جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
شريعة الجهاد في الإسلام لا تنسخها المواثيق الدولية
بسم الله الرحمن الرحيم
شريعة الجهاد في الإسلام لا تنسخها المواثيق الدولية الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين: أما بعد؛ فقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن عداوة الكافرين له عز وجل وللمؤمنين، وعن عداوته للكافرين، فقال سبحانه: (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين) وقال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) وقال سبحانه: (ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون) وقال تعالى: (ذلك جزاء أعداء الله النار) وقال عز وجل: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن). وأصل هذه العداوة هي عداوة الشيطان للإنسان منذ استكبر عن السجود لآدم، قال تعالى: (وقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك) وقال سبحانه: (ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين)، وقال تعالى: (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) وقال تعالى: (ألم أعهد إليكم يابني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين) وقال تعالى: (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا) وقال تعالى: (يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور. إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير). فدلت هذه الآيات على أن كل من كفر بالله وأشرك به وكذب رسله فهو عدو لله ولأنبياء الله وأولياء الله، وصاروا بذلك أولياء للشيطان، ومن حزبه؛ فهم يدعون بدعوته، ويقاتلون في سبيله، قال تعالى في المشركين: (أولئك يدعون إلى النار) وقال عن مؤمن آل فرعون: (ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار. تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار) وقال تعالى: (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء) وقال عز وجل: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا) وقال سبحانه: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) وقال تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم). والواقع من سيرة الكفار مع المسلمين في الحاضر والماضي شاهدٌ لما أخبر الله به وهو أصدق القائلين، فلم يزل اليهود والنصارى والمشركون يحاربون الإسلام ويغزون المسلمين الغزو المسلح أو الغزو الفكري. ومن ذلك في الماضي ما جرى من اليهود والمشركين مع النبي صلى الله عليه وسلم وبعده من الحروب ونقض العهود والكيد للإسلام، ثم ما جرى بعد ذلك من حرب النصارى للمسلمين، واستيلائهم على كثير من البلاد الإسلامية وهو ما يعرف بالحروب الصليبية، ثم كان للمسلمين دولة على يد صلاح الدين، فأعز الله المسلمين وأذل الكافرين. ثم عاد النصارى لاحتلال بلاد المسلمين بما يسمونه هم الاستعمار، واستذلوا المسلمين، وانتهبوا ثروات بلادهم، وعملوا على إبعادهم عن دينهم، وتغريبهم في أخلاقهم، واتخذوا المرأة أهم أداة لتحقيق أهدافهم، وذلك بإخراجها عن بيتها، وتمردها على آداب دينها، مع نشر أوكار الفجور في البلاد الإسلامية من دور السينما وبيوت البغا وحوانيت الخمر، إلى غير ذلك من خططهم في إفساد أخلاق المسلمين، وطمس هويتهم. ثم رحلوا وما رحلوا، فقد خلَّفوا في أكثر بلدان المسلمين من ينوب عنهم، ويدين بالولاء لهم، وينفذ خططهم، ويتخذهم قدوة في سياسة بلاده، ويخضع لمطالبهم، وتحقيق أطماعهم. ثم في هذا العصر الحاضر اشتد البلاء على المسلمين من أعدائهم الكفار، وعظمت مصيبة المسلمين بهم، وذلك بسبب المكيدة الكبرى التي صنعوها، وهي هيئة الأمم المتحدة، وقانونها الذي يسمونه الشرعية الدولية، ويخضعون به كل من خرج عليه، وامتنع من تنفيذ بعض مقرراته الطاغوتية، ذلك القانون الذي وضعه رؤوس الكفر، وهم المتحكمون فيه، واستذلوا كل من دخل في ربقة هذا القانون، وكان عضوا في الهيئة، ممن ليس على دينهم، ففرضوا عليهم قراراتهم ومقرراتهم، واتخذوا من ذلك ذريعة إلى التدخل في شؤون سائر الدول الضعيفة، وأنشؤوا منظمات وهيئات تتابع تطبيق تلك القرارات، ومن وقاحتهم أن