جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
القبور المعروفة وغير المعروفة للأنبياء وغيرهم
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين و على اله الطيبين و صحابته اجمعين . اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب و الحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و على جميع الصحابة و امهات المؤمنين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. القبور المعروفة وغير المعروفة للأنبياء وغيرهم د.محمد بن عبد الله الهبدان ( [1] ) : قبل الخوض في هذا الموضوع لابد أن نشير إشارات سريعة فنقول وبالله التوفيق .... أولاً : (معرفة قبور الأنبياء بأعيانها ليس فيها فائدة شرعية ، وليس حفظ ذلك من الدين ، ولو كان من الدين لحفظه الله كما حفظ سائر الدين ) ثانياً : ( عامة من يبحث عن أماكن هذه القبور إنما يبحث عنها لقصد الصلاة عندها ، والدعاء بها ، ونحو ذلك من البدع المنهي عنها ) ثالثاً : (.. من كان مقصوده الصلاة والسلام على الأنبياء والإيمان بهم وإحياء ذكرهم فذاك ممكن له وإن لم يعرف قبورهم ـ صلوات الله عليهم ـ )([2]) رابعاً :وأما كيفية معرفة أماكن القبور فـ (غالب ما يستند إليه الواحد من هؤلاء : 1 ـ أن يدعي أنه رأى مناماً ... 2 ـ أو أنه وجد بذلك القبر علامة تدل على صلاح ساكنه إما رائحة طيبة ، وإما توهم خرق عادة ونحو ذلك .. 3 ـ وإما حكاية عن بعض الناس أنه كان يعظم ذلك القبر . فأما المنامات فكثير منها ، بل أكثرها كذب ..فرائي المنام غالباً ما يكون كاذباً ، وبتقدير صدقه فقد يكون الذي أخبره بذلك شيطان . والرؤيا المحضة التي لا دليل يدل على صحتها لا يجوز أن يثبت بها شيء بالاتفاق ، فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( الرؤيا ثلاثة : رؤيا من الله ورؤيا مما يحدث به المرء نفسه ، ورؤيا من الشيطان )([3]) فإذا كان جنس الرؤيا تحته أنواع ثلاثة ، فلابد من تمييز كل نوع منها عن نوع . ومن الناس ـ حتى من الشيوخ الذي لهم ظاهر علم وزهد ـ من يجعل مستنده في مثل ذلك : حكاية يحكيها عن مجهول …( وهكذا كل ما ينقلونه من هذا الباب ينقلون سيراً أو حكايات وأحاديث ، إذا ما طالبتهم بإسنادها لم يحيلوك على رجل معروف بالصدق ، بل حسب أحدهم أن يكون سمع ذلك من آخر مثله ، أو قرأه في كتاب ليس فيه إسناد معروف وإن سموا أحداً كان من المشهورين بالكذب والبهتان ، لا يتصور قط أن ينقلوا شيئا مما لا يعرف عند علماء السنة إلا وهو عن مجهول لا يعرف ، أو عن معروف بالكذب )([4]) وأما ما يذكر من وجود رائحة طيبة ، أو خرق عادة أو نحو ذلك مما يتعلق بالقبر ، فهذا لا يدل على تعينه ، وأنه فلان أو فلان ، بل غايةما يدل عليه ـ إذا ثبت ـ أنه دليل على صلاح المقبور ، وأنه كان قبر رجل صالح أو نبي . وقد تكون تلك الرائحة مما صنعه بعض السوقة ، فإن هذا مما يفعله طائفة من هؤلاء كما حدثني بعض أصحابنا أنه ظهر بشاطئ الفرات رجلان . وكان أحدهما قد اتخذ قبرا تجبى إليه أموال ممن يزوره وينذر له من الضلال ، فعمد الآخر إلى قبر وزعم أنه رأى في