جديد المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
رؤية حول الرهاب الاجتماعي
رداً على موضوع : لو الانتحار حلال كنت انتحرت من زمان .. للعضو : نفسي أتغير في أحد المنتديات
اقتباس:
ليس كل خجل هو مرض ، بل هو آتٍ من طلب الأفضل وعدم القدرة عليه ، وهذا علامة النفوس الطيبة ، فمن لا يستحي لا خير فيه ، وقد مرّ رسول الله عليه الصلاة والسلام على رجل يعظ أخاه عن الحياء ، فقال له : "دعه ،إ ن الحياء لا يأتي إلا بخير". الشخص الخجول والذي يعاني من الرهاب الاجتماعي هو فقط بحاجة إلى مجتمع طيب يحترم شعوره ، وستجده فيما بعد ينطلق تدريجياً وتبدأ قدراته وابداعاته بالظهور و يثق بنفسه أكثر ويحس بطعم الحياة ويذهب الرهاب من المجتمع عنده بالتدريج . ولكن الأمر السيء هو الإصرار على عدم التغيير ، ونظرة التعظيم للناس ، ونظرة "من تحت لفوق" باتجاه الآخرين – وكأن الناس ناطحات سحاب وأنت قزم بينهم - مع أنهم مليئون بالعيوب الأخلاقية . حتى تخرج من الرُّهاب ، انظُر لعيوب الآخرين وابحث عنها قبل أن تبحث عن ميزاتهم . فمن يحرص على مساعدة غيره سوف يبحث عن عيوبهم ونواقصهم لكي يساعدهم ، لا لكي يسيء إليهم أو يسخر منهم . أما من يبحث عن ميزاتهم فقط فهو إما شخص يبحث عن مصلحته ، أو يريد ان يعرف ميزاتهم لكي يقلّدها . والرهاب الاجتماعي دائماً يكون مع الناس الجدد في حياتنا ، وقد قيل : يعيش المرء ما استحيا بخيرٍ --- ويبقى العود ما بقي اللحاءُ فــلا والله مـا بالـعـيش خـيـرٌ --- ولا الدنيا اذا ذهـب الحـياءُ اذا لم تـخـش عــاقبة اللـيالي --- ولم تستح فاصنع ما تشاءُ أنا لا ألومك كثيراً على الرهاب من المجتمع ، لأن المجتمع ليس منزوع الشوك والشرور ، ولكني ألومك على كبت الذات وتحطيمها ، فأنت لست أقل من غيرك ، ويكفي الخجول فخراً أنه يستحي ، و المستحيّ دائماً قريب من الأخلاق والشعور الإنساني . بداية علاج الرهاب هو أن تتغير نظرتك لنفسك ولغيرك . عليك يا عزيزي أن ترتفع عن مستوى المشكلة كلها . ولابد للإنسان أن يبتعد عن ذاته ولو قليلاً . ابحث عما يضرّ غيرك وجنّبهم إياه ، وابحث عما ينفع غيرك وقدّمه لهم .. وبعبارة أخرى : ساعد غيرك تُساعد نفسك ، علّم غيرك تعلّم نفسك ، عالج غيرك تعالج نفسك ، وهذه سنة كونية . لأنك الآن سلّمت أمرك لله وتخلصت من أنانيتك ، وكلما خرجت من ذاتك تجد نفسك شفيت وتعلمت ، أي : لن تنفع نفسك من خلال نفسك ، بل من خلال غيرك . كلما حاولت أن تساعد نفسك بنفسك ، تجد أن المشكلة تتفاقم ، لأنك تضع تركيزك دائماً على النتيجة ، وإذا لم تر النتيجة كما ترغب وتحب ، فإنك تحس بالإحباط وتعود لجلد الذات وتحطيمها . الأصحاء هم الغافلون عن أنفسهم دائماً، أي المشغولون بغير أنفسهم ، لذلك الانهماك بالعمل يعتبر خروجاً عن الذات وعلامة على الصحة النفسية . ولهذا المكتئب يحبّ النوم لأنه يخرج عن ذاته ، وهذه هي الحقيقة : فعندما تدور حول ذاتك فأنت كمن يعبد ذاته ، إن ذاتك مرتبطة بالأشياء بينما أنت تريد من الأشياء أن ترتبط بك ، ولكن أنت كيان يسير ، ومع ذلك تريد أن يقف الكون كله ويدور حول فلكك ، ثم تأتي وتتساءل : لماذا هذا أهملني ؟ ولماذا هذا لم يسمعني ؟ لماذا هذا أفضل مني ؟ وكأنك كوكبٌ يقول للكواكب الأخرى : لماذا لا تقفون وتدورون حولي ؟ ومن أجل هذا أيضاً يتعاطى المدمنون المخدرات والكحول ، لكي يخرجوا عن ذواتهم . وهناك من يتنّقلون بين الأماكن المختلفة ، وكذلك الذين يشاهدون الأفلام بكثرة ، وهذه كلها علامات على الاكتئاب . الانهماك بالطبيعة ومتابعة الحيوانات والرحلات وما شابه ، كلها صور من الخروج عن الذات ، وغيرها الكثير . الدوران حول الذات ينافي التوكل على الله ويقرّبك للأنانية ، مع ذلك فهي حلول مؤقتة ، ولكن الحل الدائم هو بتسليم الذات لمن هو خيرٌ في رعايتها منّا وهو المستحق لذلك وهو الله سبحانه وتعالى . ويكون جزاء هذا التسليم هو الطمأنينة والرضا، وكذلك الاهتمام بالآخرين اكثر من النفس ، لأن الله يريد ذلك، و كذلك الايمان