جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
تكليف النائم والصغير والمجنون
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- (( تكليف النائم والصغير والمجنون )) الشيخ عبد المحسن بن عبد الله الزامل وعن عائشة ( رضي الله عنها)- عن النبي (صلَّ الله عليهِ و سلَّم)- قال: تكليف النائم والصغير والمجنون رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يُفيق. رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي، وصححه الحاكم، وأخرجه ابن حبان. نعم هذا حديث عائشة ( رضي الله عنها) حديث صحيح بشواهده من حديث علي بن أبي طالب، ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ( رضي الله عنهم )-، وشواهده كثيرة، ورواه البخاري معلقا أيضا عن علي ( رضي الله عنها) أن عمر( رضي الله عنه) لما أتي بمجنونة بني فلان فأراد أن يرجمها، فذكّره بهذا الحديث، ثم جعل عمر ( رضي الله عنه) يكبر ويقول: الله أكبر الله أكبر، حينما تبين هذا الأمر، وكأنه تعجب كيف خفي عليه هذا، حينما ذكره علي، فأرسلها وتركها. وقوله: حتى يكبر بفتح الباء، كبِر يكبَر من باب فرِح يفرَح، إذا أسن دخل في السن وطعن في السن، أما كبُر يكبُر من باب كرم يكرم، هذا بمعنى العظمة والفخر، فمصدر الكِبَر: كِبر يكبَر، ومصدر الكبْر: كبُر يكبُر كبرا، ولهذا يقال: كبَر يكبَر كِبَرًا، وكبُر يكبُر كِبْرًا، في الفخر والعظمة. وفي هذا الحديث -حديث عائشة( رضي الله عنها) قال: (صلَّ الله عليهِ و سلَّم) رفع القلم عن ثلاثة الرفع يقتضي أو يتطلب شيئا موضوعا، فكأنه وضع ثم رفع، لكن المقصود أنه بصدد أن يوضع القلم عليه، ولأنه صغير حريّ أن يكبر، ومجنون حري أن يُفيق، وكذلك النائم حتى يستيقظ. وقوله: رفع القلم إما أن يكون المعنى المراد به عدم المؤاخذة، يعني أنه لا يؤاخذ، أو أنه لا يؤاخذ هؤلاء الثلاثة بأفعالهم، أنهم غير مؤاخذين، أو أن المراد بالقلم: القلم الذي كتب الله به مقادير الخلائق، وأن المراد به هو فيما يكتب عليه لا ما يكتب له، لأنه ثبت في الأخبار الصحيحة أن القلم يكتب للصغير حسناته، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عباس وحديث جابر في المرأة التي جاءت بصبي وقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر. القلم موضوع ومكتوب، ويكتب ما تجري به حسناته، وإن كان صغيرا، كذلك أيضا صحة إسلام الصغير وثبوت إسلامه، وثبوت حسناته ثابتة له، فقلم الحسنات وما يكتب وما يجري به من الحسنات ثابت وماض له، المراد إما في جانب السيئات، أو المراد هو مطلق المؤاخذة وأنه لا يؤاخذ. قال (صلَّ الله عليهِ و سلَّم) :رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وذلك أن النائم غير مؤاخذ وغير مكلف، والتكليف لا يكون إلا بالعلم والإدراك، والنائم إن كان مستغرقا، فإنه لا حكم له، وكذلك أيضا فيما يتعلق، ولهذا يرد عليه أمور مثل انتقاض الطهارة، وإن كان نائما، لأنه معلق إما بالحدث أو مظنة الحدث، فالنائم حتى يستيقظ غير مكلف، ولهذا لا يؤاخذ بأقواله ولا أفعاله ولا إقراراته، قال -عليه الصلاة والسلام-: من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك . والنائم غير مكلف، لكن هل إذا كان نائما وحضر واجب من واجبات الشرع، أو لزم واجب من واجبات الشرع كالصلاة، هل هو مكلف في هذه الحال؟ يفرق بين ما إذا كان مفرطا أو غير مفرط، فإن كان فرط مثل: إنسان نام عن الصلاة قصدا، فإنه يكون مكلفا ويكون مؤاخذا، ولا يقال: إنه غير مؤاخذ، لأنه حينما قصد هذا الفعل وتسبب إليه، فيدخل في جملة المكلفين ويمتد ذلك إلى حالة نومه، لأنه تسبب إلى ذلك، بخلاف ما إذا لم يفرط، مثل: إنسان احتاج إلى النوم قبل الوقت فنام، أو بعد الوقت مع غلبة ظنه أنه سوف يستيقظ، فغلبه النوم حتى ذهب الوقت، فلا شيء عليه، قال -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث الذي قاله في صحيح مسلم: ليس التفريط في النوم، إنما التفريط في اليقظة، أن يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها وثبت في سنن أبي داود بإسناد جيد من حديث زوجة صفوان بن المعطل السلمي، ثم الذكواني أنها جاءت تشتكي زوجها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: يا رسول الله، إنه يضربني إذا صليت، ويفطرني إذا صمت، ولا يصلي الفجر حتى تطلع الشمس. فقال -عليه الصلاة والسلام-: ما حملك على هذا؟ قال: يا رسول الله، إنها تقرأ في الركعة سورتين، وقد نهيتها عن ذلك، وهي تصوم وأنا رجل شاب، أما أنه لا يصلي الفجر إلا بعد طلوع الشمس، فإنا قوم قد عرف لنا ذلك، فقال: إذا استيقظت فصل معنى أنه يغلبه النوم بلا تفريط منه، فهذا فيما إذا غلبه النوم ولم يفرط في هذه الحال، لا شيء عليه. أما إذا فرط -يعني فرط في الأسباب-، أو قصد التأخير، مثل أن ينام بنية ألا يستيقظ إلا بعد خروج الوقت، أو بعد طلوع الشمس في الفجر مثلا، فهذا قاصد إنما الأعمال بالنيات فهذا كالفاعل، فلهذا يكون مكلفا، وهذه الأحكام تؤخذ من الأدلة الأخرى التي تبين الأحاديث ويبين بعضها بعضا. والصغير حتى يكبر، وذلك أن الصغير لا حكم له حتى يبلغ، فيكون كبره ببلوغه، والبلوغ إما بنبات الشعر الخشن حول القبل، وهذا قول جماهير أهل العلم، أو بالاحتلام، وهذا محل إجماع كما قال -سبحانه-: وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فالاحتلام يقظة أو مناما محل اتفاق، وهو خروج مني منه، المني يخرج منه في حال يقظة أو في حال النوم، أو نبات الشعر الخشن، أو تمام خمس عشرة سنة، إذا أتمها كما في حديث ابن عمر في الصحيحين: ت أنه -عليه الصلاة والسلام- لما عرض الناس يوم أحد، قال: عرض وهو ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزه يوم أحد، فعرض يوم الخندق فأجازه ت عند ابن خزيمة وابن حبان: فرآني بلغت لما بلغ خمس عشرة سنة. أما نبات الشعر الخشن فكما ثبت عند أهل السنن من حديث عطية القرظي، أنه -عليه الصلاة والسلام- لما عُرضوا عليه لنقضهم العهد، فأمر أن يكشف عن المؤتزر حتى ينظر إلى عوراتهم، لأجل أن يعلم البالغ، لأن هذا أمر... لأنه لا يمكن الاطلاع على الاحتلام، بقوله: ولا يمكن أن يؤتمنوا في أقوالهم، فليس هنالك طريق إلى معرفة ذلك إلا من هذا الأمر، الذي هو حجة قائمة عليهم، فلا تؤخذ أقوالهم، لأنهم أهل بهت وكذب، ولا يمكن أن يعترفوا على أنفسهم، وكذلك أيضا لا في مجال السن ولا في مجال البلوغ، إنما الحجة القائمة في نبات الشعر الخشن، كما أمَر أن يكشف عن العورة من جهة القبل، ويحل إزاره وينظر، فمن أنبت منهم جُعل في المقاتلة، ومن لم ينبت جعل في الذرية -يعني في الصغار- فلم يقتل، قال: فرأوني لم أنبت، فجعلوني في الذرية فكان خيرا له حتى أسلم وأدرك الإسلام، رحمه الله ورضي عنه. هذا يبين أنه لا بأس من كشف العورة عند الحاجة في مثل هذا، سواء كانت الحاجة عامة لأجل مصالح المسلمين في الجهاد كما في هذه القصة، أو مصالح خاصة كعلاج ونحوه. فالصغير حتى يكبر لا حكم له من جهة قلم المؤاخذة، ولا يؤاخذ بشيء، إلا ما يتعلق بأمور الأحكام الوضعية فهو مؤاخذ، هذا المراد بالأحكام التكليفية، بمعنى أنه لا يجب عليه الصوم، ولا تجب عليه الأحكام فيما يتعلق بمسائل مثل القذف ونحوه وما أشبه ذلك، وكذلك وجوب الصلاة وما أشبه ذلك من أحكام الشرع، أما الأحكام الوضعية فهي ثابتة، لأنها معلقة بالأسباب، مثل لو أتلف مال إنسان، فإنه يضمنه بماله، ولهذا يضمن المجنون في ماله، لأنه من باب الأحكام الوضعية، فلا فرق بين المكلف وغير المكلف. وكذلك الزكاة تجب عليه على الصحيح كما هو قول الجمهور، لأنها حق من حقوق الفقراء، والنفقة تجب عليه لو كان له مال كثير وله من تجب نفقته من والد أو والدة، فإنه تجب النفقة ويقوم عليه من يشرف على ماله وينفق على من تجب عليه نفقته، وهكذا.. وكذلك عن المجنون حتى يعقل، مثلما تقدم: المجنون أبلغ من النائم، فإذا كان النائم غير مكلف، فالمجنون أيضا من باب أولى، لأنه إذا أخذ ما وهب، سقط ما وجب، وكذلك في حكمه المغمي عليه والنائم. وأبلغ شيء المجنون، ثم يليه المغمي عليه، ثم النائم، فالمجنون مسلوب العقل، والمغمي عليه مغلوب، والنائم محجوب، فالنائم محجوب، والمغمي مغلوب، والمجنون مسلوب، يعني هذا سلب عقله، وهذا حجب، والمغمي عليه مغلوب، غلب عليه، لكن الإغماء ليس كالجنون، الإغماء نوع مرض، ولهذا يجوز على الأنبياء كما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أنه أغمي عليه -عليه الصلاة والسلام-، المفروض أن هؤلاء الثلاثة لا تكليف عليهم في مثل هذه الحال. ********** |
أدوات الموضوع | |
|
|