#1
|
|||
|
|||
محبة الله
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد ،،، المحبة هي من عبوديات القلب لله عز وجل ، وهذه العبودية لها الأثر البالغ على أعمال الإنسان وأقواله كلها لقوله صلى الله عليه وسلم " ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " . <?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p> فهذه المضغة إذا عمرت بمحبة الله تبارك وتعالى وإجلاله وتعظيمه سبحانه وتعالى، وأقبل القلب عليه؛ إنقادت الجوارح صلاحاً وزكاءً واستقامة وامتثالاُ لأمر الله جل وعلا ، بينما إذا فسد القلب في محبته لله عز وجل أو في غير ذلك من عبوديات القلب ، فإن أثر ذلك ينعكس على الجوارح فساداً وانحرافاً . <o:p></o:p> ولهذا كان من الأمور المهمة العظيمة التي يعتني بها المسلم أن يصلح قلبه بينه وبين ربه جل وعلا ، وأن يحرص على نقاء قلبه وزكاءه وسلامته من كل مايخل بدينه نقضاً أو نقصاً .<o:p></o:p> قد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يدعوا بدعوات كثيرة تؤثر عنه كلها تتعلق بصلاح القلب مما يدل على أهمية هذا الأمر وعظم شأنه ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم " اللهم آت نفوسنا تقواها وزكِّها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها" ، وكان أكثر دعاءه عليه الصلاة والسلام " يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " ، وجاء عنه في هذا الباب دعوات كثيرة حتى في باب التعوذات كقوله عليه الصلاة والسلام " اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع " ، جاء عنه في هذا الباب دعوات كثيرة ينبغي أن يحرص المؤمن عليها ، وأن يحرص كذلك على نقاء قلبه وسلامته ؛ لأن الذي يفيد الإنسان يوم القيامة أن يأتي إلى الله جل وعلا ، وأن يقدم عليه بقلب سليم {إلا من أتى الله بقلب سليم} ، وإذا سلم القلب من النواقض والنواقص فإن الجوارح تسلم ؛ لأن الجوارح تبع للقلب ، وتصدر عن أوامره ، ولا تتخلف عن مراداته بل هي تبع له فيما يرغب وفيما يأمر وفيما يتحرك به . <o:p></o:p> القلب محرك للبدن والمحبة كذلك (محركة للبدن) ، فمن أحب اللهَ أقبل على طاعته ، ومن أحب الدنيا أقبل عليها ، ومن أحب شيئاً أقبل عليه ، ولهذا لا أنفع للعبد من أن يعمر قلبه بمحبة الله وبالأعمال الصالحة القلبية المقربة إلى الله تبارك وتعالى ؛ لأن صلاحَ قلبه صلاحٌ لبدنه كلِّه ، وصلاحٌ لحياته كلِّها . إن قلب الإنسان إذا صلح بهذه العبوديات وذل بها فإن دينه كله يصلح وحياته كلها تصلح وأمره كله يستقيم بصلاح قلبه . <o:p></o:p> والعبد يجب أن يعمر قلبه بهذه المحبة لله ، فهي الأساس و هي المحرك للقلب ؛ فالقلب تحركه المحبة ، وكلما قويَ حب العبد لله في قلبه قوي العمل عنده والمحافظة على الطاعة ، وكذلك لو قوي في قلبه حب أمور أخرى انشغل بها وهام بتتبعها ، وانصرفت أوقاته لنيلها . <o:p></o:p> والمرء مع من أحب ؛ لأن طلبه وإرادته وقصده وعمله متجهٌ لنيل رضا محبوبة ، ومن أحب الله طلب رضاه ، ومن أحب غير الله تبارك وتعالى سعى في رضاه . والذي يحب الله يطلب رضا الله تبارك وتعالى بالأعمال الصالحة ، والطاعات الزاكية المقربة إلى الله عز وجل .<o:p></o:p> والمحبة مضافاً إليها الرجاء والخوف ، هذه الثلاثة يسميها أهل العلم أركان التعبد القلبية ، بمعنى أن كل عبادة تتقرب إلى الله عز وجل بها ، وكل طاعة تتقرب إلى الله بها لا بد أن تكون قائمة على هذه الأركان الثلاثة ؛ تعبد الله عز وجل حباً له وطلباً ورجاءً لرحمته ، وخوفاً من عذابه . <o:p></o:p> وقد جمع سبحانه وتعالى هذه الأركان في قوله سبحانه وتعالى {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً } ، وقد اجتمعت هذه الأركان في سورة الفاتحة . <o:p></o:p> ففي قوله {الحمد لله رب العالمين} المحبة ؛ لأن الحمد هو الثناء على المحمود مع محبته ، أما الثناء بدون محبة يسمى مدحاً .<o:p></o:p> وفي قوله {الرحمن الرحيم}الرجاء ؛ لأنك إذا تأملت في هذين الإسمين وما دل عليه من ثبوت صفة الرحمة لله جل وعلا التي وسعت كل شيء رجوت رحمة الله وتحرك في قلبك طلب رجاء رحمته سبحانه ، ولهذا مر قوله {ويرجون رحمته}.<o:p></o:p> وفي قوله {مالك يوم الدين} أي مالك يوم الحساب ؛ قال تعالى {وما أدراك مايوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله} ، فهذا يحرك في القلب الخوف ، إذا تذكر هذا الأمر وأن الله مالك الحساب ومالك الجزاء وأنه سيقف يوماً أمام الله وأن الله سيحاسبه ، فيتحرك في قلبه الخوف .<o:p></o:p> فإذا قرأ الحمد لله رب العالمين ففيها المحبة، وإذا قرأ الرحمن الرحيم ففيها الرجاء، وإذا قرأ مالك يوم الدين ففيها الخوف . <o:p></o:p> وبهذه الثلاثة إيــاك نعبد، فلم تُذكر إياك نعبد إلا بعد أن أُرسيت أركانـُه. <o:p></o:p> فهذه الثلاثة أركان للعبادة وللتعبد، أركان قلبية لا بد أن تكون قائمة في القلب مرتكزة في القلب لتقوم العبادة عليها، ولتكون عبادة العبد من صلاة وصيام وغير ذلك قائمة على هذه الأركان؛ فيعبد الله حباً فيه ورجاءً لثوابه وخوفاً من عقابه .<o:p></o:p> ولا يجوز أن يُقتصر في عبادته سبحانه وتعالى على بعضها ؛ بل يجب أن تكون العبادة قائمة عليها جميعها (الحب والرجاء والخوف ) . <o:p></o:p> وقد شبهها بعض أهل العلم بالطائر فقال : المحبة هي روح الطير ، والرجاء والخوف جناحاه ؛ فلا يمكن أن يستقيم له طيران بدون الجناحين . <o:p></o:p> فإذا وُجدت المحبة في العبد مع الرجاء والخوف استتم له المسارعة في الخيرات والمسابقة إلى مايرضي الرب تبارك وتعالى من الأعمال الصالحة والطاعات الزاكية . أسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى طريق محبته وتوحيده ويثبتنا على ذلك إلى أن نلقاه إنه ولي ذلك والقادر عليه . |
#2
|
||||
|
||||
__________________
اللهمّ صلّ على محمد عدد ماذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون سلفي سني وهابي وأفتخر
|
أدوات الموضوع | |
|
|