المنام أنه قبر عبدالرحمن بن عوف ، وجعل فيه من أنواع الطيب ما ظهرت له رائحة عظيمة([5]) . خامساً : (من هذه القبور ما قد يتيقن ؛ لكن لا يترتب على ذلك شيء من هذه الأحكام المبتدعة ، ولهذا كان السلف يسدون هذا الباب ؛ فإن المسلمين لما فتحوا تستر ، وجدوا هناك سرير ميت باق ذكروا أنه " دانيال " ووجدوا عنده كتابا فيه ذكر الحوادث ، وكان أهل تلك الناحية يستسقون به فكتب في ذلك أبو موسى الأشعري إلى عمر ، فكتب إليه أن يحفر بالنهار ثلاثة عشر قبراً ، ثم يدفن بالليل في واحد منها ويعفى قبره ؛ لئلا يفتتن الناس به ..([6]) سادساً : ( لم تدع الصحابة في الإسلام قبراً ظاهراً من قبور الأنبياء يفتتن به الناس ؛ ولا يسافرون إليه ولا يدعونه ، ولا يتخذونه مسجداً ؛ بل قبر نبينا عليه الصلاة و السلام حجبوه في الحجرة ، ومنعوا الناس منه بحسب الإمكان ، وغيره من القبور عفوه بحسب الإمكان ؛ إن كان الناس يفتتنون به ، وإن كانوا لا يفتتنون به فلا يضر معرفة قبره..)([7]) سابعاً :أن غالب هذه القبور المنسوبة إلى الأنبياء أو غيرهم مكذوبة وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن طائفة من العلماء . منهم مالك قال ليس في الدنيا قبر نبي يعرف إلا قبر نبينا r .([8]) ومنهم عبدالعزيز الكناني قال : كل هذه القبور المضافة إلى الأنبياء ، لا يصح شيء منها إلا قبر النبي عليه الصلاة و السلام ، وقد أثبت غيره أيضا قبر الخليل عليه السلام([9]) ويقول أيضا : وأما قبور الأنبياء فالذي اتفق عليه العلماء هو قبر النبي عليه الصلاة و السلام فإن قبره منقول بالتواتر ، وكذلك قبر صاحبيه ..)([10]) وقال العلامة الشيخ محمد الجزري : ( لا يصح تعيين قبر نبي غير نبينا عليه السلام ، نعم سيدنا إبراهيم عليه السلام في تلك القرية لا بخصوص تلك البقعة )([11]) ثامناً : أما من ناحية أماكن القبور فسيقتصر البحث على جمع ما هو موجود في كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى وقد حان البدء في الموضوع والشروع فيه فنقول وبالله التوفيق : يتبع بإذن الرحمن
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين. |
#2
|
||||
|
||||
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين و على اله الطيبين و صحابته اجمعين . اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب و الحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و على جميع الصحابة و امهات المؤمنين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ـ ( قد اتفق العلماء على قبر النبي عليه الصلاة و السلام ، فإن قبره منقول بالتواتر ، ـ وكذلك قبر صاحبيه .)([12]) ـ وأما قبر الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقد اختلف الناس فيه : فالجمهور على أن هذا المكان المعروف ـ في قرية الخليل([13] )ـ هو قبره ودلائل ذلك كثيرة ، وكذلك هو عند أهل الكتاب ورجح شيخ الإسلام هذا . وأنكر ذلك طائفة ، وحكي الإنكار عن مالك وأنه قال ليس في الدنيا قبر نبي يعرف إلا قبر نبينا r .([14]) ـ وأما قبر يونس وإلياس وشعيب و زكريا فلا يعرف .