرة فيما لا حاجة إليه ولا طائل من ورائه، وهذا ما تنزهت عنه تفصيلات الكتاب العزيز التى جاءت فيما يحتاج إلى تفصيل، لذا ارتبطت تفصيلات القرآن الكريم بالعلم المحكم وفى ذلك يقول تعالى ﴿كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير﴾ (هود 1). ويقول تعالى عن العلم الإلهى الذى يحكم التفصيلات القرآنية لتكون هدى ورحمة للمؤمنين ﴿ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون﴾. ولذا فإن العلماء المحققين المؤمنين بتمام القرآن والمكتفين به هم فقط الذين يفهمون تفصيلات القرآن. وفى ذلك يقول تعالى ﴿كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون﴾ (الأعراف 32).. ﴿كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون﴾ (يونس 24).. ﴿كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون) (الروم 28). ويقول تعالى ﴿كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون﴾ (فصلت 3). والذين لا يعلمون هم الذين يسعون فى آيات الله معاجزين مكذبين ببيان القرآن وتفصيله لكل شىء،يقولون : أين عدد الركعات فى القرآن ؟ أين كيفية الصلاة ؟ كيف نحج ؟ وبعضهم يتساءل ساخرا : أين أيام الأسبوع فى القرآن .. والله تعالى يقول ﴿والذين سعو فى آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم﴾ (سبأ 5) قال عن ﴿الذين سعو﴾ فى الماضى. فأين الحاضر؟. يقول تعالى ﴿والذين يسعون فى آياتنا معاجزين أولئك فى العذاب محضرون﴾ (سبأ 38). 10 ـ القرآن هو الذكر الذى نزل على النبى محمد (عليه السلام ) يقول تعالى ﴿وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون﴾ (النحل 43: 44). يسىء الناس فهم قوله تعالى ﴿وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم..﴾ والسبب أنهم يقطعون هذا الجزء من الآية عما قبله ويتخذونه دليلاً على وجود مصدر آخر مع القرآن، وعندهم أن هناك ذكراً نزل للنبى يبين به القرآن الذى نزل للناس. وحتى نفهم الآية الفهم الصحيح علينا أن نتدبر السياق القرآنى، فالله يقول عن الأنبياء السابقين ﴿وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر﴾ أى أن الله تعالى أرسل الأنبياء السابقين لأهل الكتاب وأنزل معهم البينات والزبر- أى الكتب- ثم يوجه الخطاب للنبى فيقول ﴿وأنزلنا إليك الذكر﴾ أى القرآن ﴿لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ أى لتوضح لأهل الكتاب ما سبق إنزاله إليهم من البينات والزبر لعلهم يتفكرون. إن كلمة (الناس) فى قوله تعالى ﴿لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ لا تدل هنا على عموم البشر وإنما تفيد حسب السياق أهل الكتاب الذين نزلت فيهم الكتب السماوية السابقة فاختلفوا فيها وحرفوا فيها بعض ما جاء بها. واستعمال كلمة (الناس) لتدل على طائفة معينة أشار إليها السياق ـ ورد فى القرآن كثيراً كقوله تعالى ﴿الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا﴾ (آل عمران 173).. وكقوله تعالى ﴿يوسف أيها الصديق أفتنا فى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون﴾ (يوسف 46). فكلمة الناس هنا لا تعنى عموم البشر وإنما تعنى طائفة معينة ورد ذكرها فى السياق القرآنى الذى يتحدث عن الموضوع. وبالنسبة لقوله تعالى ﴿وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ فإن المقصود بكلمة الناس هو أهل الكتاب طالما تتحدث الآية عن الأنبياء السابقين وما أنزل الله عليهم من البينات والزبر وأهل الذكر الذين لديهم علم بالكتب السماوية السابقة. وتقول الآية عن سبب من أسباب نزول القرآن ﴿وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ فوظيفة القرآن لأهل الكتاب هى تبيين الحق فى الكتب السماوية السابقة بعدما لحقها من تحريف وتغيير وإخفاء وكتمان، وفى ذلك يقول تعالى ﴿يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين﴾ (المائدة 15). ويقول تعالى عن دور القرآن فى توضيح الحق لبنى إسرائيل ﴿إن هذا القرآن يقص على بنى إسرائيل أكثر الذى هم فيه يختلفون﴾ (النمل 76). ويقول أيضاً ﴿وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلم يتفكرون﴾ (النحل 43: 44). والآية السابقة فى سورة النحل فسرتها آية لاحقة فى نفس السورة. يقول تعالى ﴿تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم. وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى اختلفوا فيه﴾ (النحل 63: 64). وكل ذلك يؤكد أن القرآن هو الذكر الذى نزل على النبى ليبين لأهل الكتاب ما