جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الوسيلة المثلى لحفظ القرآن.
السؤال: ما هي الوسيلة المثلى لحفظ كتاب الله بالنسبة لمن له مشاغل جمة كخدمة المرأة في بيتها وعملها اليومي المعاشي؟ الجواب: إن من أراد حفظ كتاب الله فليعلم أنه ميسر للذكر كما قال الله تعالى: "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر"، وهذا التيسير من فضل الله سبحانه وتعالى ولطفه بهذه الأمة، فما من إنسان يريد حفظه ويعزم على ذلك عزماً مؤكداً، ويبدأ طريقه إلا سهل له القرآن ويسر له حفظه، فإذا نظم الإنسان وقته وعرف أيام شغله التي هي الذروة، فكل إنسان له في الأسبوع ذروة، هي أهم الشغل يجتمع في أيام معينة من الأسبوع، وأيام أخرى فيها انخفاض وهبوط في معدل العمل، فإذا وزع وقته بانضباط، وجعل وقتاً محدداً لحفظ كتاب الله، وبدأ أولاً بالسماع، فالقرآن متلقى من الأفواه، ولا يمكن أن يأخذه الإنسان من المصحف فقط ، ولذلك تجد كثيراً من الذين يأخذونه من المصحف لهم أخطاء عجيبة جداً، لأن الصحابة كتبوه بخط معجز يمكن أن تقرأ منه الحروف السبعة، يمكن أن تقرأ منه القراءات كلها، ومن لا يعرف هذه الفروق سيجد كثيراً من الحروف الزائدة وربما التبست عليه القراءات، فمثلاً "والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون" بأيد كتبها الصحابة بياءين، فالذي لا يعرف هذا يقرؤها بأييد فيخطئ، ومثل ذلك الصلاة والزكاة وكمشكاة والربا كلها كتبها الصحابة بالواو، ومثل ذلك لشيء في موضع واحد كتبت بالألف، ومثل ذلك كثير من الكلمات التي فيها اختلاف في القراءات فيقع فيها الحذف أو الإثبات، أو الهاء التي تكتب تاء، أو نحو ذلك فهذا من الأمور التي لا تتلقى إلا من الأفواه، والأغرب من هذا أنني رأيت طالباً يريد القراءة من المصحف، وقد رأى مصحفاً مكتوباً بالخط المغربي فهو يقرأ: {وأن ألق عصاك} يقرؤها: "أن ألو"!! لأن القاف في الخط المغربي لا تنقط إذا كانت متطرفة فظن أنها واواً، لأنه لم يتلق من أفواه الرجال فيقع الخطأ، وهذا لا يجوز. فيجب على الإنسان أن يأخذ القرآن من الأفواه، ولابد أن تكون له فيه رواية، لكن الرواية بالإمكان أن تقع عن طريق الشريط، فيسمع الإنسان شريطاً من قارئ متقن، كالشيخ الحصري رحمة الله عليه فقد اتفق الناس جميعاً في الشرق والغرب على إتقانه للقراءة، وبالأخص أن هيأة الأداء من الأمور الصعبة، فمثلاً قدر المد، لا يؤخذ إلا بالدربة، وقدر الإمالة لا يؤخذ إلا بالدربة، فمثلاً أهل بلادنا يقرؤون برواية أبي يعقوب الأزرق عن ورش عن نافع، وفيها: التقليل في الإمالة، وهذا التقليل هو المأخوذ به، ولأبي يعقوب الأزرق وجه آخر ليس فيه تقليل أصلاً، والإمالة الحقيقية الخالصة لم يأخذ بها أبو يعقوب الأزرق، إلا في كلمة واحد وهي: {طه}، أما ما سوى ذلك فله التقليل، وهذا التقليل قليل جداً من يتقنه، فأكثر من يقرؤون برواية ورش تسمعهم يميلون إمالة خالصة لا فرق بينها وبين إمالة حمزة أو نحو ذلك، وهذا النوع يحتاج فيه إلى مهارة وإتقان. وأيضاً الذي يريد حفظ القرآن لابد أن يحرص على التقلل، فالذي يريد أن يقرأ كل يوم يحفظ صفحة أو صفحتين هذا ينسى بسرعة هائلة، فما يحفظ بسرعة ينسى بسرعة، أما الذي يحفظ ثلاث آيات، ويتقن حفظها، ثم يتجاوزها إلى ما سواها، فهذه الطريقة إن شاء الله تثبت، وتقتضي إتقاناً للحفظ، وقديماً يذكر الناس أن رجلاً من أهل هذه البلاد، قد كان أعجمياً