#1
|
||||
|
||||
سورة الانشقاق.
" إذا السماء انشقت * وأذنت لربها وحقت". نحن نظن السماء هى القبة الزرقاء فوقنا ولا ندرى شيئا عن طباقها ولا سكانها ولا طبيعة الحياة فيها! وقد أخبرنا الله أن السماء ستنشق، وخبره حق وسيظهر ذلك مع قيام الساعة. كما أن الأرض ستمد وتتخلى عما فى باطنها من نفيس وخسيس! عند بدء الخليقة قيل للأرض والسماء " ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين " ومع انتهاء العالم تستجيب الأرض والسماء لما يراد بهما. ويقول الله فى كلتيهما " وأذنت لربها وحقت "، أى استمعتا إليه. وهل يملكان إلا السمع والطاعة؟ " يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ". لقد كانت الدنيا دار تكليف وامتحان جاد شاق وعلى المرء أن يختار. أمامك فانظر: أى نهجيك تنهج طريقان شتى! مستقيم وأعوج! " فأما من أوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا * وينقلب إلى أهله مسرورا * وأما من أوتي كتابه وراء ظهره * فسوف يدعو ثبورا * ويصلى سعيرا". ومعنى وراء ظهره أنه يأخذه بشماله من خلف ظهره كأن الله يمقت رؤية وجهه!! فقد كان فى الدنيا ينكر وجوده، ويطرح وحيه، ولا يعرف إلا المادة وفناءها " بلى إن ربه كان به بصيرا ". عارفا بعمله كله.! وتتضمن السورة بعدئذ قسما بالشفق " والليل وما وسق * والقمر إذا اتسق * لتركبن طبقا عن طبق ". أى حالا بعد حال! والشفق هو الحمرة الممتدة فى الآفاق بعد العصر إيذانا بالغروب.. وقد بدا لى فى هذا القسم فهم، إن كان حقا فمن الله وله المنة، وإن كان خطأ فمن نفسى وأسأله العفو. إن الشفق هنا إيماءة إلى تاريخ المسلمين وما يعتريه من عسر ويسر وهزيمة ونصر. ص _508 وقد بدا لى ذلك وأنا أطالع حديثا للترمذى رواه عن أبى سعيد الخدرى، قال صلى بنا رسول الله يوما صلاة العصر، ثم قام خطيبا فلم يدع شيئا إلى قيام الساعة إلا أخبرنا به، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه. وكان فيما قال: "إن الدنيا خضرة حلوة، وإن الله مستخلفكم فناظر كيف تعملون ". ثم قال عليه الصلاة والسلام: " ألا لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه " ومضى عليه السلام فى خطابه الجليل. قال أبو سعيد وجعلنا نلتفت إلى الشمس، هل بقى من النهار شىء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إلا إنه لم يبق من الدنيا - فيما مضى منها - إلا كما بقى من يومكم هذا فيما مضى منه". هذا الأمد القليل الباقى قبل قيام الساعة هو تاريخنا، وما ظهر من دول وما يبقى!! لقد جئنا فى أصيل العالم أو فى شفقه والغروب موشك. والسؤال الخطير: هل أدينا رسالتنا وأنصفنا الناس من أنفسنا؟ وركبنا طبقا عن طبق أو انتقلنا من حال؟ إلى حال فهل اعتبرنا؟ " فما لهم لا يؤمنون * وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ". إن المسلمين سيسألون عن كتابهم لماذا لم يقوموا به ويعطوا الناس صورة حسنة له؟ ص _509 مأخوذ من كتاب نحْوَ تفسير مَوْضوعيّ.
الشيخ محمد الغزالي. |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع: سورة الانشقاق. | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
إبدأ صفحة جديدة مع الله | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-31 11:27 AM |
هل سمعت بهذا من قبل | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-22 11:36 AM |
شرح سورة الجمعة | التوحيد | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-23 11:06 PM |
الدروس المستفادة من سورة التوبة | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-03 12:16 PM |