#1
|
||||
|
||||
سورة الممتحنة.
المؤمن لا يقبل دنية ولا يرضى بهوان، ويبذل جهده لمدافعة ظالميه ؛ فماذا غلب على أمره أسر المقاومة وانتظر مع اليوم غدا يبلغ فيه مراده، ويحقق فيه قول الله سبحانه "والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ". وقد هزم المسلمون أول تاريخهم فى مكة وطردوا من ديارهم شر طردة، فرفضوا الاستسلام للبغى واشتبكوا مع عدوهم فى حرب مرة وصابروا الليالى حتى تحقق لهم النصر. ومن الناس من يستوعر طريق الكفاح وينتهز الفرصة لقبول الأمر الواقع ولا يرى حرجا فى الاستخذاء أمام عدوه حرصا على سلامته أو سلامة أهله. ولهؤلاء يقول الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق... ". إن من السقوط أن تلين لمن يريد قهرك ويحط قدرك! ويحقر دينك ويحاول فتنتك " إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون". ويقول أبو الطيب. ذل من يغبط الذليل بعيش رب عيش أخف منه الحمام واحتمال الأذى ورؤية جانيه غذاء تضوى به الأجسام والوفاء للعقائد والمبادئ يفرض الولاء لمن يواليها والبراءة ممن يعاديها واعتراض من يعترضها. كذلك فعل أتباع الأنبياء فى جميع الأعصار. ولذلك يقول الله للمسلمين " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده... ". والمسلمون بذلك لا يشترون الخصومة أو يجنحون إلى التهجم. إنهم يردون العدوان ويعلنون بقاءهم على دينهم إلى آخر رمق. وفى تحديد العلاقة بين المسلمين وأعدائهم فى العقيدة، يقول الله تعالى: " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ص _453 ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون". لقد رأينا العبث الشديد بالمواثيق الدولية، وبحقوق الإنسان، ورأينا ألوفا مؤلفة من المسلمين يغار عليهم، فيدعون بيوتهم لمن يسكنها ويعيشون هم فى العراء عشرات السنين، فهل الرضا بذلك شرف؟ وهل الغضب لذلك تعصب دينى؟ إن الله يحب العدل، فأين العدل فى استضعاف المسلمين على هذا النحو الأثيم؟ الحق أن استنهاض الهمم عالميا لتغيير هذه الأوضاع عبادة لله، وإنصاف للبشر، واحترام للإنسانية. والدول الكبرى لا تهتم إلا بمصالحها الخاصة، ولا تكترث بما يصيب الآخرين! وهذا لا يجوز ... ومن هنا كان الحب فى الله والبغض فى الله من عناصر الإيمان، فإذا أحببت جائرا لنفع يعود عليك أو كرهت عادلا لطمع لم يسقه إليك، فاتهم إيمانك! إن المشاعر المعتلة دليل إيمان مزيف. وقد ختمت السورة بما بدئت به من ضرورة التعصب للحق وحده والانحراف عن أهل الريبة والفسق " يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور". وحدث فى معاهدة الحديبية عندما أملى المشركون شروطهم على المسلمين أن فرضوا هذا البند الغريب: من ترك مكة مسلما لم يجز لأهل المدينة أن يستقبلوه مهاجرا معهم. ومن ترك المدينة مرتدا فلأهل مكة أن يؤمنوه ويطمئنوه!! وقد قبل الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الجاهلية المتكبرة، وشاء الله أن يكون أهل مكة أول من يكوى بنارها ويسعى لإلغائها. لكن بعض النساء فى مكة شرح الله صدورهن للإسلام فأين يذهبن؟ لقد نزل الوحى آذنا بقبولهن فى المدينة، فلا مساغ لتشريدهن فى الأرض " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار.. ". ونلاحظ أن المسلمين أمروا بتعويض المشركين الذين آمنت نساؤهم، كما أن هناك نساء لحقن بأهل مكة مرتدات، فقال الله تعالى "ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم ". وهذه تنظيمات عادلة تدل على روح الدين ولم يطل بها عهد، ص _454 فسرعان ما فتحت مكة ودكت معاقل الوثنية وبنيت الأسر المسلمة على التوحيد الخالص. على أن الإسلام - كما تقرر فى سورة المائدة أباح الزواج بالمحصنات من الكتابيات، وأين هن اليوم؟ إن الحضارة الحديثة قلما تعرف الإحصان، فقد غاضت فى ربوعها مواريث النبوات الأولى... وانتهت سورة الممتحنة بهذا الميثاق : " يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله... ". وقد بايع النبى النساء بعد فتح مكة، وكانت المبايعة شفوية لم يضع يده فى يد واحدة منهن... إن الذى يقرأ قصة الحضارة لديورانت يعلم أن الجو الدينى قد يذهب طهره كله بالعلاقة الفوضوية بين الرهبان والنساء، فمن الخير المباعدة بين أنفاس هؤلاء وأولئك، ولذلك حدد النبى صلاته بالنساء الأجنبيات تحديدا صارما، "ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ". ص _455 مأخوذ من كتاب نحْوَ تفسير مَوْضوعيّ.
الشيخ محمد الغزالي. |
#2
|
||||
|
||||
أعتبر سورة الممتحنة سورة الولاء والبراء فى القرآن الكريم.
__________________
قـلــت :
|
#3
|
||||
|
||||
جزاكم الله خيراً
ونفع الله بكم الإسلام و أهله.
__________________
علم العليم وعقل العاقل اختـلفا *** أي الذي منهما قد أحـرز الشرفا فالعلم قال أنا أحـــرزت غايته *** والعـقل قال أنا الرحمن بي عرفا فأفصح العلم إفصـاحاً وقال لـه *** بــأينـا الله في فـرقانه اتصـفا فبـان للعقــل أن العـلم سيده *** وقبل العقـل رأس العلم وانصرفا |
#4
|
||||
|
||||
[motr1]
جزاكم الله خيراً ، وبارك الله فيكم ، ونفع بكم على مروركم الكريم. [/motr1] |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع: سورة الممتحنة. | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
إبدأ صفحة جديدة مع الله | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-31 11:27 AM |
هل سمعت بهذا من قبل | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-22 11:36 AM |
شرح سورة الجمعة | التوحيد | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-23 11:06 PM |
الدروس المستفادة من سورة التوبة | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-03 12:16 PM |