بعثة استخبارية سورية في ليبيا لتنظيف أرشيف المخابرات الليبي من جرائم النظام السوري.
بعثة استخبارية سورية في ليبيا لتنظيف أرشيف المخابرات الليبي من جرائم النظام السوري.
أضيف في :1 - 3 - 2011
شبكة الدفاع عن السنة /قال ديبلوماسي بريطاني في دمشق إن النظام السوري أرسل الأسبوع الماضي "بعثة استخبارية" إلى ليبيا بهدف الإشراف على تنظيف أرشيف المخابرات الليبية من أية آثار من شأنها أن تقود إلى التعاون الاستخباري بين البلدين في الماضي ، مشيرا إلى أن الجهات البريطانية المعنية رصدت مساء الأربعاء الماضي وصول ضباط مخابرات سوريين بشكل سري إلى فيللا الرائد عبد السلام جلود في العاصمة الليبية، والتي تقع خلف "المكتبة الوطنية المركزية" من جهة الشرق .و يعتقد أن أعضاء هذه "البعثة" تابعون للفرع الخارجي في المخابرات العامة السورية ، وربما ـ وهو الأرجح ـ للمخابرات الجوية. و لاحظ المصدر أن هذا اللقاء جاء بعد زيارة سرية خاطفة و "مريبة" قام بها عبد السلام جلود إلى باريس ( في 21 من الشهر الجاري) اجتمع خلالها مع نائب الرئيس السوري سابقا عبد الحليم خدام في فندق "البريستول" الواقع في الدائرة الثامنة. ولم تتمكن "الحقيقة" من التأكد تماما من حصول هذا الاجتماع ، إذ رفضت إدارة الفندق الإجابة على سؤالنا بهذا الخصوص ، سواء سلبا أم إيجابا.
وأوضح الديبلوماسي ، الذي سبق له أن عمل في جهاز المخابرات البريطاني الخارجي MI6 ، بالقول إن السوريين ، وبعد أن تيقنوا من أن سقوط نظام القذافي أصبحت محتمة ، ومجرد مسألة وقت ، لاسيما بعد أن سقطت المدن القريبة من العاصمة الليبية في أيدي الحركة الشعبية ، بادروا إلى إرسال "بعثة استخبارية أشبه بكوماندوز" مهمتها تنظيف أرشيف وسجلات المخابرات الليبية ، لاسيما الخارجية منها ، من أية آثار يمكن أن تقود محققين دوليين أو حتى نظاما جديدا في ليبيا إلى أسرار التعاون الاستخباري بين البلدين ، وبشكل خاص خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي . ولم يستبعد المصدر استفادة السوريين من حالة الفوضى التي تشهدها ليبيا ، والصراع داخل أجنحة النظام الليبيي ، لتنفيذ عمليات تصفية بحق مسؤولين ليبيين حاليين أو أو سابقين كانوا على علاقة وثيقة بالنظام السوري وأجهزة استخباراته ، مثل الرائد عبد السلام جلود الذي كان الرجل الثاني في النظام الليبي حتى العام 1993 حين جرى إقصاؤه ووضعه فيما يشبه " الإقامة الجبرية" على خلفية قضية تفجير "طائرة لوكربي" الأميركية. وبحسب المصدر الذي تحدث مع "الحقيقة" من العاصمة السورية عبر البريد الإلكتروني ، فإن عملية "التنظيف" تتعلق بقضايا وعمليات محددة "تتصل بدعم الإرهاب" ، وبشكل خاص تلك التي نفذتها مجموعة "أبو نضال" و" الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة" بقيادة أحمد جبريل ، لاسيما لجهة ما يتصل باختطاف الإمام الشيعي اللبناني موسى الصدر ، وتفجير "طائرة لوكربي" في العام 1988 ، وطائرة الركاب الفرنسية (UTA772) فوق النيجر في العام 1989. وقال المصدر " رغم أن ملف لوكربي أصبح مغلقا من الناحية القانونية والسياسية ، فإن المخابرات البريطانية تساورها شكوك قوية جدا لجهة تورط المخابرات السورية في الجريمة بشكل غير مباشر . وذلك من خلال تنظيم الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة ". وكشف المصدر في هذا السياق عن أن لدى المخابرات البريطانية " معلومات أولية مهمة" تشير إلى أن العبوة التي استخدمت في تفجير طائرة لوكربي جرى إعدادها في معسكرات "ينطا" و"قوسايا"التابعة للمنظمة المذكورة ، والواقع على مقربة من الحدود السورية ـ اللبنانية. كما وتشير إلى أن إعداد العبوة وإرسالها إلى طرابلس جرى "بمعرفة المخابرات السورية وغض طرف منها". لكن الملف الذي لا يقل حساسية وخطورة ، حسب المصدر ، فهو ملف الزعيم الشيعي اللبناني الإمام موسى الصدر الذي يحظى باحترام كبير داخل لبنان وخارجه ، وفي أوساط مختلف الطوائف اللبنانية. ويقول المصدر بهذا الصدد " إننا متيقنون من تورط النظام السوري في قضية اختطاف وإخفاء السيد الصدر ، ولكن القضية لا تزال بحاجة إلى بعض القرائن الجنائية الداعمة" . وكشف المصدر في هذا السياق عن أن " الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد أعطى توجيهاته لوزير خارجيته ومسؤول الملف اللبناني آنذاك عبد الحليم خدام من أجل التخلص من الصدر ، ولكن عن طريق الليبيين ودون أن يترك الأمر أية آثار على اليد السورية . وعندها لم يجد خدام أنسب من صديقه عبد السلام جلود لتنفيذ المهمة . وكان الأسد الأب يريد التخلص من الإمام الصدر بسبب نزعته الإستقلالية و معارضته توجهات النظام السوري في لبنان آنذاك . فقد كان ( الصدر) على قناعة بأن الأسد ينفذ مخططا في لبنان ضد منظمة التحرير الفلسطينية ولصالح الأميركيين . كما أنه اتهم الأسد الأب في أكثر من جلسة خاصة بأنه وكيل أعمال كيسنجر في لبنان . أما الليبيون فكانوا يرون في الإمام الصدر عقبة بوجه أنشطتهم الأمنية والسياسية على الساحة اللبنانية ، إذ كانوا يدعمون منظمات تناصب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات العداء ، ولاسيما منظمة أحمد جبريل . وهكذا تلاقت المصالح السورية ـ الليبية على الفائدة المشتركة من التخلص منه". وقال المصدر "إن السيد خدام ، الذي كان من أقرب أركان النظام السوري إلى قلب جلود ، إذ كان يوفر لهذا الأخير وسائل الراحة والترفيه خلال زياراته الرسمية والخاصة إلى سوريا ، بما في ذلك تأمين النساء ( العاهرات) له في مقر إقامته بفنادق بلودان والزبداني القريبة من دمشق، فاتح جلود بالأمر صيف العام 1978 بينما كان الثاني في زيارة خاصة إلى سوريا ولبنان تتعلق بالشأن اللبناني وبالاجتياح الإسرائيلي الذي جرى قبل ذلك ببضعة أشهر ( "عملية الليطاني"). وبتاريخ 28 تموز / يوليو من العام نفسه ، قام القائم بأعمال السفير الليبي في بيروت بزيارة الإمام الصدر في مكتبه ، ووجه له دعوة رسمية لزيارة ليبيا والاجتماع بالقذافي . واقترح الديبلوماسي الليبي أن تتم الزيارة ما بين 20 و 21 من الشهر التلي ( آب / أغسطس). إلا أن الصدر اقترح تاريخا آخر هو 25 من الشهر نفسه ، بالنظر لارتباطه بالتزامات في فرنسا تتعلق بزوجته المريضة . وهذا ما حصل . حيث وصل الإمام المغدور إلى ليبيا في الخامس والعشرين من الشهر المذكور واختفى منذ ذلك الحين مع مرافقيه". ويعتقد المصدر أن النظام السوري هو الأكثر قلقا إزاء ما يجري في ليبيا ، ليس لجهة الانتفاضة الشعبية التي تنضم إلى سلسلة الانتفاضات الشعبية العربية الأخرى ، ولكن لجهة "العمليات الإرهابية" التي قام بها النظام الليبي على امتداد فترة حكمه ، والتي شارك السوريون ، مباشرة أو مداورة ـ في معظمها. وكان القضاء اللبناني أصدر صيف العام 2007 مذكرة اعتقال غيابية بحق ستة عشر من رموز النظام الليبي ، على رأسهم القذافي وجلود ، بتهمة ارتكاب "جرائم خطف وإخفاء وحجز حرية وانتحال صفة والتزوير واستعمال المزوّر والتدخّل في هذه الجرائم" على خلفية قضية اختطاف وإخفاء الإمام الصدر.
|