إن أهم واجبات المربي حماية الفطرة من الانحراف، وصيانة العقيدة من الشرك، لذا نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تعليق التمائم تعويداً للصغير الاعتماد على الله وحده: «من علق تميمة فلا أتم الله له».
وإذا عرفنا أن وضع التميمة
والاعتقاد فيها شرك، جنبنا أطفالنا هذا الشرك،
وبعد ذلك يوجه المربي جهده نحو غرس عقيدة الإيمان بالله في نفس الصغير؛ فهذه أم سليم الرميصاء أم أنس بن مالك خادم الرسول
- صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهم أجمعين أسلمت وكان أنس صغيراً لم يفطم بعد، فجعلت تلقن أنساً؛قل: لا إله إلا الله،
قل: أشهد أن لا إله إلا الله، ففعل، فيقول لها أبوه:
لا تفسدي على ابني فتقول: إني لا أفسده.
كان أبوه ما يزال مشركاً ي
عتبر أن التلفظ بعقيدة التوحيد والنطـق بالـشـهـادتين إفساداً لطفله،
تماماً كما يرى كثير من الملاحدة - أصحاب المذاهب الهدامة
والطــواغـيـت في الأرض في هذا العصر -
أن غرس الإيمان وعقيدة التوحيد إفساد للناشئة وإبعاد لهم عن التقدمية كما يزعمون.
يتعرف الطفل أنه مسلم، وأن دينه الإسلام وهو الدين الذي ارتضاه الله له ولا يقبل من عباده سواه، والتركيز في التربية على ما وصفها ابن تيمية -رحمه الله- (محبة العامة وهي محبة الله تعالى لأجل إحسانه لعباده، وهذه المحبة على هذا الأصل لا ينكرها أحد، فإن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها).
فالله تعالى أعطانا العينين والطعام اللذيذ وكل ما يحبه هذا الصغير، فلا يملك صغيرنا إلا أن ينشأ على محبة خالقه -جل وعلا-.
ويـبـتـعـد المربي عن تلقين الأطفال اسم الله
من خلال الأحداث الأليمة، لأن للـخـبـرات
الأليمة أثرها في تشكيك المؤمن في عقائده وانحيازه إلى النزعة اللادينية".
ومن الأحداث الأليمة عند الطفل مثلاً أن نقرن له ولادة الطفل بشق بطن أمه مثلاً.. "فيتصور أن فـعـل الميلاد أمر بشع، وحيث إن مولد طفل جديد يثير قلقه.. فمن المحتمل أن تكون أولى خبرات الطفل بالله خبرات أليمة".
لذا، ينبغي أن نذكر اسم الله أمام الطفل من خلال مواقف محببة سارة، فالطفل مثلاً قد يستوعب حركة الـسـبـابـــة عند ذكر كلمة الشهادتين، يتلفظ بها الكبير أمامه، الأم أو الأب أو أحد الإخوة الكبار، وذلك منذ الشهر الرابع من عمره، فإذا به يرفع أصبعه مقلداً الكبار.
كم هي حركة لطيفة ومحببة عند الأهل الذين لا يملكون إزاءها إلا ضم صغيرهم وتشجيعه وهو يشير بأصبعه عند ذكر اسم الله
... فيرسخ اسم الله في نفسه بمحبة عارمة من والديه، ويغرس حب الله في قلبه..
وإذا نما صغيرنا وترعرع نلفت نظره إلى مظاهر قدرة الله ونعمه التي لا تحصى: إذا نظر في المرآة نقول له معلمين قل: "اللهم كما حسنت خَلْقي فحسن خُلُقي".
وإن لبس الجديد حمد الله على نعمه، وكذا إن أكل أو شرب قال:
"الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين".
وهكذا، فيعرف نعمة الله ويعتاد شكره، مع لفت النظر إلى مظاهر قدرة الله ونعمه التي لا تحصى.. كل ذلك بأسلوب رفيق ولهجة رقيقة من غير إسراف في عرض الفكرة ولا غلو فيها، وإنما بطريقة محببة تناسب الطفولة فتتمشى معها.
"ولا يجوز للمربي أن يتكـئ على خـــط الخوف حتى يـرعـب الطفل بغير موجب بكثرة الحديث عن غضب الله وعذابه. والـنـــار وبشاعتها.. إنما ينبغي أن نبدأ بالترغيب لا بالترهيب حتى يتعلق قلب الطفل بالله من خيط الرجاء أولاً فـهـــو أحـــوج في صغره إلى الحب".
علينا أن نذكر اسم الله -تبارك وتعالى- ونحن نستشعر عناية الله
بالإنـســان وتكريمه له "حيث سخر له ما في سماواته وأرضه،
وما بينهما حتى ملائكته.. جعلهم حفـظـة له في
منامه ويقظته وأنزل إليه وعليه كتبه.. فللإنسان شأن ليس لسائر المخلوقات".
هذا فضلاً عن فائدة أخرى:
"إن الاعتقاد بكرامة الإنسان على الله، يرفع من اعتباره في نظر نفسه،
ويثير في ضميره الحياء من التدني عن المرتبة التي رفعه الله إليها..
ونظافة المشاعر تجيء نتيجة مباشرة
للشعور بكرامة الإنسان على الله ثم برقابة الله على الضمائر واطلاعه على السرائر".
وهكذا ننمي عند الأطفال الشعور الدينى القائم على حب الله؛ حيث نركز على معاني الحب والرجاء ومظاهر رحمة الله تعالى الواسعة بالناس.
كما نروض الطفل على محبة الله واحترام أمر الله،
وارتباطه بأحكام دين الله، فإذا به
شاب نشأ في رضوان الله لا يعرف غير الإسلام شرعة ومنهاجاً.
نشعره أن الله يحبنا فلا يكلف نفساً إلا وسعها، وإذا أمرنا بشىء فالواجب أن نأتي منه ما نستطيع،
أما الحرام فلا نقربه مطلقاً..
فإن الله تعالى يحب الـمـطيعين له ولا يحب الكافرين:
{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ والرَّسُولَ فَإن تَوَلَّوْا فَإنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الكَافِرِينَ} [ آل عمران: 32].
ويـردد الـمبدأ على مسمع الأطفال..
ويـغـرس في قلوبهم،فتنمو في نفوسهم مشاعر الأخوة الإيمانية والرابطة الإسلامية، والمفاصلة مع أعداء دين الله الكافرين به،
وهذا مطلب تربوي هام وديني قبل كل شيء.
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبْرَاهِيمَ والَّـذِيـنَ مَـعَهُ إذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ ومِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وبَدَا بَيْنَنَا وبَيْنَكُمُ العَدَاوَةُ والْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وحْدَهُ} [الممتحنة:60].
يتبع إن شاء الله