#1
|
||||
|
||||
أبواب موصدة .
" .... قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34) " ( صدق الله العظيم ) حتى عام الحزن في السنة العاشرة من المبعث لم يكن المصطفى عليه الصلاة والسلام قد خرج بدعوته من أم القرى , مهد مولده ومنزل مبعثه إلا أن يلقى بعض الوافدين على الموسم فيدعوهم إلى الإسلام . ففي مكة قبل سواها كان ينبغي أن تستقر الدعوة بحكم التاريخ الديني العريق للبلد الحرام والبيت العتيق لكن عشر سنين من الصراع المرير بين الإسلام والوثنية القرشية بلغت بالجولة المكية ذروة تعقدها وفرضت أن تأخذ الأحداث متجها آخر .... . وبدأ المصطفى عليه الصلاة والسلام بالطائف . فخرج من مكة يلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم من قومه ويرجو أن يقبلوا منه دعوته التي تصدت لها قريش بالمقاومة والاضطهاد , بغيا وعنادا ... خرج وحده . فلما انتهى إلى الطائف اتجه إلى ثلاثة إخوة . أبناء عمرو بن عمير الثقفي هم يومئذ سادة ثقيف وكان أحدهم زوجا لقرشية من بني جمح . فجلس إليهم صلى الله عليه وسلم حيث وجدهم في بستان لهم ودعاهم إلى الإسلام والتمس نصرتهم . فكان رد أولهم , أنه يمرط ثياب الكعبة ـ أي ينزعها ويرمي بها ـ إن كان الله قد أرسله . ورد الثاني : أما وجد الله أحدا يرسله غيرك " ؟ ص 122 وقال ثالثهم : والله لا أكلمك أبدا . لئن كنت رسولا من الله كما تقول ؛ لأنت أعظم خطرا من أن ارد عليك الكلام . ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك .... فقام صلى الله عليه وسلم من عندهم . وقد يئس من خير ثقيف , وأقصى ما طمع فيه منهم أن يستجيبوا لرجائه في أن يكتموا أمره معهم كيلا تزداد قريش جرأة عليه . لكنهم أغروا به سفهاءهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجئوه إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة وهما فيه فجلس عليه الصلاة والسلام هناك ريثما ينصرف عنه الناس وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان ما لقي من سفهاء أهل الطائف . رفع المصطفى صلى الله عليه وسلم وجهه إلى السماء وقال في ضراعة وابتها ل : " الله إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي . إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي . أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك . لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلى بك " . فكأنما تحركت لضراعته رحم ابني ربيعة , فبعثا إليه بعض العنب مع غلام لهما نصراني يدعى " عداس " . ودهش عداس حين سمع المصطفى يقول : باسم الله . قال : والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد . ولما حدثه المصطفى عن الإسلام . أكب عليه يقبل رأسه ويديه وقدمية ... . لمحه سيداه , فانتظرا حتى عاد إليهما وسألاه : - مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه ؟ أجاب : ياسيدي . ما في الأرض خير من هذا , لقد أخبرني بما لا يقوله غير نبي . قالا : ويحك ياعداس . لا يصرفنك عن دينك , فإن دينك خير من دينه ... . رجع المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى مكة محزونا يائسا من خير ثقيف . والموسم قد أهل . فمضى على عادته يعرض دعوته على وفود القبائل العربية التي سعت إلى أم القرى . ص 123 وقومه أشد ما كانوا عليه من خلافه , إلا قليلا ممن آمن به ... وبدت الجولة في أولها مدعاة إلى يأس وقنوط : سعى إلى " منى " حيث مجتمع الحاج فوقف على الحشود هناك يقول : " يابني فلان . إني رسول الله إليكم يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا , وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه وأن تؤمنوا بي وتصدقوا بي وتمنعوني حتى أبين عن الله ما بعثني به " . فخرج له من جمع قريش رجل أحول وضئ له غديرتان وعليه حلة عدنية , فقام في الناس وقال : " يا بني فلان . إن هذا إنما يدعوكم إلى أن تسلخوا اللات والعزى من أعناقكم إلى ما جاء به من البدعة والضلالة فلا تطيعوه ولا تسمعوا منه " . سأل سائل لا يعرفه : - من هذا الذي يتبع محمدا ويرد عليه ما يقول ؟ وأجاب مجيب : - ذاك عمه عبد العزى . أبو لهب , بن عبد المطلب . وانتظر المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى انصرفت القبائل من " منى " إلى منازلها في مكة , فأتى كندة فدعاهم إلى الإسلام فأبوا عليه . وكذلك رده بنو كلب لم يقبلوا منه دعوته . ثم أتى بني حنيفة في منازلهم . فلم يكن أحد من العرب أقبح ردا منهم . وانتقل بدعوته إلى بني عامر بن صعصعة , فتداولوا أمره فيما بينهم , وإن أحدهم فراس بن عبد الله بن سلمة العامري ليقول : " والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب " . ثم قام إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال يساومه : " أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك . أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ . قال صلى الله عليه وسلم : ص 124 " الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء " . ورد المساوم عن بني عامر : " أفتهدف نحورنا للعرب دونك . فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا ؟ لا حاجة لنا بأمرك " ..... ص 125 مَعَ المُصْطفى صَلى اللهُ عَليْه وَسَلم. دكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ. أستاذ التفسير والدراسات العليا كلية الشريعة بجامعة القرويين . |
أدوات الموضوع | |
|
|