([15] ) ـ وأما القبر المضاف إلى هود عليه السلام بجامع دمشق كذب باتفاق أهل العلم ؛ فإن هودا لم يجيء إلى الشام ؛ بل بعث باليمن ، وهاجر إلى مكة فقيل إنه مات باليمن ، وقيل إنه مات بمكة([16] ) ـ وأما قبر نوح عليه السلام المشهور أنه في سفح جبل بالكرك فهو باطل محال ، لم يقل أحد ممن له علم ومعرفة أن هذا قبر نوح ، ولا قبر أحد من الأنبياء أو الصالحين ولا كان لهذا القبر ذكر ولا خبر أصلاً ؛ بل كان ذلك المكان حاكورة يزرع فيها ، ويكون بها الحاكة إلى مدة قريبة ، رأوا هناك قبراً فيه عظم كبير ، وشموا فيه رائحة ،فظن الجهلاء أنه لأجل تلك الرائحة يكون قبر نبي ، وقالوا من كان من الأنبياء كبيراً ؟ فقالوا : نوح ، فقالوا : هو قبر نوح ، وبنوا عليه في دولة الرافضة الذين كانوا مع الناصر صاحب حلب ذلك القبر ، وزيد بعد ذلك في دولة الظاهر ، فصار وثنا يشرك به الجاهلون ، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء "([17] ) فلو كان قبر نبي لم يتجرد العظم . وقد حدثني من ثقات أهل المكان عن آبائهم من ذكر : أنهم رأوا تلك العظام الكبيرة فيه وشاهدوه قبل ذلك مكانا للزرع والحياكة . وحدثني من الثقات من شاهد في المقابر القريبة منه رؤوسا عظيمة جدا تناسب تلك العظام ، فعلم أن هذا وأمثاله من عظام العمالقة الذين كانوا في الزمن القديم أو نحوهم([18]) ـ قبر موسى عليه الصلاة والسلام : روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه فقال أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت فرد الله عليه عينه وقال ارجع فقل له يضع يده على متن ثور فله بكل ما غطت به يده بكل شعرة سنة قال أي رب ثم ماذا قال ثم الموت قال فالآن فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر قال قال رسول الله عليه الصلاة و السلام فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر "([19] ) وقبره لا يعلم مكانه بالتحديد . ـ قبر يوسف عليه السلام : لا يعرف ، ولكن أظهر ذلك بعد أكثر من ثلاثمائة سنة من الهجرة ، ولهذا وقع فيه نزاع ، فكثير من أهل العلم ينكره ، ونقل ذلك عن مالك وغيره ، لأن الصحابة لم يكونوا يزورونه فيعرف.([20] ) ـ قبر يحي بن زكريا عليه السلام : يقال إنه بدمشق ( عند المثال الخشب الذي تحته رأس يحي بن زكريا ..)([21] ) ـ قبر أبي بن كعب رضي الله عنه: يقال إنه بالجانب الشرقي،وقد اتفق أهل العلم على أن أبياً لم يقدم دمشق،وإنما مات بالمدينة،فكان بعض الناس يقول إنه قبر نصراني،وهذا غير مستبعد فإن اليهود والنصارى هم السابقون في تعظيم القبور والمشاهد ..([22] ) ـ قبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه : المعروف عند أهل العلم أن علياً دفن بقصر الإمارة بالكوفة([23])، وأما (ما يسمى بمشهد علي ، عامة العلماء على أنه ليس بقبره ؛ بل قد قيل إنه قبر المغيرة بن شعبة ، وذلك أنه إنما أظهر بعد نحو ثلاثمائة سنة من موت علي في إمارة بني بوية ، وذكروا أن أصل ذلك حكاية بلغتهم عن الرشيد أنه أتى إلى ذلك المكان وجعل يعتذر إلى من فيه مما جرى