#1
|
||||
|
||||
سورة القمر.
" اقتربت الساعة وانشق القمر". ظاهر العبارة أن هذا الانشقاق يقع آخر الزمان مع الاضطراب الفلكى الذى يعترى الأفلاك ومسيرتها. ومن هذا القبيل ما جاء فى سورة القيامة " فإذا برق البصر * وخسف القمر * وجمع الشمس والقمر * يقول الإنسان يومئذ أين المفر " . ولكن ورد حديث عن ابن مسعود يفيد أن انشقاق القمر وقع على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن المشركين رفضوا الإذعان له، وبقوا على مكابرتهم يزعمون أن الرسول ساحر!! " وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر" . يعنون أن جهد الرسول فى هدم الوثنية وزلزلة الأصنام ذهب سدى. فالعقائد كما هى، وأوضاع الجاهلية مستقرة لم يستطع المسلمون زحزحتها! مع أن الوحى النازل يدك الباطل ويمحو الظلمات. "ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر * حكمة بالغة فما تغن النذر " . إنه إذا لم يتحرك الضمير داخل الإنسان ويغريه بالإذعان والإيمان، فلا غناء فى الدعوة مهما كانت بليغة. ولقد هدد الله المشركين بيوم البعث والجزاء، ثم ذكر لهم أن الأمم الضالة سوف تلقى مصيرا أليما قبل ذلك "ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله " . ومن هنا شرعت السورة تحكى فى إيجاز شديد عواقب الضلال والعناد من عهد نوح " كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر * فدعا ربه أني مغلوب فانتصر " . كنت أسمع هذه الآيات من فم قارئ ندى الصوت وقف على كلمة مغلوب وأطال مد الواو ص _420 ست حركات مليئة بالقهر والضراعة والاستنجاد، ختل إلى أنها امتلأت بآلام تسعة قرون ونصف من جهاد الدعوة، وفشل الاستجابة، ونظرت حولى، فرأيت الدموع تطفر من الأعين رقة لعبودية نوح واستغاثته.! " ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر" . وبعد قوم نوح جاءت عاد، وكانت قبيلة مغرورة متكبرة، أوتيت بسطة فى الأموال والأجساد ولم تستح أن تصف رسولها بالسفاهة وهو يدعوها إلى توحيد الله! "إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر * تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر". كانت الريح العقيم تجلد الأرض بأجساد هؤلاء العماليق أو تجلد أجسادهم بالأرض، فإذا هم ممددون على الثرى كجذوع النخل التى طاحت رءوسها " فكيف كان عذابي ونذر " لقد هلك قوم نوح بالماء وقوم هود بالهواء، وهذه عناصر مأنوسة بيننا، ولكن الله إذا شاء أغرق بالماء، ودمر بالهواء!! "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" وجاءت ثمود بعد عاد، وأبرزت السورة الكريمة خطابها لنبيها صالح لأنه شبيه بما قاله أهل مكة لخاتم المرسلين، قالوا " أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري" وقبل ذلك " وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب" . ما أشبه ذلك بما قالته ثمود عن نبيها " فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر * أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر" أى مترقع دعى. وقتلت ثمود ناقة صالح التى خلقها الله من الصخر معجزة له، فنزل بهم عذاب حول أشخاصهم إلى غثاء كالهشيم الذى يفرش فى الحظائر وتطؤه الدواب " إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر". وننتقل إلى المدينة الفاجرة التى طغت شهواتها واستمرأت الشذوذ وفتحت له نوادى تقارفه. إن نبيها الصالح لوطا أعلن مقته لهذه الفاحشة، وحاول تهذيب طباعهم، لكنهم أبوا وحاولوا السطو على ضيوفه من الملائكة، فكانت عقوبتهم دمار مدينتهم. ويرى بعض المحققين أن تفجيرا ذريا جعل عاليها سافلها وأصاب من رأوه بالعمى! ص _421 "ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر * ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر". واللواطة معروفة فى الحضارة الحديثة، وقد أعقبت وباغ الإيدز المهلك. والغريب أن التوبة منها لم تخطر بالبال، وإنما النصيحة المبذولة: اقضوا شهوتكم، واحتاطوا لصحتكم!! ذلك ما يقوله رجال الدين وهم ينشرون الغشاء الواقى..! وماذا تنتظر ممن نسى الله؟ وختمت سير الأوائل بالحديث عن الفراعنة الذين يحكمون الناس قسرا وينشدون الاستعلاء فى الأرض " ولقد جاء آل فرعون النذر * كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر" . ثم قيل لمن يعى الخطاب: إن أعداء الإسلام لن يفلتوا من المصير الذى نال أسلافهم! "أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر * أم يقولون نحن جميع منتصر * سيهزم الجمع ويولون الدبر". وقد تحقق هذا الوعيد، ونزلت بالمشركين هزيمة مُذَّلة فى معركة بدر طاحت برءوس الكفر وأرغمت أنوفهم، وما ينتظرهم فى الآخرة أقسى " ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ". وختمت السورة بحديث عن يوم الحساب، يوم يساق الجزاء العدل للفريقين " إن المجرمين في ضلال وسعر * يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر". أما المسلمون فلهم شأن آخر "إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر" . ص _422 |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع: سورة القمر. | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
إبدأ صفحة جديدة مع الله | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-31 11:27 AM |
هل سمعت بهذا من قبل | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-22 11:36 AM |
شرح سورة الجمعة | التوحيد | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-23 11:06 PM |
الدروس المستفادة من سورة التوبة | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-03 12:16 PM |