جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الاستغفار وسعادة الدارين
الاستغفار وسعادة الدارين
يقول الحق جل وعلا (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) ) [ سورة نوح ] ومن يتأمل هذه الآية الكريمة بقلب مؤمن وعقل متدبر يجد أنها قد حوت من البلاغة والفصاحة والبيان ما يبهر العقول ، وتسمو به النفوس، حيث أنها حيث أنها فى كلمات معدودة قد جمعت النجاة والسعادة والفوز فى الدنيا والآخرة. فهيا بنا نتوقف فى لحظة خشوع وخضوع مع كلام الملك جل وعلا، وكلام الملك ، ملك الكلام. فمعلوم أن سورة نوح تحكى قصة سيدنا نوح عليه السلام ، والذين كذبوا به وكفروا برسالته، وقد حاورهم كثيرا وبطرق متعددة، فناجى رب العالمين قائلا : ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ) والماء هو أصل الحياة : ( وجعلنا من الماء كل شىء حى ) وقوله ( يرسل السماء ) توحي بأن الله سبحانه وتعالى قد سخر السماء للناس، مسلمهم وكافرهم، فلم يستثن منهم أحدا. إذن هذا هو الماء أصل الحياة. ثم يقول ) ويمددكم بأموال ) ، تأمل فقد قال ( أموال ) ولم يقل مال. فالذهب مال والفضة مال والأرض مال والبيوت مال، والملابس مال. والاستغفار يحقق لك الغنى والرخاء. فهذه بشرى لكل فقير وكل مسكين بكثرة الاستغفار يتحقق له الرخاء والبركة فى الرزق. والمال هو عصب الحياة ومحركها الأساسي ، ولولا المال ما كدّ الناس وما اجتهدوا، وما تحركت عجلة الحياة. ثم يقول : ( ويمددكم بأموال وبنين ) والبنون هم الذرية وهم زينة الحياة الدنيا ، قال تعالى : ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا ) فكم من غنى وسع الله عليه من عرض الدنيا بالمال والذهب والفضة والأطيان والبيوت ، ولكنه يحيا حياة تعيسة لا يتلذذ فيها بنعمة ولا تقر له عين، لا لشىء إلا لأنه حُرم من نعمة الولد. وبالأولاد تكثر الذرية وينتشر البشر وتعمر الأرض وتتوارث الأجيال. والمتأمل لهذه الألفاظ الثلاثة : الماء، المال، البنون، يكتشف أن رب العالمين سبحانه وتعالى قد أجمل كل مكونات الحياة وينتها فى هذه الأشياء الثلاثة ، بها تقوم وتنتشر وتستمر. وهذا هو المشهد الدنيوى ، أما المشهد الأخروى فيقول عنه : ( ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) فقال : ( جنات ) ولم يقل جنة واحدة إنما جنات عرضها السموات والأرض. وفى صحيح البخارى عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : " يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ ، قَالَ : يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى " . ثم قال : ( ويجعل لكم أنهارا ) وفى الجنة أنهار شتى، أنهار ظاهرة ، وأخرى باطنة. وفي (صحيح البخاري) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((رفعت لي السدرة، فإذا أربعة أنهار: نهران ظاهران، ونهران باطنان، فأما الظاهران: فالنيل والفرات، وأما الباطنان: فنهران في الجنة)). والأنهار فى الجنة ليست للحياة فليس فى الآخرة موت، وإنما هى للمتعة والتلذذ بمائها والزينة بجمالها. وكان يكفى أن يقول رب العالمين: ( ويجعل لكم جنات ) ولكن جاءت إضافة : ( ويجعل لكم أنهارا ) من قبيل ذكر الخاص بعد العام. فجاء تركيب الآية على هذا النسق البديع لخصت الدنيا فى ثلاثة أشياء: الماء، المال ، البنون. ثم لخصت الآخرة فى شيئين اثنين : جنات ، أنهار. ولعمر الله فإن هذه الآية الكريمة هى من أجمل واجمع الآيات التى تحدثت عن فضل الاستغفار وحسن عاقبته فى الدنيا والآخرة. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا من المستغفرين المقبولين. آمين كتبه / أبو جهاد الأنصاري
__________________
قـلــت :
|
أدوات الموضوع | |
|
|