بينه وبين ذرية علي ، وبمثل هذه الحكاية لا يقوم شيء ، فالرشيد أيضا لا علم له بذلك ، ولعل هذه الحكاية إن صحت عنه فقد قيل له ذلك كما قيل لغيره ،وجمهور أهل المعرفة يقولون إن علياً إنما دفن في قصر الإمارة بالكوفة أو قريبا منه وهكذا هو السنة ؛ فإن حمل ميت من الكوفة إلى مكان بعيد ليس فيه فضيلة أمر غير ذلك ، ولا يظن أيضا أن ذلك خفي على أهل بيته وللمسلمين ثلاثمائة سنة حتى أظهره قوم من الأعاجم الجهال ذوي الأهواء([24] ) ـ قبر معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه : دفن معاوية بقصر الإمارة من الشام([25]) و قيل إنه بظاهر دمشق وقيل إنه ليس قبر معاوية ، وأن قبره بحائط مسجد دمشق الذي يقال إنه قبر هود([26] ) ـ قبر خالد بن الوليد رضي الله عنه : يقال إنه بحمص مشكوك فيه([27]) ويقال إنه قبر خالد بن يزيد بن معاوية أخو معاوية هذا ؛ ولكن لما اشتهر أنه خالد والمشهور عند العامة خالد ابن الوليد ظنوا أنه خالد بن الوليد وقد اختلف في ذلك هل هو قبره أو قبر خالد بن يزيد ، وذكر أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب أن خالد بن الوليد توفي بحمص وقيل بالمدينة سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر بن الخطاب وأوصى إلى عمر والله أعلم .([28] ) ـ قبر أبي مسلم الخولاني رضي الله عنه : يقال إنه بداريا مشكوك فيه([29] ) ـ قبر أويس القرني : يقال إنه بدمشق وهذا كذب باتفاق أهل العلم([30] ) ـ قبر بلال رضي الله عنه : فقد دفن بباب الصغير بدمشق فيعلم أنه دفن هناك ، وأما القطع بتعيين قبره ففيه نظر ؛ فإنه يقال : إن تلك القبور حرثت([31] ) ـ قبر فاطمة رضي الله عنها : بالمدينة لكن لا يعلم مكان قبرها([32] ) ـ مشهد جابر بن عبدالله رضي الله عنه :بحران كذب مختلق([33]) والناس متفقون على أن جابرا توفي بالمدينة النبوية ، وهو آخر من مات من الصحابة بها([34] ). ـ مشهد عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه : بالجزيرة أيضا كذب مختلق([35] ). ـ مشهد عبدالله بن عمر رضي الله عنه : بالجزيرة أيضا كذب مختلق([36]) والناس متفقون على أن عبدالله بن عمر مات بمكة عام قتل ابن الزبير وأوصى أن يدفن بالحل لكونه من المهاجرين ، فشق ذلك عليهم فدفنوه بأعلى مكة([37] ). ـ قبر أم كلثوم و رقية : قيل أنهما بالشام ، وقد اتفق الناس على أنهما ماتتا في حياة النبي عليه الصلاة و السلام بالمدينة تحت عثمان([38] ) ـ قبر علي بن الحسين رضي الله عنه : قيل إنه بمصر وهو كذب قطعاً ، فإن علي بن الحسين توفي بالمدينة بإجماع الناس ، ودفن بالبقيع([39] ). ـ قبر الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أو ما يسمى بمشهد الحسين: أما عن بدن الحسين ( فبكربلاء بالاتفاق ، قال أبو العباس : وقد حدثني الثقات ـ طائفة عن ابن دقيق العيد ، وطائفة عن أبي محمد عبدالمؤمن بن خلف الدمياطي ، وطائفة عن أبي بكر محمد بن أحمد بن القسطلاني وطائفة عن أبي عبدالله القرطبي صاحب التفسير كل هؤلاء حدثني عمن حدثه من هؤلاء ـ أنه كان ينكر أمر هذا المشهد ، ويقول