جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
البطل حسن طوبار/عزت السعدني
البطل حسن طوبار عزت السعدني نحن الآن في أوائل أكتوبر عام 1798 بعد ثلاثة شهور فقط من إحتلال الفرنسيين للقاهرة... لم تكن المعركة معركة جيش لجيش انما كانت معركة جيش لشعب, لأن ميدانها كان قاع المدينة وساحة القرية وحول العزب والكفور وعلي شواطئ المصارف والترع كان هدف العدو هو الغزو, والسيطرة علي البلاد من اقصاها الي اقصاها. ولعله قد وضع في اعتباره وهو يخطط لذلك الغزو انه سيقوم برحلة سياحية مثيرة تلعب المغامرة دورا كبيرا في خلق جو من الاستمتاع بها.. لكن لعله أيضا قد تعلم درسا قاسيا أقنعه بأن الشعب نفسه هو أعظم الجيوش, وأن اعظم سلاح يدافع به عن نفسه هو الصمود, إحساسه بنفسه, بكرامته, بحقه في الحياة والحرية.. ولكن حملة نابليون وجدت نفسها مضطرة الي استعمال هذين الأسلوبين ـ الخداع والدبلسة ـ مع المناضل الشعبي حسن طوبار في اقليم المنزلة, لم يكن في يقينها انها وقعت في أشد أنواع الهزيمة قهرا أمام ما تصورت أنه أشد اهدافها ضعفا.. لدرجة ان نابليون نفسه بكل جبروته وقوته ارسل اليه بعض الهدايا ليستميله ويشتري بها سكوته فرفض حسن طوبار بكل اباء. إن قصة الحملة الفرنسية مع حسن طوبار تمثل أروع مايمكن أن يقدمه الشعب المصري العملاق من قدرات خارقة في مواجهة الأعداء الغزاة كان حسن طوبار في ذلك الوقت شيخا لاقليم المنزلة. وكان في حالة من الرواج كفيلة بأن تقعده عن اتخاذ أي موقف يمكن أن يهدد ثروته, اذ كان يملك أسطول صيد قدرته بعض المصادر الفرنسية بحوالي خمسة آلاف مركب, وعددا لابأس به من مصانع نسج القطن, ومن المتاجر, ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية, وفوق ذلك كان يملك حب الناس وتقديرهم. ويقول الجنرال لوجييه معبرا عن هذا المعني ان كل الجهات التي مروا بها في طريقهم الي المنزلة لم تكن تهتف الا بالحب لطوبار والثناء عليه ولذلك فحينما عين الجنرال فيال حاكما علي دمياط لم يكن يورق ذهنه شئ سوي شبح طوبار.. فأهدي اليه سيفا مذهبا ولم يشأ أن ينحيه عن منصبه. لكن حسن طوبار قابل ذلك بالسخرية الشديدة, فكيف يستميله سيف مذهب وهو يستطيع أن يسلح نفسه بالذهب تسليحا كاملا ثم كيف يهنأ له بال وهو يعيش في ذل مقيم يضغط العدو علي حريته ويذيقه هو وأهله أنواع الضيم وقد يعتدي علي كرامتهم ويهتك أعراضهم مثلما فعل في مناطق أخري؟ لابد أن أسئلة كهذه كانت تطل برأسها في أعماق حسن طوبار وهو يشتري من ثروته الخاصة أسلحة ويجهز أسطولا بحريا من القوارب لكي تذهب وتحارب الفرنسيين في البحيرة وتهاجمهم في دمياط وتقض مضاجعهم ليل نهار.. وقد استطاع بالفعل أن يلقي الرعب والفزع في قلوبهم. ورفض كذلك ان يلتقي معهم في أي مفاوضات حتي ولو كانت مع القائد الأكبر نابليون. رفض ايضا مقابلة الجنرال داماس ودعوة الجنرال دوجا للصلح. ورفض كل شئ ماعدا قتالهم حتي اخر قطرة من دمه.. وراح يجوب القري ليؤلف الكتائب ويجهز الفدائيين ويزودهم بالأسلحة وبالروح المعنوية الخارقة.. وحينما استجمع نابليون كل طاقاته لمحاربة حسن طوبار, جهز له حملتين: برية وبحرية بقيادة كل من الجنرال أندريوس والجنرال داما, تحت اشراف الجنرال دوجا قائدا عاما.. وهاجم المنزلة ودخلها في6 اكتوبر سنة1798 ولم يتمكن من الايقاع بحسن طوبار, لأنه تمكن من الفرار الي الشام. والواقع ان حسن طوبار في غيابه لم يكف عن المقاومة, فقد ذهب الي غزة واستأنف نشاطه من جديد, وكون جيشا من المناضلين وأسطولا مكونا من خمسين قطعة لكي يبحروا به إلي دمياط لمباغتة العدو. ورغم ان الظروف لم تمكن طوبار من اتمام هذه الحملة, إلا أن رعب الفرنسيين منها جعل نابليون يسمح له بالعودة الي مصر.. ومات الزعيم الثائر في29 نوفمبر سنة1800, وظل كفاحه يهدد زعماء الحملة الفرنسية حتى بعد موته! منقول
|
أدوات الموضوع | |
|
|