#1
|
|||
|
|||
الأماني والمنون
بسم الله الرحمن الرحيم معاشر الأخوة والأخوات عجبا لنا وللدنيا تموج بنا موج البحر ونحن سابرون في الأماني غافلون عن المنون.. إنما الدنيا فناء ليس للدنيا ثبوت إنما الدنيا كبحر يحتوي سمكا وحوت ولقد يكفيك منها أيها الطالب قوت فاغتنم وقتك فيها قبل ما فيها يفوت قل لخير تجتنيه أو تحلى بالسكوت إنما الدنيا كبيت نسجته العنكبوت في ليلة ارتدت البقاع ثياب الحزن والحداد ليلة تحللت بالأحزان واتشحت بالسواد ليلة ظلماء تخضبت بالدماء ليلة أبكت شموعا وأمطرت دموعا ليلة غاب عنها القمر..مأساة وفاجعة روعت القلوب راح ضحيتها أم وأربع بنات في عمر الورود حادثة بددت فرحة الصغار وخنقت الابتسامات لدى الكبار صغار كانوا قد استعدوا لعام دراسي جديد كانوا فرحين بالملابس والحقائب والدفاتر الجديدة كانت أحلامهم تملأ الدنيا فرحا وبهجة فهم يحلمون باللعب غدا مع أقرانهم في المدارس والرياض إنها أماني الصغار ترقبها بحب وفرح عيون الأبوين لسان حالهم يقول هؤلاء هم أولادنا فلذات أكبادنا أجيال المستقبل خاصة بعد المنزل الجديد الذي سكنوه قبل أيام كانت العائلة في وسط السيارة غارقة في بحار الأماني وفجأة.......!!!! وفي ذلك الشارع المعتم المظلم كانت كلمة الله هي العليا وبين طرفة عين وانتباهتها يبدل الله من حال إلى حال فقد سكتت أهازيج الصغار وكتمت الضحكات وتطايرت الأجسام الصغيرة في الهواء فمزقت وغرقت الأحلام والآمال لتتحطم بذلك الباص الذي تركه قائده بلا علامات انتظار ولا إشارات تحذير تركه في منتصف الطريق ليفجر شلالات من الدماء والدموع والأحزان ويضع نهاية أليمة لأحلام جميلة وخاتمة حزينة لقصة أسرة سعيدة ليبقى الأب المكلوم وحيدا بعد أن عاش نحو عشرين سنة في أمان بين زوجه وأولاده...... في أمانيه يخطط ويرسم لوحة المستقبل بأحلام طوال لتنتهي به الأيام وحيدا كما بدأ أعطوه المهدئات أكثر من مرة لكن الحزن أكبر من قدرته على الاحتمال قرئ عليه ، هدئ من روعه ، ولكن دون جدوى فقد ضاع كل شئ بالنسبة له نسأل الله أن يرزقه وكل مصاب الصبر والسلوان وأن يعوضه خيرا في الدنيا والآخرة زمن خلال هذه الحادثة الحية تأمل معي أيها الإنسان ....الأماني والمنون .... بيان واضح العنوان .. فالأماني أحلام وآمال والمنون يهدمها بلا إمهال .. اجتنى الناس من البنيان ما لم يسكنوه......!!!!!!!! جمع الناس من الأموال ما لم يأكلوه .........!!!!!!! طلب الناس من الآمال ما لم يدركوه .......!!! إنها الأماني ؟؟طول الأمل ؟؟ الإغراق في الدنيا ..في الترف والشهوات... خط لنبي صلى الله عليه وسلم خطوطا وخط خطا ناحية وقال : هل تدرون ما هذا ؟ هذا مثل ابن آدم و مثل التمني وذلك الخط الأمل بينما يأمل إذ جاءه الموت ... بينما يأمل إذ جاءه الموت..سبحان الله !! رجل يجمع المال منذ سنين ليبني منزلا فاشترى الأرض وبدء بالبناء وانتهى فتأخر دخول الكهرباء وبذل كل ما بوسعه وكان يردد بكل حرارة لن ارتاح ويهدأ لي بال حتى يصل الكهرباء للمنزل فشفع الشفاعات وبعد عناء شديد دخل الكهرباء وفي أول يوم من دخوله كان يراقب الكهربائيين وهم يقومون بتمديد الأسلاك وهو فرح مسرور لا تسعه الدنيا فقد تحققت أمنيته فها هو الكهرباء سيضئ بعد ساعات في بيت أحلامه وفجأة....!!! تلتمس الأسلاك ببعضها وهي في يده فيسقط ميتا كأن لم يكن. لا إله إلا الله تلك هي الدنيا... موت فجأة... أو مرض بغتة ... إنها عبر ترى .. ومصارع تقرى .. والبعض في غفلة نائمون ..وفي الغي تائهون..فإنا لله وإنا إليه راجعون وإن إلى ربنا لمنقلبون.. ذهبت الأماني وحل المنون فيا ليت قومي يعلمون .. مرالنبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله ابن عمر وهو يبني خصا (بيتا من الخوص وليس من الرخام ) فقال له يا عبد الله ابن عمر ما هذا؟؟ إن الأمر أفظع من ذلك ..إن الأمر أفظع من ذلك. وقال وهب ابن منبه لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم ليس له بيت يسكن فيه؟ فقيل له يا نبي الله لو اتخذت بيتا .. فقال: اليوم أموت... غدا أموت.. حتى أتاه الموت ولم يتخذ بيتا وبني عبدا لله ابن مسعود بيتا في دارة فدعا عمار ابن ياسر وقال:كيف ترى هذا البيت؟؟ فقال عمار: بنيت شديدا وأملت بعيدا وتموت قريبا . خطب علي ابن أبي طالب بالناس فقال يا أيها الناس إن أخوف ما أخاف عليكم طول الأمل وإتباع الهوى فأما طول الأمل فينسي الآخرة وأما أتباع الهوى فيبعد عن الحق. وهل أهلك الناس ... وهل أهلك الناس اليوم إلا طول الأمل وإتباع الهوى .فيا معشر كبار السن إذا استوي الزرع فليس له إلا الحصاد ..يا معشر الشباب قد يبلغ الزرع آفة قبل حصاده فيهلك .. إنها الدنيا ليس فيها مراح كم تركوا من جنات وعين و زروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهيين فذلك وأورثناها قوما آخرين .. أخي .. لو دامت لغيرك ما وصلت لك فهل من معتبر ؟؟ أين من يتعظ؟؟ يا ابن آدم لا يغررك عافية عليك صافية فالعمر معدود ما أنت إلا كزرع عند خضرته بكل شئ من الآفات محصود فإن سلمت من الآفات اجمعها فأنت عند كمال الأمر محصود شتان بين أمان وأماني .... عامل أجنبي من دول شرق آسيا جاء لهذه البلاد وهو يعيش في ظلام الكفر والجهل وقبل رمضان بيوم واحد فقط نور الله قلبه فدخل مكتب الجاليات فنطق الشهادتين وأسلم ثم صام أول يوم من رمضان وبينما هو يمشي في الطريق اصطدمته سيارة في وضح النهار فمات ! مات وهو مسلم صائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء نسأل الله أن يرحمه برحمته.. وشاب في العشر الأواخر من رمضان والناس في صيام وقيام وتحري ليلة القدر وقراءة القرآن يتمنون صلاح القلوب وغفران ما تقدم من الذنوب ورضا علام الغيوب. أما هذا الشاب فقد كان في عالم آخر كان يخطط ويرسم للقاء عشيقة الهاتف كان يتمنى ويحلم في أن يعيش تلك الليلة في أحضان الشهوات فكان الموعد وحدد مكان اللقاء أتدرون أين؟؟ كان الموعد في أحد المساجد المكتظة بالمصلين القائمين الركع السجود فتجمل ذلك الشاب و تعطر و الشيطان يغريه و يمنيه و بينما الشاب يقود سيارته متجها لذلك المسجد لا ليعبد الله بل لعبادة الشهوة و اللذة الحرام و فجأة ... !!! و في احد التقاطعات ترتطم سيارته بسيارة أخرى و ما هي إلا لحظات و فارق الحياة نسأل الله أن يتجاوز عنه و يغفر له و لكنها أماني السوء و خاتمة السوء نسأل الله حسن الخاتمة يقول أحد الأخيار كنت على الطائرة في رحلة إغاثيه ومعي بعض الأخوة وكان بجوارنا شباب تبين من حديثهم المرتفع أن رحلتهم كانت للهو والشهوات فلا تسمع منهم إلا الحديث عن النوادي الليلية والشرب وبنات الهوى يقول محدثي : كنت أقول في نفسي وأنا أسمع حديثهم لو سقطت بنا الطائرة ؟؟ كيف تكون النهاية فكيف سنقابل الله !!!.. يقول : فذكرت سبب رحلتي وأنها إغاثة للفقراء والمساكين ونصرة للأرامل واليتامى والمحتاجين فسقطت دمعة من عيني وأنا أسأل الله الإخلاص والقبول في العمل ثم نظرت لأولئك الشباب بعين الحب والعطف والشفقة وأنا أردد ماذا لو ختم الله لهم بهذه الأماني ؟؟ ماذا لو ختم لهم بمثل هذه الأمـــــــــاني؟؟ فأخذت أدعوا لهم بالهداية والصلاح.. سبحان الله الآمال الكاذبة والأماني الخادعة مع العبد حتى وهو بين السماء والأرض والذي هو أحوج ما يكون لحفظ الله وكم؟؟ وكم من مرة اهتزت الطائرات وهي تحلق في وسط السماء ؟؟ فبان على الوجوه الهلع الشديد والندم والبكاء ثم وما إن تهدئ الأمور إلا ويرجع كل إلى أمانيه وأحلامه والتي ربما كان قد عاهد الله قبل لحظات أن يقلع عنها ويتوب .... اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك حتى نلقاك.. معاشر الأحبة .. نعم شتان ما بين أمان و أماني .. شتان ما بين أمان وأماني ... شتان بين من يهجم عليه المنون وأمانيه حسان وبين من يهجم عليه المنون وأمانيه نزعات الشيطان .. إذن فأحسن النية دائما وتمنى خيرا فلعلك تصدق بحسن النية وصدق الأماني ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة فإن هو هم بها وعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ومن هم بالسيئة فلم يعمل بها كتبها الله عنده حسنة كاملة فإن عملها كتبها الله له سيئة واحدة..وقوله(من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة) أي لم يعملها خوفا من الله في الحديث بيان سعة فضل الله ورحمته وحكم إحسانه على عبده ولكن على العبد أن يحسن إلى نفسه ويكون صادقا مع ربه فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت .. فلنسأل أنفسنا أحبتي ماذا عملنا لم بعد الموت ؟؟؟ ألسنا نقرأ في القرآن { الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور } ألسنا نقرأ في القرآن { فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون } ألسنا نقرأ في القرآن { كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق} أيها الأخوة أي والله يوشك الباقي منا أن يبلى والحي منا أن يموت .. فلنتب إلى الله بصدق مازلنا في زمن الإمهال واحذر أخي مفاجئة الموت قبل الاستعداد للرحيل وقبل التزود للآخرة؟.. وأكثر من ذكره وتفكر فيه على الدوام .. يا نفس !!!... يا نفس اجعلي الموت منك على بال ... معاشر الأخوة والأخوات كم ننسى المنون ؟؟ كم نغفل عن الموت؟؟ نحن نسع إلى الرغائب سعيا وبنا للفناء تجري السنين سنوات مضت وما زال قوم في متاهتهم ومرت قرون إنما العمر مركـــــــــب يطلب علي الناس المنى وبه المنون كم هو جميل أن نتمنى ونحلم ؟؟ونخطط ونرسم ؟؟ لكن أن تبدأ بنا الأحلام وترحل بنا الأماني إلى زمن الغفلة والإغراق في الدنيا فهذا ما يجب أن نحذر منه ؟؟ هذا ما يجب أن ننتبه له قبل فوات الأوان ؟؟ فالموت حقيقة .. حقيقة يؤمن بها الجميع ولكن لا يتذكرها إلا القليل ولا يعمل بها إلا أقل القليل يهون كل اغتراب في الحياة وكم ذي غربة عاد محفوفا بإجلال وغربة الموت أقسى ما نكابده كم فرقت بيننا من غير إمهال من ذا الذي نال في دنياه غايته من ذا الذي عاش فيها ناعم البال يفنى الفتى وعلى عينيه أشرعة من الذهول تواري دمعه الغالي نعم .... إن في تقلبات الدنيا دروسا وعبر وآيات لمن تأمل ونظر ... أفراح وأتراح... مسرات ومضرات.... تعاد وتهاني... فـــــــــــــــآه من هذا الزمان....عزني وألهاني ... أغرقني و أنساني .... وأحزنني و أبكاني... فبينما النفس تغني فيها الأماني إذ هجم عليها المنون.. كأن لم تكون.. أفلا تذكرون...بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال ... قالت بعض بنات ملوك العرب الذين نكبوا: أصبحنا وما في العرب من أحد إلا وهو يحسدنا ويخشانا وأمسينا ما في العرب من أحد إلا وهو يرحمنا . وكانت أخت أحمد بن طولون صاحب مصر كثيرة السرف في إنفاق المال حتى قيل أنها زوجت بعض لعبها فأنفقت على وليم عرسها مئة ألف دينار فما مضى إلا القليل حتى رؤيت في سوق بغداد وهي تسأل الناس... إلى من تغر بالأمل الطويل وليس إلى الإقامة من سبيل فدع عن التعلل بالأماني فما بعد المشيب سوى الرحيل أتأمن أن تدوم على الليالي وكم أثنت قبيلك من خليل وما زالت بنات الدهر تفنى بني الأيام جيل بعد جيل أخي أسأل نفسك كم بقي من عمرك ؟؟ كم تأمل أن تعيش؟ عشرين سنة؟؟ أربعين ؟؟ اسمع لداوود الطائي و هو يقول: لو أملت أن أعيش شهرا لرأيت أني قد أتيت عظيما وكيف أمل ذلك وأنا أرى الفجائع تنزل بالخلائق ءاناء الليل والنهار .. وصدق رحمه الله.. فمن تأمل حال الناس من حوله وفجائع الدنيا تحيط بهم من كل جانب وفي كل لحظة كيف يأمن بالسنين وما منا من أحد إلا وغرق في بحار الأماني فلم يسعد بيومه الأول ولا الثاني بل ربما ضيع القاصي والداني ... فذاك منهوم باللذات وآخر سلس القياد للشهوات وثالث مغرم بجمع الأموال والريالات .. سبحان الله نطلب الراحة والسعادة وإنما هي والله الهموم والآهات والقلق والحسرات وبين ذلك خطفات المنايا وهجمات المنون، قال رجل أهلك نفسه في جمع المال لن يهدئ لي بال حتى أملك مليار وأقول ثم ماذا؟؟؟؟؟ تأكله فيفنى أو تفنيه الدنيا بآلامها أو يفنيك الموت قبل أكله إنها الأماني الخادعة هب أنك قد ملكت الدنيا قرا ودان لك العباد فكان ماذا؟؟ أليس إذن مصيرك جوف قبر ويحف التراب هذا ثم هذا ..... أخي من أخذ المال بإسراف نفس لم يبارك فيه؟؟ وكان كالذي يأكل ولا يشبع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم والحديث في الصحيحين بل قال صلى الله عليه وسلم : ( الفقر تخافون !! الفقر تخافون!! والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إن زاغه إلا هي ) وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال : إذا افتتحت عليكم خزائن فارس والروم أي قوم أنتم ؟؟ إذا جاءتكم الخيرات من كل مكان ومن كل بلاد في شرق الأرض وغربها أي قوم أنتم ؟؟ فقال عبد الرحمن بن عوف : نقول كما أمرنا الله عز وجل فقال صلى الله عليه وسلم : أو غير ذلك !! تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون . خذ الرزق ما كفى.... ومن العيش ما صفى... كل هذا سينطفئ كسراج إذا انطفئ .. أخي .. أنا لا أطالبك بإن تكون عابدا زاهدا بل خذ من الدنيا ما شئت لكن اجعله في طاعة الله ... اجعله في طاعة الله... فإن كثيرا من الأماني في فضول العيش هي ترف وسرف . فضول العيش أكثره هموم وأكثر ما يضرك ما تحب إذا اتفق القليل وفيه سلم فلا ترد الكثير وفيه حرب نعم ... اقنع... اقـــــــــنـــــــــع بما قسمه الله لك .. ولا تهلك نفسك من أجل الدنيا فالله تعالى يقول : { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل } إلا قليل .. سبحان الله يكدح الناس في الدنيا كدحا عجيبا وكأن الأماني أخذت عهدا من المنون .. ألا يريهم ما يكرهون .. لكن هيهات فالعيش في الأماني غرور .. ومثل طالب الدنيا كشارب البحر كلما شرب منه زاد عطشا حتى يقتله.. أخي اسمع مني هذه الكلمة جيدا بل أكتبها بماء الذهب إن استطعت.. (من كــان غناه في قلبه لم يزل غنيا ومن كــــــان غناه في كفه لم يزل فقيرا) وهب أخي .. هب أنه بعد جهد جهيد .. وأخذ وترديد تحققت الأماني وحصل لك ما تريد والنهاية { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد } فسأل نفسك أما آن لقلبك أن ينير أو يلين أما تستحي أخي من الكرام الكاتبين .. عجل .. عجل قبل أن يأتيك اليقين .. احذر هجمة المنون .. ولا تغرنك الأماني .. وأبكي من الأجفان على الزمان فالمنايا قاطعات الآمال والليالي مدنيات الآجال.. مرادك أن يتم لك المراد وتركض في مطالبك الجياد وتمضي في أوامرك الليالي فلا يعصى هواك ولا يكاد لقد ملكت مظلات الأماني قياد فاعتديت بها نفاد ألم تسمع بذي أمل بعيد و آمال الفتى منها بعاد رماه الموت فانقبضت إليه أمانيه بشي لا يراد تمنى أخي ما شئت.. تمنى ما شئت.. واغرق في الأماني كيف شئت .. لكن تذكر أن هناك لحظة .. تهجم عليك بغتة .. فتقطع عليك الأمنية .. ولك أن تسأل لماذا نتذكر الموت ؟؟ ذكر الموت وما بعده يجعل النفس تفيض شوقا إلى لله .. تنشط للعمل الصالح .. ترجو الله رغبة ورهبة .. ومثل هذه المعاني تقصر الأماني وهي طوق النجاة من الإغراق في الشهوات والمباحات والترف والمباهاة .. هذا الطوفان ... طوفان الترف والشهوات الذي أغرق الكثير اليوم من الناس حتى من الصالحين .. فكم هي النفوس التي تشتكي قسوة القلوب ؟؟ وكم هي القلوب التي تأن من أثر الذنوب التي أظلت العبد أن يتوب .. لهونا لعمر الله حتى تتابعت ذنوب على آثارهن ذنوب.. فيا ليت الله يغفر ما مضى ويأذن لتوبتنا فنتوب..... إذن أخي .. العلاج من سلطان الترف والشهوات .. العلاج من كثرة الذنوب والسيئات .. هو ما أخبر به الحبيب صلى الله عليه وسلم من كثرة الذكر للموت و الآخرة .. واليوم قل ذكر الموت مع كثرته .. بل كره ذكره سئام من الناس .. لماذا؟؟؟؟ حتى لا يفسد عليهم سكرة الشهوات فاتهم أن كثرة ذكر الموت تقصر الأمل وتدفع إلى علو الهمة.. وحسن العمل .. فاجعل أخي الموت منك على بال واجتهد فإن من تذكر الموت وجعله الله أمام ناظريه استفاد من لحظات عمره وتحسر على ضياع أوقاته فلا والله ما من عبد تذكر الموت إلا رؤي ذلك في عمله. قال أنس بن عياض :رأيت صفوان بن مليك ولو قيل له غدا القيامة ما كان عنده مهيب على ما هو عليه من العبادة.. نعم .. فقه لقول ربهم عز وجل { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } ولذا كان من أهم الأسس عند السلف رضوان الله عليهم لتربية أنفسهم كثرة ذكر الموت.. تعال الآن واسمع كيف كان ذكر السلف للموت : قال حذيفة ابن عتبة ما جلست مع سفيان الثوري مجلسا إلا ذكر فيه الموت وما رأيت أحدا كان أكثر ذكرا للموت منه. وقال ذي النور المصري: توسدوا الموت إذا متم ... واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم.. وقال عبدا لرحمن ابن أبي إسحاق: كان أبوه إذا قصر في العمل أخرج قطعة ونظر فيها و رجع إلى جده و نشاطه.. يقول عبد الرحمن : فلما مات أبي نظرت في الرقعة مكتوبة بخط يده فإذا فيها (أحسن عملك فقد دنى أجلك) . وكان زين العابدين يردد ويقول: يا نفس اجعلي الموت منك على بال وقال بكر بن عبد الله المزني : إذا أردت أن تنفعك صلاتك.. فقل لعلي لا أصلي غيرها.. وكان محمد ابن واسع إذا أراد أن ينام قال لأهله: استودعكم الله فلعلها تكون منيتي التي لا أقوم فيها.. وكان عمر ابن عبد العزيز يقول: لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة .. ساعة .. لفسدت . وكان رحمه الله يجمع كل ليله الفقهاء فيتذاكرون الموت..والقيامة و الآخرة .. حتى كأن بين أيديهم جنازة .. على أي شي يجتمع شبابنا اليوم ؟؟؟ في الجلسات والاستراحات والمنتديات.. هل هو على ذكر الموت؟؟ هل هو على ذكر المصير؟؟ هل هو على تربية النفس؟؟ دخل مالك ابن دينار المقابر ذات يوم فإذا رجل يدفن فجاء حتى وقف على القبر فجعل ينظر إلى الرجل وهو يدفن وجعل يقول: مالك غدا هكذا يصير....وليس له شي يتوسده في قبره.. فلم يزل يردد ويقول غدا مالك هكذا يصير... حتى خر مغشي عليه في جوف القبر.. أما نحن !!!!!! ندخل المقابر.. ونقف على القبور..ونصلي على الجنازة ..ونحمل الجنازة ..ونضع الجنازة..وحامل الجنازة اليوم محمول غدا..فهل غشي علينا ؟؟؟؟ بل هل خفقت قلوبنا ؟؟؟ هل اقشعرت أبداننا ؟؟ هل دمعت عيوننا ؟؟ آه لقسوة قلوبنا... آه لقـــــــســــــــوة قلــــــوبـــــنا .. حتى الموت لم يعد واعظ لنا .. قال ابن المبارك للفضيل ابن عياض: يا فضيل استعد للموت ولما بعد الموت قال : فشهق الفضيل شهقة فلم يزل مغشي عليه عامة الليل.. فــــــــــــــــــــــآه من شدة غفلتنا ؟؟؟ آه لفطرة قلوبنا ؟؟ آه لقلة زادنا ؟؟ الموت يردع عن المعاصي الموت يلون القلب القاسي.. فما الذي جرى للناس... سبحان الله.. نبكي على الميت ونغفل عن أنفسنا.. ويبكي على ميت ويغفل نفسه كأن بكفيه آمال من الرجا وما الميت المقبور في قبر يومه أحق أن يبكيه من ميت غدا ألم يقل طبيب القلوب صلى الله عليه وسلم: أكثروا من ذكر هادم اللذات.. ألم يقل صلى الله عليه وسلم: كفى بالموت واعظا.. فمن من لم يعظه الموت فمن؟؟؟ من لم تعظه مشاهد الاحتضار فمن ؟؟ من لم تعظه سكرات الموت فمن؟؟؟ متى العمل؟؟ أعند نزول الموت !!!! أبعد الموت ؟؟ أفي القبر؟؟ هيهات .... هيهات .. لا إله إلا الله كيف لا نرى حالنا.. والموت أمامنا .. والقبر منامنا .. والقيامة موقفنا وجسر جهنم طريقنا.. ولا ندري ما يفعل بنا . تيبست شفتي وتاهت أحرفي.. وجلا وكادت تنطفئ كلماتي.. لما ذكرت الموت في أهواله.. وذكرت هول النزع والسكرات.. هكذا أخي كان منهج السلف رضوان الله عليهم في تربية أنفسهم .. كثرة ذكر للموت .. وعدم غفلة عنه.. فإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لهم .. فاسمحوا لي معاشر الأخوة والأخوات أن أوقف شريط الأمنيات وأفسد عليكم حلاوة هذه اللحظات.. بذكر كلمات وإشارات.. عن الموت والآخرة .. والحق أن مجرد ذكر الموت أمر جلل .. نعم ذكر الموت أمر جلل.. فكيف بالحديث عنه.. بل كيف بالموت نفسه.. كيف أبدي بأحرفي ما أريد.. وبماذا تراه يحكي القصيد.. كل يوم تدق بابي عظات .. يهز الفؤاد خطب شديد.. ويح نفسي ألم تفق من هواها .. أو ما هز خافقيها الوعيد.. يصبح العبد في بنيه ويمسي وهو تحت التراب فرد وحيد آه من يوم سكرتي ومماتي حينما انتهي وروحي تجود استغيث طبيبا ماذا جرى لي قيل هذا ما كنت منه تحيد لو تغثني دموع من كان حولي لا ولا عدة الطبيب تفيد عجب .. عجب هذا الموت .. مفرق الجماعات.. وهادم اللذات.. لا يملك له أحد من المخلوقين ردا..لا يستطيع أحد له دفعا.. كم من أفراح جعلها أتراحا.. كم من سرور قلبه هما وغما .. والد مع أولاده في يوم عيد يضاحكهم ويلاعبهم..في سعادة ونشوة وفرح وفجأة وهو راكب دراجة بخارية عريضة تنطلق به فلم يستطع التحكم بها .. ليستقر به الأمر بين أسنان حراث زراعي.. ليغرق في بحر من الدماء.. ذهبت الأماني انقلبت الأفراح أحزان.. والعيد مأتم..وبقي الأولاد أيتام.. فلا إله إلا الله . فتاة في عمر الزهور تراقب الأيام والشهور ليزفها أبوها إلى عريسها ترحل بها الأماني إلى العش السعيد وفجأة يموت الوالد ليحزن عليه الجميع.. فيأتي العريس من مدينته البعيدة.. ليعزي أهل زوجته ويقف معهم في محنتهم.. وربما كان يحلم كيف سيكون القادم من الأيام.. وفجأة تنحرف السيارة وتنقطع الأحلام..لتحل الآلام فيموت العريس وتبقى العروس.. تبقى العروس تبكي على زوجها وأبيها..وتتلاشى الأماني التي كانت تحلم فيها.. سبحان الله..هكذا هي الأيام والأحلام والآلام تمتزج ببعضها وتتبعثر الأوراق.. فلا إله إلا الله .. لحظات والعريس والوالد بين الأموات إ في ذلك ذكرى لمن كان له قلب .. الله أكبر ما أجل حكمته.. ما أعظم تدبيره.. تلك هي الدنيا.. خداعة غدارة فتانة غراره.. تضحك وتبكي.. وتجمع وتشتت..شدة ورخاء سراء وضراء يا ربما ابتسمت يوما لذي شره وربما خضعت يوما لمحتال.. تطيب حين وتغرينا لذائذها لكنها لو وعينا دار أهوالي.. أيها الأخوة... العاقل النبيه من اتعظ واعتبر فالموت أمر واقع ماله من دافع.. لا مرد له ولا شافع كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة.. فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور. أيها الأخوة.. أن الموت قد فضح الدنيا فلم يجعل لذي لب بها فرحا ما ترى لنا والله قرة عين في أهل ولا ولد. ولا مال ولا تلد ولا أصحاب ولا أحباب . أفسد الموت على أهل النعيم نعيمهم.. ذكر الموت دواء لقسوة قلوبنا دواء لغفلة نفوسنا دواء لمن أغرق في الترف ومباهج الدنيا ، صور لنفسك لحظات السكرات .. أخي لحظات السكرات لحظات مهولة.. ذات كرب شديد وما بعدها إلا وعد أو وعيد { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد } معاشر الأخوة والأخوات.. لنرجع لأنفسنا .. لنرجع كل واحد منا إلى نفسه الآن .. ماذا سيفعل حينما تبلغ روحه الحلقوم.. ما حيلته حينما يكون في آخر لحظة من الدنيا وحوله أهله وأولاده.. يسمعون حشرجة الروح في صدره.. ينظرون إليه والكرب والضيق يتغشاه. يتلفتون لعل رؤية تفيد أو جرعه تخفف عليه من ألآم السكرات لكن هيهات فقد بطلت كل حيلة وعجزت كل وسيلة فأسلموا الأمر إلى صاحب الأمر المحيي المميت فصور لنفسك أخي سكرات الموت التي ما سلم منها خير الأنبياء وأفضل الخلق صلى الله عليه وسلم فقد كان بين يديه قربة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء ويمسح بهما وجهه وهو يقول : لا إله إلا الله إن للموت سكرات .. إن للموت سكرات اللهم هون علي سكرات الموت.. ثم نفض يده فجعل يقول في الرفيق الأعلى في الرفيق الأعلى حتى مالت يده حتى إن ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها لما رأت ما به من الكرب الشديد الذي يتغشاه قالت : وا كرب أباه..فقال لها : ليس على أبيك كرب بعد اليوم أما عائشة فقد قالت: لا أغبط أحد يهون عليه الموت بعد الذي رأيت من شدة موت رسول الله صلى الله علية وسلم . ولما حضر الأمر للعاصم بن يتات قال له ابنه: يا أبتاه إنك لتقول لنا ليتني أجد رجلا عاقلا لبيبا عند نزول الموت حتى يصف لي ما يجد وأنت ذلك الرجل فصف لي الموت فقال : يا بني والله كأن نفسي في سقف وكأن السماء قد انطبقت على الأرض وأنا بينهما وكأني أتنفس من فم إبرة وكأن غصن شوك يسري من قدمي إلى هامتي.. وقال عمر رضي الله عنه لشعب الأحبار : يا شعب حدثنا عن الموت ؟؟ فقال: إن الموت كغصن كثير الشوك أدخل في جوف رجل وأخذت كل شوكة بعرق ثم جذبه رجل شديد الجذب فأخذ ما أخذ وأبقى ما أبقى . وقال شداد ابن أوس: الموت أفظع هول في الدنيا والآخرة على المؤمن وهو أشد من نشر بالمناشير وقرض بالمقاريض وغلي في القدور ولو أن المجلس أخبر الدنيا بالموت ما انتفعوا بعيش ولا لذوا بنوم ولهذا كان السلف يهتمون كثيرا عند الاحتضار.. نعم كانوا يعتدون لساعة السكرات، كانوا يفكرون فيها كثيرا ، كانت تقلق منامهم .. هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو من العشرة المبشرين بالجنة لما طعن قال لأبنه : يا بني ضع خدي على التراب .. فوضعه ، فبكى حتى لصق في عينيه وجعل يقول: يا ليتني خرجت من الدنيا كفافا لا لي ولا علي يا ليتني كنت شجرة تلقط يا ليت أم عمر لم تلد عمر ويل لي ولأمي إن لم يرحمني ربي.. وقال أبو الدرداء عند احتضاره: ألا رجل يعمل بمثل مصرعي هذا ؟؟ ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه؟؟ ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا ؟؟ ثم بكى .. فقالت له امرأته : أتبكي وقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: ومالي لا أبكي ولا أدري على ماذا أهجم من ذنوبي.. مالي لا أبكي ولا أدري على ما أهجم من ذنوبي.. هكذا كانوا رحمهم الله وهذا من أعظم الفقه.. أن يخاف الرجل أن تقتله ذنوبه عند الموت .. فتحول بينه وبين الخاتمة الحسنى ومن هذا خاف السلف من الذنوب أن تكون حجابا بينهم وبين الخاتمة الحسنى .. فهل خفنا من ذنوبنا ؟؟ هل خفنا من ذنوبنا ؟؟ ألا نخشى أن تكون سببا في سوء خاتمتنا . بكى سفيان الثوري ليلة فأطال فلما أصبح قيل له: كل هذا خوف من الذنوب؟؟ فأخذ تبنه من الأرض وقال : الذنوب أهون من هذا وإنما أبكي من خوف سوء الخاتمة... وإنما أبكي من خوف سوء الخاتمة.. يقول هذا وهو الثوري فماذا أقول أنا وأنت .. أخي الحبيب .. كل هذا الهم والقلق فقط عند لحظات السكرات فكيف بالقبر والظلمات والصراط والحساب وأهوال و أهوال والنهاية جنة أو نار أخي إن كنت تفهم ما أقول وتعقل فأرحل بنفسك قبل أن بك يرحل ولا يستساغ بالذنوب وخلها حتى متى وإلى متى تتعلل.. قف مع النفس وقفات .. قف مع النفس وقفات .. أخي هلا استحيت ممن يراك إذا ركبت ما نهاك .. ستبكي والله عيناك مما جنت يداك .. الموت لابد قادم وهو لك بالمرصاد فقل لي أين تحيد وفي القرآن { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } أصدق مع نفسك لا يغرك الناس.. أنظر لنفسك وفعلك وعملك .. أنت اعلم الناس .. بما بينك وبين ربك .. أنت اعلم الناس بالأسرار التي بينك وبين الله .. فلا يغرك الآخرون .. لا يغرك الآخرون .. وجاهد نفسك واعصي هواك .. وطارشها وقل لها: يا نفس توبي فإن الموت قد حان .. واعصي الهوى فالهوى ما زال فتانا .. أما ترين المنايا كيف تلقفنا . لقفا و تلحق أخرانا بأولانا ..في كل يوم لنا ميت نشيعه نرى بمصرعه آثار موتانا .. يا نفس مالي وللأموال اتركها خلفي واخرج من دنياي عريانا ما بالنا نتعامى عن مصائبنا .. ننسى بغفلتنا من ليس ينسانا .. نزداد حرصا وهذا الدهر يزجرنا .. كأن زاجرنا بالحرث أغرانا.. يا راكضا في ميادين الهوى مرحا .. وراسلا في ثياب الغي نشوان.. مضى الزمان وولى العمر في لعب .. يكفيك ما قد مضى فقد كان ما كان .. عبد الله .. ألا تخشى الله ؟؟ أليس في قلبك تعظيم لله .. كم دعاك إلى بابه فما أجبت .. كم استدعاك لجانبه فقعدت .. أمه الله ؟ ألا تشكرين هذه النعم التي أنت فيها .. صحة وعافية ومال وجمال .. ألا تخافين أن يصيبك مرض أو عاهه .. فكم عن واجبات الدين تساهلتي .. كم زجرتي عن منهياته فما انزجرتي .. عبد الله .. أمة الله ؟؟ ألا نسمع لكلمات الناصح .. فكم سمعت دعوة الخير فتصاممت .. أجب أخي داعي الله ..قل للنفس يا نفس ويحك فقد أتاك هداك ..أجيبي فداعي الحق قد ناداك.. وكم قد دعيت إلى الرشاد فتعرضي .. وأجبت داعي الغي حين دعاك .. أخي .. أخيتي.. لنقل لأنفسنا نحدثها .. نصارحها .. نحاسبها يا نفس إلى متى ؟؟ أما آن لكي أن تضعوي .. أما آن لك أن تنجلي ..أما تخافين من الموت .. فهو يأتي بغتة ..أما تخشين من المرض .. فالنفس تذهب فلتة .. أخبرني أخي .. لو أن ملك الموت أتاك الآن ..في هذه اللحظة .. أتاك ليقبض روحك .. أكان يسرك حالك وما أنت عليه .. لماذا تغفل عن نفسك ؟؟ لماذا لا ترجع لنفسك .. لماذا لا تعزم عل نفسك ؟؟ يا كثير السيئات إن للموت سكرات .. يا هاتك الحرمات .. إن للقبر ظلمات .. يا صاحب الشهوات .. إن للنار زفرات .. أسأل نفسك ماذا أعددت لكل هذا ؟؟؟ حسرات .. عبرات .. سكرات .. أمور موحشات ..عظام نخرات .. يا أسير الغفلات .. إلى كم ذا التعالي عن أمور واضحات .. و إلى كم أنت غارق في بحار الظلمات .. لم يلن قلبك أصلا في النواهي والعظات .. متى يا أسير الغفلات .. هل إذا قيل مات؟؟ .. يا أخي قد مضى العمر وفات .. فاغنم العمر وبادر بالتقى قبل الممات .. وأنب واقلع وأرجع عن عظيم السيئات .. واطلب الغفران ممن ترتجى منه الهبات .. ثم نادي بالدياجي يا مجيب الدعوات .. أعفوا عنا يا رحيما وأقلنا العثرات .. اللهم أعفوا عنا .. وأغفر لنا وارحمنا .. عفوا أخي الحبيب أنا لا أريد أن أكدر عليك أيامك .. ولا أريد أن أبعثر أحلامك.. لكنها الحقيقة التي لا مفر منها .. الحقيقة التي نتغافل عنها .. أنا لا أطالبك بترك المباحات ..فالله تعالى يقول { ولا تنس نصيبك من الدنيا }... لكن لماذا أصبح نصيبنا كله للدنيا !!!! لماذا نحيل الآخرة !!! لماذا نحيل الجنة وما فيها من نعيم وخضرة وأنهار!! وقصور وجمال وخمر وغناء.. وفيها ما لا يخطر على القلب .. نسأل الله الكريم الجنة .. صور لنفسك أخي .. صور لنفسك أنك الآن أنك في الجنة ؟؟.. على الأريكة بين أنهارها وأشجارها وأطيارها .. قال إبراهيم السلمي : مثلت نفسي في الجنة ..أكل من ثمارها وأشرب من أنهارها .. أعانق أبكارها .. ثم مثلت نفسي في النار .. أكل من زقومها وأشرب من صديدها .. وأعالج من سلاسلها وأغلالها فقلت لنفسي أي شئ تريدين ؟؟أي شي تريديــــــــــن ؟؟ قالت : أريد أن أرد للدنيا فأعمل صالحا .. قال : فقلت أنت في الأمنية فاعملي .. أنت في الأمنية فاعملي.. أخي الحبيب.. نعم أنت الآن في الفسحة وفي زمن المهلة ..فعجل ..عجل .. تذكر الموت ليسهل عليك ترك المحرمات .. تذكر الموت لتحذر من المشتبهات .. أحذرك من فجأة الموت .. لتقلل من الحرص الشديد على الدنيا .. والتكالب عليها .. أنصحك بعدم الإسراف والتبذير .. وترك حياة الترف والمبالغة في عطارة الدنيا .. لماذا نكره الموت ؟؟ يقول أحد السلف : لماذا نكره الموت .. فقال : لأنكم عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة وما من أحد يحب أن ينتقل من العمار إلى الخراب .. وفي البخاري عن عبادة ابن الصامت أن النبي صلى الله علية وسلم قال: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه .. ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه..قالت عائشة : أننا نكره الموت !! قال: ليس ذاك !! لكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شئ أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه .. نسأل الله الكريم من فضله .. وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته ليس شئ أكره إليه مما أمامه كره لقاء الله وكره الله لقاءه .. فدع أخي عنك التعلل بالأماني وأخلص لله العمل .. واعمل صالحا ليحب الله لقاءك .. فإن العلاج الناجح هو أن تحرص على كثرة ذكر الموت ليكون لك عونا لعمار الآخرة .. عمارتها بالأعمال الصالحة .. بكثرة التوبة والاستغفار .. بمجاهدة النفس..بترك المعاصي والسيئات .. وإلا فإن الموت حق على الجميع . لكنها الحياة الطيبة والخاتمة الحسنة .. ولا أحد منا يأمن على نفسه .. خاتمة وخاتمة .. شتان بين الخاتمتين ..لكن تبقى الخاتمة الحسنى لها علامات واضحات .. وتبقى الخاتمة السيئة لها دلالات بينات ولا نجزم لأحد بجنة ولا نار ..فأمر لله من قبل ومن بعد .. والمصيبة كل المصيبة يوم يخلط بين الخاتمتين .. ويلبس على المسلمين الخير .. ويجعل من مات على الغناء بطولة وإنجاز ..