جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الجانب القيمي والإجتماعي للمال فى الإسلام1
الحمد لله رب العالمن ، أعطى كل شيء خلقة ثم هدى ، والصلاة والسلام على سيد ولد عدنان وعلى آلة وصحبه الكرام وبعد.
فإن نقرر فى البداية أن المال ليس فى ذاته،وإنما هو وسيلة من وسائل قضاء الحوائج،وتحقيق المآرب فمن استعمله فى هذا السبيل كان خيرا له والمجتمع المسلم , ولذا يقول صلى الله علية وسلم نعم المال الصالح للرجل الصالح وقد عدّ القرأن الكريم المال من الشهوات التى زينت للناس (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ) آل عمران :14 وعده زينة كذلك (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) الكهف:46 ولا يمكن اغفال قيمة المال للعمل الإسلامى ولحركة المجتمع، فقد قيل لحكيم : لم تجمع مال وأنت حكيم؟ فقال : لأصون به العرض ، وأؤدى به الفرض ، وأستغنى به عن القرض وقيل لأحد الصالحين : لم تحب الدراهم والدنانير ، وهى تدينك من الدنيا ؟فقال : هى وان ادنتى منها، فقد صانتنى عنها . وكان أحد الصالحين يقول الله أرزقنى حمداً ومجداً ، فإنه لا حمد إلا بفعال، ولامجد إلا بمال. وبذا فإن المال ، تصان العروض، وتخفظ الكرامة ، وتوصل القربات، ويواسى الفقراء ، ويتحقق الإحسان ، ويسهم فى أعمال الخير والبر، وتربية الأولاد تربية صحيحة. كما يستطيع المال أن يفعل الكثير فى مجال الدعوة وتبليغ الرسالة، فالمال المزكى المطهر المقبول عند الله يسهم بفاعلية فى إنشاء جيل جديد قوى متماسك، يملك جميع أسباب القوة وبه تستطيع الدعوة أن تصمد أمام الحوادث. والحق أن المال سلطاناً متمكناً من النفوس ، وطاغياً مدمراً لكثير من الناس ، الذين يلهيهم المال ، ويذهب بهم التيه والكبرياء ، وقد يدفعهم ذلك إلى استعباد الناس أو إذلالهم ، بما يستوجب غضب الله تعالى وسخطه ، وهذا ما نجده فى قصة قارون ، الذى أتاه الله المال فتكبر وفرح وطغى فكانت عاقبته ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ) القصص:81 ودعوة الإسلام لعدم الاغترار بالدنيا والزهد فى زينتها ،والإقلال من شأنها وتوجيه الإنتباه للآخرة واعتبار المال فتنة ، وليس معناه إهمال قيمة المال فى حياة المسلمين وفى ركب الحياة ،أو الدعوة للفقر العام ،فالنصوص التى أكدت المعنى السابق – الدعوة السابقة - على كثرتها ، لم تغفل الأثر الطيب للمال عندما يوظف توظيفا جيداً ، وهذا ما نجده فى الأحاديث التاليه (فهو الله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشي عليكم كما أهلكتهم) (ما الدنيا فى الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه فى اليم، فينظر بما يرجع) (انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم،فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم) ( إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه فى المال والخلق فلينظر إلى مــــــــــــــــن هـــــــو أسفل منه) ( ازهد فى الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس) (كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) (إن لكل أمة فتنة،وفتنة أمتى : المال) ( يقول ابن أدم : مالى وهل لك يا ابن أدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت) (اطلعت فى الجنة فرأيت أكثر أهلها فقراء) وغير ذلك من أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم - فى نفس المعنى السابق – ومما نجدة فى أقوال الصحابة والسلف ،كى نحقق ما تقدم بعد أن نكون قد استنفذنا طاقتنا الإيمانية والعلمية فى ذلك ،ولا أن تكون الدنيا هى بغيتنا وهدفنا . ولكن فى أعمال الخير والبر والعطاء نجعلها موضوعا لتحقيق هذه الأعمال ، فإن أدرك المسلم نعيمها ومالها – بعد عمل وأخذ الأسباب – فعليه أن يتقى الله فيما إستخلف فيه ، وإن لم يدرك ألا يستكين أو يركن إلى من هو أقل منه مالا، حتى يحمد الله على ما أعطاه ، وعليه ألا يستكين أو يركن إلى الفقر واليد السفلى . فالمسلم بحكمة إيمان عميق يدنوا الأجل والضيافة فى الدنيا واغتنام الخير فيها ، ولذا فإنه أن اعطى المال فهو يوقن أنه فتنه ، وعلية أن يتغلب بعزيمته الإيمانية وأن يسمو بنفسه ،وأن يرقى بروحه عن الإغترار به أو تسلطه على نفسه ،وإن لم يعط المال فعسى أن يكون ذلك خيرا ، لأنه ربما أعطى المال فلم يقم بواجباته ،وقد يفسد حاله ،ويتزلزل كيانه. ولذ لم يخش رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمتة من الفقر مع أنه موجع للناس ، ومذل للنفس ، ولكنه خشى من أن تبسط لهم الدنيا، فيتنازعوا فيها تنازع الوحوش ، وتشعل بينهم العدواة والبغضاء . ويذكرنا الرسول الكريم بأن الغنى الحقيقى ليس بكثرة المال ولا علو المنصب والمكانة ،فهذا غنى زائل ، لأنه عرض من أعراض الدنيا (ليس الغنى عن كثرة العرض ،ولكن الغنى غنى النفس) ويعجب المرء كثيرا عندما يقرأ فى كتاب الصوفية ، فيرى نزعة قوية تميل إلى بغض المال، وتحبيب الزهد ، فالمحاسبى - وهو قدوة الصوفية – كان من أعداء المال ولم تكن عداوته للمال عداوة هينة ، لأنه ضرب على الوتر الحساس حين ذكر المسلمين بفقر الرسول الكريم ، وهو يتخذ من فقره صلى الله عليه وسلم حجة على شر الغنى ، وأضراره بخير الدنيا والدين . والحق أن النبى الكريم لم يفكر فى إصلاح دنياه ، لأنه شُغل بتبليغ الرسالة ، ومن المعقول أن يلوذ الأنبياء بالفقر ،ليتفرغوا لدعوتهم ورسالتهم –ولكن كيف يصبح الفقر شريعة ؟ وكيف يصير من واجب الناس أن يعيشوا فقراء؟ فالفقر خلقة بشعة ، ولا يطمع فى التعرف إليها رجل كريم ، لأنه البلية العظمى ، والنكبة الكبرى ، والبلاء الماحق ، والشر الملعون ، وهو أقبح الصفات التى تنزه عنها الله عز وجل "والأحاديث التى ذمت الدنيا وهونت من شأنها ، لا يفهم منها تعطيل العمران ، أو رفض المال ،والانزواء فى الأرض ،فتقوى الدنيا فى الحديث (اتقوا الدنيا) وعدم الاغترار بها ، وفهم حقيقتها .والإسلام عندما يذم الحياة الدنيا فذلك ليضمن حدود الإعتدال فيها ويحجز الغرائز الجامحة بالأثرة والبغى والفساد وتأكيد لأن الدنيا فيها تليها حياة أعظم وأبقى وأخلد (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) العنكبوت :64 وهكذا فإن الإسلام لا يبغض الدنيا لذاتها ، وإنما يبغض الانكباب عليها ، والتناحر من أجلها ،وجمع بعضها على بعض، دون نظر من أين أتت ،ولا أين تنفق .ولذا لكى يتجاوز المسلم فتن الدنيا والمال والكرم والإنفاق فى سبيل الله : وهذا ما نجده فى الأحداث التالية (لو كان لمثل أحد ذهبا لسرنى أن لا تمر على ثلاث ليال وعندى منه شىء إلا شيء أرصدة لدين ) ( يا إبن آدم إنك تبذل الفضل خير لك ، وإن تمسكه شر لك ، ولا تلام على كفاف ، وابدأ بمن تعول ،واليد العليا خير من اليد السفلى ) (ما من مسلم يكسو مسلما ثوبا إلا وكان فى حفظ الله ما دام عليه من خرقة) ( ما تصدق أحد بصدقة من الطيب – إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة فتربو فى كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربى أحدكم فلوه (مهره الصغير) أو فصيلة) ( وإن هذا المال خضر حلو ،ونعم صاحب المال هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل ) (وإنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلا أجرت بها حتى تجعل فى فىَ – فم - امرأتك) فقناعة المسلم بأن المال مفقود ،فإنه يدخره عند الله تعالى ، ويقل حرصه عليه وإن كان موسعا عليه فى الرزق فينبغى أن حاله السخاء واصطناع المعروف، والتباعد عن الشح والبخل . ٍولعلنا نخلص الى رؤية شمولية للمال فى الإسلام فى النقاط التالية ......................يتبع |
أدوات الموضوع | |
|
|