جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
محمد علي يوسف يكتب: ثورى أم إصلاحى؟
محمد علي يوسف يكتب: ثورى أم إصلاحى؟ البعض يعتقد أن المعنيين لا يجتمعان أبداً: الثورة والإصلاح، بل للأسف فى الآونة الأخيرة صار أحدهما سبة عند البعض، صار الإصلاح وصمة يُعير بها كل من يختلف مع من ينسبون أنفسهم للثورة، وكأنه لا يمكن أن يكون هناك ثائر ومصلح فى نفس الوقت، وهذا يعتبر فى نظرى انحرافا فكريا حادا، سكت عنه البعض طويلاُ ربما مجاملة وربما خوفا فى زمن صارت فيه المزايدة فناً وحرفة، لكن هذا السكوت المداهن للديكتاتورية الثورية سيؤدى إلى ضياع المعنى الحقيقى للثورة على الأقل فى تقديرى. إن الثورة نوع من أنواع الإصلاح، وإن لم تكن الثورة إصلاحاً فما هى إذن؟! إن ضد الإصلاح هو الإفساد ولا شىء غيره، ولا أظنك يا رفيق الثورة تعتقد أن ثورتنا كانت بقصد الإفساد فى الأرض. نعم الإفساد هو مقابل الإصلاح، هذا هو كلام ربنا الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه: «وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون»، هكذا فإن التضاد الحقيقى إنما هو بين الإصلاح والإفساد. إذن فأى تغيير مُفترض أن يبتغى به إما إصلاح وإما الأخرى، والثورة تغيير لكنه حاد بعض الشىء، أو نستطيع أن نقول إنه علاج بالبتر، وهذا على ما أعتقد الفارق بينها وبين المناهج الإصلاحية الأخرى، وهو ما جعل البعض ينظر إلى المصطلحين بنظرة تضاد، فالمشكلة أن المناهج الإصلاحية غير الثورية ارتبطت دوماً بالتدرج، وربما البطء فى بعض الأحيان، أما الثورة فهى تغيير حاسم وسريع، لكنها فى النهاية لا تنافى المقصد المشترك الذى ينبغى ألا يشوه، أو يكون الكلام عنه بنوع من الازدراء والتحقير وهو الإصلاح، الذى يعتبر الغاية العظمى لكل تغيير، وهو المعنى الشريف الذى طالما مُدح فى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. كذلك ينبغى أن ندرك جيداً أن لكل مقام مقالا، ولكل حالة ما يناسبها، ولو أنك وضعت الشىء فى غير موضعه فلربما يؤدى ذلك لنتيجة عكسية تماماً. أعلم أنه قد يؤذى نفسية البعض ممن اتخذوا الثورة منهج حياة، أو أدمنوا الحالة الثورية، أن أقول ذلك لكننى مضطر لقوله: الثورة لها مواضعها التى لو تجاوزتها إلى غيرها فإن ذلك قد يضر ولا ينفع، تماماً مثل التدخل الجراحى أو البتر الذى ليس إلا آخر الحلول. لابد أن ندرك ذلك ونعيه، وإلا صرنا من حيث لا نشعر عبيداً للثورة، أسرى لصخبها، خاضعين لوهجها، تخيل لو أن شعار «الثورة مستمرة» أطلق هكذا دون ضبط أو ربط كما يفعل البعض، ماذا ستكون النتيجة؟ تخيل أن حالة الفوران هذه تستمر للأبد، وأن كل من لا يعجبه شىء فى هذا البلد يطيح به، هل ستكون هذه حياة؟! تخيل لو نشأ أبناؤنا على فكرة يسقط كل مخالف، ويرحل كل مختلف، هل ستستقيم بينهم معاملة فى المستقبل؟! أعتقد جواب تلك الأسئلة واضح ويسير ويتمثل فى مشهد عبثى لا يرضاه عاقل، لذلك لا بد من وقفة لالتقاط الأنفاس، وتقييم المواقف بعد مرور عامين على الثورة، ولابد أن نتذكر أننا ما ثرنا إلا لنغير، وما أردنا إلا الإصلاح، أما من أراد الثورة لأجل الثورة، فصارت هى منتهى أمله ومبلغ علمه وغاية حلمه، فأعتقد أن عليه أن يراجع مفاهيمه مرة أخرى، ويعيد حساباته، فالثورة ليست اعتقاداً جديداً ولا مهنة مستحدثة، الثورة وسيلة وأداة لبلوغ الحلم الذى نتمناه جميعاً.. حلم الصلاح.. والإصلاح.
__________________
قال أيوب السختياني رحمه الله: من أحب أبابكر فقد أقام الدين، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله، ومن أحب علياً فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن قال الحسنى في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد برئ من النفاق. [align=center][/align] |
أدوات الموضوع | |
|
|