جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
القدوة الحسنة والتعليم وأهميتهما في الدعوة
القدوة الحسنة والتعليم وأهميتهما في الدعوة
الدرس13: المدخل الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول اللّه وعلى آله وصحبه ومن والاه. أمّا بعد فأخي الطَّالب. سلام الله عليكَ ورحمته وبركاته. ومرحبًا بك في الدرس الثالث عشر من سلسلة الدُّروس المقرَّرة عليك في إطار مادَّة وسائل الدعوة وأساليبهاMeans and Methods of Da‘wah لهذا الفصل الدِّراسيّ. آملينَ أن تجدَ فيها كلّ المُتعة والفائدة. وإليك هذا الدرس الذي تتعرف فيه على: شرح الفواصل الموجودة في سُور: القدوة الحسنة والتعليم وأهميتهما في الدعوة. فأهلاً وسهلاً بك. الثمرات التعليمية عند نهاية هذا الدَّرس يتاح لك بإذن الله أن: تتعرف على القدوة الحسنة.. تعرف أسباب انتشار الإسلام أيام السلف الصالح.. تعلم مفهوم التعليم وأهميته في الدعوة.. تقف على مكانة العلم والتعليم في الإسلام. عناصر الدرس القدوة الحسنة. أسباب انتشار الإسلام أيام السلف الصالح. مفهوم التعليم وأهميته في الدعوة. مكانة العلم والتعليم في الإسلام. ملخص الدرس القدوة الحسنة. أن القدوة الحسنة هي الجانب العملي في حياة الإنسان، القدوة الحسنة، وصاحب القدوة الأول هو النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- الذي سمى على كل العبقريات البشرية والنضج الإنساني الكامل من لدن آدم- عليه السلام- إلى يوم البعث والنشور، وينبغي أن نتأسى أيضًا بالصحابة الكرام ونقتدي بهم- رضوان الله عليهم- الذين تشرفوا بصحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتخرجوا من مدرسته الإيمانية والتربوية والجهادية. * ضوابط المثل الأعلى في القرآن والسنة والتاريخ الإسلامي. هذا هو رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أعطى للدعاة في كل زمان ومكان المثل الأعلى في التضحية والصبر والثبات، فإن المشركين في مكة سلكوا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- مسالك شتى في الأذى، وأساليب متباينة في الاضطهاد؛ فمنها: طريق المقاطعة الاقتصادية الشاملة له ولمن آزره ليصدوه عن تبليغ الدعوة، وبقي- عليه الصلاة والسلام- يكافح في سبيل الله، ويجاهد لإعلاء دينه. وأما الرعيل الأول من صحابه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقد أعدوا للصبر والابتلاء والثبات على المبدأ نفوسًا مؤمنة صامدة، لا تجزع أمام أحداث الليالي، ولا تتزعزع أمام نوازل الأيام. فهذا بلال بن رباح- رضي الله عنه وأرضاه- المؤمن الصابر، لقي في سبيل الدعوة ألوانًا من العذاب وأصنافًا من البلاء، وهذا عمار وأمه سمية وأبوه ياسر- رضي الله عنهم جميعًا- قد تحملوا في سبيل إسلامهم ما لم يتحمله إنسان. إن صلاح المؤمن هو أبلغ خطبة تدعو الناس إلى الإيمان، وإن خلقه الفاضل هو السحر الذي يجذب إليه الأفئدة، ويجمع عليه القلوب. أما النفس المحرومة من هذه الروح، فهي كالآلة التي تدفع باليد حينما لا يلبث أن يغلبها العطل والعطب، فتتوقف وتسكن، ومما يؤسف أن هذا الضرب من التدين العالي نادر الآن، إنها القدوة الرديئة تعمل عملها ضد المثل الرفيعة والمبادئ الفاضلة، ومن ثم ينبغي أن تكون القدوة الحسنة هي النبراس الذي نستضيء به مبتعدين عن القدوة الرديئة والسيئة. إن الدعوة إلى الإسلام تكون أولًا بعرض ثماره في الأخلاق والأحوال؛ أعني ثماره في أتباعه المؤمنين، ويومئذ ترجى الإجابة ويرتقب الاهتداء. * أسباب انتشار الإسلام أيام السلف الصالح. إن خلق الدولة وصلاح أنظمتها وكفالتها أكبر حظًّا من العدالة والسعادة للأفراد. وقد كان الباعث الأعظم على دخول الناس في دين الله أفواجًا، وقبولهم عن طيب خاطر الانضواء تحت راية الإسلام، الإعجاب بالإسلام في أحوال الفرد، والإعجاب