جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
المَذْهَبُ الحَنْبَلِيُّ.
مَذْهَبُ أَهْلِ نَجْدٍ: يُنْسَبُ المذهب الحنبلي إلى الإمام أحمد بن حنبل الشيباني - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - المولود ببغداد سنة 164 هـ، والمتوفى بها سنة 241 هـ. وقيل: ولد بِمَرْوٍ، وحمل إلى بغداد رضيعًا. ومذهبه رابع المَذَاهِبِ السُّنِّيَّةِ المعمول بها عند جمهور المسلمين. وكان من خواص أصحاب الإمام الشافعي إلى مصر. نَشْأَةُ المَذْهَبِ بِبَغْدَادَ (*) وكان منشأ هذا المذهب ببغداد، ثم شاع في غيرها، ولكن دون شيوع باقي المذاهب (1). قال ابن فرحون في " الديباج المذهب ": «وأما مذهب أحمد بن حنبل - رَحِمَهُ اللهُ - فظهر ببغداد، ثم انتشر بكثير من بلاد الشام [وغيرها] وضعف الآن».أي في القرن الثامن. __________ (1) عن " الفوائد البهية ". [تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]: (*) هذا العنصر ذكره المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في (فهرس الكتاب): ص 96. وقال ابن خلدون: «فأما أحمد بن حنبل فمقلدوه قليل لبعد مذهبه عن الاجتهاد، وأصالته في معاضدة الرواية والأخبار بعضها ببعض، وأكثرهم بالشام والعراق [من] بغداد ونواحيها وهم أكثر الناس حفظًا لِلْسُنَّةِ ورواية الحديث» وقد تأخر ظهوره بمصر ظهورًا بَيِّنًا إلى القرن السابع. وَعَلَّلَهُ السيوطي في " حسن المحاضرة " بقوله: «هم بالديار المصرية قليل جِدًّا، ولم أسمع بخبرهم فيها إلا في القرن السابع وما بعده، وذلك أن الإمام أحمد - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كان في القرن الثالث، ولم يبرز مذهبه خارج العراق إلا في القرن الرابع، وفي هذا القرن ملك العبيديون مصر، وأفنوا من كان بها من أئمة المذاهب الثلاثة، قتلاً ونفيًا وتشريدًا، وأقاموا مذهب الرفض والشيعة، ولم يزولوا منها إلا في أواخر القرن السادس، فتراجع إليها الأئمة من سائر المذاهب، وأول إمام من الحنابلة علمت حلوله بمصر، الحافظ عبد الغني المقدسي صاحب " العمدة "». انتهى. وذكر المقريزي في " خططه ": «أنه لم يكن له وللمذهب الحنفي كبير ذكر بمصر في الدولة الأيوبية، ولم يشتهر إلا في آخرها». انتهى. ثم زاد انتشاره بعد ذلك في زمن القاضي عبد الله بن محمد بن محمد عبد الملك الحجاوي، المتولي قضاء قضاة الحنابلة بمصر سنة738 هـ والمتوفى سنة 769 هـ كما في " السبل الوابلة " (1). __________ (1) " السبل الوابلة على ضرائح الحنابلة "، لمحمد بن المكي، وهو في طبقاتهم. وذكر المقدسي أنه كان موجودًا في القرن الرابع بالبصرة، وبإقليم فور والديلم والرحاب، وبالسوس من إقليم خوزستان، وأن الغلبة في بغداد كانت له وللشيعة. وذكر في كلامه على مصر أن الفُتْيَا في زمنه كانت فيها على مذهب الفاطمي إلا أن سائر المذاهب كانت موجودة ظاهرة بالفسطاط. قال: «وَثُمَّ محلة للكرامية، وحلة للمعتزلة، والحنبلية. قلنا: مهما يكن من انتشاره في كثير من البلدان، فإن مقلديه فيها قليلون في كل عصر، وإلى ذلك يشير الخفاجي في " الريحانه " في ترجمة زين الدين محمد الأنصاري الخزرجي بقول: «تفقه على مذهب أحمد بن حنبل، فكان طلابه سهل المورد عذب المنهل». «وَلِلْنَّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ» وهم في كل عصر أقل من القليل وهكذا الكرام كما قيل: يَقُولُونَ لِي قَدْ قَلَّ مَذْهَبُ أَحْمَدَ * ... * ... * وَكُلُّ قَلِيلٍ فِي الأَنَامِ ضَئِيلٌ فَقُلْتُ لَهُمْ: مَهْلاً غَلَطْتُمْ بِزَعْمِكُمْ * ... * ... * أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ الكِرَامَ قَلِيلُ وَمَا ضَرَّنَا أَنَّا قَلِيلُ، وَجَارُنَا * ... * ... * عَزِيزٌ، وَجَارُ الأَكْثَرِينَ ذَلِيلُ قلنا: ولم نسمع بغلبته على ناحية إلا على البلاد النجدية الآن، وعلى بغداد في القرن الرابع، واستفحل أمره بها حوالي سنة 323 هـ. وقال ابن الأثير في حوادث هذه السنة: «وَفِيهَا عَظُمَ أَمْرُ الحَنَابِلَةِ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُمْ، وَصَارُوا يَكْسِبُونَ مِنْ دُورِ القُوَّادِ وَالعَامَّةِ. وَإِنْ وَجَدُوا نَبِيذًا [أَرَاقُوهُ]، وَإِنْ وَجَدُوا مُغَنِّيَةً ضَرَبُوهَا وَكَسَرُوا آلَةَ الغِنَاءِ، وَاعْتَرَضُوا فِي البَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَمَشَى الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، فَإِذَا رَأَوْا ذَلِكَ سَأَلُوهُ عَنِ الذِي مَعَهُ مَنْ هُوَ، فَأَخْبَرَهُمْ، وَإِلاَّ ضَرَبُوهُ وَحَمَلُوهُ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْفَاحِشَةِ. [فَأَرْهَجُوا] بَغْدَادَ، فَرَكِبَ بَدْرٌ الخَرْشَنِيُّ، وَهُوَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ، عَاشِرَ جُمَادَى الآخِرَةِ، وَنَادَى فِي جَانِبَيْ بَغْدَادَ، فِي أَصْحَابِ أَبِي مُحَمَّدِ [البَرْبَهَارِيِّ] الْحَنَابِلَةِ، أَلاَّ يَجْتَمِعُ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَلاَ يَتَنَاظَرُوا فِي مَذْهَبِهِمْ». إلى أن قال: «فَلَمْ يُفِدْ فِيهِمْ، وَزَادَ شَرُّهُمْ وَفِتْنَتُهُمْ، وَاسْتَظْهَرُوا بِالعُمْيَانِ الذِينَ كَانُوا يَأْوُونَ المَسَاجِدَ، وَكَانُوا إِذَا مَرَّ بِهِمْ شَافِعِيُّ المَذْهَبِ أَغْرَوْا بِهِ العُمْيَانَ، فَيَضْرِبُونَهُ بِعِصِيِّهِمْ، حَتَّى يَكَادَ يَمُوتُ، فَخَرَجَ تَوْقِيعُ الرَّاضِي بِمَا يُقْرَأُ عَلَى الحَنَابِلَةِ يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ فِعْلَهُمْ». إلى آخر ما ذكره. ولا ريب أن إثارة أمثال هذه الفتن لم تكن إلا من عصبية عامتهم وغوغائهم، وكثيرًا ما كانت ترجع إلى أمور اعتقادية يخالفهم غيرهم فيها، لانفراد أصحاب هذا المذهب بعقيدة خاصة في الأصول. وذكر التاج السبكي في " الطبقات " أن أكثر فضلاء متقدميهم أشاعرة، لم يخرج منهم عن عقيدة الأشعري إلا من لحق بأهل التجسيم. قال: وهم في هذه الفرقة من الحنابلة أكثر من غيرهم. مأخوذ من كتاب نظرَة تاريخيّة في حدوث المَذاهب الفقهيّة الأربَعَة:الحنفي - المالكي - الشافعي - الحنبلي وانتشارها عند جمهور المسلمين. المؤلف: أحمد بن إسماعيل بن محمد تيمور (المتوفى: 1348هـ). تقديم: الشيخ محمد أبو زهرة. |
أدوات الموضوع | |
|
|