الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم ارض عن الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان، أما بعد:
فإنَّ نِعم الله –تعالى- على عباده كثيرة لا تحصى، وأعظم نعمة أنعم الله بها على الثقلين الجن والإنس أنْ بعث فيهم عبده ورسوله وخليله وحبيبه وخيرته من خلقه محمداً -صلى الله عليه وسلم- ليخرجهم به من الظلمات إلى النور وينقلهم من ذُلِّ العبودية للمخلوق إلى عز العبودية للخالق -سبحانه وتعالى- يرشدهم إلى سبيل النجاة والسعادة، ويحذرهم من سبل الهلاك والشقاوة،
وقد نوه الله بهذه النعمة العظيمة والمنة الجسيمة في كتابه العزيز قال تعالى:
﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران: 164].
وقال وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيد﴾ [الفتح:28] وقد قام عليه أفضل الصلاة والسلام بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة والنصح للأمة على التمام والكمال فبشَّر وأنذر، ودلَّ على كل خير وحذّر من كل شر، وأنزل الله تعالى عليه وهو واقف بعرفة قبل وفاته -صلى الله عليه وسلم- بمدة يسيرة قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِين﴾ [المائدة:3].
وكان -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على سعادة الأمة غاية الحرص كما قال تعالى منوهًا بما حباه الله به من صفات جليلة: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة:138]
وهذا الذي قام به صلى الله عليه وسلم من إبلاغ الرسالة وأداء الأمانة والنصح للأمة، هو حق الأمة عليه كما قال الله –تعالى-: ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ [العنكبوت:18]. وقال : ﴿ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ [النحل:35].
وروى البخاري في صحيحه عن الزهري أنَّه قال: (من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم). انتهى.
وإنَّ علامة سعادة المسلم أن يستسلم وينقاد لما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله –تعالى-: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيم﴾ [النساء:65]
وقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِين﴾ [الأحزاب:36]،
وقال تعالى: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور:63]،
وعبادة الله تكون مقبولة عند الله ونافعة لديه إذا اشتملت على أمرين أساسين :
أولهما: أن تكون العبادة لله خالصة لا شركة لغيره فيها كما أنه تعالى ليس له شريك في الملك فليس له شريك في العبادة كما قال تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَد﴾ [الجن:18] وقال: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام:162].
الثاني: أن تكون العبادة عل وفق الشريعة التي جاء بها رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُو﴾ [الحشر:7]،
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم﴾ [أل عمران:31]
وقال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها-: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)،
وفي رواية لمسلم (من عمل عمل ليس عليه أمرها فهو رد). وقال -صلى الله عليه وسلم-: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة).
ولمَّا كانت نعمة الله –تعالى- على المؤمنين بإرسال رسوله -صلى الله عليه وسلم- إليهم عظيمة أمرهم الله تعالى في كتابه أن يصلوا عليه ويسلموا تسليما بعد أن أخبرهم أنه وملائكته يصلون عليه فقال تعالى : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيم﴾ [الأحزاب:56].
وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة المطهرة فضل الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- وكيفيتها وغير ذلك من الأحكام المتعلقة بها..
وسأتحدث عن فضل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وبيان كيفيتها ثم أشير إلى نماذج من الكتب المؤلفة في هذه العبادة العظيمة وأسأل الله تعالى التوفيق والسداد.
معنى الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وبيان كيفيتها
صلاة الله على نبيه -صلى الله عليه وسلم- فسرت بثنائه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة عليه فسرت بدعائهم له فسرها بذلك أبو العالية كما ذكره عنه البخاري في صحيحه في مطلع باب
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيم﴾
وقال البخاري في تفسير صلاة الملائكة عليه بعد ذكر تفسير أبي العالية قال ابن عباس: يصلون يُبَرِّكُون. أي يدعون له بالبركة.
