جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
من أساليب التربية النبوية/السؤال/د.عثمان قدري مكانسي
من أساليب التربية النبوية السؤال الدكتور عثمان قدري مكانسي يدخل أحدنا على أهله أو أصحابه ، وكان قد رأى لتوه حادثاً في الشارع ، فيسألهم : أتدرون ماذا رأيت قبل قليل ؟ فهل ـ هو ـ في سؤاله هذا يريد إجابتهم ؟ إنه لا يريد ذلك ، فهو متأكد أنهم لم يروا شيئاً . فلماذا يسألهم إذاً إذن ؟ إنه يريد أن يحوز اهتمامهم ، ويستجمع انتباههم ، فلا يفوتهم شيء من الحديث يبدؤه . هذه الطريقة في تجميع الذهن وتهيئة النفس للاستقبال نجدها كثيراً في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ : - فعن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ قال : كنت رديف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حمار فقال لي : يا معاذ أتدري ما حق الله على عباده ؟ وما حق العباد على الله ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً . قلت : يا رسول الله ، أفلا أبشر الناس ؟ قال : لا تبشرهم فيتوكلوا(1) . - وعن أبي بكرةَ ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ ثلاثاً ( أي طرح هذا السؤال ثلاث مرات ليعلنوا عن رغبتهم في ذلك ، فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بينهم فليغتنموا الفرصة وليتعلموا ) . قالوا : بلى يا رسول الله . قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، ( وجلس وكان متكئاً ) ألا وقول الزور ( وما زال يكررها حتى قلت : ليته سكت ) (2) . - وعن زيد بن خالد ـ رضي الله عنه ـ قال : صلى بنى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلاة الصبح في الحديبية على أثر سماء(3) كانت من الليل . فلما انصرفَ ( انتهى من صلاته ) أقبل على الناس ( طارحاً سؤالاً لينتبهوا ) قال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر (4) فأما من قال : مُطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ، وأما من قال : مُطرنا بنوء(5) كذا وكذا فذلك كافر بي ، مؤمن بالكواكب(6) . لقد أراد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يعمق إيمان المسلمين بربهم ، وأن يوجهه الوجهة الصحيحة ، فيسند الأمر كله لله ، وكان المعنى كله مجموعاً في الجملتين الأخيرتين ، ولكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ سألهم ليستجمعوا شتات أفكارهم ، ولينصتوا إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى لا تضيع كلمة واحدة مما يقول ، فلما أجابوه مسلمين إلى الله ورسوله أمور الغيب ، ذكر ما ذكر ، ليعلموا أنه ما مِنْ حركة ولا سكنة إلا بأمر الله ـ سبحانه وتعالى ـ . - وأراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يصف المؤمن فيأتم به الناس ، وأن يصف الشرير فيبتعدوا عن محاكاته ، فجاءهم بصيغة السؤال : فعن أسماء بنت يزيد قالت : قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ألا أخبركم بخياركم ؟ قالوا : بلى . قال : الذين إذا رُؤوا ذكر الله . أفلا أخبركم بشراركم ؟ قالوا : بلى . قال : المشاءون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العنت (7) . إن رؤية المؤمن الخيّر والنور يطفح من وجهه ، والإيمان يزيده بهاء ، تذكر بالله سبحانه ، وإن رؤية الفاسد الشرير ، النمام المفسد المؤذي ، تجعل الناس يستعيذون من شره ، فوجهه أسود ، وعيناه عينا شيطان . - وقد يكون السؤال حقيقياً يقصد به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشاركة أصحابه له في الفكرة ، أو شحذ أفكارهم لتكون أكثر استعداداً لتلقي المعاني التي يوردها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . فعن ابن عمر ـ رضي الله عليهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أخبروني بشجرة مِثْلِ المسلم ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، لا تحتُّ ورقها ؟ فوقع في نفسي النخلة ، فكرهت أن أتكلم ، وثمَّ ( هنالك ) أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ فلم يتكلما ، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : هي النخلة . فلما خرجت مع أبي قلت : يا أبتِ ، وقع في نفسي النخلة . قال : ما منعك أن تقولها ؟ لو كنت قلتها كان أحب إلي ّ من كذا وكذا . قال ( عبد الله ) : ما منعني إلا أنّي لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما ، فكرهت(8) . - ومن ذلك ما رواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : من أصبح اليوم منكم صائماً ؟ قال أبو بكر : أنا . قال : من عاد منكم اليوم مريضاً ؟ قال أبو بكر : أنا . قال : من أطعم اليوم مسكيناً ؟ قال أبو بكر : أنا . قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ما اجتمعت هذه الخصالُ في رجل في يوم إلا دخل الجنة(9) . فقد لاحظنا أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يطرح صفات المؤمن التي تؤهله دخول الجنة بطريقة السؤال ، ليقارن السامع نفسه بما فعل الآخرون ، فيشجع على منافستهم . إن السؤال أسلوب من أساليب التربية التي تشد انتباه السامع ويدعوه إلى التفكر والتدبّر واستكناه الفكرة بقدح زناد التفكير والمشاركة . الهوامش: (1) متفق عليه. (2) ليته سكت : كناية عن أن الخوف من نتائج قول الزور مَلَكَ قلب أبي بكرة . والحديث من الأدب المفرد رقم / 15 / . (3) على أثر سماء : أي بعد نزول الغيث . (4) الناس قسمان : مؤمن بالله وكافر به . (5) نوء النجوم : قيل : سقوطها ، وقيل : طلوعها ونهوضها . (6) رواه مسلم . (7) الأدب المفرد الحديث / 223 / . (8) الأدب المفرد الحديث / 360 / . (9) الأدب المفرد الحديث / 515 / . |
#2
|
||||
|
||||
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك..
__________________
[bimg]http://wdoo7.com/upload/sahaba1.bmp[/bimg] [bimg]http://wdoo7.com/upload/sahaba5.bmp[/bimg] |
#3
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا ااااااااااااااااااااااااااااااا
|
أدوات الموضوع | |
|
|