بالإسلام في أحوال الدولة هو وحده السبب الفعال في تزاحم الخاصة والعامة على هذا الإسلام وارتضائهم له. إن المسلمين استحقوا أن يتأسى الناس بهم، وإن من الغباء البالغ أن تنتظر أحدًا يؤمن بك عقب انتصار في معركة جدل أو انتصارًا في ميدان حرب. إن المقهور في أحد الميدانين قد يستسلم راضيًا أو ساخطًا، بيد أنه لن يتبعك عن إخلاص، وإن الدعاة إلى الله هم ممثلو الرسل وورثة الأنبياء، والمعلوم أن الأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا وإنما ورثو العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر، والدعاة إلى الله هم سفراء الأمة المؤمنة إلى الناس، يحملون أمانتها، ويبلغون رسالتها، والناس لهم تبع، لهذا كان لا بد للداعية من الخلق الحسن الذي يجلب به الناس، ويجمعهم على الخير، ويكون لهم به قدوة حسنة، وكان لا بد للداعية من العلم ليفقه به الجاهل، ويرشد به الضال. إن سلوك الداعية هو الصورة الحية العملية لدعوته، يراها الناس في سكونه وحركته ووقوفه ومشيته، وبكائه وضحكته، كما قال تعالى: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)) [الأحزاب: 21]. إن القدوة العملية تصيب من قلوب الناس أكثر مما تصيب الكلمة مهما كانت طيبة وجيدة ومؤثرة، ولقد حدث ذلك مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين أمر أصحابه بعد صلح الحديبية أن ينحروا هديهم، ويحلقوا رؤوسهم. وهكذا نرى أن القدوة العملية تؤثر في الناس مع الصمت أكثر مما تؤثر الخطب البليغة والعبارات المنمقة، ولهذا كانت وصية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي سأله أن يقول له في الإسلام قولًا فاصلًا قال:«قل آمنت بالله ثم استقم» إنها وصية جامعة، والاستقامة بهذا المعنى هي تطبيق الشريعة الإسلامية والتزامها بحيث لا يعمل الإنسان عمل، ولا يقول قولًا إلا وهو مطابق للشرع الحنيف. * القدوة في حياة الدعاة: هذه الصفات المباركة المنسوبة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيًّا عن طاعتهم آمنًا من معصيتهم؛ لأنه لا تضر معصية من عصاه، ولا تنفعه طاعة من أطاعه، فقسم بينهم معيشتهم، ووضعهم من الدنيا مواضعهم. فالمتقون فيها هم أهل الفضائل، منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء، كالتي نزلت في الرخاء، ولولا الأجل الذي كتب لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقًا إلى الثواب وخوفًا من العقاب، عظم الخالق في أنفسهم، فصغر ما دونه في أعينهم ..... * مفهوم التعليم وأهميته في الدعوة: فالعلم لغة نقيض الجهل، وهو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكًا جازمًا، وقال ابن القيم- رحمه الله-: والفرق بين العلم والمعرفة لفظًا ومعنى، أما اللفظ ففعل المعرفة يقع على مفعول واحد. وأما الفرق المعنوي فمن وجوه: أحدها: أن المعرفة تتعلق بذات الشيء والعلم يتعلق بأحواله، فتقول: "عرفت أباك، وعلمته صالحًا عالمًا"، الثاني: أن المعرفة في الغالب تكون لما غاب عن القلب بعد إدراكه، الثالث: أنك إذا قلت: "علمت زيدًا"، لم يفد المخاطب شيئًا؛ لأنه ينتظر بعد أن تخبره على أي حال علمته. والتعليم اصطلاحًا: هو التغير الذي يطرأ على العلاقة الثابتة بين منبه يدركه الفرد واستجابة يقوم بها، سواء كانت هذه الاستجابة علانية أم خفية. ولا شك أن هناك صلة وثيقة بين التعليم وبين الدعوة من حيث الهدف؛ ولكن يتميز جمهور التعليم عن الإعلام بالتجانس، كما يتميز جمهور عملية التعليم عن جمهور عملية الإعلام، ويتميز التعليم عن الإعلام بصفة المحاسبة على النتائج، فالطالب مسئول أمام نفسه وأمام أستاذه وأسرته عن نجاحه في دراسته، كذلك يتميز التعليم عن الإعلام في وجود صلة مباشرة متبادلة بين المتعلم والمعلم. و تبدو أهمية التعليم أيضًا في أن التعليم في بلاد