#1
|
||||
|
||||
سورة المجادلة.
سورة المجادلة أولى سور الجزء الثامن والعشرين فى المصحف الشريف وهى سور مدنية كلها. والمجتمع المدنى كان صنوفا شتى من الناس. هناك المؤمنون الذين يصنعهم الوحى ليقودوا قافلة الإيمان فى المشارق والمغارب. وهناك الوثنيون المتعلقون بأذيال الليل المدبر! وهناك اليهود الذين يعبدون جنسهم ويريدون فرض أهوائهم على الناس. وهناك المنافقون الذين يجرون وراء مصالحهم ويظهرون فى ألف لون.. وهذه السورة على وجازتها، تعرضت لأولئك جميعا. فقد بتت فى قضية الظهار، وهو من شئون الأسرة المسلمة، وبينت أنه ليس طلاقا، وذكرت كفارته. والإسلام يهتم بشئون الأسرة ويوضح حدودها، فيقول هنا "وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم ". ويقول فى سورة البقرة " تلك حدود الله فلا تعتدوها " - بعد أحكام الطلاق - ويقول فى سورة النساء " تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار " ـ بعد أحكام الميراث - وهذه الحدود شىء آخر غير العقوبات المقدرة على بعض الجرائم. ومن أسلوب القرآن أن يمزج الأحكام بالعقائد ليجعل التزامها جزءا من الإيمان ومظهرا لإجلال الله، ولذلك قال بعدها " ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم... " . " وانتقلت السورة عقب ذلك إلى اليهود الذين إذا أرادوا تحية المسلمين قالوا: السام عليكم! ويجعلون من الشبه بين السام والسلام ذريعة للعن المسلمين وتمنى الهلاك لهم! وقد سمعتهم عائشة فكشفتهم ونهرتهم، ولكن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ آثر أسلوبا أليق به، ونزلت الآية ".. وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير". ثم أمر الله المسلمين أن تكون أحاديثهم فى مجالسهم أو مع خصومهم بعيدة عن الشحناء والتحدى وأن يترفعوا عن محاكاة اليهود، وألا يكترثوا إذا تلاقى اليهود والمنافقون فتسار بعضهم مع ص _447 البعض الآخر فى بشاشة وود - ليحرجوا المؤمنين ويشعروهم بالعزلة " إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون " . والإسلام ينزل الناس منازلهم وفق الإيمان والعلم. ففى صفوف الصلاة، يقول الرسول: ليلنى منكم أولو الأحلام والنهى. وفى المجالس العامة، يقول الله تعالى " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" . والمسلمون يحبون نبيهم أشد الحب، ولم لا وقد أخرجهم من الظلمات إلى النور، وعرفهم بخالقهم ورازقهم، ووقفهم صفوفا بين يديه يحمدونه ويستهدونه طرفى النهار وزلفا من الليل؟ ثم إن شخصه النبيل جدير بالحب والحفاوة، والكمال البشرى جدير بالحب حيث كان. إلا أن عاطفة الالتفاف حول الرسول والجلوس معه لابد من تنظيمها حتى تستقيم شئون الدنيا والدين وحتى يجد وقتا يخلص فيه إلى نفسه وأهله!! ولذلك نزلت الآية " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ". فإذا صعب ذلك على مؤمن، فأفعال الخير أمامه كثيرة يستطيع بها إرضاء ربه، وهى أولى به من إيثار الحديث مع الرسول! قد يكون فى الحديث مع العظماء لذة، بيد أن نصرة رسالتهم أهم! "أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة... " . وفى مجتمع يختلط فيه المؤمنون والمشركون والكتابيون وتشتبك فيه المصالح المادية والأدبية تمتحن المبادئ امتحانا قاسيا، وقد يقدم الرجل قرابته أو تجارته على مذهبه أو رأيه! وذاك ما جعل الشاعر يقول قديما لواحد من هؤلاء المتلونين. فإما أن تكون أخى بصدق فأعرف منك غثى من سمينى! وإما فاطرحنى واتخذنى عدوا أتقيك وتتقينى! والنفاق داء خبيث شديد الخطر. ومن أيسر الأمور على المنافق أن يحلف كاذبا، ولذلك قال تعالى يصف هذا الصنف "ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون * أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون" ويظهر أن الذى يألف نهجا معينا من الحياة يموت به ويبعث عليه، وذاك ما جعل العامة فى ص _448 بلادنا يقولون " يموت الزمار وأصابعه تلعب "! فإذا مات كذلك بعث كذلك. وربما حاول الدجال فى الدنيا أن يكون دجالا فى الآخرة، فيحلف على الزور كأن حلفه سينجيه! "يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون "، وهيهات.. "إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين" . فى النجاة من هذه الفتن. وتفريقا بين الإيمان الصادق والإيمان المغشوش، يأمر الله المؤمنين أن يصارحوا بعقائدهم ويتحدَّوا بمبادئهم وينحازوا إلى أشكالهم ويجافوا خصومهم. " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه.. " . ص _449 مأخوذ من كتاب نحْوَ تفسير مَوْضوعيّ. الشيخ محمد الغزالي. |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع: سورة المجادلة. | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
إبدأ صفحة جديدة مع الله | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-31 11:27 AM |
هل سمعت بهذا من قبل | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-22 11:36 AM |
شرح سورة الجمعة | التوحيد | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-23 11:06 PM |
الدروس المستفادة من سورة التوبة | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-03 12:16 PM |