جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الإمام الزهري والهجوم عليه
الإمام الزهري والهجوم عليه
الدرس4: المدخل الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول اللّه وعلى آله وصحبه ومن والاه. أمّا بعد فأخي الطَّالب. سلام الله عليكَ ورحمته وبركاته. ومرحبًا بك في الدرس الرابع من سلسلة الدُّروس المقرَّرة عليك في إطار مادَّة )الوضع والوضاعون) لهذا الفصل الدِّراسيّ. آملينَ أن تجدَ فيها كلّ المُتعة والفائدة. وإليك هذا الدرس الذي تتعرف فيه على: الإمام الزهري والهجوم عليه. فأهلاً وسهلاً بك. الثمرات التعليمية عند نهاية هذا الدرس تستطيع بإذن الله أن: السبعة المكثرين من الصحابة في الرواية. الإمام الزهري والهجوم عليه. مناقشة الشبه الموجهة للزهري. عناصر الدرس 4.1 السبعة المكثرون من الصحابة في الرواية 4.2 الإمام الزهري والهجوم عليه 4.3 مناقشة الشبه الموجهة للزهري ملخص الدرس · السبعة المكثرون من الصحابة في الرواية: · إنه لو صدقت التهمة في حق أبي هريرة مثلًا لصدقت في حق السبعة المكثرين جميعًا، لماذا؟ وأنا أتصور أن الذين يهاجمون أبا هريرة وأحجموا عن الهجوم على بعض السبعة المكثرين إنما هو نوع من الخداع، فهم يعلمون يقينًا أنه لو صدقت التهمة في حق أبي هريرة لصدقت في حق السبعة المكثرين.أقول لماذا؟ لأن السبعة المكثرين يشتركون جميعًا في خاصية، وهي أنهم من صغار الصحابة سنًّا. · ونأخذهم على الترتيب حسب أعمارهم وحسب كثرة روايتهم: بعد أبي هريرة -رضي الله عنه- في كثرة الرواية عبد الله بن عمر، وقد استصغر يوم أُحُد التي كانت في السنة الثالثة من الهجرة، فقد كان ابن أربع عشرة سنة وفي سنة ثلاثة هجرية، معنى ذلك: إنه حين انتقل النبي إلى الرفيق الأعلى كان عُمْر عبد الله آنذاك حول العشرين تقريبًا -عشرين أو واحدًا وعشرين- حول هذا تقريبًا. · الثالث: هو أنس بن مالك -رضي الله عنه- وأنس خادم النبي -صلى الله عليه وسلم- ونعلم جميعًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء إلى المدينة وعُمْر أنس عشر سنوات، إذن النبي -صلى الله عليه وسلم- انتقل إلى الرفيق الأعلى، وعُمْر أنس عشرون سنة. · الرابع: أمنا عائشة -رضي الله عنها- وقد بنى النبي -صلى الله عليه وسلم- بها في السنة الثانية وهي بنت تسع سنين، وانتقل إلى الرفيق الأعلى وهي بنت ثماني عشرة سنة تقريبًا. · الخامس: عبد الله بن عباس، والنبي -صلى الله عليه وسلم- انتقل إلى الرفيق الأعلى وعبد الله ابن عمه حول الحلم تقريبًا؛ لأنه ولد قبل الهجرة بثلاث سنوات تقريبًا أيام حصار الكفار للمسلمين في شعب أبي طالب. · والسادس في الترتيب: جابر بن عبد الله، وهذا كان أكبرهم نسبيًّا، تقول الروايات إنه مات سنة 78هـ أو 74هـ عن 94 سنة أو قريبًا من هذا، يعني: كان عمره حين هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- حول العشرين وربما أقل، يعني: كان أشب منهم لكنه كان في طور الشباب أيضًا. · والسابع: أبو سعيد الخدري -رضي الله عنهم جميعًا-: استُصغر في يوم أُحُد أيضًا، كما استصغر عبد الله بن عمر، معنى ذلك: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- انتقل إلى الرفيق الأعلى وعُمْر أبي سعيد حول العشرين أو بعدها بقليل. ترجمة أبي هريرة: · أبو هريرة -رضي الله عنه-: هو من اختلفت الأقوال في اسمه إلى أكثر من ثلاثين اسمًا، كما يقول أصحاب التراجم في شأنه كابن حجر في (الإصابة) وغيرهم كثير، وأصح ما قيل في اسمه: عبد الرحمن بن صخر -رضي الله عنه-: وهو من أهل اليمن، وأهل اليمن