قال ابن قيم الجوزية في كتابه بدائع الفوائد 3 / 14 ــ 15
وقوله تعالى: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرض بَعْدَ إِصْلاحِهَا} قال أكثر المفسرين: "لا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة الله بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل وبيان الشريعة والدعاء إلى طاعة الله فإن عبادة غير الله والدعوة إلى غيره والشرك به هو أعظم فساد في الأرض بل فساد الأرض في الحقيقة إنما هو بالشرك به ومخالفة أمره قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} وقال عطية في الآية: "ولا تعصوا في الأرض فيمسك الله المطر ويهلك الحرث بمعاصيكم"، وقال غير واحد من السلف: "إذا قحط المطر فإن الدواب تلعن عصاة بني آدم وتقول: اللهم العنهم فبسببهم أجدبت الأرض وقحط المطر"
وبالجملة فالشرك والدعوة إلى غير الله وإقامة معبود غيره ومطاع متبع غير رسول الله هو أعظم الفساد في الأرض ولا صلاح لها ولا لأهلها إلا أن يكون الله وحده هو المعبود والدعوة له لا لغيره والطاعة والأتباع لرسوله ليس إلا وغيره إنما تجب طاعته إذا أمر بطاعة الرسول فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته فلا سمع له ولا طاعةفإن الله أصلح الأرض برسوله ودينه وبالأمر بتوحيده ونهي عن إفسادها بالشرك به وبمخالفة رسوله.
ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله وكل شر في العالم وفتنة وبلا وقحط وتسليط عدو وغير ذلك فسببه مخالفة رسوله والدعوة إلى غير الله ورسوله.
ومن تدبر هذا حق التدبر وتأمل أحوال العالم منذ قام إلى الآن وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين وجد هذا الأمر كذلك في خاصة نفسه وفي حق غيره عموما وخصوصا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الرايط:
http://raqamiya.mediu.edu.my/BookRead.aspx?ID=283
الموضوع الاصلى (
http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=795)