جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
إحراق البصرة .. ثورة الزنج
إحراق البصرة .. ثورة الزنج منذ أن قام الحسين بن علي -رضي الله عنهما- بالخروج على الخليفة الأموي يزيد بن معاوية سنة 60هـ، أصبح هذا الخروج سُنّة في بيت الطالبيين، فمن الحين للآخر يظهر رجل من أهل البيت سواء من الفرع الحسينيّ أو الحسنيّ يدعو للحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويقود الناس للخروج على السلطة الحاكمة، حتى أصبح لا يخلو جيل من الأجيال من هذا البيت إلا خرج منه رجل أو رجلان على الخلفاء، وكان هؤلاء الثوار يستغلون حب الناس لآل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليكون ذلك عونًا وعضدًا لهم في ثورتهم، ولربما أساسهم الوحيد الذي يعتمدون عليه في جذب الأعوان والتفاف الناس..
وذلك الأمر أدى لظهور بعض الشخصيات من هذا البيت لم تكن ذات صلاح ولا تُقى ولا ورع، خرجت ولم يكن من خروجها إلا الدنيا والمصالح, وأيضًا أدى ذلك الأمر لظهور بعض الكاذبين الأدعياء ألصقوا أنفسهم زورًا بآل البيت ليجذبوا الناس حولهم، ومن ثَمّ يحققون أغراضهم الخبيثة التي عادةً ما تكون الطعن في الدين والنيل من متاع الدنيا. وصفحتنا هذه لواحد من هؤلاء "الأدعياء" الكَذَبَة الذين قادوا أعنف الثورات التي خرجت في أمة الإسلام، والتي امتدت طوال خمسة عشر سنة متصلة. في سنة 255هـ ظهر رجل بظاهر البصرة زعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولم يكن صادقًا بل كان أجيرًا واسمه علي بن محمد بن عبد الرحيم، وأصله من قرية من قرى منطقة الريّ. أخذ هذا الرجل في دعوة الزنج العبيد الذين كانوا يكسحون السباخ بالبصرة، وكلّمهم عن الحرية والعدل والمساواة وتوزيع الأموال بين الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكلامًا أشبه ما يكون بكلام الشيوعيين والاشتراكيين الآن، مع الفارق أنه كان يستخدم دعواه الكاذبة بآل البيت؛ ليروج على جهلة الناس وما أكثرهم..! فالتف عليه جماعة من الزنج وجهلة الناس، وعَبَر بهم دجلة ولم يكن عددهم كبيرًا إنما كانوا لا يزالون قلة، ففكّر في كيفية توسيع قاعدته. انتقل هذا الكاذب الخبيث إلى بغداد ليدعو بها لثورته، وقال لأصحابه: "إنني أحفظ سورًا من القرآن في ساعة واحدة جرى بها لساني من غير أن يحفظها لي أحد". وزعم لهم أنه يعلم ما في ضمائرهم، وأن الله يُطلعه على ذلك، فراج أمره في بغداد على الأغبياء والجهلة، فكثر جمعُه، فعاد بهم إلى أرض البصرة وأخذ في الاصطدام مع "والي" المدينة، وانتصر عليه عدة مرات، وهُزم هو عدة مرات، ولكنه كان قويّ العزيمة ثابت الرأي. وحتى يستميل الناس إليه لم يكن يتعرض لأموال الناس، ولا يؤذي أحدًا، وإنما يأخذ مال السلطان، فقَوِي شأنه واستفحل أمره. شعر الخليفة العباسي المعتمد بخطورة هذا الرجل وتنامي قوته(1)، فأرسل إليه عدة جيوش لمحاربته ولكنه انتصر عليه، ثم انتقل هذا الخبيث بثورته إلى فارس