#1
|
||||
|
||||
سورة الحجرات.
من حق الكبار أن يوقَّروا، وأن توفر لهم شارات الاحترام، كما أنه من حق الصغار أن يرحموا وأن تحف بهم أسباب العطف. وقد جعل النبى صلى الله عليه وسلم ذلك من أركان المجتمع المسلم " ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه " . والرجل فى سلطانه لا يفتات عليه ولا يجوز أن يجىء أحد فيحاول فى حضرته إثبات نفسه بالأمر والنهى والتقديم والتأخير والاقتراح والاعتراض! وفى سورة الحجرات جملة من الآداب التى تزين الأمة وتصون كيانها، أولها أدب المسلمين مع رسولهم، ثم آداب المسلمين بعضهم مع بعض، ثم علاقة الأمة كلها بسائر الأمم. فى أدب المسلمين مع رسولهم يقول جل شأنه " يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم * يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض... " . وسبق فى سورة النور" لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا.. ". وللرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسلوب خاص فى ندائه وفى محادثته يتسم بالتواضع وخفض الصوت والتزام الأدب. إنه مبلغ عن الله ومترجم عن هداه؟ فتوقيره دين، وحسبه من المتاعب ما يلقى من الكفار والمنافقين. والذين يلتزمون الأدب مع رسول الله لهم عند الله مكانتهم وأجرهم، أما الجفاة وفاقدو الخلق فلهم شأن آخر. ومن صدق الإيمان التثبت عند سماع الأخبار، فرب شائعة لا أصل لها أحدثت فتنة بالغة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". والمعروف أن الشيطان يرقب أبناء آدم ويستمع إلى حديثهم يحاول أن ينزغ بينهم، فإذا وجد خطأ صغيرا حاول تنميته ليكون خطيئة ضخمة، وليجعل من الشرر التافه نارا مستعرة. وأكثر القتال الذى يدور بين الناس يتولد من هذا البلاء. وعلى جماعة المسلمين أن تسارع إلى تدارك ص _405 الموقف وإصلاح ذات البين، فإذا اعتز أحد بالإثم وحاول البغى تظاهر عليه الجميع ووقفوه عند حده. وقد رأيت معارك نزفت فيها دماء غزيرة وأعقبها خسار واسع لأن المسلمين ضعفوا عن قول الحق للمعتدى وعجزوا عن رد بغيه فكانت النتيجة أن هانت الأمة كلها وطمع فيها أعداؤها "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ". إن ضعف رباط الأخوة الإسلامية نذير شر، وهو ذريعة إلى تدخل غير المسلمين كى يستغلوا الأوضاع المائلة لمصالحهم الخاصة، والإسلام هو الخاسر أولا وأخرا..! وسورة الحجرات تلفت أنظارنا إلى أخلاق رديئة يجب البعد عنها. فمن الرعونة ومن التطاول الباطل أن تسخر من الآخرين حاسبا نفسك أفضل منهم. إنه لا يعرف حقيقة الفضل إلا الله تعالى. ومكانة أى إنسان تقررها معادلات دقيقة بين وراثته وبيئته، أو بين طباعه الخاصة والتيارات التى تحيط به وتهب عليه. ومن يدرى؟ فقد تسخر من امرئ نجح حيث رسبت أنت! فتقدم وتأخرت! "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن.. " . ورفض الإسلام اللمز والتعيير والتجسس وظن السوء والغيبة والنميمة. والمؤسف أن أغلب مجالس الناس لا تخلو من هذه الآفات، ولو كف الناس عنها لقضوا نصف أعمارهم صامتين..! لو غربل الناس كيما يعدموا سقطا لما تحصل شىء فى الغرابيل! وعلينا نحن المسلمين أن نعرف رسالتنا بين الناس. إننا لم نخلق لننظر إليهم من أعلى. إننا أصحاب رسالة كلفنا بشرحها بالأدب والحكمة والرحمة والحب. وأخشى أن يكون فشلنا فى صبغ العالم بها يرجع إلى سؤ عرضنا وفشل أسلوبنا..! "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم.. " . وقد ختمت السورة بشرح حالة الأعراب الذين دخلوا فى الإسلام دون أن يتقيدوا بآدابه أو يلتزموا بأحكامه. إنهم نموذج لأقوام ورثوا الإسلام عنوانا ولم يحملوه موضوعا، فكانت قلوبهم خالية من اليقين، وكانت أعمالهم بعيدة عن الصلاح. ص _406 " قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم... " . وقد نبه الله هؤلاء إلى أن عملهم هو الذى يحكم لهم أو عليهم. " وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا... ". فإذا خذلوا الإسلام حين يتطلب النصرة أو تركوا شمائله حين يتطلب الأدب أو ضعف يقينهم حين تعرض الأزمات، فليسوا بمسلمين! " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون" . وفى هذا العصر نجد من عامة المسلمين وخاصتهم من يشبهون أعراب الأمس البعيد، فهم ينتمون إلى الإسلام ولا يلبون له نداء أو يؤازرونه فى محنة. ص _407 |
#2
|
|||
|
|||
[align=center]
الله ينور قلبك بالعلم والدين ويشرح صدرك بالهدى واليقين وييسر لك أمرك ويرفع مقامك في عليين ويحشرك بجوار النبي الأمين |
#3
|
||||
|
||||
[frame="1 98"]
[align=center] الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــرا لك وبارك الله فيك أخي الكريم العبيني على مرورك الكريم. لك مني أجمل تحية. [/align] [/frame] |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع: سورة الحجرات. | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
إبدأ صفحة جديدة مع الله | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-31 11:27 AM |
هل سمعت بهذا من قبل | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-22 11:36 AM |
شرح سورة الجمعة | التوحيد | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-23 11:06 PM |
الدروس المستفادة من سورة التوبة | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-03 12:16 PM |