جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
فضل الدعاء فى شهر رمضان وآدابه1
عندما ذكر الحق جل وعلا آيات الصيام فى سورة البقرة فى الآيات (183-187) وهى خمس آيات كريمات ، فإنه أورد سبحانه آية الدعاء فى سياق آيات الصيام فى الآية (185) وهى قوله تعالى(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة :186 ولا يخفى علينا دلالة ذلك ، فالصائم قريب من الله سبحانه ، ولا ترد دعوته – وشعوره بالرغبة والرجاء والخشية يدفعه إلى الإلحاح فى الدعاء وإلى إغتنام أبواب الخير المفتوحة فى هذا الشهر الفضيل لكى يقرعها ، ويداوم الطرق عليها .
*ويتأكد لنا أهمية الدعاء من كثرة وروده فى القرآن الكريم فقد ورد فى (209) آية مقاربة لألفاظ (العبادة) التى وردت فى (271) آية تأكيدا لكون الدعاء هو مخ العبادة ، أو هو العبادة ذاتها . * والمتأمل فى الأدبيات الإسلامية يرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن مما فضلت به هذه الأمة ( أن الله تعالى كان إذا بعث نبيا قال له : ادعنى استجب لك. ... وقال لهذه الأمة : أدعونى استجب لكم ). * وهى الآية الكريمة فى سورة غافر: آية:60 (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) وتضيف هذه الآية معنى قويا جدا فى أن عدم الدعاء هو استكبار على الله تعالى ، وتعبير عن ضعف الإيمان وعن عدم إدراك للجوء إلى الخالق سبحانه وهو القريب المجيب الذى لا يرد سائلا يقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن ربكم حى كريم يستحى من عبده أن يرفع يديه إليه فيردهما خائبين ) وكان صحابة الرسول الكريم يدركون أهمية النجوى والإبتهال والدعاء فكانوا يرفعون أصواتهم بالدعاء فى كل حين فقال لهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (أيها الناس اربعوا على أنفسكم انكم لستم تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا بصيرا ان الذين تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ). *وتأكيدا لما تقدم نجد النداء القرآنى فى سورة الأعراف: آيه 55 (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) والآية الكريمة تؤكد أن خير الذكر هو الخفى ،وأن أفضل الدعاء ما كان تضرعا وخفاء ؟ لا جهرا ورياء. * لكن ما علاقة الأمر بالدعاء بالإعتداء فى قوله تعالى (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) نجد الإجابة فى قوله الله صلى الله عليه وسلم ( سيكون قوم يعتدون فى الدعاء ) والإعتداء فى الدعاء يكون بالجهر الكثير به ،وأن يدعو المرء أن يكون فى منزلة نبى مثلا ، أو يدعو بأمر محال ،أو يشترط على الله تعالى كأن يقول ( اللهم اغفر لى ان شئت) وهذا كله اعتداء فى الدعاء . * ويتكرر النداء القرآنى فى سورة الأعراف فى الآية التالية (56) فى قوله سبحانه(وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فمن خصائص الدعاء اذن أنه عندما يعبر عن خوف المسلم ورجائه وطمعه فى رحمة الله أن يدخله فى دائرة الإحسان والمحسنين فهو يرى الله معه فى كل حاله ،ولذا لا يجد ملاذا سواه سبحانه وتعالى . فدعاء الصائم تأكيد لمظاهر العبودية لله سبحانه تعالى وتقر به الخالق وينقله من قدرات الحق سبحانه التى ليس لها قيود ولا حدود، هو اذن فعل ما بوسعه وتوقفت الأسباب عند ذلك ، ولم يجد الحل إلا فى رفع اكف الضراعة إلى المولى سبحانه دليل على قوة إيمانه وصدق يقينه فمهما ضاقت السبل وتعاظمت الأزمات وتكاثرن المحن والمصائب والتحديات فالمسلم مطمئن إلى قدرة الله سبحانه وإلى قربه منه وإلى عدل الله ورحمته ،القائل فى كتابه الكريم فى سورةالنمل (62) (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ). * وإذا أعدنا التأمل فى قوله تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) فقد ورد فى سياق آيات الصيام ، وهذا أمر له دلالته فى كون الصائم مستجاب الدعوة كما جاء فى الحديث وأن دعاء الصائم يفتح له أبواب الرحمات وأن الصوم خوف ورهبة ورجاء واخلاص فهذه المعانى كلها تتحقق بالدعاء ، الذى يتاكد به ارتباط الصائم بخالقه سبحانه وحرصه على مناجاته والهروع إليه سبحانه فى السراء والضراءفمن رزقه الله تعالى الدعاء فقد أنعم عليه بالإجابة وهذا المعنى موجود فى قوله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) فالمسلم منه الدعاء وعلى الله الإجابة. *ولأن الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ، ونور السماوات والارض فإننا نجد الدعاء مانعا من مصائب كثيرة كما جاء فى الحديث (لا يرد القضاء إلا الدعاء )بل نجد إشارة قرآنية إلى أن ميزان الأمة وقوتها ودخولها فى دائرة النور الإلهى ، وفى رحمة الله وامتناع البلاء عنها لا يكون إلا بالدعاء فيقول الحق جل ذكره فى آخر سورة الفرقان :آية 77( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ). * وقد أدرك أنبياء الله حقيقة الدعاء وأهميته فزكريا عليه السلام يدعوربه (إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا) مريم :3 وأيوب عليه السلام يجأر إلى خالقه (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) الأنبياء: 83 ونوح عليه السلام يدعومولاه سبحانه (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ )القمر :10 وأنبياء الله جميعا يدعون الله تعالى بكيفيات محددة وجامعة لمعانى الرغبة والرهبة والخشوع يقول سبحانه (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) الأنبياء:90. * ولم يكن غريبا أن الله تعالى أجاب دعائهم جميعا ، فاستجاب سبحانه لأيوب عليه السلام (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ )الأنبياء: 84 ويستجيب الحق سبحانه ليونس عليه السلام الذى ذهب مغاضبا (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ )الأنبياء: 88 كما استجاب سبحانه لزكريا عليه السلام ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ) الأنبياء:90.ولم تكد دعوات نوح عليه السلام تصعد إلى العليم القدير حتى استجاب الله له (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) القمر:11-12 .....................يتبع |
أدوات الموضوع | |
|
|