نزل لهم من قبل واختلفوا فيه.. وذلك يعنى أيضاً أن الذى نزل على النبى كتاب واحد وذكر واحد وقرآن واحد لا مثيل له ولا شىء معه. 11ـ ذكر الله تعالى فى القرآن وحده : ويقول تعالى يؤكد أن ذكر الله فى القرآن وحده ﴿وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستورا. وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى آذانهم وقرا وإذ ذكرت ربك فى القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا﴾ (الإسراء 45: 46). فالمشركون كانوا ينفرون من النبى لأنه يذكر ربه من خلال ما ورد فى القرآن الكريم فقط. فقال تعالى ﴿وإذا ذكرت ربك فى القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا﴾. والشاهد هو قوله تعالى ﴿وحده﴾ التى ترجع لله تعالى والقرآن معاً. ومن الإعجاز البلاغى أن تأتى كلمة ﴿وحده﴾ ليعود الضمير فيه على الله وكتابه بضمير المفرد وذلك يؤكد لنا أن المسلم هو من يكتفى بالله ﴿وحده﴾ وبالقرآن ﴿وحده﴾ أو من يكتفى بالله وكتابه ﴿وحده﴾ . أما المشرك فيحلو له دائماً أن تتعدد لديه المصادر والآلهة . 12- القرآن كامل تام لا يحتاج لشىء آخر معه: يقول تعالى ﴿وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم﴾ (الأنعام 115). إذن تمت كلمة الله لنا بالقرآن ولا مبدل لكلمة الله.. ويقول تعالى ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا﴾ (المائدة 3). إذن تمت نعمة الله علينا بالإسلام الذى ارتضاه لنا ديناً وذلك باكتمال وحى القرآن. ويقول تعالى ﴿ولو أنما فى الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله..﴾ (لقمان 27). ويقول تعالى ﴿قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا..﴾ (الكهف 109). ليس هناك حد أقصى لكلمات الله التى لا تنفد. والقرآن كتاب مثانى يتكرر فيه المعنى مرة ومرات، وفيه تفصيل وتوضيح وتبيين على حكمة وعلم. وتأتى أحياناً كلمة ﴿قل﴾ تؤكد معنى سبق إيراده فى القرآن وذلك حتى تكون أقوال الرسول من داخل القرآن وليست من عنده أو من خارج القرآن. ولو أراد الله أن تكون كلماته لنا بلا نهاية لفعل ، وحينئذ لن تكفيها الأشجار أقلاماً ولا البحار مداداً. ولكن شاءت رحمة الله بنا أن أنزل لنا كتاباً واحداً تاماً كاملاً مفصلاً مبيناً وأمرنا بالاكتفاء به. ولذلك كان الاكتفاء بالقرآن رحمة ﴿أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن فى ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون﴾ وكان الله تعالى شهيداً على أن كتابه يكفى فيقول تعالى ﴿قل كفى بالله بينى وبينكم شهيداً يعلم ما فى السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون﴾ (العنكبوت 50: 51). 13 ـ القرآن هو صراط الله المستقيم وما عداه خروج عن الصراط المستقيم فى الفاتحة ندعو الله تعالى فنقول ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ والصراط المستقيم هو القرآن الكريم، يقول تعالى عن كتابه الكريم ﴿وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون﴾ (الأنعام 126). ويقول تعالى يأمر باتباع القرآن الصراط المستقيم دون غيره ﴿وأن هذا صراطى مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون﴾ (الأنعام 153). فالله تعالى أوصى باتباع القرآن صراطه المستقيم ونهى عن اتباع غيره من السبل حتى لا يقع المسلمون فى التفرق والابتعاد عن سبيل الله. وحدث ما حذر منه رب العزة فاختار المسلمون أحاديث نسبوها للنبى عليه السلام واختلفوا فى أسانيدها، وقام (علم الحديث) على تنقيح تلك الروايات وتلك الأسانيد، وقوله تعالى ﴿ولا تتبعوا السبل﴾ أى لا تتبعوا الطرق، فالسبيل هو الطريق، ومن العجيب أن علماء الحديث يقيمون تلك الأسانيد وتلك الروايات على سلاسل و"طرق" فيقولون أن الحديث من "السلسلة" الفلانية، وأن تلك الرواية جاءت من "طريق فلان" أى أنهم حين تنكبوا الصراط المستقيم ونبذوه وقعوا فى اتباع السبل وتناسوا قول الله تعالى ﴿ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله﴾ وتلك السلاسل والطرق التى قام عليها علم الحديث أوقعته فى تفرق واختلاف لا ينتهى، وصدق ما نبأ به كلام الله العزيز. والله تعالى حذرنا من التفرق وقال لرسولنا (صلى الله عليه وسلم) ﴿إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم فى شىء﴾ (الأنعام 159). أى أمره بالتبرؤ ممن فرقوا دينهم. والنبى يوم القيامة سيعلن براءته من أولئك الذين تركوا كتاب الله وهجروه جرياً وراء مصادر أخرى ومعتقدات ما أنزل الله بها من سلطان، يقول تعالى ﴿وقال الرسول يا رب إن قومى اتخذوا هذا القرآن مهجورا. وكذلك جعلنا لكل نبى عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيرا﴾ (الفرقان 30: 31). والقرآن هو الصراط المستقيم وحده.. ويستحيل هندسياً أن يكون هناك أكثر من كتاب واحد يوصف بأنه الصراط المستقيم. وعلم الهندسة يقول أن الخط المستقيم هو أقصر ما يوصل بين نقطتين ولا يمكن ان يتعدد اكثر من خط مستقيم واحد بين نقطتين.. إذن لابد أن يكون خطاً واحداً ذلك الذى يوصف بأنه الخط أو الطريق المستقيم.