مع أن الله تعالى أخبرنا أن الكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها وأخبرنا أن الكلمة الخبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار .. ومهما قيل ومهما زخرف ومهما لون سيبقى الجد جد واللهو لهو وشتان بين من مات على طاعة ربه وبين من مات على معصية الله شتان بين من مات على خير وحسن خاتمة وبين من مات على شر وسوء خاتمة .. يقول أحد مغسلي الأموات : في أحد الرمضانات أحضر إلى المغسلة شاب وأثناء تنظيفه وتغسيله لفت نظري أنه مبتسم فسألت أهله عن خبره فقالوا : إنه حديث عهد بتوبة .. حديث عهد بتوبة .. فلا تتردد أيها التائب .. لا تتردد ربما تنوي التوبة فيغفر لك بالنية .. قال إنه حديث العهد بتوبة أنه بدء قبل أشهر بصيام الأثنين والخميس وبعد أن دخل رمضان توفي بعد إفطار يوم من أيامه ..أثناء تناوله الشاي .. كان يضحك واستلقى فظن أهله أنه مازال يضحك ولازمت الابتسامة شفتيه ولم تفارقها حتى الموت .. وشاب آخر أحضر إلى المغسلة توفي في دولة عربية ..يقول المغسل فلما فتحنا التابوت .. وجدناه أسود كالليل البهيم ودهشت حينما رأيت أخاه الذي أحضره أبيض اللون فسألته : هل كان أخوك أبيض.. قال : نعم .. فطلبت منه أوراق الوفاة فأعطاني أوراق ناقصة .. فقلت له :أريد شهادة الوفاة .. فوافق شريطة أن لا يراها أحد يقول : نظرت فيها فإذا بسبب الوفاة إبرة مخدر تعاطاها فمات وهي في عضده .. أعوذ بالله من سوء الخاتمة .. نعوذ بالله من سوء الخاتمة .. فيا أخي لا تكن ممن يفضح يوم موته .. أحذر سوء الخاتمة علامة الشقاء في الدنيا قبل الآخرة .. اللهم توفنا وأنت راضي عنا .. واجعلنا ممن ختمت له بالحسنى برحمتك يا أرحم الراحمين .. القبر الواعظ الصامت ..وبعد الموت إما عذاب دائم يقول صاحبه : ربي لا تقم الساعة .. وإما نعيم دائم يقول صاحبه : ربي أقم الساعة .. وبعد القبر مواقف تشيب منها الولدان { يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد } وقف النبي صلى الله علية وسلم على شفير قبر فبكى حتى بل الثرى .. ثم قال : يا إخواني لمثل هذا فأعدوا .. لمثل هذا فأعدوا .. صلى الله وسلم على رسول الله .. قد أمرنا للاستعداد ليوم البعث والنشور.. فماذا أعددنا .. لقد عمرنا الدور والقصور.. والحسابات التي تدور .. وكل سهل ميسور ..لكن هل سينفع ذلك في القبور .. يتبع الميت ثلاثة أهله وماله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد يرجع أهله وماله ويبقى عمله .. هكذا يقول الرسول فماذا تقول أين العقول ؟؟ تذكر أخي تذكر آخر ليله لك في الدنيا وأنت مع أهلك وأولادك سعيد وفي صحة وعيش رغيد .. ثم هي ساعات فإذا أنت في القبر وحيد.. فارقت موضع مرقدي يوما ففارقني السكون.. القبر أول ليلة لي بالله قل لي ما يكون .. أتدري أخي ما يكون .. أتدري ما يكون القبر؟؟؟ لم يأتي على القبر يوما إلى تكلم فيه فيقول .. أنا بيت الغربة .. أنا بيت الوحدة ..أنا بيت التراب ..أنا بيت الدود .. فإذا دفن العبد المؤمن قال له القبر: مرحبا وأهلا أنا من كنت لأحب من يمشي على ظهري إلي فإذ وليتك اليوم وصرت إلي فسترى صنيع بك .. قال : فيتسع له مد بصره .. ويفتح له باب من الجنة .. نسأل الله الكريم من فضله ..قال : فإذا دفن العبد الفاجر : قال له القبر: لا مرحبا ولا أهلا ..أما من كنت أبغض من يمشي على ظهري إلي فإن وليتك اليوم وصرت إلي فسترى صنيعي بك ..قال : فيلتئم عليه حتى يلتقي عليه ..وتختلف أضلاعه..قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف أصابعه فأدخل بعضها في جوف بعض ..قال : ويغيض الله له سبعين تنينا لو أن واحد منها نفخ في الأرض ما أنبتت شيئا ما بقي في الدنيا فينهشنه ويخدشنه .. حتى يفضى به إلى الحساب .. كما ف سنن الترمذي.. أيها القبر تالله لقد وعظت فما تركت لواعظ مقالا بالله سل أحبابنا الذين مضوا كيف حالهم ؟؟ ماذا فعل الغني بغناه..ماذا قدم الجاه لأهل الجاه .. سلهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون.. يغتابون .. يلعنون ..سلهم عن الأعين التي كانوا بها ينظرون .. يشتهون يتلذذون .. سلهم عن الأذان التي كانوا بها يسمعون ..يطربون .. ينصتون ..سلهم عن الأرجل التي كانوا بها يمشون ..يرقصون يلعبون ..سلهم عن الأيدي التي كانوا بها يبطشون ..يسرقون .. يظلمون ..سلهم عن الأجساد التي كانوا بها يزنون ..يتنعمون مترفون ..سلهم عن الوجوه التي كانوا بها يتجملون ..يفخرون يبتسمون ..كأني بك أيها القبر تقول .. أما الوجوه الحسان .. فأكلتها الديدان ..وخرجت الحدقتان ..وتقلصت الشفتان ..وعلى الصديد الأكفان ..دود وأنفان .. سلهم أيها القبر ؟؟ أهم منعمون آمنون ؟؟ أم هم معذبون يصرخون ..أيها القبر قل للأحياء ..إنكم ميتون ..هم السابقون وأنتك بهم لاحقون ..أفلا تعتبرون ..أفلا تذكرون .. أفلا تعقلون ..إلى كم ذا التراخي والتمادي ..وحادي الموت بالأرواح حادي ..ولو كنا جماد لتعظنا ..ولكنا أشد من الجماد ..تنادينا المنية كل وقت ..وما نصغي إلى قول المنادي ..وأنفاس النفوس في انتقاص ولكن الذنوب إلى ازديادي ..إذا ما الزرع قاربه استواء .. فليس له دواء غير الحصادي.. .. يا ليت شعري كيف هو حالنا في أول ليلة في القبر .. كيف حالك يا عبد الله .. كيف حالك يا أمة الله ..كيف حالكم في أول ليلة لكم في القبر ..تلك الليلة التي بكى منها الأنبياء والعلماء .. تلك الليلة التي تأثر بها الحكماء والبلغاء .. تلك الليلة التي تأوه منها الشعراء و الأدباء كيف لا ؟؟ وهي علامة السعادة أو الشقاء .. فعن هانئ مولى عثمان قال : كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته فقيل له تذكر الجنة ونار ولا تبكي .. وتبكي من هذا ؟؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : القبر أول منازل الآخرة .. فمن ينجو منه فما بعده أيسر منه .. فمن لم ينجو منه فما بعده أشد منه .. اللهم هون علينا عذاب القبر .. اللهم اجعل قبورنا روضة من رياض الجنة .. لعلك أخي عرفت القبر .. إنه أول منازل الآخرة ..الواعظ الصامت .. فيا لها من عظه .. فيا لها من عظه لو وافقت قلبا حيا ..إنه لا يتكلم .. ولكن منظره يصرخ في أعماق كل الناس .. هل رأيتني ؟؟ هل رأيت عمقي وضيقي ؟؟ هل رأيت ظلمتي و وحشتي .. هل رأيت منظرا أفزع مني ؟؟ لماذا تهرب عني ..لا بد لك مني .. اسمع لقول الر سول الكريم عني: (والله ما رأيت منظرا قط إلا والقبر أفظع منه ).. اللهم إنا نعوذ بك من عذاب القبر .. إنه أمر عظيم مهون .. تطيف له العقول ..سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكيس الناس يا رسول الله ؟؟ فقال صلى الله عليه وسلم : أكثرهم ذكرا للموت وأشدهم استعداد له ..