هل يجوز قياس القران علي العلم ؟

[امير عبد القادر]

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
والصلاة والسلام علي محمد على آله محمد وعلي أصحابه أجمعين
ثم أما بعد:
قال تعالي
{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82
ان الله امرنا ان نتدبر القران الكريم والتمعن في معانيه لان هذا ايضا يكون تعبد بالقران
ولو تدبرنا القران لعلمنا انه الحق من الله وينتج عن التدبر عدم الكذب على ‏الله و ان الكذب علي الله يكون باتباع الهوى والقياس الباطل بان نعرض مساله لها في الواقع ادله ولا نجد لها ادله في القران ومعلوم بان القران كامل قال تعالي {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }الأنعام38
وما فرطنا في الكتاب من شي أي ما تركنا شي الا اخبرتم به أي ان القران لا ينقصه شي ولا يجوز قياس الكامل علي الناقص لان القران قطعي لا يقبل التاويل ولا التحريف لانه من عند الله الذي انزله علي عبده صلي الله عليه وسلم وان الناتج من هذا التدبر معرفة قدرة الله عز وجل والخوف من الله حتي يهدي الي الصراط المستقيم
قال تعالي
{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }فاطر28
وعند معرفة الحقيقة العلميه تجعل العالم يخاف من الله لانه عرف قدرة الله وهذا بخلاف الانسان الذي لا يعلم
قال تعالي
{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }الحج54
وان التدبر ينتج منه الامر القطعي ويبعد الامر الظني ويجعل الانسان علي علم ويبعده عن الجهل ونجد ان من اسماء الله تعالي العليم والعليم من اصل العلم والعلم هو ادراك الشي ومعرفته ورد اسمه العليم في القرآن مئة سبع وخمسون موضع وفي هذا دليل على أهميته
العليم : من العلم وعَلِمتُ الشيء: أي عرفته وخبرته والعلم هو ما طابق الواقع وكان عليه دليل او لم يكن له دليل
والعليم وهو فوق الكل وهو من يعطي ما يشاء من علمه للعلماء بكافة أنواعهم
العلم نقيض الجهل والعلم هو المعرفه ونجد ان اصل العلم هو القران الكريم وسنة رسوله الامين ونجد ان الله عز وجل انزل العلم مع سيدنا ادم عليه السلام وان الله عز وجل جعل الانسان عالم ببعض الامور وجاهل ببعض الامور وذلك رحمة منه ولذلك قال تعالي {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }الإسراء85
ان الانسان مهما بلغ من مراتب العلم فانه لن يعرف ماهي الروح
لذلك قال تعالي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً فلذلك نجد كلمة أُوتِيتُم لجمع وهي نعم نزلت لنبي ولكن هي تحدي ليوم الدين لان العلم كامل عند الله وينزله بقدر ما شاء هو
نجد ان القران قد حكي لنا عن امم سابقه وقبلها خلق ادم عليه السلام ولكن ان العلم الحديث نجد انه يعارض القران وخير المثال لذلك ان الله عز وجل اهلك قوم نوح بالطوفان نجد ان اهل العلم يقولون ان الارض لم تغمر بالماء فلنفرض ان ذلك لم يكن هل نكذب القران ونصدق اهل العلم او المنطق وقالوا ان الارض خلقت قبل ملاين السنين وان ادم قبل سته الف سنه وانه قبل ادم كان يوجد بشر والقران قال ان اول مخلوق هو ادم فلنفرض ذلك
هل يمكن ان يحدد العلم ماهي تلك المخلوقات هل هي بشر ام ماذا ؟
ان الاجهزه العلميه وجميع الادوات سواء استعملت في الطب وغيره هي من صنع البشر ولكن من الذي علم البشر وانزل الحديد وسخره وطوعه لتستعمله
هو الله
اذا الذي سخر لك هذا وطوعه وعلمك هل تخفي عليه مثل تلك الامور قالي تعالي {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحديد25
ان علم القران متكامل ان هذا العلم الذي يعتمد علي المنطق نجد انه قاصر لان القران هو اصل العلم ولذلك امر الله ان نطلب المزيد من العلم وقل ربي ذدني علما قال تعالي {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }طه114
لقد تحدثنا من قبل ان علم المنطق انه علم يودي الي الكفر بالقران نجد ان موسي ضرب البحر بالعصا وان هذه العصا وتحولت الي ثعبان والمنطق يقول لا يمكن لان الثعبان دابه حيه من لحم ودم والعصا من الجماد لا يمكن لجماد ان يصير حيه اليس هذا الكفر بعينه
لماذا يعتبر كفر لاننا قسنا القرن بالمنطق
