#1
|
||||
|
||||
في رحاب شهر رمضان
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين في رحاب شهر رمضان «شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان». شهر رمضان: هو شهر الله.... و صوم الإنسان لله عزوجل ، كما في الحديث القدس : (الصوم لي و انا أجزي به)». و هو شهر الصلاة و الطهارة و النزاهة و القداسة و التقوى. شهر رمضان شهرالقرآن، و شهر شرفّه الله ، فانزل فيه القرآن- الذي هو بيان لكل شيء- و فضّله الله على سائر الشهور، فايامه افضل الايام، و لياليه افضل الليالي، و ساعاته افضل الساعات، و خصّة الله بلية القدر، التي هي خير من الف شهر. هذا الشهر المبارك هو مناسبة عظيمة يعيش فيها الانسان المسلم اسلامه حقيقية، و بكل معنى الكلمة، لان الشياطين فيه مغلولة، و الاعمال مقبولة و الاجر و الثواب مضاعف للعاملين.. هذا الشهر العظيم هو من ميّزات الدين الاسلامي الحنيف، و الامة الاسلاميه المرحومة...اذ الانفاس فيه تسبيح و ذكر، و النوم فيه عبادة وطاعة، و هذا ما لم تنعم فيه اية امة على الاطلاق.. و هو كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «هو شهر الصبر.. و شهر المواساة... اوله رحمة، و اوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار». في تسمية شهر رمضان أما الوجه في تسمية هذا الشهر المبارك بشهر رمضان فقد ورد عن الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله: «وإنما سمّي هذا الشهر بشهر رمضان، لأنه يرمض الذنوب (أي يحرقها)». وجاء عن أمير المؤمنين سلام الله عليها: «لا تقولوا رمضان، فإنكم لا تدرون ما رمضان فمن قاله فليتصدق وليصم كفارة لقوله، ولكن قولوا كما قال الله تعالى: شهر رمضان». وكل ذلك تنويها بعظمة هذا الشهر حتى سمّاه الله تعالى باسمه. فلسفة شهر رمضان ان شهر رمضان، مدرسة، ذات فلسفة و رسالة: فهو مدرسة الروح و الفكر و الضمير، و دورة تكميلة للنواقص البشرية، و حملة تطهيرية، لتصفية الرواسب، التي تتكلس في قرارات الانسان، خلال احد عشرشهرا. فشهر رمضان مدرسة... و الصوم رسالة... هدفها نفض الانسان،من الرواسب والزوائد، و اشماله بحملة تطهيرية و تربوية بناءة، توسع الإنسان كله: عقله و جسمه و روحه... و تعيد منه كل سنة خلقاً جديداً، و تضفي عليه تبلوراً جديداً. و قال الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله: «لو تعلم امتي ما في رمضان من الخير، لتمنٌت ان يكون رمضان العالم كلٌه». و هو شهر الفضيلة، يتدرب الناس فيه على الصبر و المثابرة، و يقومون فيه عزائهم و يهذبون عواطفهم، و هو شهر المواساة، يتواضع فيه الغني على مستوى الفقير، و يترفع فيه الفقير الي مستوى الغني، و هو شهر المحبة و الصفاء، يتعاون فيه الناس فيشعرون بادواء المجتمع، و يعملون لمعاجلة قضاياه، و ترف قلوبهم على ضعفائهم، فيسدون يد العون و المعروف. وقد سال هشام بن الحكم، الامام الصادق سلام الله عليه عن علة الصيام، فقال:«انما فرض الصيام، ليستوي به الغني و الفقير، و ذلك ان الغني لم يكن ليجد مسٌ الجوع، فيرحم الفقير، لان الغني كلما اراد شيئاً قدر عليه، فاراد الله تعالى: ان يسوّي بين خلقه، و ان يذيق الغني مس الجوع، والألم، ليرق على الضعيف، و يرحم الجائع». و الله تبارك و تعالى لعلمه بما ستجنيه النفس الامارة بالسوء من الموبقات و المدنسات و الخبائث، هيّا لها شتى الوسائل لتتوب الى ربها و تكفّر عن سيئا تها و تحظى بغفران الله و جليل رحمته. و من اهم تلك الوسائل المطهرة للنفس الإنسانية من الدنس والرجس هو شهر رمضان المبارك بما فيه من إمساك وتسبيح وتهليل وتحميد ومناجاة وتلاوة قرآن وصدقة وإطعام وكف النفس والجوارح عن الأذى وكل ما يؤدي إلى التسافل والتدنس. فالصوم نِعْمَ المربّي وإن شهر رمضان المبارك شهر تربية وتزكية، شهر تهذيب وتثقيف دينيين. فكما إن بعض الأمم تخصص أسبوعاً لشؤون التربية، فتسمي هذا الأسبوع اسبوع التربية أو أسبوع المعارف، كذلك فإن الله تبارك وتعالى رحمة بعباده قد خصص شهر للإنابة والاستغفار وكف النفس عن مشتهياتها كي تكمل بالصبر والعزم على اقتحام الأذى. فإن النفوس تقاس بدرجة تحملها النوائب وصبرها على المكاره. فما أعظمك يا شهر رمضان، وما أحلى أيامك المعدودات. قد جعلك الله سراً بينه وبن عباده، يسبغ عليهم فيك رحمته، ويخفف فيكم عنهم الذنوب، فأنت مرفأ العباد تأوي إليه النفوس المتعبة، وتطمئن به القلوب. اثر الصوم