ليدعو الناس هناك مستغلاًّ جهل أهل هذه البلاد وميلهم الطبيعي لآل البيت واستعداد النساء هناك لقبول مثل هذه الأفكار, ومكث الخبيث هناك فترة حتى جاءته الأخبار بأنّ أهل البصرة قد اتسعت أملاكهم وكثرت أموالهم ومؤنهم، فقرّر الخبيث الهجوم على البصرة. كان مع هذا الخبيث شيطان من الجن يأتيه بالأخبار ويخاطبه بما وقع، فقام هذا اللعين في أتباعه وقال لهم محرضًا على الهجوم على البصرة: "دعوت الله على أهل البصرة فخوطبت إنما أهل البصرة خبزة لك تأكلها من جوانبها، فإذا انكسر نصف الرغيف خربت، فأوّلت الرغيف القمر وانكساره انكسافه، ورفعت البصرة لي بين السماء والأرض ورأيت أهلها يُقتلون، ورأيت الملائكة تقاتل معي وتثبت جيوشي". وجاء كما نقل له شيطانه من الأخبار كما قال لأصحابه، فانكسفت الشمس ليلة 14 شوال سنة 257هـ بالبصرة، فحميت نفوس أتباعه الجهلة الزنج، وظنوا أنهم على الحق. هجم هذا الخبيث ومن تبعه من الجُهّال على مدينة البصرة يوم 14 شوال سنة 257هـ، فدمروا المدينة تدميرًا كاملاً، وأحرقوا جامعها وقتل من فيها من الرجال والعلماء والأعيان، وهرب والي المدينة ومن معه وتركوا أهل المدينة لمصيرهم المحتوم، ونادى أحد أمراء هذا الخبيث الدعيّ في أهل المدينة: "من أراد الأمان فليحضر". فاجتمع عنده خلق كثير من أهل البصرة، فغدر بهم المجرم وأمر بقتلهم جميعًا، وكانت الزنج تحيط بجماعة من أهل البصرة ثم يقول بعضهم لبعض: "كيلوا"، وهي الإشارة بينهم إلى القتل، فيحملون عليهم بالسيوف فلا يُسمع إلا قول "أشهد أن لا إله إلا الله" من أولئك المقتولين، وصراخ وضحك الزنج عند ضربهم للناس بالسيوف..! وظلوا يفعلون ذلك بالبصرة عدة أيام، وحرقوا الزروع والكلأ من الجبل إلى الجبل، فكانت النار تحرق ما وجدت كل شيء من الإنسان والحيوان والزروع والبيوت، وقُتل في هذه الواقعة عشرات آلاف من المسلمين، والعجيب أنه لم يُقتل أحد من العلوية الذين جاءوا إليه وسألوه عن نسبه فانتسب لهم زورًا بآل البيت كأنه لم يقتل أحدًا ولم يفعل شيئًا! وهكذا الحال في كل زمان ومكان، وكانت هذه الواقعة إيذانًا باندلاع الثورة الشاملة للزنج وظهور قوتهم بشكل علنيّ وقويّ ضد الخلافة العباسية، واستمرت هذه الثورة قُرابة الخمسة عشر سنة. الجدير بالذكر أن بعض المعاصرين ألّف رواية تتحدث عن ثورة الزنج، وأنها كانت ثورة ضد الظلم والطغيان، وأنهم كانوا طُلاّب حق وعدل وأشباه هذا الكلام الفارغ! والجدير بالذكر أن مؤلف الرواية شيوعي نصراني اسمه ألفريد فرج، فلا عجب إذن! بتصرف بسيط جدا عن موقع قصة الإسلام. ________________________________________ (1) سبحان الله، ما هذه الغفلة العظيمة! بعد ما فعل كل ما فعل وأكثر من عام يعمل على تجميع الناس والدعوة لمذهبه ينتبه الخليفة، إن الغفلة عن أمثال هؤلاء هذه من أشد أسباب زوال الأمم. |
#2
|
||||
|
||||
جزاك الله خيرا ، وبارك فيك ، ووضع عنك وزرك ، ورفع لك ذكرك ...
|
أدوات الموضوع | |
|
|