وعليه فالصراط المستقيم او الخط المستقيم فى دين الله تعالى لا يتعدد. وطالما هو الكتاب الحكيم الكامل التام فليس معه كتاب آخر. 14- القرآن هو الحكمة يقول تعالى ﴿هو الذى بعث فى الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة﴾ (الجمعة 2). والشائع بين الناس أن الكتاب شىء والحكمة شىء آخر وحجتهم أن العطف بالواو يقتضى المغايرة إذن فالكتاب شىء آخر يغاير ويختلف عن الحكمة. والواقع أن العطف بالواو فى القرآن قد يكون للتبيين والتوضيح والتفضيل وليس للمغايرة. ودليلنا قوله تعالى ﴿ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكراً للمتقين﴾ (الأنبياء 48). فالفرقان والضياء والذكر كلها أوصاف توضح وتفصل وتبين معنى التوراة. وفى موضع آخر يقول تعالى عن التوراة فى حديثه تعالى عن موسى وهارون ﴿وآتيناهما الكتاب المستبين﴾ (الصافات 117). فالتوراة أو الكتاب المستبين هى نفسها الفرقان والضياء والذكر. والعطف هنا معناه التوضيح والتفصيل لمعنى الشىء الواحد وليس المغايرة. والله تعالى يقول لعيسى ﴿وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل﴾ (المائدة 110). ويقول تعالى عن عيسى ﴿ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل﴾ (آل عمران 48). فالكتاب والحكمة أوصاف للتوراة والإنجيل، ولا يعنى ذلك أن الله تعالى علّم عيسى أربعة أشياء منفصلة مختلفة، والدليل هو قوله تعالى عن عيسى ﴿ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة﴾ (الزخرف 63). فالحكمة هنا تعنى الإنجيل الذى جاء به عيسى. والآية هنا تلخص ما جاء فى الآيتين السابقتين عن الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل. إذن فالحكمة هى كتاب الله. وبالنسبة لخاتم النبيين فقد جاءت فى القرآن أوامر عديدة متتالية فى سورة الإسراء تبدأ بقوله تعالى ﴿لا تجعل مع الله إلهاً آخر..﴾ وفى نهاية هذه الأوامر القرآنية يقول تعالى ﴿ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة..﴾ (الإسراء 22: 39). إذن فالحكمة هى آيات القرآن، والقرآن هو الحكمة فهو كلام العزيز الحكيم الذى جعله كتاباً محكماً ﴿كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير﴾ (هود 1). ودليلنا الأخير على أن الحكمة هى القرآن قوله تعالى ﴿واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به﴾ (البقرة 231). فلو كانت الحكمة شيئاً آخر غير القرآن لقال "وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم بهما.."، ولكن لأن الحكمة هى القرآن فقد قال ﴿يعظكم به﴾ فهما شىء واحد لذا عاد الضمير عليهما بصيغة المفرد.. |
#2
|
|||
|
|||
صبحي المونولوجيست !
عمر الغريب نلاحظ هنا أن الكاتب يتبع اسلوبا جديدا في تدعيم اركان هرائه المتهالكة , و هذا دليل على انه بدأ يلفظ انفاسه الاخيرة بعد ان بان للعقلاء ضلاله و جهله حتى بالقرآن الكريم و فساد منطقه . الاسلوب الجديد يعتمد على "تنحية الخصم" عن مسرح النقاش و التحدث باسمه بالاكاذيب و الافتراءات ثم مناقشة تلك الاكاذيب و دحضها , اي ان الكاتب يشبه هنا "فنان مونولوج" يقوم وحده بكل الادوار . فهو هنا يدعي – كذبا و افتراء – ان المسلمين (اتباع الدين الارضي كما يسمينا) يضعون القرآن الكريم و الحديث الشريف في كفة واحدة !! ثم يتحفنا سيادته بالآيات التي تفرد القرآن الكريم بكونه كلام الله و وحيه لنبيه صلى الله عليه و سلم , ثم يركض مسرعا الى لوحة التسجيل ليكتب (احنا واحد , هما صفر) !!! لسنا بحاجة الى صبحي او غيره ليقول لنا ان القرآن الكريم ليس كمثله كتاب , و انه كلام الله الموحى لفظا و المتعبد بتلاوته و انه يعلو و لا يعلى عليه . و لم يدع احد أن السنة "صنو للقرآن الكريم" و العياذ بالله !! بل نقول أن القرآن الكريم هو حجة الله على الناس جميعا (مؤمنهم و كافرهم) , اما السنة النبوية المطهرة فهي حجة الله على من آمن بالله و بنبيه و بكتابه , و هنا يقع صبحي في خلط عجيب , فهو يخرج كل الآيات التي وردت في حق الكفار عن سياقها و يسقطها على المسلمين !! و هذا –لعمري – جهل ما بعده جهل . مثال ذلك قوله : (القرآن هو الحديث الوحيد الذى ينبغى الإيمان به: أكد رب العزة أن الإيمان لا يكون إلا بحديثه تعالى فى القرآن الكريم فقال فى آخر سورة المرسلات ﴿فبأى حديث بعده يؤمنون-المرسلات:50﴾ ) !! فالآية السابقة تتحدث عن الكفار الذين كذبوا النبي صلى الله عليه و سلم (وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ .وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ .فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ-المرسلات : 48-50), و السنة النبوية – كما ذكرت - ليست حجة على الكفار بل على المؤمنين فقط , و لو كنا نعتقد غير هذا فما الذي منعنا من جعل الايمان بالسنة النبوية ركنا سابعا من اركان الايمان الستة و التي احدها (الايمان بكتب الله و منها القرآن الكريم) و التي وردت في الاحاديث؟ مثال آخر , استدلاله بقوله تعالى : ﴿تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأى حديث بعد الله وآياته يؤمنون. ويل لكل أفاك أثيم. يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم﴾.الجاثية:6-8 و واضح جدا من السياق ان الآيات تتحدث عن الكفار الذين استكبروا على آيات القرآن الكريم و رفضوها , و هل إتباع سنة المصطفى صلى الله عليه و سلم يلزم أن يتبعه الكفر بكتاب الله ؟ هكذا اقنع صبحي نفسه ! و تهافت صبحي لا يتوقف عند حرف آيات القرآن الكريم عن مسارها و سياقها , بل يتعداه الى تحريف مقاصد الفاظ القرآن الكريم "حسب هواه" . فهو يمن على كلمة "الناس" في قوله تعالى : ﴿ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين. وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم﴾.لقمان:6 و7 .. فيقول عنها (وحين يقول رب العزة ﴿ومن الناس﴾ فإنه تعالى يقرر حقيقة تنطبق على كل مجتمع بشرى فيه ناس فى أى زمان ومكان..) !!! رغم ان "الناس" هنا المقصود بها هم "الكفار" الذين لا يحبون مجرد سماع القرآن الكريم –كما هو واضح من السياق- , فهل هذا ينطبق على المسلمين المؤمنين بسنة المصطفى صلى الله عليه و سلم ؟ ثم يقولون لنا "نحن لا نكفر احدا" !!!! لكن صبحي يعود و يسخط على كلمة "الناس" ليحصرها في "أهل الكتاب" ! يقول صبحي : (إن كلمة (الناس) فى قوله تعالى ﴿لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ لا تدل هنا على عموم البشر وإنما تفيد حسب السياق أهل الكتاب الذين.....الخ) !!! لا تعليق ! بعد ذلك يقول صبحي : (البشر مطالبون يوم القيامة بما نزل على الرسل من آيات الوحى فقط )! و نقول لصبحي : نعم, البشر – عموما - سيسألون عن الايمان بكلام الله فقط , لأن هو الحجة على الجميع . لكن المسلمين المؤمنين بكتاب الله سوف يُسألون بعد ذلك عن مدى اتباعهم لرسول الله صلى الله عليه و سلم ! يقول تعالى : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ ).آل عمران :31و32 بقية المقال مجرد اجترار لما تم تفنيده سابقا و عشرات المرات ! خلاصة الموضوع : اولا , الايمان بسنة المصطفى صلى الله عليه و سلم (و المتضمنة في احاديثه و احواله) ليس كالايمان بكلام الله الموحى لفظا . فنحن لا نتعبد بقراءة الاحاديث و لا ندعي ان لكلمات الحديث قدسية و عظمة آيات القرآن الكريم ,بل نتبع ما تضمنته من الاوامر و التوجيهات النبوية. فالمهم في الحديث هو المعنى و التوجيه النبوي و ليس اللفظ . كما اننا لا نقول ان تلك الاحاديث هي اجتهاد خالص من النبي صلى الله عليه و سلم , بل هي ايضا وحي من الله تعالى , و القول بأن الله لم يوح لنبيه بغير القرآن الكريم هو قول يراد به التلبيس على المؤمن . و الاصح هو أن الله لم ينزل على نبيبه كلاما غير القرآن الكريم , لكنه اوحى اليه امورا و توجيهات الى جانب القرآن الكريم . فمن الذي علم النبي صلى الله عليه و سلم كيفية الصلاة و الحج و سائر العبادات و التي لم ترد صفتها في القرآن؟ هل فرض الله علينا الصلاة في القرآن الكريم ثم ترك امر تفصيلها لنبيه ؟ كيف سيخرج منكروا السنة من هذا المأزق ؟ يقول تعالى : (لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّؤْيَا بِٱلْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذٰلِكَ فَتْحاً قَرِيباً).الفتح :27 الم تكن تلك الرؤيا وحيا من الله لرسوله صلى الله عليه و سلم ؟ فمن اعطى لصبحي (او غيره) الحق كي يضع حدودا لوحي الله و يحصره في "تنزيل القرآن الكريم" فقط ؟ ثانيا , خلافنا مع صبحي و زمرته هو في انكارهم لوجود اي دور للرسول صلى الله عليه و سلم سوى "التبليغ" . فهناك فرق بين ان يأتي من يقول (انا غير مرتاح للحديث الفلاني سندا او متنا) , و بين من يقول (كل الاحاديث مزورة لان علاقة الرسول بي تنتهي عند تبليغه لكتاب الله). فالثاني ينكر مبدأ اساسيا من مبادئ الايمان و هو وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه و سلم "على من آمن به" , و الايمان ان الفوز برضى الله تعالى و بمغفرته لا يكون الا ب"إتباع هذا النبي" . و كما بينت سابقا , ان مهمة الرسول صلى الله عليه و سلم تجاه الكفار هي التي تنحصر في التبليغ , فإذا آمن الكافر و اسلم دخل مستوى آخر من الإيمان و اصبح لزاما عليه ان يسير على خطى النبي صلى الله عليه و سلم و الذي قال تعالى فيه : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) .الشورى:52 فكيف "يهدي الى صراط مستقيم" اذا كان مجرد مبلغ ؟؟؟ ثالثا, السنة النبوية لا تكمل القرآن الكريم من نقص و لا تبينه من ابهام , بل هي البيان العملي للقرآن الكريم متمثلا في تجسد معاني القرآن و مبادئه و اخلاقه في النبي صلى الله عليه و سلم و الذي نزل القرآن الكريم "على قلبه" مباشرة (قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ-البقرة:97), و هذا من فضل الله تعالى علينا أن انزل الينا كتابه ثم من علينا بنبي كان "قرآنا يمشي على الارض" . و ليس الامر كما يصوره صبحي و رفاقه بأن الايمان بالسنة يأتي على حساب الايمان بالقرآن الكريم !! هم الذين يسيئون الى كتاب الله بتعطيلهم لآياته التي تأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه و سلم و طاعته و جعله مرجعا مع كتاب الله حين الاختلاف (يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِى ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً- النساء :59). ختاما , اترك المنخدعين بهذا الأفاق و بكذبه و ضلاله مع قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِى ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً. يٰوَيْلَتَا لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً لَّقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِى وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً).الفرقان:27-29 . و سلام على من اتبع الهدى |
#3
|
|||
|
|||
لا يختلف اثنان ان القرآن يفسر بعضه البعض ولكن هذا للاشخاص الذين يتقنون ويفهمون اللغة العربية وقواعد اللغة العربية
اما عندما يكون 99% من المسلمين يجهلون احرف الجر ولا يعرفون من اللغة العربية سوى اسمها كيف تريد منهم تفسير القراءن اجبني على سؤالي يا استاذ حمادة افندي من يفسر القراءن للناس ومن هو مراجعهم |
#4
|
|||
|
|||
احاديث الرسول صلى الله عليه و سلم و سنته كانت محفوظة في الصدور و في السطور (أذن الرسول صلى الله عليه و سلم لبعض الصحابة بكتابة الحديث بعد ان كان نهاهم عن ذلك) و لكنها لم تكن قد جمعت في كتب . و القرآن الكريم لم يكن مجموعا في مصحف واحد حتى خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه , فهل نقول إن من مات من المسلمين قبل جمع القرآن مات ناقص الدين و العياذ بالله ؟ الحاجة الى جمع الاحاديث جاءت بعد تباعد زمن الرسول صلى الله عليه و سلم و صحابته الكرام (تماما كالحاجة الى جمع القرآن في مصحف موحد ) , و رجال الحديث لم يخترعوا تلك الاحاديث و لم "يعرفونا " عليها كما تقول , كل ما فعلوه هو انهم جمعوا الاحاديث التي تأكد سندها و صح متنها في كتب اسموها "الصحاح" و وضعوا قواعد صارمة لقبول رواية الحديث و هو ما يعرف بعلم"الجرح و التعديل" . اما قولك ان الرسول صلى الله عليه و سلم مات قبل ان يبلغنا الاحاديث فهو كلام غريب إذا علمنا أنه هو صلى الله عليه و سلم قائل تلك الاحاديث في حياته!! و دعني اسالك: من كان يوجه الصحابة رصي الله عنهم فيدلهم على الخير ليتبعوه و على الشر ليجتنبوه ؟ من كان قدوتهم و اسوتهم الحسنة في التخلق بالقرآن الكريم كما امرهم الله (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً)؟ من كان يعلمهم امور الدين و العبادات و كان النموذج الكامل الذي كانوا يتمثلون به دينا و دنيا؟ إنه محمد صلى الله عليه و سلم , فهل من العدل ان نُحرم نحن من هذا الخير و هذا الفضل ؟ هل جعله الله "اسوة حسنة " للصحابة فقط ؟
|
#5
|
|||
|
|||
الى منكر السنة المدعو حائر ..
