جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
معاوية رجل الدولة/د. محمد عبد الستار البدري
معاوية رجل الدولة الدكتور محمد عبد الستار البدري من الجمل الخالدة في التاريخ الإسلامي مقولة «لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني.. ولو كانت بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا شدوها أرخيتها وإذا أرخوها شددتها»، كذلك مقولة «ما من شيء ألذ عندي من غيظ أتجرعه»،
إنهما المقولتان الصادرتان عن رجل يعد في تقديري من أقدر رجال الدولة في التاريخ الإسلامي، فهو الذي استطاع أن يتغلب في دربه على أعتى المصاعب، ومع ذلك وضع قاعدة قوية استمرت واحدا وتسعين عاما، وعندما ورثت الدولة العباسية دولته الأموية، فإنها لم تُغير كثيرا في حجم الدولة والتي وصلت لقرابة مليون كيلومتر مربع، كما لم تغير في قواعد تسييرها التي أرساها معاوية بن أبي سفيان ومن بعده، ولذا فهو بحق سياسي من الطراز الأول، ولكن مما لا شك فيه أنه أيضا من أكثر الشخصيات التاريخية التي حظيت باختلافات فكرية وعقائدية بسبب الخلاف السياسي الذي وقع بينه وبين الخليفة الرابع علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه)، ولكن الاختلافات حول شرعيته ليس هنا مجال مناقشتها، فالمقصود اليوم إبراز دوره كرجل دولة وحنكته السياسية والاستراتيجية التي لا خلاف عليها. لقد تميز معاوية بن أبي سفيان بفراسة وذكاء شديدين منذ نعومة أظافره، وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن أمه هند بنت عتبة زوجة عزيز مكة أبي سفيان بن حرب الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام إن من دخل بيته فهو آمن كانت ترى فيه عن سائر إخوته خليفة والده في إمارة قريش، ولكن زلزال الرسالة والنبوة على أيدي الرسول عليه الصلاة والسلام غير بقوة شرعية النظام الحاكم في قريش وأخرجها من الظلمات إلى النور، فانقلبت الآية لا سيما بعد تأخر دخول أبي سفيان بن حرب وأسرته في الإسلام فأصبحوا «الطلقاء» بعد أن كانوا الأمراء، وإزاء هذا المتغير الجديد بدأ معاوية صعوده السياسي وسط عمالقة ممن لهم السبق، كما أن المجتمع الجديد لم ينس واقعة محاولة والدته أكل كبد حمزة عم النبي، فنعته خصومه بأنه «أبن آكلة الكبد»، بينما حذره أبوه بجملة في إحدى رسائله له قائلا: «إن هذا الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخرنا، فرفعهم سبقهم وقدمهم عند الله وعند رسول الله، وقصر بنا تأخرنا، فصاروا قادة وسادة وصرنا أتباعا»، وعلى الرغم من أن التيار السياسي والاجتماعي كان ضد معاوية فإنه استعان بعدد من الأحداث التي كفلت له القدرة على مواجهة الواقع الجديد، وعلى رأسها تقريب الرسول عليه الصلاة والسلام له وجعله من كتبة الوحي وزواج أخته بالمصطفى عليه الصلاة والسلام. لم يتقلد معاوية أي وظيفة قيادية في عهد الرسول ومن بعده أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولكن الأخير فتح المجال لبني أمية من خلال تأمير أخيه يزيد بن أبي سفيان الجيش الإسلامي المتوجه إلى الشام، أما معاوية فكانت بدايته في فتح قيسرية بتوجيه من الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي ولاه فيما بعد إمارة بجنوب الشام في العام الهجري السابع عشر، ثم تم إسناد فلسطين والأردن ومن بعدهما ولاية الشام كلها له، وقد آثر معاوية منذ البداية أن يقرب أهل الشام له، ومع مرور الوقت بدأت الشام تدين له بالولاء التام، فلقد لعب دورا كبيرا في جعلها المركز الأساسي للتجارة في الدولة الإسلامية وهو ما فتح لها المجال لمزيد من الانتعاش