ممدوحون في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، في كتاب الفضائل، في فضائل أهل اليمن ((أتاكم أهل اليمن أليَن قلوبًا وأرقّ أفئدة، الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية)) فأبو هريرة -رضي الله عنه- داخل في هذا المدح النبوي لأهل اليمن جميعًا. · أبو هريرة -رضي الله عنه- لازم النبي -صلى الله عليه وسلم- على ملء بطنه بعد هجرته إلى المدينة، إذن ثبتت له منقبة الهجرة. · هناك أسباب كثيرة أدت إلى كثرة روايته وكلها بالأدلة الصحيحة: · أنه لازم النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد مجيئه إلى المدينة، وهو يقول -كما روى البخاري في صحيحه في كتاب العلم-: "يقولون: أكثر أبو هريرة، واللهِ الموعد، لقد كان الصحابة يشغلهم الصفق بالأسواق، وكنت أتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ملء بطني".الرجل أتى من اليمن حديثًا ليس له بيت، وليست له أسرة، وليست له تجارات، وليس مشغولًا بشيء بعد، فمهمته أن يتبع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن يلتزمه، وأن يلازمه لكي يسمع منه. · ومنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد له بالحرص على رواية الحديث، والحريص على الشيء يهتم به. · ثم أبو هريرة أيضًا اشتكى للنبي-صلى الله عليه وسلم- أنه ينسى، وهذه أيضًا موجودة في الصحيح فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: ((ابسط رداءك)) ودعا له بكثرة الحفظ أو بعدم النسيان.يقول أبو هريرة بعد هذا الدعاء النبوي المبارك: "ما استودعت قلبي شيئًا ونسيته". · الإمام الزهري والهجوم عليه: · إن المشككين والمتهمين من الفرق قديمًا ومن المستشرقين حديثًا، وممن شايعهم ممن زعموا أنهم من أهل البحث العلمي، يعمدون إلى عُمَد الرواية وأركانها ليشككوا فيها، وغرضهم كما كنا نتكلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- غرضهم التشكك في السنة؛ لأنهم يعلمون أن هؤلاء نقلة السنة إلينا وهم شهودنا عليها، ولولاهم ما كنا عرفنا للسنة طريقًا أو تطبيقًا، ومن ثم فإنهم يعلمون جيدًا أنهم إذا شككوا في هؤلاء العظام الذين قاموا بالدور البارز الهام في الحفاظ على سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنهم يشككون في السنة، ومن ثم يشككون في القرآن الذي يتوقف فهمه والعمل به على السنة، ومن ثمَّ فإن هدفهم النهائي هو الإسلام؛ لأن الإسلام في نهاية الأمر عبارة عن قرآن وسنة. ترجمة الإمام الزهري: · هو الإمام الجليل محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب، هو القرشي من قريش، وهي أفضل قبائل العرب نسبًا، وهو الزهري من قبيلة بني زهرة، كنيته: أبو بكر المدني؛ لأنه سكن المدينة والشام أيضًا. · مولده: ولد سنة خمسين فيما قاله دُحَيم وأحمد بن صالح، وقال خليفة بن خياط: ولد سنة إحدى وخمسين.هذا ما رجحه بعض العلماء، ورجح كثير من العلماء الرأي الأول، وهناك أقوال أخرى أنه ولد سنة ست وخمسين أو سنة ثمان وخمسين، ولكن أرجح الأقوال هو أنه ولد سنة خمسين أو سنة واحد وخمسين هجريًّا، في خلافة معاوية بن أبي سفيان -رضي الله تبارك وتعالى عنه. · توجهت عناية الإمام الزهري -رحمه الله- في المقام الأول إلى حفظ القرآن الكريم قبل كل شيء، فأتمه في ثمانين ليلة كما يقول ابن أخيه محمد بن عبد الله بن مسلم، ثم أخذ يتردد على عبد الله بن ثعلبة يتعلم منه أنساب قومه، ثم رأى بعد ذلك أن يتحول إلى معرفة الحلال والحرام ورواية الحديث، فطلبه في أواخر عصر الصحابة وله نيف وعشرون سنة، فطاف