وفسرت صلاة الله عليه بالمغفرة وبالرحمة كما نقله الحافظ ابن حجر في الفتح عن جماعة وتعقب تفسيرها بذلك ثم قال :
وأولى الأقوال ما تقدم عن أبي العالية أنَّ معنى صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه وتعظيمه وصلاة الملائكة وغيرهم عليه طلب ذلك له من الله تعالى والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة
وقال الحافظ: «وقال الحليمي في الشعب:
معنى الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- تعظيمه فمعنى
قولنا:
اللهم صلى على محمد عظم محمداً المراد تعظيمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بإجزال مثوبته وتشفيعه في أمته، وإبداء فضيلته بالمقام المحمود، وعلى هذا
فالمراد بقوله تعالى: ﴿صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ ادعوا ربكم بالصلاة عليه».انتهى.
وقال العلامة ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام في معرض الكلام على صلاة الله وملائكته على رسوله صلى الله عليه وسلم:
وأمر عباده المؤمنين بأن يصلوا عليه بعد أن رد أن يكون المعنى الرحمة والاستغفار
قال: بل الصلاة المأمور بها فيها -يعني: آية الأحزاب- هي الطلب من الله ما أخبر به عن صلاته وصلاة ملائكته وهي ثناء عليه وإظهار لفضله وشرفه وإرادة تكريمه وتقريبه فهي تتضمن الخبر والطلب وسمى هذا السؤال والدعاء منا نحن صلاةً عليه لوجهين أحدهما أنه يتضمن ثناء المصلى عليه والإشادة بذكر شرفه وفضله والإرادة والمحبة لذلك من الله فقد تضمنت الخبر والطلب والوجه الثاني أنَّ ذلك سمى صلاة منا لسؤالنا من الله أن يصلي عليه فصلاة الله ثناؤه لرفع ذكره وتقريبه وصلاتنا نحن عليه سؤالنا الله تعالى أن يفعل ذلك به انتهى.
وأمَّا معنى التسليم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد قال فيه المجد الفيروزآبادي في كتابه "الصلات والبشر في الصلاة على خير البشر"
ومعناه:
السلام الذي هو اسم من أسماء الله تعالى عليك، وتأويله: لا خلوت من الخيرات والبركات، وسَلمت من المكاره والآفات، إذ كان اسم الله تعالى إنما يذكر على الأمور توقعا لاجتماع معاني الخير والبركة فيها، وانتفاء عوارض الخلل والفساد عنها، ويحتمل أن يكون السلام بمعنى السلامة
أي: ليكن قضاء الله تعالى عليك السلامة،
أي: سلمت من الملام والنقائص فإذا قلت اللهم سلم على محمد فإنما تريد منه
اللهم اكتب لمحمد في دعوته وأمته وذكره السلامة من كل نقص فتزداد دعوته على ممر الأيام علواً وأمته تكثراً وذكره ارتفاعاً.
أمَّا كيفية الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد بينها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه حين سألوه عن ذلك, وقد وردت هذه الكيفية من طرق كثيرة عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم, أذكر منها هنا ما كان في الصحيحين أو في أحدهما،
روى البخاري في كتاب الأنبياء من صحيحه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة
فقال: ( ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت بلى فأهدها إلي فقال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فقلت: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإنَّ الله علمنا كيف نسلم قال قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد).
وأخرج أيضا حديث كعب بن عجرة في كتاب التفسير من صحيحه في تفسير سورة الأحزاب ولفظه:
(قيل يا رسول الله أمَّا السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك
قال: قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد) .
وأخرجه أيضا في كتاب الدعوات من صحيحه وقد أخرج هذا الحديث مسلم عن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- من طرق متعددة عنه.
وأخرج البخاري في كتاب الدعوات من صحيحه عن أبي سعيد الخدري
(قال: قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك فكيف نصلي قال:
قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم) وأخرجه عنه أيضا في تفسير سورة الأحزاب.
وأخرج البخاري في كتاب الأنبياء من صحيحه عن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه-
أنهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد).
وأخرج عنه أيضا في كتاب الدعوات بمثل هذا اللفظ، وأخرج هذا الحديث عن أبي حميد رضي الله عنه مسلم في صحيحه.
وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال.
(أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله تعالى أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ثم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما علمتم)
هذه هي المواضع التي خرج فيها هذا الحديث في الصحيحين أو أحدهما وهي عن أربعة من الصحابة:
كعب بن عجرة وأبي سعيد الخدري وأبي حميد الساعدي وأبي مسعود الأنصاري
وقد اتفق البخاري ومسلم على إخراجه من حديث كعب وأبي حميد وانفرد البخاري بإخراجه من حديث أبي سعيد وانفرد مسلم بإخراجه من حديث أبي مسعود الأنصاري وقد أخرجه عن هؤلاء الأربعة غير الشيخين فرواه عن كعب بن عجرة
أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والإمام أحمد والدارمي ورواه عن أبي سعيد الخدري النسائي وابن ماجه ورواه عن أبي حميد أبو داود والنسائي وابن ماجه ورواه عن أبي مسعود الأنصاري أبو داود والنسائي والدارمي.
وروى حديث كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة غير هؤلاء الأربعة منهم طلحة بن عبيد الله وأبو هريرة وبريدة بن الحصيب وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين.
وهذه الكيفية التي علَّم صلى الله عليه وسلم أصحابه إياها عندما سألوه عن كيفية الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- هي أفضل كيفيات الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- وأكملها الصيغة التي فيها الجمع بين الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم وآله- والصلاة على إبراهيم -صلى الله عليه وسلم وآله-
وممَّن استدل بتفصيل الكيفية التي أجاب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بها الحافظ ابن حجر في فتح الباري فقد قال فيه (11/166)
قلت واستدل بتعليمه صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالكيفية بعد سؤالهم عنها بأنها أفضل كيفيات الصلاة عليه لأنه لا يختار لنفسه إلا الأشرف الأفضل ويترتب على ذلك لو حلف أن يصلي عليه أفضل الصلاة فطريق البر أن يأتي بذلك
ثم ذكر أن النووي صوب ذلك في الروضة وذكر كيفيات أخرى يحصل بها بر الحلف ثم قال:
والذي يرشد إليه الدليل أنَّ البر يحصل بما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- لقوله: من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا فليقل:
اللهم صلى على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم.. الحديث والله أعلم انتهى.
وقد درج السلف الصالح ومنهم المحدثون بذكر الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكره بصيغتين مختصرتين
إحداهما: (صلى الله عليه وسلم)
والثانية: (عليه الصلاة والسلام) وهاتان الصيغتان قد امتلأت بهما ولله الحمد كتب الحديث بل إنهم يدونون في مؤلفاتهم الوصايا بالمحافظة على ذلك على الوجه الأكمل من الجمع بين الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم.
يقول الإمام ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث:
«ينبغي له -يعني كاتب الحديث- أن يحافظ على كتابة الصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذكره ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته، ومن أغفل ذلك حرم حظًا عظيمًا -إلى أن قال- :
وليتجنب في إثباتها نقصين أحدهما:
أن يكتبها منقوصة صورة رامزًا إليها بحرفين أو نحو ذلك
والثاني: أن يكتبها منقوصة معنى بأن لا يكتب( وسلم ) وإن وجد ذلك في خط بعض المتقدمين» انتهى محل الغرض منه.
وقال النووي في كتاب الأذكار:
«إذا صلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- فليجمع بين الصلاة والتسليم ولا يقتصر على أحدهما فلا يقل: (صلى الله عليه) فقط ولا (عليه السلام) فقط» انتهى.
وقد نقل هذا عنه ابن كثير في ختام تفسيره آية الأحزاب من كتاب التفسير ثم قال ابن كثير: وهذا الذي قاله منتزع من هذه الآية الكريمة
وهي قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيم﴾
فالأولى أن يقال: -صلى الله عليه وسلم تسليما-. انتهى.
وقال الفيروزبادي في كتابه الصلات والبشر:
ولا ينبغي أن ترمز للصلاة كما يفعله بعض الكسالى والجهلة وعوام الطلبة فيكتبون صورة( صلعم ) بدلا من -صلى الله عليه وسلم-.
يتبع إن شاء الله