أولئك هم الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة فكن أخي عاقلا كيسا فطنا ..فإن من أعظم مصائبنا اليوم ..خفة الهمم وبرود العزائم ..وإلا فإن في الموت عبرة وعظات ,, هاهو يتخطف الناس من حولنا .. الكبار والصغار .. الرجال والنساء ..الأغنياء والفقراء ..الأقوياء والضعفاء ..المرضى والأصحاء .. فاستفق ويحك من سكار الغفلة .. كفى تسويفا فقد قامت عليك الحجة ما بقي لك من عذر ..أوشكت الشمس على الغروب ..قم إلى ميدان العمل ..زاحم الجادين ففي بطون القبور أخبار وأسرار لسان الحال هناك ..ينادي فيقول وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ..أزل عن قلبك غشاوة الغافلين ..لا تطع اللاهيين المحبطين فإنك واقف بين يدي من يعلم وساوس الصدور ..ومن يسأل عن لحظات العيون { يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية } .. تنبه أخي .. فإن غرك الجلساء وقلت لا فلا يطمعن البطال في منازل الأبطال فمن زرع حصد..ومن جد وجد واعلم أن من ينجيك من غرور الأماني وفجأة المنون أمور من أهمها : 1- العناية بعبادة القلب التي نغفل عنها كثيرا..فالخوف من الله ومراقبتنا لله وأنه يراك و الاستعانة بالله فأنت ضعيف بنفسك قوي بربك والرضا به وأقداره فإن الرضا جنة الدنيا .. وغيرها من عبادات القلب المغفول عنها .. كيف نريد للقلب أن يرق ..وقد غفلنا عن عباداته العظيمة .. كيف نريد لقلوبنا أن تخشع وتستكين ..وقد غفلنا عن أمراض القلوب التي تأن في القلوب . 2- زيارة المقابر والتفكر في القبور والموتى والجنائز وتخيل العبد أنه هو الميت و المحمول و والمقبور ..فالموت لا بد آت وكل آت قريب ..كم نزور القبور .. كم ندخل المقابر ..ثم لا نتعظ ولا تدمع العين ..وربما نتكلم في وسط المقابر بأمور الدنيا وربما يحاسب فلان فلانا من أجل مال أو دنيا في وسط المقابر ..الموت قريب .. تخيل الموت ينزل بك فيذهب رونقك وبهائك .. ويغير منظرك وروائك ويمحو صورة جمالك ..ويمنع من اجتماعك واتصالك ..ويبادل أحب الناس لك .. وارحمهم بك واعطفهم عليك ..فيقذفك في حفرة من الأرض .. قريبة أنحائها مظلمة أرجائها محكم عليك حجرها متحكم فيك هوامها وديدانها ثم بعد ذلك يتمكن منك الإعدام وتختلط بالريغان وتصير تراب تطؤه الأقدام .. وكأن بالداعي يبكي عليه أقربوه ..وكأن القوم قاموا فقالوا أدركوه ..اسألوه كلموه حركوه لقنوه حركوه وجههوا مددوه غمضوه عجلوه غسلوه كفنوه حنطوه فإذا ما لف في الأكفان قالوا فاحملوه أخرجوه فوق أعواد المنايا شيعوه ..إذا صلوا عليه قيل هاتوا واقبروه..فإذا ما استودعوه الأرض رهنا تركوه .. خلفوه تحت رمس أوقروه.. أثقلوه أبعدوه أحقروه .. أوحدوه أفردوه ودعوه ..فارقوه خلفوه أسلموه .. وانثنوا عنه وتركوه كأن لم يعرفوه .. نعم كأن لم يعرفوه ..تركوه في المقابر وحيدا ..المقابر دارنا الثانية ..تلك الدار التي لا يفصل بيننا وبينها إلا جدار نحمل لها موتانا كل يوم فهل فكرنا فيها هل أعددنا لها العدة ..سبحان الله لقد تعلقنا بالدنيا حتى ظننا أن لا نموت وغفلنا أن الكبيرة والصغيرة لا تفوت وأننا سوف سنقف بين يدي ذي العزة والجبروت ..كأني بأصحاب القبور تقول : أليس لكم فينا معتبر ..أليس في تقدمنا لكم نظر ..أما لكم في صقاع أعمالنا فكر .. ها أنتم في مهل فمل ستدركون ما فات هل ؟ أخي إني لك محب وناصح ..فقف مع نفسك وازجرها .. كفى يا نفس ما كان كفاك هوى وعصيانا كفاك ففي الحشى صوت من الإشفاق نادنا أما آن المآب بلا بلا يا نفس قد آن خطوت خطاك مخطئة فسرت الدرب حيرانا فؤادي يشتكي ذنبي ويشكو منك ما كان أعيدي للحمى قلبي وعودي عودي الآن يسابقني هوى وهدى وقلبي بعد ما لان كأني ما سمعت وما رأيت الهدي إذ بان كأني صخرة فمتى يلين الصخر إيمانا ظننت سعادتي لهوا يزيح الهم سلوانا فلم ازدد سوي هم ولو أضحكت أحيانا يسافر بالهوى قلبي بدور اللهو نشوانا فتوقفه محطات تهز عراه إيمانا ألا فارجع وارجع ما مضى بالقرب أزمانا سياط التوب تزجرني فأحني الرأس إذعانا واصرخ والحشى يغلي بما أسرفت نيرانا أصيح بتوبتي ندما كفى يا نفس ما كان 3- أبحث عن سبب قسوة قلبك فربما كان سببه أكل الحرام أو امتلائه بالغل والحسد أو إصرار على الذنب كالغناء دون ندم ولا استغفار أو الإعراض عن الله والصدود والتكبر وإياك إياك أن تتكبر على الله فإن الله تعالى يقول { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } فتواضع وانكسر مهما كان ذنبك ..وأعلن ضعفك وحاجتك إلى الله .. أقبل عليه يقبل عيك ..عندها ابشر أخي الحبيب فإن الرب رحيم .. قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه .. وهو الذي أمرك بالدعاء ووعدك بالإجابة ..فادعوا الله وتضرع لله وانكسر بين يدي الله ليرى الله ضعفك وحالك. 4- استعن بعد الله بالأنيس النفيس واحذر جليس إبليس واعلم أن الماء والهواء يفسدان بقربهما من الجيف وكلما ابتعدت قليلا عن مكان الجيف طاب الهواء والماء فكيف بأنفاس الفساق وجلساء السوء الذين غرروا بالكثير من الشباب وردا التوبة عن كثير من الشباب والفتيات احذر جلساء السوء فر منهم فرارك من الأسد ولا يشغلنك هؤلاء اصحب أهل المعاني ودع عنك الأماني وجدد العزم وسابق على الخيرات . 5- أكثر من محاسبة نفسك والوقوف معها فإن من أهمل المحاسبة دامت حسرته و ساء مصيره وما كان والله شقاء الأشقياء إلا لأنهم لا يرجون حسابا فوقعوا ضحايا أنفسهم وأخابيل شياطينهم ووافتهم المنايا وهم في غمرة ساهون فإذا كان العمر مكتوبا والأجل مرسوما فلتنظر نفس ما قدمت لغد ولتنظر نفس ما تريد ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤتيه منها وشتان أخي بين حياة و حياة وشتان بين اهتمام واهتمام والذي يعيش للدنيا فقط إنما يحي حياة الديدان والدواب والأنعام ثم يموت .. نعم يموت في موعده المقرور وأجله المكتوب والذي يتطلع للأفق الأعلى إنما يحي حياة الإنسان الذي كرمه الله ثم يموت بموعده المقرور بأجله المكتوب .. لكن شتان بين هذا وذاك .. شتان بين ميتة وميتة .. 6- اعلم أن القراءة والنظر في السير والتراجم من أفضل الوسائل لإشعال العجائل فهم أصحاب همم وصلوا للقمم فحاول أنت الصعود للقمة ولكن خطوة خطوة ودرجة درجة فالقصد القصد تبلغوا وإياك والقفز ففيه سقطات وقد أهلك الكثير من الشباب والفتيات ولكن بالصبر والمجاهدة والتوكل واليقين وقليل دائم خير من كثير منقطع .وحينما تصل للقمة فتعلم أنه كم هو نقي هواء القمم لا يكدره المرجفون ولا المترفون ولا الضعفاء ولا المنافقون لا يمكن أن يتنفسه إلا ذوي الهمم أمثالك . 