فأراد حفظ القرآن ولكنه عزم على أن يقرأ كل يوم كلمة واحدة، فيكرر تلك الكلمة تكراراً شديداً، والكلمة عنده بمعنى المقطع، فقد تكون في النحو كلمتين، فهو مثلا يقرأ: {وإذ نتقنا} هذه أربع كلمات من الناحية النحوية، الواو حرف عطف، وإذ ظرف، نتق فعل ماض، نا ضمير هي الفاعل فهذه أربع كلمات، لكن هو يجعلها كلمة واحدة فيكررها، فقال له إنسان: {الجبل}، فقال: {الجبل} ح** غد!!! يعني سيقرؤها غداً لا يريد أن يقرأها اليوم. فاشتهر هذا الرجل بالإتقان للحفظ. وللأتراك طريقة جربوها اليوم في تحفيظ الصبيان للقرآن فيها إحكام، هي قريب من هذا لأن الشخص يحفظ الآيات ويحفظ الكلمات في أثنائها ويحفظ ترتيبها ويحفظ الأسطر والصفحات، فيستطيع إذا سألته عن كلمة ما التي قبلها أن يقرأها بالمقلوب، هذه الكلمة قبلها هذه وهذه الكلمة قبلها هذه، ويبين لك رقم الآية ورقم الصفحة ورقم السطر ورقم السورة، هذه طريقة محكمة جداً في الحفظ، وقد أدركنا بعض النساء: النجاح بنت الددو رحمة الله عليها أعرف نسألها عن كلمة ما الذي قبلها فتأتي به بالمبادرة، لا تخطئ في ذلك، لكن هذه الطريقة هي لكثرة قراءتها للقرآن لأنها لا تفتر عنه، فأصبحت كل كلمة مباشرة تذكر التي قبلها، وأي واحد منكم الآن سئل على البديهة عن كلمة من الفاتحة مثلاً، إذا قلت: {اهدنا الصراط المستقيم} ما الكلمة التي قبلها؟ {نستعين}، فهذه قضية صعبة جداً حتى في الفاتحة، ومع ذلك المتقنون لحفظ كتاب الله يستطيعونها. وهنا مسألة مهمة في حفظ كتاب الله هي التفريق بين التحصيل وبين المراجعة، فلابد أن يجعل الوقت مفصولاً بينهما، فالإنسان يمكن أن يحفظ كل يوم القدر المقرر، لكن إذا حفظ اليوم وحفظ غداً، بعد شهر ما حفظه في أول الشهر سينساه إذا لم يكن له ورد آخر من المراجعة، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، فقد ثبت عنه أنه قال: "تعاهدوا القرآن فلهو أشد تفلتاً من صدور الرجال من الإبل في عقلها"، لكن مما يعين على ذلك كثرة قراءته، الحال المرتحل، أن يكون الإنسان كلما أنهى ختمة بدأ ختمة أخرى، فيقرأ في الطريق، ويقرأ في المجالس، يقرأ في انشغال الناس، وإذا لم يستطع ذلك على الأقل جعل ورده الليلي يأتي على الختمة في كل شهر، فإذا كان الإنسان يختم في كل شهر في الصلاة، فالغالب أنه لن يتفلت ما حفظه من القرآن. وهذا التفلت لا يقصد به مثلا خطؤه في آية أو طلبه للإستشهاد بآية فتعكر عليه أولا يجدها، فهذا ليس من التفلت المذكور، بل قد حصل للنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بيان لأن هذا من ضرورات الحدوث، فكون الإنسان حادثاً حدوثه يقتضي تنفساً، ويقتضي حاجة للأكل وحاجة للشرب وحاجة للتذكر، فلهذا ربما فاته الإنتباه في وقت من الأوقات لأمر من الأمور. .. وترتيب شؤون الإنسان كعمل المرأة في بيتها مع أولوياتها الأخرى لابد أن يعلم فيه أن الواجب لا يزاحمه المندوب، وأن الواجب المضيق لا يزاحمه الواجب الموسع، فإذا كان لدى المرأة واجبات مضيقة لابد من أدائها الآن بدأت بها، ثم بعد ذلك تأتي إلى الواجبات الموسعة ثم تأتي للسنن ثم تأتي إلى المندوبات وهكذا، لكن من ليس من أهل الفقه يزاحم الواجبات والمندوبات والسنن، ويزاحم الواجبات المضيقة بواجبات موسعة، كان بالإمكان أن يفعلها في وقت آخر، وهذا نقص في الفقه. الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي ـ حفظه الله ـ |
أدوات الموضوع | |
|
|