في النفس الإنسان في طريقه إلى التكامل يحتاج إلى ما يطهّر نفسه ويزكيها فيخرجه من ماديّته الحالكة إلى معنوية وضاءة تؤدي به إلى التقرب إلى الله تعالى وإلى حلول حب الله، جل وعلا، في نفسه. ولا يحلّ هذا الحب العظيم إلاّ في نفس لها من الكمال نصيب، ولا كمال إلا بما يبعد الإنسان عن أدران المادة. فالصوم عدا ما فيه من معنوية ذاتية، لو قصد به التقرب إلى الله تعالى، تقرباً لا شائبة فيه وأريد به أطاعة الله وابتغاء مرضاته، يذيب المادية التي تعارض معنوية النفس وسير تقدمها نحو الكمال المنشود. وغاية ما يتكامل به الإنسان أن يزداد معرفة بالله تعالى، أي أن تكامل الإنسان يتناسب طردياً مع درجة معرفته بالله تعالى، فكلما كانت معرفته بالله تعالى أكثر كان سائراً في مدارج الكمال أكثر فأكثر. وإن شهر رمضان المبارك يهيئ الوسائل التي تصفو بها النفس لتنال نصيبها من الكمال ومن المعارف الإلهية. ومن المؤكد أن العبودية أساس العلم ومقدمة للإفاضات الربانية والمعارف الإلهية، وإن الصوم من أجلى مظاهر العبودية، وخير وسيلة لتكامل النفس الإنسانية. ذكريات شهر رمضان إن تاريخ شهر رمضان المبارك حافل بذكريات، تعتبر حجر الزاوية، في كيان الإسلام على ممر القرون فقد تتابعت فيه الأمجاد الخالدة لهذه الأمة الوسطى، وهي تحمل بين جنباتها، احداثاً جساماً، كان لها دور كبير، في انقلابات خطيرة، غيّرت سُنة التاريخ، في كثير من قطاع الأرض... ومن تلك الذكريات، ما سبقت تشريع شهر رمضان في الإسلام، ومنها ما توالت بعده، ولكنها جميعاً، مما يؤهل هذا الشهر، لان يعيشها المسلمون عيداً ومهرجاناً، ومن هذه المفاخر: 1. نزول الكتب المقدسة السماوية في هذا الشهر العظيم ومنها بالخصوص القرآن الحكيم. 2. خلق الله عز وجل النور في هذا الشهر 3. ليلة القدر، فقد خصصت بشهر رمضان، وقد جعلها الله أفضل من ألف شهر، وقرر فيها تصريف أقدار السنة، وأكرم بها محمداً وآل محمد، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. 4. غزوة بدر الكبرى في السابع عشر منه، عام 2 هجري. 5. فتح مكة في اليوم الحادي والعشرين، عام 8 هجري 6. عقد الرسول صلّى الله عليه وآله المواخاة بين أصحابه في يوم 12 منه. 7. وفاة أبي طالب عليه السلام عم الرسول ووالد أمير المؤمنين في 17 من شهر رمضان. 8. وفاة السيدة خديجة الكبرى، أفضل زوجات الرسول صلّى الله عليه وآله ووالدة الصديقة فاطمة الزهراء سلام الله عليها. 9. ميلاد الإمام الحسن المجتبى سلام الله عليها في 15 من شهر رمضان عام 2 هجري. 10. شهادة بطل الإسلام وبطل الإنسانية الخالد الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه، في 21 عام 40 هـ. 11. فتح ثغور الأندلس (اسبانيا) عام 91 هـ بقيادة طارق بن زياد. 12. بيعة الناس مع الإمام الرضا سلام الله عليه عام 201 هـ. 13. إنهزام الافرنج المسيحين الذين استولوا على سوريا وضواحيها، على أيدي جيوش المسلمين عام 584 هـ 14. استنقاذ البلاد الإسلامية، من (التتار) ثلاث مرات، عام 658 و 666 و 702 هـ. 15. فتح المسلمين، جزيرة (رودس) سنة 53 هـ. 16. سقوط الدولة الأموية، عام 132 هـ. لنستقبل شهر رمضان وبعد هذا القليل الذي ذكرناه نقول: إن الله تعالى قد أكرمنا بشهره العظيم (شهر رمضان المبارك) فلنستقبله، كما يستقبله المتقون. ولنجدد عزائمنا فيه لتحقيق الإسلام كله في الحياة، فليكن شهر رمضان، وعاءً لجهودنا الطريفة، كما كان رمزاً لجهادنا التليد. ولنكن امناء في تأدية رسالتنا وأمانة شهر رمضان إلى الأجيال الصاعدة من خلفنا، بقدر ما كان آبائنا أمناء في تأديه رسالتهم وأمانة رمضان الينا. وليكن شعارنا الصدق والصبر، والإخلاص، والعمل الصالح، وليكن هدفنا إقامة الإسلام وإزالة الفسوق والإلحاد، لنعيش أسياداً، ويعيش العالم في سعادة وسلام. فمرحباً بك يا شهر رمضان ومرحباً، واهلاً بك يا شهر الله العظيم، وسهلاً لك والف تحية و تقدير. والحمد لله الذي اكرمنا بك، يا شهر الطاعة والغفران، وشكراً لله بما اتحفنا فيك بليلة القدر وانزل علينا فيك القرآن – هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان - . اللهم وفقنا لصيامه وقيامه، واهدنا لما تحب، واعصمنا مما تكره، وثبت اقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين |
#2
|
||||
|
||||
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
__________________
قـلــت :
|
أدوات الموضوع | |
|
|