#1
|
|||
|
|||
آية النور وفوائدها
الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم (35) النور
الله نور السماوات والأرض أي الله منور العالم كله وهاديه بما أقام فيه من أدلة في الكون على وجوده وتوحيده، وبما أنزل على رسله من الآيات البينات الواضحات، فمن اهتدى بذلك النور واستنار قلبه بهداية الله فاز بسعادة الدنيا والآخرة. وهذا هو النور المعنوي. أما النور الحسي فواضح أيضا أن الله هو مصدر النور، وخالق النور، وما حي الظلام، ومدبر الكون بنظام دقيق ثابت، وله عليه الهيمنة التامة والشاملة والمستمرة في كل لحظة وزمان. مثل نوره كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة، الزجاجة كأنها كوكب دري أي شبيه هذا النور وهو نور الله القائم في صفحة الكون وبيان القرآن وما أودعه في قلب المؤمن من الإيمان كنور مصباح في قنديل زجاجي صاف مزهر، موضوع في مشكاة (كوة أو طاقة) لينبعث النور في اتجاه معين تقتضيه الحاجة، وكأن زجاج هذا المصباح (السراج أو القنديل) في إضاءته كوكب عظيم ونجم ضخم من الكواكب السيارة مثل الزهرة وعطارد والمشتري. والظاهر أن الضمير في نوره عائد إلى الله عز وجل، في تنويره الكون، وهدايته قلب المؤمن يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية أي أن زيت المصباح يستمد من زيت زيتون شجرة مباركة كثيرة المنافع، زرعت في جبل .عال أو في صحراء، ليست مما تطلع عليه الشمس في وقت شروقها فقط، أو غروبها فقط، بسبب ظل حاجت للشمس فيما عدا ذلك، بل هي في مكان وسط تتعرض للشمس حالتي الطلوع والغروب ومن أول النهار إلى آخره، فهي شرقية غربية تصيبها الشمس بالغداة والعشي، فيجيء زيتها صافيا معتدلا مشرقا. يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار أي أن زيتها لصفائه وبريقه وإشراقه كأنه يضيء بنفسه، قبل إضاءته ومس النار له لأن الزيت إذا كان خالصا صافيا، ثم رئي من بعيد، يرى كأن له شعاعا، فإذا مسته النار ازداد ضوءا على ضوء، كذلك قلب المؤمن يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم، فإذا جاءه العلم، ازداد نورا على نور، وهدى على هدى. قال يحيى بن سلام: قلب المؤمن يعرف الحق قبل أن يبين له، لموافقته له، وهو المراد من قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في التاريخ وأبو داود عن أبي سعيد الخدري: «اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله» . نور على نور أي هو نور مترادف متضاعف، قد اجتمعت فيه المشكاة (الطاقة) والزجاجة والمصباح والزيت، لجعل النور قويا مشعا لا مجال لأي تقوية أخرى فيه، فالمشكاة تحصر النور في اتجاه واحد غير مشتت ولا موزع، وبهاء الزجاجة يزيد الإنارة والتلألؤ وانعكاس الضوء، والقنديل مصدر الطاقة الإشعاعية الكافية التي لا تتوافر فيما سواه، وصفاء الزيت ونقاؤه من أهم عوامل الاحتراق الكامل وتوافر الإضاءة الكاملة. يهدي الله لنوره من يشاء أي يرشد الله إلى هدايته ويوفق من يختاره من عباده، بالنظر وإعمال الفكر وتدبر آي الكون. ويضرب الله الأمثال للناس أي يبين الله تعالى للمكلفين من الناس دلائل الإيمان ووسائل الهداية، ويبصرهم بما خفي عليهم من أمور الحق في صورمختلفة، بضرب الأمثال، وعقد التشبيهات، وتصوير المعاني بصور المحسوسات المألوفة، لترسيخها في الأذهان، وتثبيتها في أعماق الفؤاد والنفس، فيصير الإيمان راسخا في القلب كالجبال الراسيات. وهذا من مزايا القرآن البلاغية الرائعة أنه يصور المعقولات والمعاني بصور الماديات والمحسوسات. والله بكل شيء عليم أي والله عالم علما تاما شاملا بجميع الأشياء المعقولة والحسية، الباطنة والظاهرة، يمنح الهداية لمن كان أهلا لها، مستعدا لتلقيها. وهذا وعد لمن أعمل فكره ووعى وسائل الهداية، ووعيد لمن أعرض، فلم يتدبر ولم يتفكر فيها، ولم يكترث بها. والخلاصة: هذا مثل نور الله وهداه في قلب المؤمن، فكما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه النار، فإذا مسته ازداد ضوءا على ضوء، يكاد قلب المؤمن يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم، فإذا جاء ازداد هدى على هدى، ونورا على نور. وو:جز : |
#2
|
|||
|
|||
بارك الله فيك وجزاك عنا خير الجزاء اختي الفاضلة وفي ميزان حسناتك
موضوع قيم جدا شكري الجزيل لك |
أدوات الموضوع | |
|
|