الاقتصادي، كما أنه أصلح الشوارع واهتم بالزراعة وبرفعة الرعية هناك وهو ما ضمن له حب وتأييد أهل الشام. كذلك استحدث معاوية أول أسطول في التاريخ الإسلامي، حيث أصر الرجل على إقامة أول عمارة إسلامية على الرغم من معارضة القيادة السياسية لبعض الوقت، وبمجرد بنائها بدأت يد الدولة الإسلامية تطول المناطق التي كانت مستعصية عليها لا سيما الجزر التي كانت تقع أمام سواحل الشام، وهو ما وقى الدولة الإسلامية شرورا بيزنطية كثيرة وكسر تسيد أسطولها لشرق البحر المتوسط، وفكرة إقامة الأسطول في حد ذاتها عمقت من الموقع الجيوستراتيجي للشام كطريق تجاري هام في الدولة الإسلامية، وجعلتها القاعدة السياسية والاقتصادية الهامة وأثرت مباشرة على تأمينها ورفاهيتها الاقتصادية مما زاد من شعبية معاوية، لا سيما بعدما أمن الحدود الشمالية للبلاد. ولكن الزلزال الخطير الذي هز الأمة الإسلامية بمقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه هز شرعية معاوية، خاصة بعدما تولى علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) الولاية، وهنا آثر معاوية أن يمنع البيعة له مستندا إلى ضرورة القصاص لمقتل الخليفة عثمان، كما أنه آثر أيضا أن لا يدخل في الصراع الداخلي بعد انشقاق طلحة والزبير عنه وحدوث موقعة الجمل، وهو ما جعله ينتظر قدوم الحرب إليه مثبتا وضعه السياسي والعسكري بدعم قوي من أهل الشام، ثم كانت واقعة صفين الشهيرة ولكنه استطاع أن يعالج الأمر سياسيا من خلال التحكيم الذي أضر بالإمام علي بن أبي طالب وفق ما أورده المؤرخون، ولكن الحظ خدم معاوية كثيرا فلقد نجا من محاولة الاغتيال التي دبرت للتخلص منه ومن عمرو بن العاص والإمام علي (كرم الله وجهه) في وقت واحد، فكانت النتيجة انفراده بالحكم بعدما آل لواء المعارضة للحسن بن علي رضي الله عنهما الذي آثر الصلح فدانت الدولة الإسلامية لمعاوية وبايعه أغلبية من المسلمين فيما عرف بعام الجماعة في 41 هجريا، وقد حكم معاوية تسع عشرة سنة، فأسس لدولة الخلافة الأموية وأدخل البريد ونظم الدواوين، كما توسعت الدولة الإسلامية في عهده بشكل كبير وينسب له فضل أول محاولة لإسقاط القسطنطينية بمحاصرتها بالأسطول لسنوات طويلة، كما أن توسعاته الخارجية شرقا وغربا كانت محل تقدير لدى الجميع، وقد تجلت عظمته السياسية في الوسيلة التي تعامل بها مع المعارضة الداخلية حيث استخدم اللين في أغلب المناسبات والشدة في مناسبات أقل في محاولة للم الشمل مستعينا على ذلك بجملته الشهيرة «إني لا أحمل السيف على من لا سيف له، وإن لم تكن إلا كلمة يشتفي بها مشتف جعلتها تحت قدمي ودبر (خلف) أذني». هكذا أصبح معاوية بن أبي سفيان أحد أعظم الشخصيات السياسية في التاريخ الإسلامي لما يملكه من رؤية وبعد نظر وفراسة سياسية، وهو ما سمح له بأن يؤسس لحكم جديد ويغير المعادلة السياسية السائدة، ولكن الملاحظ أن الصرح السياسي الهائل والعظيم الذي شيده معاوية ممثلا في الدولة الأموية واجه في مناسبات كثيرة أزمة شرعية منذ ميلاد الدولة وحتى مماتها حيث استمرت الحركات الثورية طوال فترة وجودها إلى أن أزيلت على أيدي الدولة العباسية. عن الشرق الأوسط |
#2
|
|||
|
|||
فعلاً هذا رجل دولة بحق ، يستحق التقدير والاحترام وسيرته ما زالت تدرس وذكائه السياسي والعسكري يدرس حالياً في كليات عسكرية أمريكية وأوروبية
يكفي أنه صحابي جليل ، وصهر جدنا العظيم واحد كتاب الوحي شكرأ جزيلاً أخي نبيل على الموضوع وفقك الله ، الله معك |
#3
|
||||
|
||||
[motr1]
بارك الله فيكم وجعل أعمالكم في ميزان حسناتكم. [/motr1] |
أدوات الموضوع | |
|
|