الأستاذة» العاشرة مساءً..!
الأستاذة» العاشرة مساءً..!
شعبان عبدالرحمن | 09-02-2012 15:16
منذ بدايته قبل سنوات، اكتسب برنامج «العاشرة مساءً» الذى تقدمه الإعلامية الأستاذة «منى الشاذلى» إقبالاً من المشاهدين فى داخل مصر وخارجها، وظل هذا البرنامج خاصة قبل «ثورة 25 يناير» بالنسبة لى - على الأقل - متنفساً يومياً أجلس إليه فى نهاية كل يوم عمل شاق؛ لأحيط من خلاله بما يدور فى بلدى وأنا فى الغربة، فهو أشبه بصحيفة يومية ناطقة ومصورة تتناول حصاد أهم ما يجرى فى مصر خلال 24 ساعة بصورة مهنية واحترافية.. وما أكسب هذا البرنامج إقبالاً متزايداً من المشاهدين أنه كان يُطلع المشاهد على آراء ومواقف كل القوى والفئات والتيارات فى مصر - دون استثناء - مهما كان موقف النظام السلبى منها، وخاصة مواقف وآراء المعارضة، وفى القلب منها مواقف «جماعة الإخوان المسلمين». لكن هذا البرنامج شهد فى منتصف عام 2010م تقريباً انتكاسة وانكماشاً فى أدائه وتنويعه وضيوفه، وبالأخص فيما يتعلق بـ«جماعة الإخوان المسلمين»، فقد شهد غياباً شبه تام لأى من رموز الجماعة، وشهد تغييباً لقضايا تلك «الجماعة» الكبرى التى اشتد الحصار الأمنى والإعلامى عليها، وسط حملة اضطهاد وتشويه غير مسبوقة سبقت انتخابات «برلمان 2010»، آخر برلمانات «مبارك» المزوَّرة، والتى لم يحظَ فيها الإخوان بمقعد واحد.. كانت الأستاذة «منى الشاذلي» تبدو وقتها كمن «فى فمه ماء»، ولكنه لا يستطيع أن يبين، وقد نظرتُ إلى ذلك الأمر على أنه يأتى فى إطار الضغوط التى كانت على أشدها - يومها - على كل وسائل الإعلام الخاصة والحكومية بعدم فتح أى نافذة للمعارضة، وخاصة الإخوان، بل والعمل على تشويه تلك الجماعة، وإن كان برنامج «العاشرة مساءً» لم يوغل فى ذلك. لكن بعد تفجُّر «ثورة 25 يناير»، فاجأتنا الأستاذة «منى الشاذلى» بدموعها على الرئيس السابق بعد إلقاء خطابه العاطفى الشهير السابق على «موقعة الجمل»، قلنا: إن ذلك التصرف يبدو أنه وليد عاطفة غالبة، لكن بعد زوال حكم «مبارك»، وبعد استعداد مصر للانتقال إلى العصر الجديد الذى نعيشه اليوم، استبدلت الأستاذة «منى الشاذلى» الإخوان بـ«الحزب الوطنى»، وسوقت لفكرة واحدة - ومعها آخرون من الإعلاميين - وهى أن مصر انتقلت من «أغلبية» الحزب الوطنى إلى «أغلبية» الإخوان المسلمين، فى إيحاءات تلح على استحضار الصورة التى كانت عليها أغلبية الحزب الوطنى المزوَّرة بممارساتها الفاسدة التى أغرقت البلاد فى مستنقع لم تستطع الخروج منه حتى الآن.. هكذا وبطريقة تخالف الضمير المهنى تتم الإشارة لأغلبية حزب «الحرية والعدالة» (الإخوان المسلمون) على أنها صورة مكررة لأغلبية «الحزب الوطنى»، وذلك بدلاً من إعطاء الأمل للشعب المصرى بتركيز الكلام على تلك الانتخابات التى لم تشهد مصر فى