#1
|
||||
|
||||
سورة الجاثية.
فى الحث على دراسة الكون واكتشاف آياته جاء صدر سورة " الجاثية " لافتا الأنظار إلى ملكوت السموات والأرض وما حوى من عجائب تقود إلى الله سبحانه. " حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين * وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون * واختلاف الليل والنهار " إلخ. وقد مضت نظائر لهذه الآيات فى سورة البقرة وآل عمران وغيرهما. والمراد دعم البناء العقلى للإيمان، وإقامته على الفكر السوى والبصر الذكى! فهل تكفى هذه الدراسة النظرية لإسعاد الإنسان؟ لا. إنها جانب واحد. والجانب الآخر استغلال الكون نفسه لمصلحة الإنسان، فلهذا خلق. " الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " . والهيمنة على قوانين الكون كما تنفع الإنسان فى الحياة الدنيا ماديا، فهى تقدره على إعزاز عقائده والدفاع عنها. وما تأخر المسلمون وذلوا أمام أعدائهم إلا لتخلفهم فى هذا الميدان! " تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون " . القرآن يقود النفوس بهداياته، والكون يدل على الله بآياته، فلماذا يزيغ امرؤ بعد ذلك أو تضل شعوب؟ " ويل لكل أفاك أثيم " . ومع هذا التوجيه المزدوج، فإن الله رحمة منه بعباده أبى تعجيل العقوبة للتائهين! ووسع لهم الفرصة كى يهتدوا فنصح المسلمين أن يتريثوا فى عرض الدعوة وأن تخص وطأتهم على الكافرين: " قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون * من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون " . ص _388 وإلى جانب العلوم العقلية والكونية توجد علوم نقلية شرعية. والمهم فى هذين الصنفين من العلوم أن تقود البشر إلى سبيل الرشاد. ولكن الذى حدث أن جماهير من دارسى العلوم الكونية لم يحسنوا الإفادة منها، فغزوا الفضاء وبقوا كافرين بالله! ورأوا الأجنة تتخلق فى البطون، وبدل أن يعترفوا بالخالق قالوا إن الفاعل مجهول! وهذا الإلحاد صبغة عامة فى الحضارة الحديثة، تشمل غرب أوروبا وشرقها، ويمتد دخانها إلى بقية القارات. ولهذا العوج العلمى نظير بين حملة العلوم الدينية، فقد تحولت موروثاتهم إلى دراسات شكلية لا تهذب نفسا ولا تصقل فكرا. إنهم معها كالدواب التى تحمل صناديق الكتب ولا صلة لها بما حوت! ونصف فساد العالم يرجع إلى قصور رجال الدين وتبلدهم النفسى! ولعل علماء بنى إسرائيل أول من أبطل نظرية سقراط (أن الفضيلة هى المعرفة)، فإنهم لبسوا أردية العلم على أجسام لوثها الهوى " ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين * وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم...". إن العلم الدينى إذا لم يورث الصدق والإنصاف فلا خير فيه ولا قيمة له. ويوجد الآن علماء دينيون وعلماء كونيون ماتت ضمائرهم، وكان فى مقدورهم أن يسدوا للإنسانية الخير الجزيل..! " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله...! . والذكاء فى فهم الدنيا مع الغباء فى فهم الآخرة يحول الإنسان إلى عبد لشهواته، ويربطه بهذه الحياة وحدها، ويصرفه عن الاستعداد لما بعدها، بل يجعله من المنكرين الجاحدين " وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون " . ولذلك جاء ختام هذه السورة تهديدا بالبعث والحساب ووصفا لمواقف الناس أمام ربهم وهو يسائلهم عما قدموا.. " ولله ملك السماوات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون * وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون * هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " . ص _389 والمتأمل فى حضارة هذا الزمان يرى التقدم العلمى رفه حياة البشر، ويسر لهم الملذات وعلقهم بالفترة القليلة التى يقضونها هنا، وأذهلهم عن الخلود الطويل الذى ينتظرهم هناك. ثم إن أهل الكتاب عجزوا عن العودة بالناس إلى الله، وانضموا إلى أعدائه فى ضرب الإسلام ومنع تقدمه، فكانت النتيجة إطباق الفوضى على آفاق الأرض كلها، وزوال شرائع الله فى سياسة عباده. فلا عجب إذا وجهوا يوم القيامة بهذا الخطاب " وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين " . إن العابدين للدنيا قد يربحون قليلا فى العاجلة، فهل ضروا الله شيئا؟ إنهم الخاسرون أولا وآخرا. " فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين * وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم " . إن آخر السورة طابق أولها فى تمجيد الله وتوكيد اسمين من أسمائه الحسنى وهما العزيز والحكيم. ص _390 |
#2
|
|||
|
|||
شكرااااا لك
|
#3
|
||||
|
||||
[frame="1 98"]
[align=center] الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــرا لك وبارك الله فيك أخي الكريم medo_a1 على مرورك الكريم. لك مني أجمل تحية. [/align] [/frame] |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع: سورة الجاثية. | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
إبدأ صفحة جديدة مع الله | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-31 11:27 AM |
هل سمعت بهذا من قبل | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-22 11:36 AM |
شرح سورة الجمعة | التوحيد | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-23 11:06 PM |
الدروس المستفادة من سورة التوبة | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-11-03 12:16 PM |