وأما ما اشتمل عليه من الباطل فالتناسخ الباطل الذي يقوله أعداء الرسل من الملاحدة وغيرهم الذين ينكرون المعاد ويزعمون أن الأرواح تصير بعد مفارقة الأبدان إلى أجناس الحيوان والحشرات والطيور التي كانت تناسبها وتشاكلها فإذا فارقت هذه الأبدان انتقلت إلى أبدان تلك الحيوانات فتنعم فيها وتعذب ثم تفارقها وتحل في أبدان أخر تناسب أعمالها وأخلاقها وهلم جرا ، فهذا معادها عندهم ونعيمها وعذابها لا معاد لها عندهم غير ذلك ، فهذا هو التناسخ الباطل المخالف لما اتفق عليه الرسل والأنبياء من أولهم إلى آخرهم وهو كفر بالله وباليوم الآخر ، فهذه الطائفة تقول إن مستقر الأرواح بعد مفارقة أبدانها الأصلية أبدان الحيوانات التي تناسبها وهو أبطل قول وأخبثه .
ويليه قول من يزعم أن الأرواح تعدم جملة بالموت ولا يبقى هناك روح تنعم ولا تعذب بل النعيم يقع على أجزاء الجسد أو على جزء منه أما عجب [ ج- 2][ص-51] الذنب أو غيره فيخلق الله فيه الألم واللذة إما بواسطة رد الحياة كما قاله بعض أرباب هذا القول أو بدون رد الحياة كما قاله آخرون منهم فهؤلاء عندهم لا عذاب في البرزخ إلا على الأجساد . ويقابله من يقول إن الروح لا تعاد إلى الجسد بوجه ولا تتصل به والعذاب والنعيم على الروح فقط .
__________________
علم العليم وعقل العاقل اختـلفا *** أي الذي منهما قد أحـرز الشرفا
فالعلم قال أنا أحـــرزت غايته *** والعـقل قال أنا الرحمن بي عرفا
فأفصح العلم إفصـاحاً وقال لـه *** بــأينـا الله في فـرقانه اتصـفا
فبـان للعقــل أن العـلم سيده *** وقبل العقـل رأس العلم وانصرفا
|