عمر الغريب قبل ان اجيب على تساؤلاتك اسمح لي بنقطة ... انت وافقتني على ان الرسول صلى الله عليه و سلم هو القدوة و الاسوة الحسنة لكل مسلم, هذا جميل , لكن السؤال هو : (كيف نقتدي به و نتأسى بأخلاقه إذا لم يكن لدينا تسجيل كامل و موثق عن حياته و اقواله و افعاله)؟ الاقرار بكون النبي صلى الله عليه و سلم هو قدوة المسلم في كل شأنه لا بد أن يتبعه الاقرار بكون سنته و أحاديثه جزأ لا يتجزأ من منظومة الايمان لدى المسلم ...اما ان نقول انه قدوتنا و اسوتنا و نتغنى باخلاقه ثم ننكر سنته و حديثه و نقول "هو مجرد مبلغ" فهذا كمن يتغنى بضوء الشمس و دفئها و لكنه يكره الخروج من بيته في النهار! قضية جمع القرآن و ما اذا كان الرسول صلى الله عليه و سلم ترك نسخة كاملة ام لا يطول الكلام فيها. و انا ضد هذا النوع من الجدل اولا ,لأنه لا يقدم و لا يؤخر فالقرآن الكريم بين ايدينا محفوظ و مصان (ايا كانت طريقة وصوله الينا) و ان اختلفنا على كل شيء فدائما نتفق حول هذا الكتاب ايا كانت مذاهبنا , ثانيا , لم يثبت تاريخيا وجود مصحف نبوي , و الجمع المذكور في الآية الكريمة التي اقتبستها المقصود به (جمع القرآن في قلب الرسول صلى الله عليه و سلم) و الله تعالى هو المتكلم في الآية و لذلك فلا يعقل ان نقول ان الله تعهد في الآية بجمع القرآن في مصحف واحد, فهذا الجمع عمل بشري خالص ! بخصوص احاديث الصحاح, نعم كلها صحيحة ما لم يثبت تناقض حديث مع القرآن الكريم ... فالذين صححوا تلك الاحاديث علماء ثقات بشهادة الالاف من علماء الاسلام عبر القرون المديدة , و لا يوجد سبب وجيه للتشكيك فيهم لمجرد ان بعض المضللين امثال الكاتب يرى انهم غير ثقات , فشهادته لا تزن جناح بعوضة في مقابل شهادة من شهدت لهم الامة بالعدل و العلم و الدين, اما سرائرهم فعلى الله تعالى . من ناحية المبدأ , اذا تعارض حديث مع نص قرآني فالحديث باطل , و لهذا كانت "صحة المتن" من شروط قبول الحديث الى جانب "صحة السند" , و هذا ابلغ رد على منكري السنة الذين يدعون اننا نرفع الحديث فوق القرآن الكريم !! و تنقية الاحاديث مما يتعارض مع القرآن أو مما لا سند صحيح له هو ما فعله كتبة الصحاح اصلا , فهم اختاروا هذه الاحاديث من مئات الالاف من الاحاديث التي كانت بين ايديهم طبقا للقواعد الصارمة التي وضعوها و منها عدم تناقض الحديث مع نص قرآني !! اذا كنت ترى الآن ان هناك احاديث صحيحة تتناقض مع نصوص قرآنية فلا بأس من ان تطرحها للنقاش سواء هنا أو مع من تثق برأيه من العلماء عندك, فهذا حقك كمسلم حريص على دينه , و حرصك واضح من اسئلتك و من اسلوبك الراقي في طرحها . غير ان هناك نقطة في غاية الاهمية , و هي انه ( حتى لو وُجد حديث يتناقض مع اي نص قرآني فهذا ليس مسوغا لانكار السنة بالكامل, بل يترك ذلك الحديث المعين), فجمع و تصنيف الاحاديث عمل بشري و اي خطأ قد يظهر فيه لاحقا ينسب للبشر و ليس للسنة النبوية ! و هذا الفرق بين القرآن الكريم و بين الاحاديث , فالمسلم يؤمن ايمانا مطلقا أن آيات القرآن الكريم لا يمكن ان تتعارض مع العقل (مثلا) , لانه لو صح تعارض آية واحدة مع العقل فهذا ينسف كون القرآن كلام الله , اما الحديث الشريف فليس فيه هذه الخاصية الوحدوية , (بمعنى اما ان يصح كله أو يبطل كله) , فلا توجد علاقة منطقية بين (بطلان صحة حديث ما ..سندا او متنا) و بين (بطلان السنة النبوية كمرشد للمسلم) !! ارجو ان اكون اجبت على تساؤلاتك . تحياتي و دم بخير . |
#6
|
|||
|
|||
ورد على قول المدعو ........
