جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
"اشتراط أنْ لا يجر النهي عن المنكر إلى منكر أعظم"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين. اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. "اشتراط أنْ لا يجر النهي عن المنكر إلى منكر أعظم" بين الإفراط والتفريط هذا الشرط الذي قال به بعض أهل العلم، من المسلمين طائفة اتخذته ذريعة ومتكئاً إلى ترك الإنكار بالكلية، فعطلت بسببه هذه الفريضة وهم المفرطون المضيعون، الغابنون لأنفسهم، الظالمون الحارمون لها من هذا الخير العميم، بسبب تخيلات، وظنون، وأوهام. وعلى النقيض من ذلك طائفة من المسلمين لم تعبه كثيراً بهذا الشرط، فنتج من إفراطها في هذا الجانب مفاسد ومخاطر عدة، عليها وعلى من يليها، والحسنة بين سيئتين، وخير الأمور أوسطها، وذلك أنَّ قوام كل الأوامر والنواهي الشرعية، جلب المنافع ودرء المفاسد، أو تقليلها، ولهذا السبب ردَّ الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله في كتابه (قواعد الأحكام)، كل القواعد إلاَّ قاعدة واحدة جليلة فريدة، وهي قاعدة المصلحة والمفسدة، ولهذا فإنَّ الضابط الأساس في عملية الأمر والنهي درء المفاسد وجلب المنافع، بل ترجيح جانب دفع المفسدة على جلب المنفعة. لهذا فلا ينبغي للآمر الناهي أنْ يقدم على أمر أو نهي إلاَّ إذا تحقق، وتيقن، أوغلب على ظنه أنه إذا نهى يزول المنكر بالكلية، أو يقل ضرره واستشراؤه. أمَّا إذا كان متيقناً، أو ظن ظناً شبيه باليقين أنَّ نهيه يزيد من المنكر، ويجلب من المفاسد والمضار عليه، وعلى من يليه من المسلمين أقارب كانوا أو منتمين إليه، فالأولى عدم الإقدام. على الرغم من أنَّ الإقدام على النهي أوالإمساك عنه أمرتقديري، ولهذا فإنَّ الناس يختلفون فيه اختلافاً كثيراً ومتبايناً، إلاَّ أنَّ هناك مؤشرات، ومرجحات خارجية يمكن الاستئناس بها منها: 1. البيئة المحيطة بالآمر الناهي. 2. مكانة الآمر الناهي، ومنزلته بين قومه، وعشيرته، والمنتمين إليه، والتي يمكن أنْ يُعبَّر عنها بالعصبية. 3. التغيرات والتحولات في السياسة الدولية. 4. مقدرة تحمل الشخص لما يترتب على نهيه، ودرجة صبره واحتسابه استصحاباً لوصية لقمان لابنه: "وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ"<!--[if !supportFootnotes]-->1<!--[endif]-->. كل ذلك مع توفر صدق النية، وحسن القصد، فالأعمال بالنيات، والالتزام بالشروط التي بينها الشارع، وفصلها أهل العلم فيمن يتصدى للأمر والنهي نحو: "ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"<!--[if !supportFootnotes]-->2<!--[endif]-->. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم شَرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل ـ بإنكاره ـ من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ماهو أنكر منه، وأبغض إلى الله ورسوله، فإنه لا يسوغ إنكاره، وإنْ كان الله يبغضه ويمقت أهله. وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم فإنَّه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر، وقد استأذن النبيَّ صلى الله عليه وسلم الصحابةُ في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، فقالوا: أفلا نقاتلهم؟، فقال: "لا، ما أقاموا الصلاة"، وقال: "من رأى من أميره ما يكرهه فليصبر، ولا ينزعن يداً عن طاعته". ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار<!--[if !supportFootnotes]-->3<!--[endif]--> والصغار، رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على المنكر، فطلب إزالته فتولد منه ماهو أكبر منه، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها، بل لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام، عزم على تغيير البيت ورده إلى قواعد إبراهيم عليه السلام، ومنعه من ذلك ـ مع قدرته عليه ـ خشية ماهو أعظم منه من عدم إحتمال قريش لذلك، لقرب عهدهم بالإسلام، وكونهم حديثي عهد بالكفر، ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد، لما يترتب عليه من وقوع ماهو أعظم منه كما وجد سواء. إلى أنْ قال: فإنكار المنكر أربع درجات، الأولى: أنْ يزول ويخلفه ضده، الثانية: أنْ يقل وإنْ لم يزل بجملته، الثالثة: أنْ يخلفه ما هو مثله، الرابعة: أنْ يخلفه ما هو شر منه. فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة. فإذا رأيتَ أهل الفجور والفسوق يلعبون بالشطرنج كان إنكارك عليهم من عدم الفقه والبصيرة، إلاَّ إذا نقلتهم منه إلى ما هو أحب إلى الله ورسوله كرمي النشاب وسباق الخيل، ونحو ذلك، وإذا رأيت الفساق قد اجتمعوا على لهو، ولعب، وسماع، ومكاء، وتصدية<!--[if !supportFootnotes]-->4<!--[endif]-->، فإذا نقلتهم عنه إلى طاعة الله فهو المراد، وإلاَّ كان تركهم على ذلك خيراً من أنْ تفرغهم لما هو أعظم من ذلك، فكان ماهم فيه شاغلاً لهم عن ذلك، فكما إذا كان الرجل مشتغلاً بِكُتُب المجون ونحوها، وخفت من نقله عنها انتقاله إلى كتب البدع، والضلال، والسحر، فدعه وكتبه الأولى، وهذا باب واسع. وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه، ونوَّر ضريحه يقول: مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فانكرعليهم من كان معي، فانكرت عليه، وقلت له: إنَّما حرَّم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس، وسبي الذرية، وأخذ الأموال فدعهم)<!