7- اعلم أن كثرة الاشتغال بالدنيا وإفراغ المجهود فيها والميل بالكلية إليها وحلاوة أحاديثها ولذة أمانيها تمنع حرارة ذكر الموت أن ترد على القلب وأن تلج فيه ..نعم .. لأن القلب إذا امتلئ بشي لم وجد لشئ آخر فيه مدخل ولا لسواه فيه مجال وهو مثل الإناء كلنا يشكو قسوة القلب كلنا يشكو أنه يرى الميت ويسمع عن الموت وربما لا يتحرك القلب فأقول لك إن أراد صاحب هذا القلب سماع الحكمة والانتفاع بالموعظة لم يكن له بد من تفريغه ليجد التذكر فيه وتلقي الموعظة فيه محلا قابلا فلا يزال يعاهده بالأذكار والأفكار والنظر والاعتبار ءاناء الليل وأطراف النهار لئلا يرجع على ما كان عليه من الريم ويعود لحالته الأولى من الغفلة ..إن لم تقدر على تفريغه بالمرة فرغ منه ما أمكن اجعل مكان الغفلة ذكرا مكان الفرح حزنا مكان الارتباط ندما ومكان السهو تيقظا وإن فعلت هذا ما يزال القلب يتنور ويتنور حتى يرق وينكسر لله تعالى واعلم رحمك الله أن ما يعين على الفكرة بالموت ويفرغك له ويكثر اشتغالك به تذكر من مضى من إخوانك وخلانك وأصحابك وأقربائك الذين مضوا قبلك وتقدموا أمامك كانوا يحرصون حرصك وكانوا يسعون سعيك يأملون أملك يعملون في هذه الدنيا عملك وقصت المنون أعناقهم وقلعت أعراقهم وقسمت أصلابهم وفجعت فيهم أهاليهم وأحبابهم . وتشهد كل يوم دفن خل كأنك ا تراد بما شهدت ولو تغلق بما تأمرها ولكن لتعبرها فجد لما خلقت سمعت لك النصائح فامتثلها حياتك فهي أفضل ما امتثلت بشارات.. بشارات.. ابشر أخي الحبيب فإن الله ستير يحب الستر اسمع لهذا الحديث العجيب عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :إن الله يدني المؤمن ويضع عليه كنفه ويستره فيقول له أتعرف ذنب كذا ؟؟ أتعرف ذنب كذا ؟؟ فيقول نعم أي رب ؟؟ فإذا قرره بذنوبه ورأى بنفسه أنه هلك قال : سترتها عليك في الدنيا وأنا اغفرها لك اليوم .. نسأل الله الكريم من فضله .. فيعطى كتاب حسناته ..أما الكافر والمنافقون فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين .. أخي أقبل على الله مهما كان منك .. وابشر إنشاء الله بغفران الذنوب ومحو الخطايا .. ابشروا برحمة الله ولطفه ..فإن الله ارحم بالعبد من أمه متى ؟؟ إذا اقبل العبد اقبل عليه .يفرح بتوبته وهو لا يحتاج إليه بل إنه ينادي بحنانه من أسرف وتجاوز بألطف عبارة وأرق آية { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } فابشر أخي إن من أصلح ما بقي غفر له ما مضى بل أعظم من هذا بل بدلت سيئاته حسنات نسأل الله الكريم من فضله ..وتنبئ وتذكر دائما وإياك أن تنسى أن الموت يأتي بغتة وأن الصالحات هي رؤؤس الأموال وأن الربح جنات عدن والخسارة نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى .. وبعد هذه الرحلة الطويلة.. كل حسيب نفسه وأخيرا أقول لكم كما قال يحي بن معاذ : لستم آمركم بترك الدنيا إنما انصح بترك الذنوب فترك الدنيا فضيلة وترك الذنوب فريضة أنتم في إقامة الفريضة أحوج منكم في إقامة الحسنات والفضائل ولما حضرت ابن المقتدر الوفاة بكى فقيل له ما يبكيك قال : والله لا أبكي لذنب اعلم أني أتيته ولكني أخاف أني أتيت شيئا حسبته هينا وهو عند الله عظيم .. فلا إله إلا الله يبكي على ذنوب لا يعلمها ..أفلا نبكي ذنوبا أمثال الجبال نعلمها ونصر عليها.. فرحماك ربنا بنا وكما قيل للحسن يا أبى سعيد : من أشد الناس صراخا يوم القيامة ..فقال : رجل رزق بنعمة فاستعان بها بمعصية الله ومن أعظم نعم الله علينا بعد الإيمان الصحة والفراغ والمال و الجدة ومن تأمل واقع الناس وجد أن توفر هذه النعم كانت سببا عند البعض لمعصية الله بدل شكرها بالطاعة اللهم اجعلنا ممن أعطي فشكر وفي ختام هذا الدرس وبعد هذه الكلمات استغفر الله وأتوب إليه فقد وعظتكم فربما ظننتم أنني واعظ زاهد وأنا اعلم الناس في نفسي كثير الإسراف في يومي وأمسي غير محكم في كثير من أمري ولكن عزائي لو أن المرء لا يعظ أخاه حتى يحكم نفسه إذن لتواكل الخير ورفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقل الواعظون والساعون لله بالنصيحة في الأرض و ود الشيطان وأعوانه هذا ومثلي مثل قول عمر ابن عبد العزيز رحمه الله لما وعظ يوما إخوانه يوما فقال : وأيم الله إني لأقول مقالتي هذه ولا اعلم عند أحدكم من الذنوب أكثر مما عندي ولكنها سنن من الله عادله أمر فيها بطاعته ونهي عن معصيته ثم استغفر الله تعالى ثم وضع رحمه الله تعالى وضع كمه على وجهه وبكى حتى بلت دموعه لحيته غير أنه يقولها رحمه الله ورعا وأقولها حقيقة فويحك نفسي إن نجا هؤلاء وهلكتي اللهم لا تحرمني ولو أجر الدلالة فالدال على الخير كفاعله فإن أكن فعلته فقد دللت عليه اللهم اغفر لي ما لا يعلمون واجعلني أفضل مما يظنون اللهم اغفر للحاضرين خاصة والسامعين عامة وأعفوا عنا جميعا إنك تحب العفو فأعفوا عنا اللهم وفقنا للاستعداد ليوم الدين... اللهم لا تجعلنا من النادمين واجعل قبورنا بعد فراقنا خير منازلنا واجعلها من رياض الجنة وقنا عذاب القبر وفتنته ووحشته وضمته وأهواله وظلمته سبحانك يا إلهي إذا ذكرنا خطايانا ضاقت علينا الأرض بما رحبت .. وإذا ذكرنا رحمتك ارتدت إلينا أرواحنا إلهنا بأي قدم نقف بين يديك وأنت قد علمت سرائر أمرنا وختمت على ألسنتنا وأنطقت جوارحنا فيا من اظهر الجميل يا من ستر القبيح يا غياث المستغيثين يا حبيب قلوب المؤمنين ها نحن جئناك تائبين منكسرين خاضعين فأقبل اللهم توبتنا واستجب دعوتنا وارحم عبرتنا وأقل عثرتنا اللهم ارحم موتى المسلمين واغفر سيئاتهم وأعذهم من عذاب القبر يا ارحم الراحمين اللهم أحينا على الطاعة واكتبنا على التوحيد وهون علينا سكرات الموت واجعل الحياة زيادة لنا من كل خير والموت راحة لنا من كل شر اللهم انصر المسلمين المستضعفين في كل مكان اللهم انصرهم في فلسطين والشيشان وكن لهم عونا يا رب العالمــــــــين... الشيخ إبراهيم الدويش
[RAMS]http://live1.islamweb.net/Lecturs/ialdoweesh/32207.mp3[/RAMS] |
#2
|
||||
|
||||
جزاك الله خير اخي
__________________
قال أيوب السختياني رحمه الله: من أحب أبابكر فقد أقام الدين، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله، ومن أحب علياً فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن قال الحسنى في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد برئ من النفاق. [align=center][/align] |
#3
|
|||
|
|||
|
أدوات الموضوع | |
|
|