المسلمين قد ابتعد عن جوهر الإسلام وتبنى النظرية الغربية؛ مما نتج عنه زعزعة الصلة بين المسلم ودينه وغربة الإسلام فيما بين المسلمين، وهذا ما جعل الكثيرين يؤكدون على أن أزمة الأمة الإسلامية الكبرى في الوقت الحاضر، إنما هي أزمة فكرية وأن العلاج ينبغي أن يبدأ من هذا المنطلق. * مكانة العلم والتعليم في الإسلام: ومكانة العلم والتعليم في الإسلام معروفة وواضحة، حيث لا يوجد دين أشاد بالعلم ورفع من قدره وأعلى من منزلته مثل الدين الإسلامي، وحيث كان النداء الأول أمرًا من الله بالقراءة ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)) [العلق: 1]، وفي كون الوحي الأول يبدأ بكلمة ((اقْرَأ)) ولم يبدأ بقوله: اعبد أو صلِّ أو نحو هذا، وكون النبي- صلى الله عليه وسلم- الذي نزل عليه القرآن أميًّا، والبيئة التي نشأ فيها بيئة أمية، لا يعرف القلم فيها إلا القليل، كل ذلك يؤكد على اهتمام هذا الدين بالعلم، ولفت الأنظار إلى مكانته ومنزلته فيه. ويؤيد ذلك ما جاء في قصة خلق آدم- عليه السلام- في "سورة البقرة"، وذلك في قوله تعالى: ((وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)) [البقرة: 31-33]. وتدل القصة على أن الله سبحانه وتعالى ميّز آدم على من سواه من المخلوقات بميزات ليست لغيره، ولما اقتضى الأمر إظهار هذه الميزات؛ لبيان فضل آدم وشرفه واستحقاقه للخلافة في الأرض، أظهر الله لهم أحسن ما فيه وهو العلم، وما ورد في السنة من كون العلم فرضًا على المسلمين جميعًا. ففي الحديث «طلب العلم فريضة على كل مسلم» وعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «من خرج في طلب العلم، كان في سبيل الله حتى يرجع». يقول الصحابي الجليل أبو الدرداء- رضي الله عنه-: "العالم والمتعلم شريكان في الخير وسائر الناس همج لا خير فيهم"، ويقول الإمام حسن البصري- رضي الله عنه-: "لولا العلماء لصار الناس مثل البهائم"، ويقول الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: "الناس محتاجون إلى العلم أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين، والعلم يحتاج إليه بعدد الأنفاس". وعلى الناس جميعهم بأمر الله كذلك أن تسعى إليهم وتتلقى العلم عنهم، وذلك في قوله -تعالى-: ((فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)) [النحل: 43]. فالعلم من المصالح الضرورية التي تقوم عليه حياة الأمة بمجموعها وآحادها؛ لأن حاجتنا إليه لا تقل عن حاجتنا إلى المأكل والمشرب والملبس والدواء؛ إذ به قوام الدين والدنيا. ومن المعلوم أن الذي ورثه الأنبياء إنما هو علم شريعة الله عز وجل وليس غيره. إذًا؛ العلم الشرعي هو الذي يكون فيه الثناء، ويكون الحمد لفاعله، والعلم الأصلي هو علم الكتاب والسنة، وما يتوقف على معرفة الكتاب والسنة، ثم تأتي علوم مساعدة كاللغة والنحو والصرف وغيرها من العلوم العربية. ومن ثم يحرص الإسلام على طلب العلم وتعليمه، فينظر الناس إلى الداعية على أنه طبيب قلوبهم ودواء عللهم، ومن ثم يفسحون له بما يستحيون من ذكره أمام خاصتهم وذويهم، وإن دعوة الإسلام إلى العلم لم تأت من فراغ، إنما لكون العبادة على غير علم يمكن أن ترتد سهامًا في صدر صاحبها، حين لا يكون له من العلم ما يصونه عن الانحراف. خاتمة الدرس بهذا نكون قد وصلنا أخي الدارس، إلى ختام الدرس الثالث عشر، فإلى لقاءٍ يتجدّد مع الدَّرس الرابع عشر، والّذي ينعقدُ بإذن الله، حول:.( مفهوم الخطابة وقواعدها وخصائصها وأهميتها في مجال الدعوة، خصائص الخطابة، المسجد وآدابه، مكانة المسجد في الإسلام. هذا، والله وليُّ التَّوفيق. والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ملاحظة: للاطلاع على باقي تفاصيل الدرس الرجاء تحميل الملف المرفق الملفات المرفقة GDWH5093 Lesson 13.doc |
أدوات الموضوع | |
|
|