--[if !supportFootnotes]-->5<!--[endif]-->. وقال العلامة ابن عاشور في تفسير التحرير والتنوير<!--[if !supportFootnotes]-->6<!--[endif]-->، في تفسير قوله تعالى: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"<!--[if !supportFootnotes]-->7<!--[endif]-->، قال: (وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شروط مبينة في الفقه والآداب الشرعية، إلاَّ أنِّي أنبه إلى شرط ساء فهم بعض الناس فيه، وهو قول بعض الفقهاء: (يشترط ألاَّ يجر النهي إلى منكر أعظم)، وهذا شرط قد خرم مزية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واتخذه المسلمون ذريعة لترك هذا الواجب، ولقد ساء فهمهم فيه، إذ مُراد مشترطه أنْ يتحقق الآمر أنَّ أمره يجر إلى منكر أعظم، لا أنْ يخاف، أو يتوههم إذ الوجوب قطعي، لا يعارضه إلاَّ ظن قوي). وقال ابن عطية رحمه الله: (الاجماع منعقد على النهي عن النمكر، فرض لمن أطاقه، وأمِنَ الضرر على نفسه وعلى المسلمين، فإنْ خاف فينكر بقلبه، ويهجر ذا المنكر ولا يخالطه)<!--[if !supportFootnotes]-->8<!--[endif]-->. وقال أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله: (إنَّ من رجا زواله<!--[if !supportFootnotes]-->9<!--[endif]-->، وخاف على نفسه من تغييره الضرب أوالقتل، جاز له عند أكثر العلماء الاقتحام عند الغرر<!--[if !supportFootnotes]-->10<!--[endif]-->، وإنْ لم يرجُ زواله، فأي فائدة عنده؟! إلى أنْ قال: والذي عندي: إنَّ النية إذا خلصت، فليقتحم كيف ما كان، ولا يبالي)<!--[if !supportFootnotes]-->11<!--[endif]-->. فالاعتدال والوسطية هما سمة هذا الدين. فالإحجام عن الأمر والنهي بالكلية حذراً وخوفاً من المهلكات، إذ أنَّ أخص أوصاف المؤمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورأسها الدعاء إلى الإسلام، والقتال عليه. وتَوقع أنْ يقابل الآمر الناهي بالقبول والترحاب، وهم، وسذاجة، وغفلة، فكما أنَّ للحق جنود وأبطال، فللباطل شياطين وبطلة<!--[if !supportFootnotes]-->12<!--[endif]--> من الإنس والجن، والمدافعة بين الحق والباطل سنة ماضية إلى يوم القيامة. كما أنَّ التهور والاندفاع، والغفلة عن النتائج والآثار مضيعة للجهود، ومعرقلة للخطط والبرامج، فالمؤمن كيِّس فطن. وما وصل إليه الأعداء من الكفار والمنافقين كان نتيجة عمل دؤوب، وتخطيط منظم، ونَفَس طويل لا يمكن أنْ يُقابل ذلك إلاَّ بالصبر، والتخطيط الدقيق، والفقه في الدين، واستصحاب سيرة خير البرية، وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى كل هذا مع الحرص على الثبات على المُسلَّمات، والمبادئ، وعدم سلوك أسلوب التنازلات الذي يسلكه المنهزمون من علماء السُّوء، وبعض الدعاة بحجة مصلحة الدعوة وغيرها التي هي في الحقيقة تغليف للمصالح الشخصية والحاجات الآتية. وليعلم الجميع أنَّ الله ناصر لدينه، ومُمكِّن له في الأرض، فعلينا أن نُمكِّن لأنفسنا في هذا الدين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وصلى الله وسلم على نبي المرحمة والملحمة، وعلى آله وصحابته والتابعين. كتب لعشر ليال بقين من رجب 1430ﻫ الشيخ الامين الحاج محمد
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين. |
#2
|
||||
|
||||
السلام عليكم ورحمة الله
طرح رائع ....الف شكر وبالتوفيق جزيت خيراا
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
اقتباس:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين. اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. مرحبا بالأخت الأنصارية العزيزة على المنتدى . أسعدني كثيرا عودتك الى بيتك الثاني وشرفتني بحضورك العطر في الموضوع. بارك الرحمن فيك. و حفظك و حفظ اهليك من كل سوء. في امان الله. تحياتي يا أنصارية
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين. |
#4
|
||||
|
||||
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . [/align]
__________________
اللهمّ صلّ على محمد عدد ماذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون سلفي سني وهابي وأفتخر
|
#5
|
||||
|
||||
اقتباس:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين. اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. بارك الله فيك اخي الكريم نفع الله بك. في امان الله.
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين. |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع: "اشتراط أنْ لا يجر النهي عن المنكر إلى منكر أعظم" | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
أما وجد الله أحدا أرسله غيرك | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-04 04:10 PM |