على من استطاع لقاءه منهم -أي: من الصحابة رضي الله عنهم. · قال أبو بكر بن منجويه: رأي عشرة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا القول ذكره المزّي في (تهذيب الكمال) · أقوال العلماء فيه: · قال الإمام مالك: كان الزهري إذا دخل المدينة لم يحدِّث بها أحد من العلماء حتى يخرج منها، وأدركت بالمدينة مشايخ أبناء سبعين وثمانين لا يؤخذ عنهم، ويقدم ابن شهاب وهو دونهم في السن فيزدحم عليه، وكان يقول: "بقي ابن شهاب وما له في الدنيا نظير". · وقال عمر بن عبد العزيز: "عليكم بابن شهاب هذا فإنكم لا تلقون أحد أعلم بالسنة الماضية منه".قال أبو الزناد: "كنا نطوف مع الزهري على العلماء ومعه الألواح والصحف يكتب كل ما سمعه".وقال عمر بن عبد العزيز أيضًا: "ما ساق أحد الحديث مثل الزهري" وعن سفيان قال: "كان الزهري أعلم أهل المدينة". · أيضًا امتاز الزهري بذاكرة قوية وسرعة في الحفظ، وهو يقول عن نفسه: "ما استودعت قلبي شيئًا قط فنسيته".وقال: "ما استعدت حديثًا إلا مرة، فسألت صاحبي فإذا هو كما حفظت". · وكان من عادته: أنه إذا سمع من بعض الشيوخ وعاد إلى بيته أيقظ جاريته وقال لها: "اسمعي! حدثني فلان بكذا وحدثني فلان بكذا.فتقول: مالي ولهذا الحديث، فيقول لها: قد علمت أنك لا تنتفعين به ولكني سمعته الآن فأردت أن أستذكره. · مواقفه في خدمة السنة: · للزهري -رحمه الله- آثار جليلة وكثيرة في خدمة السنة خاصة: · كان الزهري أول من استجاب لطلب الخليفة عمر بن عبد العزيز فدوّن السنن في دفاتر، ثم وزع الخليفة على كل أرض له عليها سلطان دفترًا، وقد أجمع العلماء على أنه أول ممن دوّن السنة. · منزلة أسانيد الزهري. · قال الإمام أحمد: "الزهري أحسن الناس حديثًا وأجود الناس إسنادًا".وقال النسائي: "أحسن أسانيد تروى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعة على الإطلاق: الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده، والزهري عن عبيد الله عن ابن عباس، وأيوب عن محمد بن عبيدة عن علي، ومنصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله".هذه في (تهذيب التهذيب) وفي (سير أعلام النبلاء) وغيرها. · وقال ابن حبان: "وكان من أحفظ أهل زمانه وأحسنهم سياقًا لمتون الأخبار، وكان فقيهًا فاضلًا".وقال محمد بن سعد: قالوا -يذكر أقوال العلماء-: "وكان الزهري ثقة كثير الحديث والعلم والرواية فقيهًا جامعًا". · مناقشة الشبه الموجهة للزهري: شبهة وضع حديث ((لا تشد الرحال...)) ودحضها: · ينتقل المستشرق الألماني إلى تهمة أخرى، وهي أن عبد الملك بن مروان بنى قبة الصخرة؛ ليحول بين أهل الشام والعراق وبين الحج إلى الكعبة، يعني أيام خلاف ما بين عبد الله بن الزبير -رضي الله تعالى عنه- وعبد الملك بن مروان، وكان إقليم الحجاز وبعض دول الإسلام قد دانت وخضعت لخلافة عبد الله بن الزبير وعبد الملك بالشام، تزعم الرواية أن عبد الملك بن مروان لكي يمنع أهل الشام من المجيء إلى الحجاز ليحج الذي هو تحت سيطرة عبد الله بن الزبير استمر ذلك إلى سنة 73؛ فبنى قبة الصخرة لكي يتحول إليه أهل الشام، ويكتفون بها عن الحج، وأنه أراد أن يلبس هذا العمل ثوبًا دينيًّا فوضع له صديقه الزهري حديث: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى)). · أولًا: هذا الحديث متفق عليه، فهو في أعلى درجات الصحة، رواه الإمام البخاري -رحمه الله- في كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة: باب فضل الصلاة في مكة والمدينة، ورواه الإمام مسلم في كتاب الحج: باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، وروياه بروايات متعددة منها عن الزهري ومنها عن غيره وذلك ما سنحتاج إليه بعد قليل. · ثانيًا: أن نص الحادثة كما ساقها جولدتسيهر بيّن البطلان؛ لأن بناء شيء ليحج الناس إليه كفر صريح، فكيف يقدم عبد الملك عليه، وهو الذي كان يلقب بحمامة المسجد لكثرة عبادته على أن خصومه طعنوا فيه بأشياء كثيرة، ولم نجدهم اتهموه بالكفر ولا شنعوا عليه ببناء القبة، ولو كان الأمر ثابتًا لجعلوها في أول ما يشهرون به. · ثالثًا: إن الزهري ولد -كما ذكرنا قبل- سنة خمسين أو إحدى وخمسين هجريًّا، ومقتل عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- كان سنة ثلاث وسبعين، عمر الزهري حين ذاك حوالي اثنين وعشرين عامًا وربما أقل، وهناك رواية تقول: إنه ولد سنة ست أو ثمان وخمسين، على هذه الرواية يكون سنه خمسة عشر عامًا تقريبًا، فهل من المعقول أن يكون الزهري في تلك السن ذائع الصيت عند الأمة الإسلامية بحيث تتلقى منه بالقبول حديثًا موضوعًا يدعوها فيه للحج إلى القبة بدلًا عن الكعبة؟ قد يقول قائل: وضعه بعد مقتل عبد الله بن الزبير، ولا حاجة لي بذلك؛ إن الخلاف بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك كان أيام أن دعا عبد الله للخلافة بنفسه، وفعلًا دانت له بعض الأقاليم ومنها الحجاز، وانتهت هذه السيطرة بمقتل عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- سنة ثلاث وسبعين وهذا أمر معروف، إذن الحاجة على زعم جولدتسيهر كانت قبل سنة ثلاث وسبعين، فهل كان الزهري في سن تسمح له أن يكون أحد كبار الأمة الذين إذا قال يؤخذ بقولهم ويستند العلماء إلى مكانته، وتستند الأمة إلى منزلته في قبولها لمثل هذا؟ أظن أن تهافت الرواية واضح جدًّا. رابعًا: إن حديث ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد...)).الذي صححه العلماء لا يرتبط أبدًا بما ورد في فضائل بيت المقدس أو الصخرة من أحاديث مكذوبة، وليس للزهري رواية في هذه الأحاديث المكذوبة أبدًا، وقد نقدها العلماء جميعًا حتى وضعوا قاعدة كلية في هذا فقالوا: "كل حديث في الصخرة فهو كذب".وقالوا: "لم يصح في فضل بيت المقدس -وليس في فضل الصخرة- إلا ثلاثة أحاديث: حديث ((لا تشد الرحال...)) وهذا رواه البخاري ومسلم، وحديث: سئل عن أول بيت وضع في الأرض قال: ((المسجد الحرام -من حديث أبي ذر رضي الله عنه- قال: ثم ماذا؟ قال: المسجد الأقصى، قال: كم كان بينهما؟ قال: كان بينهما أربعون سنة)) هذا حديث أورده البخاري في كتاب فضل الأنبياء.وحديث: ((إن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف، والمسجد النبوي بألف، والمسجد الأقصى بخمسمائة)) ورد بعضها في الصحيح وكتب السنة وهو حديث صحيح عند العلماء. خاتمة الدرس بهذا نكون قد وصلنا أخي الدارس إلى ختام الدرس الرابع، فإلى لقاءٍ يتجدّد مع الدَّرس الخامس، والّذي ينعقدُ بإذن الله، حول: ( تابع أسباب الوضع، أنواع الوضاعين عند ابن حبان، أنواع الوضاعين عند الحاكم). هذا، والله وليُّ التَّوفيق. والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وصلى الله على سيِّدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. ملاحظة: للاطلاع على باقي تفاصيل الدرس الرجاء تحميل الملف المرفق الملفات المرفقة IUHD4123 Lesson 4.docx |
#2
|
||||
|
||||
دافعت عن صحابي، ودافعت عن تابعي زرددت شبهات.
__________________
قال أبو قلابة: إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال. رواه ابن سعد في الطبقات.
|
أدوات الموضوع | |
|
|