إنه كذب ، وأنه ليس فيه قبر الحسين ولا شيء منه ، والذين حدثوني عن ابن القسطلاني ذكروا عنه أنه قال إنما فيه نصراني )([40]). وأما عن رأس الحسين: قيل إنه بعسقلان و ( نحن نعلم ونجزم بأنه ليس فيه رأس الحسين ، ولا كان ذلك المشهد العسقلاني مشهدا للحسين من وجوه متعددة : منها : أنه لو كان رأس الحسين هناك لم يتأخر كشفه وإظهاره إلى ما بعد مقتل الحسين بأكثر من أربعمائة سنة … الوجه الثاني : أن الذين جمعوا أخبار الحسين ومقتله ، مثل أبي بكر بن أبي الدنيا ، وأبي القاسم البغوي وغيرهما لم يذكر أحد منهم أن الرأس حمل إلى عسقلان ولا إلى القاهرة .وقد ذكر نحو ذلك أبو الخطاب بن دحية في كتابه الملقب بـ" العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور " ذكر أن الذين صنفوا في مقتل الحسين أجمعوا أن الرأس لم يغترب وذكر أن المشهد الذي بالقاهرة كذب مختلق وأنه لا أصل له .. الوجه الثالث : أن الذي ذكره من يعتمد عليه من العلماء والمؤرخين أن الرأس حمل إلى المدينة ، ودفن عند أخيه الحسن …فإذا كان المعتمد عليهم يذكرون أن رأس الحسين دفن بالمدينة وقد ذكر غيرهم أنه إما أن يكون قد عاد إلى البدن ، فدفن معه بكربلاء وإما أنه دفن بحلب أو بدمشق أو نحو ذلك من الأقوال التي لا أصل لها ، ولم يذكر أحد ممن يعتمد عليه أنه بعسقلان ، علم أن ذلك باطل ، إذ يمتنع أن يكون أهل العلم والصدق على الباطل ، وأهل الجهل والكذب على الحق في الأمور النقلية التي إنما تؤخذ عن أهل العلم والصدق لا عن أهل الجهل والكذب. الوجه الرابع : أن الذي ثبت في صحيح البخاري([41]) : " أن الرأس حمل إلى قدام عبيدالله بن زياد ، وجعل ينكت بالقضيب على ثناياه بحضرة أنس بن مالك " وفي المسند : " أن ذلك كان بحضرة أبي برزة الأسلمي "([42] ) ولكن بعض الناس روى بإسناد منقطع " أن هذا النكت كان بحضرة يزيد بن معاوية " وهذا باطل ، فإن أبا برزة ، وأنس بن مالك كانا بالعراق ، لم يكونا بالشام ، ويزيد بن معاوية كان بالشام لم يكن بالعراق حين مقتل الحسين ، فمن نقل أنه نكت بالقضيب ثناياه حضرة أنس وأبي برزة قدام يزيد فهو كاذب قطعا كذبا معلوما بالنقل المتواتر .. والمقصود هنا أن نقل رأس الحسين إلى الشام لا أصل له في زمن يزيد فكيف بنقله بعد زمن يزيد ؟ وإنما الثابت هو نقله من كربلاء إلى أمير العراق عبيدالله بن زياد ، والذي ذكر العلماء أنه دفن بالمدينة. الوجه الخامس([43] ) : أنه لو قدر أنه حمل إلى يزيد ، فأي غرض كان لهم في دفنه بعسقلان ، وكانت إذ ذاك ثغراً يقيم به المرابطون ؟ فإن كان قصدهم تعفية خبره فمثل عسقلان تظهره لكثرة من ينـتابها للرباط ، وإن كان قصدهم بركة البقعة فكيف يقصد هذا من يقال إنه عدو له مستحل لدمه ساع في قتله ؟ ثم من المعلوم أن دفنه عند أمه وأخيه بالبقيع أفضل له . الوجه السادس : أن دفنه بالبقيع هو الذي تشهد له عادة القوم فإنهم كانوا في الفتن إذا قتلوا الرجل ـ لم يكن منهم ـ سلموا رأسه وبدنه إلى أهله ، كما فعل الحجاج بابن الزبير لما قتله وصلبه ثم سلمه إلى أمه ... وقد دفن بدن الحسين بمكان مصرعه بكربلاء ، ولم ينبش ، ولم يمثل به ، فلم يكونوا يمتنعون من تسليم رأسه إلى أهله ، كما سلموا بدن ابن الزبير إلى أهله ، وإذا تسلم أهله رأسه ، فلم يكونوا ليدعوا دفنه عندهم بالمدينة المنورة عند عمه وأمه وأخيه ، وقريبا من جده عليه الصلاة و السلام ويدفنونه بالشام ، حيث لا أحد إذ ذاك ينصرهم على خصومهم ؟ بل كثير منهم كان يبغضه ويبغض أباه هذا لا يفعله أحد… الوجه السابع : أنه لم يعرف قط أن أحداً ، لا من أهل السنة ولا من الشيعة كان ينتاب ناحية عسقلان لأجل رأس الحسين ، ولا يزورونه ولا يأتونه كما أن الناس لم يكونوا ينتابون الأماكن التي تضاف إلى الرأس في هذا الوقت كموضع بحلب . فإذا كانت تلك البقاع لم يكن الناس ينتابونها ولا يقصدونها ، وإنما كانوا ينتابون كربلاء ، لأن البدن هناك كان هذا دليلاً على أن الناس فيما مضى لم يكونوا يعرفون أن الرأس في شيء من هذه البقاع ، ولكن الذي عرفوه واعتقدوه هو وجود البدن بكربلاء ، حتى كانوا ينتابونه في زمن أحمد وغيره ولم يذكر أحد من العلماء أنهم كانوا يرون موضع الرأس في شيء من هذه البقاع غير المدينة .فعلم أن ذلك لو كان حقا لكان المتقدمون به أعلم . ولو اعتقدوا ذلك لعملوا ما جرت عادتهم بعمله ، ولأظهروا ذلك وتكلموا به كما تكلموا في نظائره، فلما لم يظهر عن المتقدمين ـ بقول ولا فعل ـ ما يدل على أن الرأس في هذه البقاع علم أن ذلك باطل والله أعلم . الوجه الثامن : أن يقال ما زال أهل العلم في كل وقت وزمان يذكرون في هذا المشهد القاهري المنسوب إلى الحسين أنه كذب ومين ، كما يذكرون ذلك في أمثاله من المشاهد المكذوبة ..فإنه لما كان كثير من المشاهد مكذوباً مختلقا كان أهل العلم في كل وقت يعلمون أن ذلك كذب مختلق ، والكتب والمصنفات المعروفة عن أهل العلم بذلك مملوءة من مثل هذا يعرف ذلك من تتبعه وطلبه … المقصود : تحقيق مكان رأس الحسين رضي الله عنه وبيان أن الأمكنة المشهورة عند الناس بمصر والشام أنها مشهد الحسين ، وأن فيها رأسه فهي كذب واختلاق وإفك وبهتان والله أعلم([44] ). <!-- / message --> ـ قبر بنت يزيد بن السكن رضي الله عنه : هذه توفيت بالشام فهذه قبرها محتمل([45]). ـ قبر معاوية بن يزيد بن معاوية رحمه الله : بدمشق ، خارج باب الصغير الذي يقال إنه قبر معاوية ، فإنما هو معاوية بن يزيد بن معاوية الذي تولى الخلافة مدة قصيرة ثم مات ولم يعهد إلى أحد ، وكان فيه دين وصلاح([46]). ـ قبر عائشة وأم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهن : قال شيخ الإسلام : ( والقبور التي هناك ـ أي في دمشق ـ التي يظن أنها قبر عائشة أو أم سلمة زوج النبي r أو أم حبيبة ..فهذه كلها كذب باتفاق أهل العلم([47]). ـ قبر والد النبي r عبدالله : قال شيخ الإسلام رحمه الله ..كان مدفونا بالشام ..)([48]). ـ قبر والدة النبي r آمنة : قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( كانت بطريقه ـ أي النبي r ـ بالحجون عند مكة ..)