اولا , ما هي اهمية البحث (بالنسبة لنا كمسلمين ) في كيفية وصول القرآن الكريم الينا ؟ دعني اوضح لك اكثر , انا و انت مؤمنون بأن القرآن الذي بين ايدينا كامل و موثق و محفوظ بحفظ الله و ليس فيه ادنى شك (ذلك الكتاب لا ريب فيه) , و البحث و التمحيص في قضية ما لا بد و أن يسبقه شك ما في تلك القضية لانه قد يتبعه تغيير في موقف ما بخصوص تلك القضية , فإذا اردت ان تبحث في موضوع جمع القرآن الكريم من منطق (التاكد من كون القرآن الذي معنا هو كتاب الله) فأنت تناقض ايمانك بالقرآن كونك تعاملت معه و كأنه "كتاب عادي" يمكن ان يتسرب اليه شك !! اما اذا اردت ان تبحث في نفس القضية من باب (العلم بالشيء) فلا بد و أن تكتفي بما سطره الاولون من حقائق حول جمع القرآن الكريم دون الدخول في جدل أو اقحام العقل في المسألة . لأنك إذا اقحمت عقلك في القضية تكون قد اعطيت ايمانك اجازة مفتوحة حتى اشعار آخر , و لهذا لا احبذ الجدل في هذا الموضوع ليس لانني اكرهه أو لا اجيد البحث فيه , بل لانني مؤمن بأن البحث فيه لا طائل من ورائه ! ثم لو كان القرآن مجموعا في مصحف واحد في عهد النبي صلى الله عليه و سلم (كما – اظن – انك تعتقد) فلماذا احتاج المسلمون الى جمع القرآن الكريم في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه ؟ ثانيا , الاحاديث النبوية هي – بلا ادنى شك - (من صلب و صميم الدين ) و ليست "هامشا للتوضيح" – ايا كان معنى ذلك - . للاسباب الآتية : 1- نحن مأمورون في كتاب الله و الى يوم الدين ب"إتباع الرسول صلى الله عليه و سلم و طاعته" , و لو كان الرسول صلى الله عليه و سلم "مجرد مبلغ للقرآن" لأمرنا الله تعالى ب"إتباع الرسالة" لا حاملها . و من غير المعقول ان نتبع الرسول صلى الله عليه و سلم - و قد توفاه الله اليه - دون وثيقة تحتوي على اقواله و ارشاداته للأمة , هذه الوثيقة هي السنة النبوية المطهرة و المتضمنة في صحيح الاحاديث الشريفة (و إلا فماذا سواها ؟). و بما ان الامر الالهي باتباع الرسول صلى الله عليه و سلم (المنصوص عليه في كتاب الله)لا يمكن ان يتحقق الا بوجود تلك الاحاديث , تكون الاحاديث من صميم الدين , لأن ما لا يستقيم الاساس بدونه هو ايضا "جزء من ذلك الاساس" ! 2- يقول تعالى في نبيه صلى الله عليه و سلم : (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ . و َمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ .إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ ).النجم :2-4 ... فدل هذا على ان كل ما نطق به الرسول صلى الله عليه و سلم (خاصة في امور الدين) هو من وحي الله له و ليس من وحي هواه , لأن قوله "و ما ينطق" يفيد الاطلاق و ليس التقييد و لهذا فلا يعقل حصره في الوحي القرآني فقط , بل يتعداه الى اي توجيه نبوي للمسلمين الى جانب القرآن الكريم . 3- السنة النبوية لا تنقسم و لا تتجزأ , فلا يعقل أن نقول , نأخذ عن النبي صلى الله عليه و سلم امور العبادة و صفة الصلاة و الحج فقط و نترك الباقي ! إذا صليت كما كان هو يصلي فلا يسعك سوى أن تقبل عنه – ايضا - كلامه و اوامره و توجيهاته الاخرى في الدين , لا ان تتعامل مع الدين بطريقة البوفيه المفتوح تختار ما تشاء و تترك ما تشاء , فالذي خوله لأن يعلمك كيف تصلي لربك هو الذي خوله لأن يكون مرشدك و دليلك اليه في سائر امور دينك , و كما ان الصلاة - بصفتها المعروفة - من صميم الدين , فكل السنة ايضا من صميم الدين لان الاثنين (صفة الصلاة و السنة النبوية) من نفس المصدر . ثالثا , القرآن الكريم و السنة النبوية يتساويان في امر واحد , و هو ان كليهما وحي من الله تعالى . و يتميز القرآن الكريم بخصوصية كونه منزلا من عند الله تعالى بلفظه و كلماته و كل ما يتبع هذه الخصوصية من التعبد بتلاوته و قراءته في الصلاة ..