جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
كيف كان نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقضي يومه ؟
الحمد لله كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصبح صلى الصبح بأصحابه في المسجد ، ثم يجلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس ، وكان أصحابه رضي الله عنهم يجالسونه ، وربما تحدثوا وذكروا من أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم . وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى ، وكان يصليها أربع ركعات ، أو يزيد ؛ فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللهُ " رواه مسلم (719) . وأما في بيته الشريف صلى الله عليه وسلم ؛ فكان يكون في مهنة أهله : يحلب شاته ، ويرقع ثوبه ، ويخدم نفسه ، ويخصف نعله ، فإذا حانت الصلاة خرج إلى الصلاة وصلى بالناس ، ثم جلس إليهم فحدثهم وعلمهم ووعظهم وذكّرهم واستمع إلى شكواهم وأصلح بينهم ، ثم يعود إلى بيته . وقد سئلت عَائِشَة رضي الله عنها : " مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ فقَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ " . رواه أحمد (26194) ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (671) . وفي رواية له أيضا (24903) : " كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ " وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4937). وروى البخاري (676) عَنِ الأَسْوَدِ ، قَالَ: " سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ " . وكان صلى الله عليه وسلم لا يعيب طعاما قط ، إن اشتهاه أكله وإلا تركه . وكان ربما دار الشهر وراء الشهر فلا يجد ما يقوته إلا التمر والماء . فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " مَا عَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ " رواه البخاري (3563) ، ومسلم (2064) . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ ، ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَارٌ ، فَقُلْتُ – أي عروة بن الزبير - : يَا خَالَةُ ! مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ ؟ قَالَتِ : الأَسْوَدَانِ : التَّمْرُ ، وَالْمَاءُ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَلْبَانِهِمْ ، فَيَسْقِينَا " . رواه البخاري (2567) ، ومسلم (2972) . وليس في السنة تفصيل وجبات الطعام التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتناولها ولم تكن من عادة المسلمين في الزمان الأول أن يأكلوا ثلاث مرات ، كل يوم ، كما هي حال الناس اليوم ، وإنما غاية ذلك عندهم أكلتان : أكلة أول النهار ، وتُسمى الغداء ، لأنها تكون في الغدوة ، أي : أول النهار ، وأكلة بالمساء ، وتسمى العشاء. وكان إذا أراد أن يجمع الناس لأمر ذي شأن أمر من يجمعهم له أو ينادي فيهم " الصلاة جامعة " ثم يكلمهم عما أرادهم لأجله ، فإذا أراد أن يبعث بعثا بعثه ، وإذا أراد أن يذكرهم ذكرهم ، وإذا أراد أن يخبرهم بتشريع أخبرهم ، ونحو ذلك . وكان صلى الله عليه وسلم يقيل نصف النهار ليستعين بالقيلولة على قيام الليل ، وقال : ( قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقِيلُ ) رواه الطبراني في "الأوسط" (28) ، وحسنه الألباني في "الصحيحة" (1647) . وكان صلى الله عليه وسلم يتفقد الناس في معايشهم وفي معاملاتهم وفي أسواقهم ، ويغشاهم في مجالسهم ، ويزور مريضهم ويجيب داعيهم ، ويمشي في حاجة الضعيف والمسكين ، فكان يكون عامة يومه فيما أهمه من أمر الدين وأمور المسلمين ، من دعوة ونصح وتذكير وتشريع وجهاد وأمر بمعروف ونهي عن منكر وإعانة محتاج وغير ذلك : - روى مسلم (102) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: ( مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ ؟ ) ، قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ( أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي) . - وروى البيهقي (20851) عَنْ جَابِرٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى الْبَصِيرِ الَّذِي فِي بَنِي وَاقِفٍ نَعُودُهُ ) , وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى " . صححه الألباني في "الصحيحة" (521) . - وروى النسائي (1414) عن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي أَوْفَى، قال: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ الذِّكْرَ، وَيُقِلُّ اللَّغْوَ، وَيُطِيلُ الصَّلَاةَ ، وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ ، وَلَا يَأْنَفُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الْأَرْمَلَةِ ، وَالْمِسْكِينِ فَيَقْضِيَ لَهُ الْحَاجَةَ ". صححه الألباني في " صحيح النسائي " . فإذا جاء الليل وصلى بالناس العشاء ، فإن كان هناك ما يهتم له من أمور المسلمين انشغل به مع كبار أصحابه ، وإلا سمر مع أهله شيئا . روى الإمام أحمد (178) ، والترمذي (169) وحسنه ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَلِكَ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنَا مَعَهُ " . صححه الألباني في " صحيح الترمذي " . قال ابن كثير رحمه الله : " وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العِشْرَة دائم البِشْرِ ، يداعب أهله ، ويَتَلَطَّفُ بهم ، ويُوسِّعُهُم نَفَقَته ، ويُضاحِك نساءَه ... ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها ، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد ، يضع عن كَتِفَيْه الرِّداء وينام بالإزار ، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يَسْمُر مع أهله قليلا قبل أن ينام ، يُؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم " انتهى من " تفسير ابن كثير " (2/242) . ثم كان صلى الله عليه وسلم ينام من أول الليل ، ثم يقوم لصلاة الليل ، فيصلي ما شاء الله أن يصلي ، حتى إذا أذن بلال لصلاة الصبح صلى ركعتين ثم خرج للصلاة . روى أبو داود (56) عَنْ عَائِشَةَ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوضَعُ لَهُ وَضُوءُهُ وَسِوَاكُهُ ، فَإِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ تَخَلَّى ثُمَّ اسْتَاكَ " . وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ، ثُمَّ رَقَدَ ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ ، قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ، فَقَالَ : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ) ، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلاَلٌ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ " . رواه البخاري (4569) ومسلم (763) . وبالجملة : فلم تكن حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم : روتينا رتيبا ، كما قد يفهم من هذه الكلمة ، بل كانت هديا قاصدا ، وعملا مباركا ، كما أمره ربه : ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الأنعام/ 162 . فكان هديه صلى الله عليه وسلم ، هو التأويل الواقعي لأمر الله وشرعه ، كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : روى مسلم في صحيحه (746) سَعْد بْنِ هِشَامٍ بن عَامِرٍ، أنه قال لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : " يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ؛ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى !! قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ ". والله أعلم . |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع: كيف كان نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقضي يومه ؟ | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
الوليد بن عقبة وبنو المُصْطَلِق وما نزل فيهما من القرآن | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 0 | 2019-10-20 11:31 AM |