![]() |
#1
|
|||
|
|||
![]()
قال أحدهم ذات مرة: إن نصف المال الذي أنفقه في الدعاية خسره، ولكنه لم يذكر أي نصف، وأنه مستمر في دفع المبلغ كاملا في هذا الأمر، طالما لم يعرف بالضبط النصف الذي خسره، لأنه لابد من خسارة.
إنه يقصد أن الحياة هي أشبه ما تكون بالتجارة؛ أحيانا تبذل مجهودات كبرى، ولا تحصل إلا على نتائج ضعيفة، وأحيانا أخرى تأتي النتائج المبهرة إلى عندك، وتغدق عليك الحياة بسخاء منقطع النظير، أحيانا تعامل الناس بمنتهى اللطف و اللباقة، فيعاملونك بمنتهى القسوة والغلظة، تعمل الخير والمعروف، فتقابل بالإساءة و الشر. أعلم هذا !! واصل كل ما تفعله بالكمال والتمام !! عمل شاق على النفس أليس كذلك..؟ حسنا ما الذي تريد فعله..؟ مقابلة الإساءة بالإساءة ؟ و رد الصاع صاعين؟ ما الفائدة إذن؟ ما الجديد الذي جئت به؟ ما التميز الذي صنعته؟ ما الإضافة التي أتيت بها؟ فأفضل الأعمال؛ أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، كما يقول الرسول الكريم، وفي التنزيل الحكيم:"ادفع بالتي هي أحسن السيئة"... إن الحياة تبدو غير منصفة، وغير منطقية في أحايين كثيرة، لكنها تجازي الجزاء الأوفى في الكثير من المرات أيضا، ربما نحن لا ننتبه لذلك، أو نعتبر أن ذلك أمرا عاديا وطبيعيا، أوهو الذي يجب أن يكون، أي أننا ربما ننظر إليه باعتباره حقا لنا، ولذلك لا نذكر إلا السيء و الأسوأ من الحياة، وننسى ما عدا ذلك. ثم إننا نميل إلى الاعتقاد أن الحظ حالفنا عندما ننال شيئا غير متوقع، أو نحصل على نتائج أكثر مما بذلناه من جهد، أو حين نجد البعض يعاملنا، أو يعامل أسرنا بلطف ورقة واحترام، وحقيقة الأمر أن ذلك ما هو إلا جزاء لما بذلناه من جهود في السابق، لكننا نسيناها لظننا أنها ذهبت سدى. إن واحدا من أهم ألغاز الحياة أنها لا تكافئ على العمل بطريقة مباشرة، بل تنسئ في الأجل، حتى يحسب المرء أنه جهوده باءت بالفشل، و أن كل ما بذله ذهب أدراج الرياح، وأن لا خير في الناس بقي، فإذا بالفرج يأتي من حيث لا يدري، وإذا به يرزق من حيث لا يحتسب"حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين". إن الحياة لا تمنحك حتى تمتحنك، ولا تعطيك حتى تمحصك، وكما يقول أحدهم: إذا وجدت طريقا سهلا فاعلم أنه لا يؤدي إلى شيء ذي بال، وفي القرآن الكريم "فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة"، فكيف والطريق ناح فيه نوح، و رمي في النار الخليل إبرهيم، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن عدد سنين، ونشر بالمنشار زكرياء، وعالج الفقر وأنواع الأذى الرسول الاكرم. حقيقة نحن لا نعلم بالضبط الجهد الذي كوفئنا بسببه، فقد يكون جهدا بسيطا أو ربما تافها، ففي الحديث: اتقوا النار ولو بشق تمرة، و لو بكلمة طيبة، ولو بأن تميط الأذى عن الطريق، وحتى إن لم تجد ما تفعله، كف أذاك عن الخلق، وإن امرأة دخلت الجنة في كلب سقته، ودخل رجل الجنة بسبب شوك أزاله من طريق المسلمين. قانون الحياة يقول: استمر في فعل الخير، مهما تعرضت للأذى، مهما أحسست بالظلم و عدم التقدير، مهما كانت النتائج غير مرضية، طالما أنك تحسن التصرف، فلا تخش شيئا، ولاتحزن على مافات"إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|