الى آخر الخصائص القرآنية الاخرى! و اذا نظرنا الى المصدرين نظرة عقلية (لا ايمانية) فلن نفرق بينهما في التوثيق , فالقرآن الكريم منزل من عند الله تعالى (من وجهة النظر الايمانية) و لكنه وصلنا عن طريق بشري هو طريق محمد (صلى الله عليه و سلم) و المسلمين من بعده , و هو نفس الطريق الذي وصلت الينا الاحاديث به , فإذا ادعينا ان القرآن الكريم لا يرقى اليه شك فالمنطق العقلي (لا الايماني) يملي علينا ان نعامل الاحاديث بالمثل . لكن و لأن القرآن الكريم (كونه كلام الله الموحى لفظا)هو " الاساس" في منطقنا الايماني , فاصبح هو ايضا (المرجع) أو ال (reference ) الذي من خلاله يتم توثيق الحديث الشريف متنا ً. و لذلك فمن غير المنطقي القول بأن الاحاديث الصحيحة تم "اختيارها" من قبل أئمة الحديث , فالذي اختار ليس هم , بل المنهج الذي نبع من "المنطق الايماني" الذي وضع القرآن الكريم اساسا للدين . و كل ما فعله ائمة الاحاديث هو انهم عرضوا كل ما وصلهم من روايات على ذلك "المنهج الصارم" فاخذوا ما اتفق مع المنهج و تركوا ما لم يتفق معه . و كنت ذكرت لك سابقا ان هناك فرق جذري بين القرآن و السنة في كون القرآن "وحدة واحدة" كونه منزل من عند الله و كوه هو المرجع الاساسي لعقيدتنا كمسلمين , فمن غير المنطقي القول – مثلا – ان السورة الفلانية ليست من القرآن لانها تتناقض – مثلا - مع العقل أو مع الفطرة الانسانية ...الخ , فاتهام آية واحدة من القرآن ( و العياذ بالله ) يلزم اتهام القرآن كله . بينما (حسب منطقنا الايماني) ليس للاحاديث النبوية تلك الخاصية , فهي ليست المرجع الأساسي ( كونها يجب ان تعرض على القرآن (المرجع الاساسي) للتاكد من صحتها من قبل العدول من اهل العلم) , يترتب على هذا الحقائق الآتية : 1- بطلان حديث ما لا يعني بطلان كل الاحاديث , و إلا فما معنى عرض الحديث على القرآن الكريم للحكم بصحته من عدمها اذا كنا نرفض امكانية وجود احاديث غير صحيحة مقدما ؟؟؟؟ 2- اكتشاف احاديث غير صحيحة أو تتناقض مع نصوص قرآنية لا يستوجب الطعن في كل السنة النبوية أو التقليل من قدرها (كاعتبارها هامشا توضيحيا و ليست من صميم الدين ) ! على العكس تماما , فهذا يعني صحة المنهج المتبع في تقييم الاحاديث و أنه "منهج عامل" لا "منهج خامل" و الدليل كم الاحاديث المرفوضة بعد عرضها على المنهج , فلا توجد قوة تمنع ايا كان من اختلاق الاحاديث و نسبتها للنبي صلى الله عليه و سلم , العبرة هي في اجتياز الحديث لاختبار المنهج من عدمه. لفت نظري قولك (ألا يجب أن يكون مصدر الدين قوياً قويماً لا يتسلل إليه الريب ولا يحق لمخلوق أن يلقى ببعضه أدراج الرياح ؟؟) و ارد عليك و اسالك : (من الذي قرر ان القرآن الكريم مصدر قوي لا يتسلل اليه الريب) ؟ بمعنى آخر , لو اتاك شخص مسلم و قال لك (انا غير مقتنع بالآية الفلانية من القرآن لانها تتناقض – من وجهة نظري- مع حقيقة علمية هي كذا و كذا) , فكيف سترد عليه ؟ انت إما ان ترد عليه بالمنطق الايماني (كونه مسلما و انت مسلم) و تقول له : ( هذا الكلام لا يجوز منك لانه مناقض للايمان ) .. أو ترد عليه بالمنطق العقلي و تحاول اقناعه – بالحوار العقلاني - بأن الآية المذكورة لا تتناقض مع الحقيقة العلمية ! ما اريد ان اوصله اليك هو اننا نعتبر القرآن الكريم مصدرا قويا لا يرقى اليه الشك لأننا ((مؤمنون بأنه كلام الله)) مؤمنون لا مقتنعون , و لو اثبت لنا كل علماء الارض تناقض آية واحدة من القرآن مع حقائق العلم فلن ينقص ذلك من ايماننا به مقدار ذرة , فالمنطق الايماني يوجب علينا حينئذ الاعتقاد بخطأ العلماء لا العكس , لماذا ؟ لأن نفس المنطق الايماني يملي علينا اعتبار القرآن الكريم المرجع الاساسي للعقيدة! و الاحاديث ليست كلام الله كالقرآن الكريم (رغم ان كلاهما وحي منه تعالى) و لهذا فلا يلزم -لكي تكون مصدرا قويا و لا يرقى اليه شك - أن يكون لها نفس خصائص القرآن الكريم من حيث اساسية مرجعيتها , بل اذا صح لدينا حديث ما اصبح (تلقائيا) مصدرا من مصادر الدين ! و اليك هذا المثال التوضيحي : في علم الرياضيات , هناك ما يسمى ب"المسلمات الرياضية" و هي الحقائق الرياضية التي لا تحتاج الى برهان رياضي , و التي على اساسها يتم الحكم ب"صحة" أو "خطأ" النظريات الرياضية . الآن لو افترضنا وجود نظرية رياضية معينة و اثبتنا انها صحيحة طبقا للمسلمات الرياضية المعروفة , فهل من المنطقي ان نقول بعد ذلك (هذه النظرية التي اثبتنا صحتها لا وزن لها و لا قيمة لأنها " ليست في صلابة المسلمات" و لأنها كان يمكن ان تكون خاطئة) ؟؟؟ بالتأكيد لا , و بنفس المنطق – و لله تعالى المثل الاعلى – لا يعقل ان نعتبر الحديث مصدرا ضعيفا لمجرد أنه "ليس قرآنا" و لمجرد أنه – و إن ثبتت صحته – "كان معرضا للرفض" !! الخلاصة : طالما اجتاز حديث نبوي امتحان المنهج و صح لدينا سندا و متنا , فهو من صميم الدين , و كل توجيه أو امر أو نهي فيه هو ملزم لكل مسلم ! تقبل تحياتي و اعتذر لك و للمحرر الكريم عن طول التعليق .
|
أدوات الموضوع | |
|
|