سليمان تحدث مع النمل و الطير والجن وامر الرياح والمنطق يقول لا يمكن لبشر ان يتحدث مع الطير او النمل
ان علم المنطق هو علم قديم وادخل لعالم الاسلامي لتشكك في القران والسنه
ولذلك وجب علينا ان نمرر الايات كما وردت ونؤمن بذلك كل من عند ربنا امنا به سبحانك وما انا من المشركين
ونجد القران الكريم جمع متطلبات الحياة من الناحية العلمية و الدينية ونجد ذلك في اعجازه العلمي الذي اصبح ولا يخفي لعيان نجد ان العلم في كل مرة يتحدث عن امرا الا ونجد ان رسول الله قد اخبر عنه وخير مثال الايدز كما ورد في المسند من رواية عبدالله بن عمر ان رسول الله قال ما ظهرة الفاحشة في قوم اخبروا عنها الا فشة فيهم الوجاع والامراض التي لم تكن في اسلافهم. او كما ورد
وكذلك في الفلك في كل مرة يظهر العلم بامر نجد ان القران قد سبقهم لذلك وذكرها في آيات صريحة و أحاديث نبوية صحيحة لم تكن معروفة للناس قبل نزول الوحي
وهذه الامور عرفت اليوم بعد ان تطور العلم و نستخلص من ذلك ان القران مؤيد لعلم وانه مطابق له وان الايات سوف تكشف كل ما خفيه عن البشر ولكن بعد مرور فترة من الزمن لتثبت ان القران من عند الله وانه صالح لكل زمان
قال تعالي {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }فصلت53
ومن هنا نستخلص ان القران هو مصدر العلم وانه العلم مطابق لقران وان المصدر هو رب العزة وكيف بامرين متفقا علي المصدر كيف يتصادما فالعلم الصحيح لا يعارض القرآن
القرآن كتاب هداية لا يتنافى مع العلم لأن العلم وسيلة من وسائل الهدايه وكلاهما حق الحق مع نفسه لا يتعارض
قال تعالي
وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ )ال عمران
وكم من عالم اسلم بعد ان وصل بالتجربه الي حقيقه علميه ووجدها في القرآن الكريم
اذا لا يجوز أن نقيس القرآن بقضيه علميه صدقت فيها بعض التجارب حتي صارت شى مسلم به ولم تصل إلى حد الحقيقة الثابتة القطعية
وان القران حقيقة قطعيه والتجارب ليس بقطعيه بل قابل لتعديل والظني لا يقاس بالقطعي لان ذلك كامل وهذا ناقص
وقد سبق وان اخبرنا ان الله يهب من العلم لمن يشاء وان الذين وصل لمراحل بعيده في بضع العلوم كتبوا مراجع وبعض الكتب وهي تحمل الصواب والخطاء لانها تجارب ونجد خير مثال بعض الامراض
بعد تجارب عدة استخلص لها علاج وبعد فترة من الزمن نجد العلاج اصبح غير فعال لماذ ؟
وبعد فتره تم تغير العلاج ال نوع اخر من الادويه لان هذا الفيروس او البكتريا او غيرها هي مخلوق من عند الله وانالله قادر علي تدميرها او قادر علي تغير شكلها او قادرعلي تعديل المناعه الخاصه بها قال تعالي حاكيا عن سيدنا ابراهيم {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ }الشعراء80
اذن ان العلم هو العتبه التي تقودنا الي الايمان بالله
قال تعالي
{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }سبأ6
وجب بعد هذا ان نجعل العلم طريق للهداية وإذا كان القران قد أحاط بالعلم وجعلها امور غيبه واشار الي بعض الحقائق العلمية فقد ترك لنا مجال واسع لنتدبر القران ونفكر في الايات ولكن بقلب مؤمن بالله عز وجل وكل ذلك من غير ان نقيس بالعلم الحديث بل ان نقيس العلم علي القران
ان العلم لشرف عظم وهو يوصل الانسان لمعرفة الله عز وجل ولكن لا يمكن لعلم ان يناقض القران فانه يقود التفرقه والتهلكه قال تعالي {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ }الشورى14
وان القياس هنا يعتبر باطل
وان اعتبرنا بان القياس هو المنطق وهو القاعده التي المترتبة عليها الحكم ماذا نقول في قول الله عز وجل {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ }الشعراء182
القسطاس المستقيم أَعدل الـموازين وأَقومُها
{اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ }الشورى 17
اذا ان الامر مقرون بمعرفة الله عز وجل وهذا هو اصل العلم
نسال الله عز وجل ان ينفعنا بما سمعنا وان يسهل امورنا وان يمدنا بالخير ويبعد عنا الشر انه القادر علي ذلك اللهم علمنا ما جهلنا ونور طريقنا بالعلم وعدل امورنا الي الخير اللهم بك امنت وعليك توكلت لا اله الا انت