#1
|
||||
|
||||
سورة التغابن.
" يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " . الكون يعرف ربه، يعرف أن وجوده منه وبقاءه به، ولذلك يسبح بحمده وينقاد لأمره أما الناس فلهم شأن آخر. ما أكثر الذين يتجرءون عليه ويجحدون حقوقه ويحاربون رسله: " خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين " . أى عقوق هذا وأى إسفاف؟! فيا عجبا، كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد؟ وفى كل شىء له آية! تدل على أنه الواحد! وقد بدأت سورة " التغابن " بهذا التسبيح تنبيها إلى شذوذ المعصية ووضاعة متركبها " هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير " . ومن النقائض أن يحسن الله تصويرك فتسىء تقديره! وأن يسبغ عليك النعمة فتطيل الغفلة والإنكار! وقد أنكر الناس الوحى لأن حملته بشر مثلهم. حتى عاد وثمود فى القرون الغابرة قالوا: " لو شاء ربنا لأنزل ملائكة.. " . إنه صعب على الإنسان أن يعترف بامتياز شخص آخر. إنه يريد أن يذهب بنفسه ويتطاول على غيره! خصوصا الأغبياء، فإن لذتهم فى احتقار الذكاء وإهانة أهله " ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم * ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد " . إن استكثار التفوق على الغير والسعى فى هدمه وهزيمته طبيعة فى بعض الأفراد، بل يخيل إلى أنه طبيعة فى بعض الشعوب! ولو أن الأنبياء والمصلحين يدلون بما أوتوا من مواهب ويجنحون إلى الكبر والاستعلاء، لقلنا إنهم استثاروا غيرهم وألجئوه إلى الكبر والكفر. أما والرسل من أشد الناس تواضعا وألينهم عريكة، فإن تحديهم منكر مضاعف ومعصية سافرة.. ص _463 " زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير " . إنكار البعث جريمة قديمة. ولكنها لم تلق الانتشار الذى أتيح لها فى هذا العصر، فالحضارة التى تظلنا زينت الحياة الدنيا وأهالت التراب على ما بعدها، بل إن الكلام عن اليوم الآخر وهم لا يجوز أن يجرى على ألسنة العقلاء! وأهل الكتاب يقودهم اليهود فى هذا الإنكار، وملاحدة العرب يجرئون الجماهير على نسيان الله وجحد لقائه، ويضيقون بالقرآن وهو يصور مشاهد الآخرة. إن قضايا الدين كلها تحتاج إلى عرض جديد يقاوم الإلحاد السائد. " فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا " . النور هو القرآن، وقد سقى كذلك فى آيات كثيرة " ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا " . ولا يوجد كلام موثق من ألفه إلى يائه صادر عن الله سبحانه إلا هذا الكتاب، وقد أحصى العقائد المنجية وساقها فى حشد من الأدلة تورث اليقين. وليت المسلمين يرتفعون إلى مستوى كتابهم ويؤدون رسالته. " يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن " . شعور الناس يوم البعث يحتاج إلى شرح. سيقول البعض " يا ليتني قدمت لحياتي " . وسيندم كثير على أنهم أضاعوا أوقاتا طويلة فى غير طائل وأوتوا الصحة فلم ينتفعوا بها فى طاعة، كما جاء فى الحديث " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ ". وسيندم آخرون على أنهم صادقوا فلانا الكبير وخاصموا فلانا الضعيف! إن فرصا كثيرة للنجاة أفلتت منهم بغباء شديد! " ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين " . وهيهات لقد مضت أيام العمل وأتت أيام الحساب.. ولما كانت السورة مدنية، وكان المهاجرون والأنصار مكلفين بإقامة دولة الإسلام فى وجه صعوبات بالغة وخصومات عنيفة، فقد قال! الله تعالى تصبيرا للقوم وتقوية للإيمان: " ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم " . إن إكراه المرء على ترك وطنه نصرة لدينه شىء شاق، وليس يتحمل ذلك كل إنسان. ص _464 قال أبو الطيب: لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال!! وقد لبى نداء الهجرة أناس فسبقوا سبقا بعيدا، وتقاعس آخرون ليستريحوا مع زوجاتهم وأولادهم ففقدوا هذا الشرف. وكثير أولئك الذين يصفون آذانهم عن نداء الواجب ليحيوا مع من يحبون! لهؤلاء يقول الله " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم " . قد يكون التعلق بالحياة طريق الخيانة والضياع " إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم " . والحق أن مقاومة الضلال! والعدوان تحتاج إلى مغارم وتضحيات ينبغى أن يتحملها أهل الإيمان بجلد ورضا. وقد رأينا فى عصرنا مبطلين لا يبالون بشىء يستحيل أن يقهرهم إلا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. أما أن يتجرأ اللصوص ويتقهقر رجال الشرطة، فلا أمان ولا إيمان!! ولذلك ختمت السورة بضرورة البذل والكفاح " فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " . ص _465 |
#2
|
|||
|
|||
[align=center]الأخ أبوعادل المكرم
لقد قدمت فاوجزت فافدت شكراً لشخصك الكريم بارك الله فيك ودمتم بحفظ الله [/align] |
#3
|
||||
|
||||
[rainbow]
[frame="1 98"] [align=center] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم بارك الله فيك وجزاك الله خيراً أخي الكريم أبو محمد على مرورك الطيب. وفقنا الله لما يحب ويرضى. [/align] [/frame] [/rainbow] |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع: سورة التغابن. | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
إبدأ صفحة جديدة مع الله | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-31 11:27 AM |
هل سمعت بهذا من قبل | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-22 11:36 AM |
شرح سورة الجمعة | التوحيد | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-23 11:06 PM |
الدروس المستفادة من سورة التوبة | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-03 12:16 PM |