جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
كل نفس بماكسبت رهينة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم هل فكرتم بأن تجدوا ملجأ من سجن في سجين؟ كل نفس بما كسبت رهينة (38) إلا أصحاب اليمين (39) في جنات يتساءلون (40) عن المجرمين (41) ما سلككم في سقر (42) قالوا لم نك من المصلين (43) ولم نك نطعم المسكين (44) وكنا نخوض مع الخائضين (45) وكنا نكذب بيوم الدين (46) حتى أتانا اليقين (47) فما تنفعهم شفاعة الشافعين (48) فما لهم عن التذكرة معرضين (49) كأنهم حمر مستنفرة (50) فرت من قسورة (51) بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة (52) كلا بل لا يخافون الآخرة (53) كلا إنه تذكرة (54) فمن شاء ذكره (55) وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة (56) (المدثر) كل نفس بما كسبت رهينة أي كل نفس مأخوذة بعملها، مرتهنة به، معتقلة بما قدمته من عمل يوم القيامة، فإن كان خيرا خلصها وأعتقها، وإن كان شرا أوبقها. إلا أصحاب اليمين أي باستثناء المؤمنين الذين أعطوا كتبهم بأيمانهم، فإنهم لا يرتهنون بذنوبهم، بل يطلق سراحهم بما أحسنوا من أعمالهم. حمر الوحش إذا فرت من رماة يرمونها، أو من أسد يريد افتراسها. قال ابن عباس: الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت، كذلك هؤلاء المشركون، إذا رأوا محمدا صلى الله عليه وسلم، هربوا منه، كما يهرب الحمار من الأسد. وهذا التشبيه في غاية التقبيح والتهجين لحالهم، وإعلامهم بأنهم قوم بله. والآية دليل على أن إعراضهم عن الحق والإيمان بغير سبب ظاهر مقنع، ولا استعداد للتفاهم والاقتناع، ففي تشبيههم بالحمر مذمة ظاهرة، ونداء عليهم بالبلادة والغباوة، وعدم التأثر من مواعظ القرآن، بل صار ما هو سبب لاطمئنان القلوب موجبا لنفرتهم ثم أتى بصورة من عنادهم، فقال تعالى: بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة أي بل يريد كل واحد من هؤلاء المشركين أن ينزل عليه كتاب، كما أنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم، فهم قد بلغوا من العناد حدا تجاوزوا به أقدارهم، كما جاء في آية أخرى: وإذا جاءتهم آية قالوا: لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله، الله أعلم حيث يجعل رسالته [الأنعام 6/ 124] . وقال تعالى أيضا واصفا مطلبهم: ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه [الإسراء 17/ 93] . قال المفسرون: إن كفار قريش قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم: ليصبح عند رأس كل رجل منا كتاب منشور من الله: أنك رسول الله. وكل هذا ونحوه تعنتا ومكابرة، فهم لن يؤمنوا، كما قال تعالى: ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس، فلمسوه بأيديهم، لقال الذين كفروا: إن هذا إلا سحر مبين [الأنعام 6/ 7] . ثم أبان الله تعالى سبب تعنتهم، فقال: كلا، بل لا يخافون الآخرة أي زجر لهم وردع على اقتراحهم إنزال تلك الصحف المفتوحة المبسوطة، فلا يؤتونها، وهم في الحقيقة منكرون البعث والحساب لأنهم لو خافوا النار لما اقترحوا الآيات. وكفاهم القرآن، كما قال تعالى: كلا، إنه تذكرة، فمن شاء ذكره أي حقا إن القرآن تذكرة، ويكفيهم القرآن، فإنه خير تذكرة وموعظة، فمن أراد أن يذكره ويتعظ به ولا يهمله، اتعظ، فهو موعظة بليغة، وتذكر شاف. ثم بين السبب الأصلي في عدم التذكرة، وذكر ما ينبئ عن كمال الهيبة، وهو صفة القهر الذي بسببه يجب أن يتقى، وصفة اللطف الذي به يجب أن يرجى: وما يذكرون إلا أن يشاء الله، هو أهل التقوى وأهل المغفرة أي لا يقع شيء في هذا الكون قهرا عن الله، فما يذكرون القرآن ويتعظون به إلا بمشيئة الله، الحقيق بأن يتقيه المتقون بترك معاصيه والعمل بطاعاته، والحقيق بأن يغفر للمؤمنين ما فرط منهم من الذنوب، والحقيق بأن يقبل توبة التائبين من العصاة، فيغفر ذنوبهم. وفسر الزمخشري قوله تعالى: وما يذكرون إلا أن يشاء الله بقوله: يعني إلا أن يقسرهم على الذكر، ويلجئهم إليه لأنه مطبوع على قلوبهم، معلوم أنهم لا يؤمنون اختيارا . وهذه طريقته على مبدأ المعتزلة في مثل هذه الآيات، وهو أن الله ترك الإيمان والكفر لاختيار العبد الذي هو مناط الثواب والعقاب، ولكن مشيئة الله قادرة على جعل العبد مؤمنا بالقهر والإلجاء أو الإكراه. و :لا::لا::لا::لا::لا: |
أدوات الموضوع | |
|
|