خصوا حق النقض بالدول الخمس الكبرى، كما يسمونها. ومن مكرهم الكُبَّار الدعوة إلى التعايش بين جميع الشعوب، ومنع الحروب، وهو ما يسمونه السلام العالمي، وهذا ما يطالبون به غيرهم، وهم أول من ينقضه بالحروب التي يشعلونها في البلاد الإسلامية، وغزوهم بدعوى الإصلاح ورفع الظلم، مع أن من أعظم غاياتهم في قانون السلام العالمي تركَ المسلمين لجهادهم الذي فرضه الله، وجعله ذروة سنام الإسلام، وعنوانا لعز المسلمين. وإمعانا في هذا المكر أقاموا جمعيات ومؤسسات ومؤتمرات للحوار والصداقة والتقريب بين الإسلام والنصرانية، بل وسائر الأديان، وانخدع بذلك كثير من المسلمين، وأوجب ذلك لهم التراجع وإعادة النظر في عقيدة البراء من المشركين. ومما تعظم به البلوى أن بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة إلى الله قد وقع في هذا التراجع، ودعا إلى التعايش مع الكفار، ونبذ الكراهة والعداوة لهم، وصار يثير الشبهات في وجه من يحذر من الكافرين، ويدعو إلى البراءة منهم ومعاداتهم، ويذكر عداوتهم للمسلمين ومن أعظم ما يفضح دول الكفر وعلى رأسها أمريكا، ويظهر كذبهم فيما يدَّعونه ويدعون المسلمين إليه من التعايش موقفهم من دولة اليهود، فهم الذين غرسوها شوكة في قلب بلاد المسلمين، وساندوها وأمدوها، وسمحوا لها بامتلاك سلاح نووي، دون دول المنطقة وغيرها من الدول الإسلامية، وهي ــ أي دولة اليهود ــ مع ذلك تضرب بقرارات هيئة الأمم عرض الحائط، لعلمها أنها في مأمن، وأن تلك القرارات أشبه بذر الرماد في العيون، كما يقال، للضحك على العرب. هذا على أن قضية فلسطين عربية عند القوميين، وهي عند المسلمين إسلامية. ومن المخزي ومن الذلة بمكان أن القيادات الفلسطينينة وغيرهم من العرب يعترفون لأمريكا بأنها راعية القضية الفلسطينية، وهي العدو على الحقيقة، والتي لا يهمها إلا دولة اليهود، لذلك لا توافق على أي قرار يدين اليهود، فإما أن تعارضه أو لا تصوت له. ومن مظاهر هذا الخزي والذلة الترددُ على أمريكا في شأن القضية، ورفع الشكاوى إلى مجلس الأمن عندما يكون من اليهود اعتداء أو توسع في الاحتلال، وما مَثَل من يشكو إلى أمريكا أو مجلس الأمن إلا كمن يشكو جنود الظالم إلى الظالم نفسه، وقُطَّاعَ الطريق إلى رئيسهم. وأصل هذا الذل والرضا بالتبعية هو إضاعةُ أمر الله، وتركُ تحكيم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتحكيمُ القوانين الوضعية، وإقرارُ الشرك والبدع والمنكرات العظيمة في أكثر البلدان الإسلامية، والإقبالُ على اللهو بأنواعه، فلا طمعَ في النصر والعزة مع هذه الحال، فإن الله إنما ضمن العزة والنصر للمؤمنين، قال تعالى: (وكان حقا علينا نصر المؤمنين)، وقال سبحانه: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) وقال عز وجل: (من كان يريد العزة فإن العزة لله جميعا)، وعلى هذا فلن يخلص المسجد الأقصى من سلطان اليهود إلا قوم قادمون تتوافر فيهم مقومات النصر؛ من الإيمان بالله وتحكيم شرعه وإقامة دينه، فأولئك جند الله، قال تعالى: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين. إنهم لهم المنصورون. وإن جندنا لهم الغالبون). كما لم يخلصه في الماضي من أيدي النصارى إلا المسلمون بقيادة السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، في يوم الفتح المبين على المسلمين في سنة (583هـ) بعد اثنتين وتسعين سنة من استيلاء عباد الصليب عليه. ومنذ ذلك التاريخ وقلوب النصارى تغلي بالحقد والعداء للمسلمين فلم يزالوا يكيدون للمسلمين بأنواع الكيد الظاهر والخفي، ثم صارت لهم دولة، فعادوا لاحتلال بلاد المسلمين، وتعاونوا وتقاسموا ما وقع في أيديهم من بلدان المسلمين، وكان من أعظم مكايد الدول النصرانية إقامة دولة اليهود تنفيذا لوعد بلفور، فلم تزل هذه الدولة الملعونة موضع عناية الدول النصرانية وحمايتها. ومع ما يظهره العرب من الاستنكار لاحتلال اليهود فإن دول الطوق قد أُخذت عليها العهود في حمايتها لليهود. وبعد؛ فهل بعد بيان الله لعداوة الكافرين للمؤمنين، ثم شهادة الواقع بعداوتهم وعدوانهم في الحاضر والماضي، هل مع هذا يقوم منا من يدعونا إلى التعايش معهم، ونبذ الكراهة الدينية، وعدم التصريح