([49]). ( 1 ) انظر في هذا المبحث : الانحرافات العقدية [ 1 / 279 – 280 ] وما بعده ، فهو مفيد . ( 2 ) كل ما تقدم من كلام شيخ الإسلام ، انظر مجموع الفتاوى [ 27 / 444 ] و [ 27 / 447 ] . ( 1 ) رواه البخاري ( 7017 ) و مسلم ( 2263 ) من حديث أبي هريرة t . ( 2 ) الفتاوى [ 27 / 455 ] . ( 1 ) الفتاوى [ 27 / 457 – 458 ] بتصرف . ( 2 ) مجموع الفتاوى [ 27 / 170 – 171 ] بتصرف وقد ذكرها أيضا بسياق أتم في [ 27 / 270 ] وقال : ( رواه يونس بن بكر في ( زيادات مغازي ابن اسحاق ) عن أبي خلدة خالد بن دينار حدثنا أبو العالية قال ..) ثم ذكر الخبر . ( 3 ) الفتاوى [ 27 / 271 ] . ( 1 ) انظر مجموع الفتاوى [ 27 / 444 – 445 ] بتصرف كثير .وذكر في [ 27 / 336 ] أنه في الشام . ( 2 ) انظر مجموع الفتاوى [ 27 / 446 ] . ( 3 ) مجموع الفتاوى [ 27 / 444 ] . ( 4 ) عمارة القبور ص286 ( 5 ) انظر مجموع الفتاوى [ 27 / 444 ] . ( 6 ) انظر الفتاوى [ 27 / 141 ] ، وانظر البداية والنهاية [ 1 / 164 ] . ( 1 ) انظر مجموع الفتاوى [ 27 / 444 – 445 ] بتصرف كثير ، وذكر في [ 27 / 336 ] أنه في الشام . ( 2 ) انظر مجموع الفتاوى [ 27 / 444 ] . ( 3 ) الفتاوى [ 27 / 499 ] وانظر البداية والنهاية [ 1 / 123 ] . ( 4 ) أخرجه النسائي ( 1374 ) وأبو داود ( 1047 و 1531 ) وابن ماجه ( 1085 و 1636) والحاكم ( 1029 ) من حديث أوس بن أوس t وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ورواه ابن مـاجـه ( 1637 ) أيضاً مـن حديث أبي الدرداء t ، وقال المنذري في الـترغيـب والــترهيب [ 2 / 328 ] رواه ابن ماجة بإسناد جيد . ( 1 ) انظر الفتاوى [ 27 / 61 - 62 ] وانظر [ 27 / 141 و 170 و 272 ] وقال في وصف المكان : ( في أسفـل جبـل لبنان ) و انظر البداية والنهاية [ 1 / 112 ] . ( 2 ) رواه البخاري ( 1339 ) و مسلم ( 2372 ) . ( 3 ) الفتاوى [ 27 / 336 ] . ( 4 ) الفتاوى [ 27 / 128 ] . ( 1 ) الفتاوى [ 27 / 460 ] . ( 2 ) الفتاوى [ 27 / 493 ] . ( 3 ) الفتاوى [ 27 / 447 ] . ( 4 ) الفتاوى [ 27 / 493 ] . ( 5 ) الفتاوى [ 27 / 447 ] . ( 1 ) الفتاوى [ 27 / 170 ] . ( 2 ) الفتاوى [ 27 / 492 ] . ( 3 ) الفتاوى [ 27 / 170 ] . ( 4 ) الفتاوى [ 27 / 170 و 491 ] . ( 5 ) الفتاوى [ 27 / 499 ] . ( 6 ) الفتاوى [27 / 170 ] . ( 7 ) الفتاوى [27 / 484 ] . ( 8 ) الفتاوى [ 27 / 494 ] . ( 9 ) الفتاوى [ 27 / 484 ] . ( 1 ) الفتاوى [ 27 / 484 ] . ( 2 ) الفتاوى [ 27 / 494 ] . ( 3 ) الفتاوى [ 27 / 494 ] . ( 4 ) الفتاوى [ 27 / 492 ] . ( 5 ) الفتاوى [ 27 / 493 ] . ( 1 ) رواه البخاري ( 3748 ) ( 2 ) بحثت عنه في المسند ولم أجده والله أعلم . ( 3 ) الموجود في الفتاوى ( الوجه الرابع ) وهذا خطأ واضح فليصحح هناك . ( 1 ) الفتاوى [ 27 / 465 – 489 ] بتصرف واختصار ، وانظر [ 27 / 492 ] و [ 27 / 455 ] . ( 2 ) الفتاوى [ 27 / 491 ] . ( 3 ) الفتاوى [ 27 / 491 ] . ( 1 ) الفتاوى [ 27 / 170 ] وانظر [ 27 / 49 ] . ( 2 ) الفتاوى [ 4 / 326 ] . ( 3 ) الفتاوى [ 4 / 326 ] . منقول
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين. |
أدوات الموضوع | |
|
|