تاريخها نزاهة مثلها. منذ الاستفتاء على «الدستور أم الانتخابات أولاً»، وظهور النتائج فى صالح رأى الإسلاميين المؤيِّد لـ«الانتخابات أولاً»، قاد برنامج «العاشرة مساءً» حملة تروِّج لضرورة تأجيل الانتخابات لفترة كافية؛ حتى تستعد لها الأحزاب الجديدة، وتم الترويج بقوة بأن المستعد لتلك الانتخابات هى القوى المنظَّمة؛ وهم «الإخوان»، و«فلول الحزب الوطنى»، بل إن خيال البعض كان واسعاً جداً مثل «ذمته»، فبدأ يطرح سيناريوهات عن تحالف خفى بين «فلول الحزب الوطنى» والإخوان، وإن هذا التحالف موجود منذ عهد «مبارك»! وقد أثبتت نتائج الانتخابات الهزيمة الساحقة لـ«فلول الوطنى» والنجاح الكبير للإخوان بل وللإسلاميين، وانقلب الذين كانوا يلحون على ضرورة تأجيل الانتخابات، انقلب الجميع بعد ظهور النتائج بحملة شاركت فيها بقوة «العاشرة مساءً» للدعوة لسرعة تسليم السلطة لحاكم مدنى، وأذكر هنا أول من طالب المجلس العسكرى عقب تنحِّى «مبارك» بسرعة تسليم السلطة لحكومة ورئيس مدنى هم الإخوان المسلمون فى بيان رسمى (والبيانات موجودة). وكنت أتمنى أن تقف الفضائيات التى تتسابق بصورة محمومة على اجتذاب المشاهدين أن تتوقف وقفات طويلة بين حق التظاهر والاعتصام السلمى وتدافع عنه بقوة، وبين القذف بالحجارة وتكسير واجهات محلات تعيش منها عائلات، وحرق سيارات ومؤسسات، وأن تقف وقفات لتفرِّق بين ضابط أو جندى الشرطة الذى يطلق الرصاص الحى لقتل وفقء أعين المتظاهرين السلميين، فحق عقابه أشد العقاب، وبين الجندى أو الضابط الذى وقف ليحرس بنكاً أو مؤسسة، أو يقف على باب القسم الذى يعمل فيه ثم يسقط ضحية الدفاع عن تلك المؤسسات، وهل يمكن مساواته بمَنْ تحرك من موقعه إلى مكان مظاهرة ويقتل المتظاهرين ويسحلهم بدم بارد؟! وقد كان مفاجئاً لى - وأعتقد للمشاهدين - عندما سأل المحامى المخضرم «رجائى عطية» خلال استضافته فى «العاشرة مساءً» (الأحد 5/ 2/ 2012م) الأستاذة «منى الشاذلى» مقدمة البرنامج: هل الجندى الذى يُقتل وهو يدافع عن قسم الشرطة الذى يحرسه شهيد أم لا؟ فلم ترد الأستاذة «منى الشاذلى»، ثم كرر السؤال على الهواء فالتزمت الصمت، حتى قال لها الرجل: «منتيش قادرة (لا تستطيعين) تنطقيها»، أين الحيدة فى تناول قضايا الرأى العام؟ أين الضمير المهنى؟. ومنذ أن بدأ الإخوان كأكبر حزب فائز فى الترتيب لتشكيلات مجلس الشعب، كان ذلك عند الأستاذة «منى الشاذلى» أشبه بصفقة أو تعيين.. وهكذا استهداف لحركة ومواقف الإخوان. وبعد.. لماذا أوجِّه كلامى للأستاذة «منى الشاذلى»؟ لأن لدى أملاً أن تعود ببرنامجها إلى ما قبل منتصف عام 2010م؛ حيث الحيدة والمهنية والموضوعية.. أما الآخرون الذين غرقوا حتى أذنيهم فى التضليل والكذب والإسفاف، فلا حديث معهم أو إليهم، فقد سقطوا فى مستنقع لا شواطئ له.
|