بإطلاق اسم الكفر عليهم، وهم الكافرون حقًّا؟! ومعلوم أن الشرع والعقل يوجبان بغضهم ومعاداتهم لكفرهم وعدوانهم. وإنا لنبرأ من هذه الدعوة دعوة التعايش مع الكفار، التي تقوم على موالاة الكافرين، وترك بغضهم، ونقول لجميع الكافرين أسوة بإبراهيم عليه السلام: (إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده). ومما يهدم دعوة التعايش ــ إضافة إلى ما سبق ــ التصرفاتُ العدائية المفضوحة من الكفار، ومن آخرها: 1. ما نشرته بعض الصحف الدنماركية من رسوم مشوَّهة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله إلى جميع الناس، وإقرار دولة الدنمارك لهذا التصرف، فلم تتخذ لمعاقبة هذا المجرم الذي لم يحترم مشاعر المسلمين ما يردعه وينفي التواطؤ معه، ولوعُمِل مثل هذه الرسوم لأحد حكام الدول لما أقر على ذلك خشية من قطع العلاقات المؤدية إلى تفويت المصالح. 2. ومما يدل على التضامن بين الكفار على العداء للإسلام والمسلمين ما قامت به المستشارة الألمانية انغيلا ميركل من تكريم الرسام الدنماركي المجرم كورت فيسترغارد، على "التزامه الراسخ بحرية الصحافة والرأي، وشجاعته في الدفاع عن القيم الديموقراطية، على رغم التهديدات بأعمال العنف والموت" كما جاء في موقع العربية الشبكي في29 رمضان 1431هـ. 3. ما دعا إليه الأسقف تيري جونز من كنيسته في فلوريدا في أمريكا من حرق المصحف على الملأ في الذكرى التاسعة للحادي عشر من سبتمبر، وإن أعلن تراجعه تحت ضغط السياسة. فالعداوة للمصحف ومن جاء به ومن يؤمن به متحققة عند الجميع من هذه الأمم الكافرة، ولكن الاختلاف في طريقة التعبير عن هذه العداوة، والجهر بها والإخفاء. وتقدير ما يترتب على مثل هذه العداوة. وفي أثناء كتابة هذا المقال بلغني كلام للدكتور سلمان بن فهد العودة هداه الله في إحدى القنوات الفضائية، حول الجهاد في الإسلام، ومن المعاني الباطلة التي تضمنها كلامه: 1. ما سماه مصطلح جهاد الدفع والطلب، وأنه مصطلح حادث، وهو يقرر جهاد الدفع، ولكنه لا يقرر جهاد الطلب، الذي هو جهاد الكفار ابتداء، ولا يخفى مناقضة ذلك لمثل قوله تعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله) الحديث، وقوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون). فهل يستطيع الدكتور أن يدعي أن هذه النصوص في جهاد الدفع؟! ومعلوم أن هذا النوع من الجهاد هو الذي اتخذ منه أعداء الإسلام من المستشرقين وغيرهم مطعنا على الإسلام، فصار بعض الجهال أو المصانعين للكفار من المدافعين عن الإسلام يحصرون غاية الجهاد في الإسلام في الدفاع، لأن دفع المعتدي لا ينكره أحد. 2. زعمه أن القتال والحروب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كانت حين لم تكن هناك اتفاقيات دولية، حيث قال: "الجهاد في عهد النبي عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين من المعلوم أنه لم يكن هناك أي اتفاقيات قائمة بين الدول، كانت القصة قائمة على أن القوي يغلب الضعيف ويستولي عليه". ومعنى هذا أنه لا مجال للحروب في هذا العصر مع الاتفاقيات والعهود الدولية، وعبَّر عن ذلك بقوله: "لكن إذا وجد وضع، يعني فيه استقرار، وفيه أمن، وفيه عهود، وفيه مواثيق صحيحة ويحترمها الناس، الإسلام سيكون مؤيدا ومباركا لهذا"، وحقيقة هذا الكلام أن الاتفاقيات الدولية التي وضعها الكفار ضمن قانون هيئة الأمم، وهو يحرم العدوان، زعموا، والجهاد في معيارهم من العدوان، وهذا القائل يزعم أن الإسلام يرحب بما تقضي به هذه الاتفاقيات والمعاهدات، وهذا من الافتراء على الإسلام، فإن هذا الزعم يقتضي تعطيل الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، نزولا على حكم قانون هيئة الأمم، أوَ ليس هذا هو معنى النسخ؟ فإن الإسلام يفرض الجهاد، والاتفاقيات الدولية تحرم الجهاد على المسلمين! سبحانك هذا بهتان عظيم. 3. ومثل هذا قوله في الاسترقاق، وهو من فروع الجهاد في سبيل الله، وهو من حق المجاهدين كالغنائم، وللرقيق أحكام في أكثر أبواب الفقه الإسلامي، وحكم الاسترقاق من الأحكام القطعية، فمن يحرمه فقد خالف الكتاب والسنة والإجماع، وقانون هيئة الأمم يحرمه، وهذا الداعية يزعم في اعتقاده أن الإسلام يرحب ــ أي يوافق ــ على ما يقضي به قانون هيئة الأمم من تحريم الاسترقاق، وهذا اعتقاد خاطئ على الإسلام كسابقه، قال: "إذا وجد حالة مثل ما حصل الآن حالة تحرير الأرقاء وإلغاء هذا المعنى (الاسترقاق) فأنا اعتقد أن الإسلام يرحب بهذا المبدأ ويستجيب له، لأنه يتناسب الروح والقيمة الإيمانية". فليتق الله من يقول هذا القول، وليراجع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما مضى عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وعليه أن يتوب إلى الله من هذا الأقوال الباطلة التي يفرح بها أعداء الإسلام، ويكبرون قائلها. وليعلم كل أحد مسلما كان أو كافرا أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة لا يبطله جور جائر، ولا تنسخه الاتفاقيات الدولية، قال تعالى: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد). ويشبه كلام الدكتور سلمان العودة هداه الله ما فاه به بعض المبهورين المنهزمين نفسيا وفكريا في جريدة الجزيرة في عددها 13900 الصادر في 11/11/1431هـ ، وهو أن الجهاد الذي شرعه الله للمسلين، وجعله ذروة سنام الإسلام محرم على المسلمين دوليا، ومعنى ذلك أن المواثيق والاتفاقيات الدولية تنسخ أحكام الشريعة الخالدة، ويزعم هذا المهزوم أنه ينبغي للتربويين أن يرسخوا هذا المعنى في نفوس الطلاب إذا كان لا بد من تدريسهم عن الجهاد في الإسلام، وعبارته تشعر بأنه لا داعي لتدريسهم ذلك أصلا، وإليك نص ما قال: "والسؤال الذي بودي أن يجيب عليه التربويون: لماذا لا نشرح لطلابنا في المرحلة المتوسطة والثانوية إذا كان لا بد من أن نحدثهم عن الجهاد أن واقع السلاح، والقوة والضعف، والمواثيق والاتفاقيات الدولية، جعل الأمر يختلف عن ذي قبل؛ فالغزو - مثلاً - أصبح (محرماً) دولياً حسب اتفاقيات الأمم المتحدة"انتهى. ومن المقررات في الإسلام أن الجهاد باق إلى يوم القيامة، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل. وهذا الجاهل هداه الله غفل أو تغافل عن أن الذين حرموا الغزو هم أول من نقض المواثيق والاتفاقيات لكن من منطلق لغة القوة. وبهذه المناسبة ينبغي أن يعلم أن العهود في الإسلام مع الكفار من حيث التوقيت ثلاثة أنواع: 1. عهد مؤقت بمدة، فيجب على المسلمين الوفاء به بإتمامه إلى مدته، قال تعالى: (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين)، ومن نوع العهد المؤقت ما يعطى للمستأمِن، كالذي قال الله فيه: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمه كلام الله ثم أبلغه مأمنه). ويدخل في ذلك الرسل من الكفار، ومن يؤذن له من التجار 2. عهد مطلق لم يقيد بمدة، فهو غير مؤقت ولا مؤبد، فهذا لا يجوز للمسلمين نقضه إلا بعد نبذ العهد إليهم، قال تعالى: (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين)، وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة ولا يشدها حتى ينقضي أمدها, أو ينبذ إليهم على سواء) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وصححه ابن حبان، وقال الترمذي: حسن صحيح. 3. عهد مؤبد لا يجوز للمسلمين نقضه، وهو ما يعطى للكفار في مقابل بذلهم الجزية، قال تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأمير الجيش أو السرية: (إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال؛ ادعهم إلى الإسلام، فإن هم أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن أبوا فاسألهم الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم)، وأصحاب هذا العهد هم الذين يقال لهم عند المسلمين: أهل الذمة، والواحد ذمي، فهذا العهد لا ينتقض إلا إذا أخلَّ الكفار بشروطه. وبهذا يعلم أن العهود بين الدول الإسلامية والكفار في هذا العصر قد وضع شروطها واضع قانون هيئة الأمم، وهي عندهم مؤبدة، فلا تكون جارية على العهود التي جاء بها الإسلام. نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يجمع كلمتهم على الحق، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أملاه عبد الرحمن بن ناصر البراك الأستاذ (سابقا) في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في 21 ذي الحجة 1431هـ |
أدوات الموضوع | |
|
|