#1
|
|||
|
|||
أمة واحدة 1
إن المواطنة في الإسلام مفهوم سياسي مدني وليس ديني لذا حققت المواطنة في الإسلام توازنا في المجتمع الإسلامي علي الرغم من التنوع العرقي والديني والثقافي بينما سارت المواطنة في المجتمعات الأخري نحو الصراع العرقي والديني والثقافي ، والغرب في قمة هذه الصراعات لأنه جعل المواطنة ذات إتجاه عنصري ، كماعبرت عنه الحربان العالميتان في القرن العشرين ، وقد تميز الإسلام بأن المواطنة في الإسلام لاتتعارض مع الولاء الديني لأن المواطنة مفهوم إنساني لاعنصري في المنظور الإسلامي ، والمواطنة في الإسلام تشمل جميع المواطنين في دياره، دون إهدار حقوق الأقليات أو الجماعات غير المسلمة أو المسلمة من غير إثارة للعصبيات القومية ، ذلك لأن الإسلام دعا إلي الوحدة الإنسانية الشاملة ليعيش الناس في تفاهم ، ومودة ، وتعاون ، وأمن واستقرار، والدليل علي ذلك في نصوص كثيرة منها قول الله تعالي (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء:1 وقول النبي صلي لله عليه وسلم " أيها الناس إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب "
وهي تتسق مع وجود مجتمع التعدد في الأديان،والثقافات والأعراق فلا مانع ولاخوف من ظاهرة التعدد الديني والتنوع بإعتبار ذلك سنة كونية ، لقول الله تعالي (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) الروم :22 وقوله تعالي (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات :13وقوله (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) النحل :93 وهذا إقرار بتعدد الديانات داخل الدولة الإسلامية ، دون صراع وتناحربينهما ، لعدم التميزبين المواطنين وإذابة الفوارق العنصرية والمذهبية والطبقية والدينية ، والتزام مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات ، والنظرة الإنسانية لوحدة البشرية ، والدعوة إلي الإندماج الكامل والعدل الشامل في إطار وحدة الأمة وضرورة الحفاظ علي الوحدة الوطنية والمصالح الكبري ولذلك نجد القرآن الكريم يخاطب غير المسلمين من أهل الكتاب منعاً لإثارة التفرقة الطائفية أو التمييز بين مسلم وغير مسلم بأن يكون التوحيد هو الجامع المشترك في قول الله تعالي قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) آل عمران :64 في هذه الآية الكريمة نجد الدعوة الصريحة للوحدة بين أبناء المجتمع الواحد من مسلمين وغير مسلمين، لأن الجامع هو توحيد الله وعدم الإشراك به ، ولأن في وحدة أبناء المجتمع الواحد وانصهارهم في بوتقة واحدة خيرللجميع ودعوة القرآن لجميع الناس علي اختلاف عقائدهم، وبيئاتهم وألوانهم إلي عبادة الله، يريد أن يعلمهم أنهم أمة واحدة، ويذكرهم دائماً بأصول تجمعهم وأهداف تقارب بينهم في مناهج الحياة وتصل بهم إلي مايرتضيه لهم ربهم ، وهذا يؤكد وحدة الأصل الإنساني : فكل الناس متساوون في أصلهم وجنسهم وميولهم الفطرية التي تقتضي التمسك بالمواطنة وحب الوطن ، حتي إنه جعل الإخراج من الوطن معادلة لقتل النفس بتصريح قول الله تعالي (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) النساء :66 فالتمسك بالمواطنة أو الإنتماء الوطني غريزة أو نزعة إنسانية و فطرة مستكنة في النفس الإنسانية، قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "لولا حب الأوطان لخرب بلد السوء " أي أن الوطنية ملازمة للإنسان ، حتي ولو كان البلد فقيرا أو أهله أشرار وحدة المصير المشترك : إن الوطن وعاء المواطنة فمصالحه واحدة وآماله بجعله عزيزا كريما وسيدا محصنا منيعا هي واحدة ، والآلام والمضار التي قد تجعله معرضا للمخاطر المشتركة ، كل ذلك يدفع المواطن إلي الالتقاء مع بقية المواطنين علي خطة وعمل واحد ، سواء بالتحرر من الدخيل المحتل أوببناءه علي أسس وقواعد قوية تحميه من كل ألوان العدوان والتخلف وصونه من الأزمات والإنتكاسات ؛ لأن الخيرللجميع ، والسوء أو الشر يعم الجميع وهذا يدفع المواطنين إلي الوقوف صفا واحدا ، والتعاون يدا واحدة لرفع كيان الوطن ، وصون عزته وكرامته ، ممايجعل الوطن الذي هو وعاء المواطنة حقا عاما لاستيطان جميع المواطنين . أسس المواطنة والتعايش في الإسلام الأول : الحرية الثاني: توافر المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين أو المذهب أو العرق ولايتوافر هذان الأساسان إلا بوجود نظام سياسي في خدمة الديمقراطية التي حكم الشعب بالشعب وللشعب ، ونظام قانوني لمعرفة حقوق الإنسان المواطن وواجباته ونظام اجتماعي يعتمد علي حب الوطن ، ومعرفة حقوق الوطن ، والسلوك العملي المعبر عن احترام حقوق الوطن علي ابنائه ، كالدفاع عنه وعن المواطنين وحقوقهم وعن حقوق الدولة . |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع: أمة واحدة 1 | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
الوجيز فى الميراث | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-12-14 03:50 PM |