والتسليم الحقيقيان لله علاج لكل المشاكل النفسية ، لأن الله وعد عباده بحياة طيبة ، والله لا يخلف وعده ، إن الله هو الذي يقدّر لك شؤونك وأمورك ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، أي يحسب لك بدلاً عنك ، فهو سبحانه يعرف مصلحتك اكثر منك ، ولست أنت من صنع الكون ولست مصدر القرار فيه . ومن صور الدوران حول الذات : المقارنات مع الآخرين ، ففي كل مرة يقارن الشخص نفسه بأحد ، يجد نفسه محبطاً ، ويكون هو الخاسر في المقارنة دائماً ، لأنه لا يستطيع أن يكون مثله أبداُ ، وبهذا هو يسيء لنفسه . وهذه ميزة لك لو تأملتها ،فالشخص الآخر لا يستطيع أن يكون هو مثلك أيضاً ، ومثل تلك المقارنات لا تدل على رضا بقسمة الله عز وجل ، وأهم نقطة في الخروج عن الذات هو أنه يُنْصِف الذات ، أي تعطي نفسك حقها ، فترى الأشياء السيئة والحسنة فيك معاً ، فتقول عن نفسك : "حاولت أن تفعل كذا وكذا ، ومع ذلك فشكراً لك فأنت لم تقصر" . هنا أنت تنصف ذاتك وتعطيها حقها ، لأنك خرجت عنها وأصبحت ترى نفسك مثلما ترى شخصاً آخر . الذي يعرف الله لا يشعر بحسد على الأنبياء والصالحين مثلاً ، لأنه يشعر بجمالهم ، فهو قد ترك أنانيته ، والذي يترك أنانيته يستطيع أن يستمتع بجمال غيره وبجمال نفسه أيضاً ، ومن باب أولى أنه لا يحسد أصحاب النعم المادية ، سواء كانت جسمية أو اجتماعية أو عقلية أو مالية ، لأنه يدري أن ذلك اختبار ، ويعلم أنها ليست نابعة من قدراتهم وعلمهم هم ، بل هي توفيق من الله لكي يبلوهم بها . أما اصحاب الفضائل فإنك لا تحسدهم ، لأنك تتوه وتضيع بجمالهم ، ولهذا المتآخين في الله لا يحسدون بعضهم مهما كان بينهم من تفاوت ، لأن الخروج عن الذات يجمعهم ، وكل ميزة في أي واحد فيهم هي ميزة للكل ، وذلك لأن هدفهم واحد . الأنانية دائماً مرتبطة بالمادية ، فالأناني يكون بخيلاً ويكون حسوداً وغيوراً وطماعاً وشكاكاً ويضطر للكذب وفخوراً ...الخ ، وأيضاً محبطاً لنفسه ، لأنه لا يعرف قيمته إلا من خلال ما يصل إليه أو يمتلكه من ماديات ، ولا يعرف قيمة جماله الذاتي ، وهو ليس شكوراً أيضاً ، لأن المادية تقتضي الزيادة دائماً و أن تنظر الى ما ليس عندك ( قانون ) من زيادة الخوف على الذات والمشاعر الذاتية ينتج الرهاب الاجتماعي ، وكأن الشخص يجب أن يكون كاملاً . والذي تهمه نفسه ستجده يطلب رأي الناس في كل شيء ، مثل أن يقول : هل إذا أخذت الشهادة سيمدحني الناس ؟ هل هذا الشيء يكرهه الناس ؟...الخ ، وذكرهم الله تعالى في كتابه ، فقد قال : {وطائفة قد أهمّتهم أنفسهم} . إن الشخص إذا عرف قدر نفسه يهون عليه الانتقاد ، فحينها سيقول لنفسه : من أنا حتى لا اُنتقد ؟ وبهذا يكون ابتعد عن التكبر . ولن يكون الإنسان جميلاً حتى يخرج من ذاته وأنانيته، وحينها سيكون مركز جذب ، وسيحبه الناس . والخروج عن الذات يساعدك في نقطة تقبل النقد ، لأنك تنتقد نفسك أساساً ، ولا تكتمل الثقة بالنفس حتى يتقبل الشخص جميع الانتقادات من جميع الأذواق والمشارب بكل أريحية ، وهذه علامة من علامات الصحة النفسية والثقة بالنفس، ولا يقولها إلا شخص ممتلئ من الداخل ، وأيضاً لا يبالغ بقيمة ذاته ، لأنه يأخذ الرأي الصحيح ، ومستعدٌ أن يأخذ قسمته ونصيبه .. أيضاً قضية الاهتمام بالنِّعم قبل الاهتمام بالنواقص ، فمن علامات الشخص الطيب أنه يشكر ، واهتمام المسلم بالشكر سيجعله يبحث عن ميزاته ، ويأتي غيرك وينتقدك أيضاً ، وهذه إضافة لك وفائدة في إصلاح هذا الشخص الآخر الذي هو أنت ، و ربما كنت أنت قد سبقت نقدك لنفسك؛ لذلك ربما لا يأتون بجديد إذا انتقدوك . فالشعور الأناني وشعور الغيرة من الغير قد يأتيك ، لكن اقمعه واقضِ عليه . الأنانية تأتي من الاهتمام بالمجتمع ، ومع الوقت تبدأ بالتنازل عن ذوقك وتميُّزك وكيانك ، ويتعلق رضاك برضا المجتمع ، وهذا ما لا يُدْرَك ، وهذا الوضع يؤدي لنفس النتيجة ، فإن أخرجت الناس من حساباتك فستخرج عن ذاتك والعكس . الذي يرتبط بذاته لن يكون له طريق إلا طريق واحد : هو نفسه ، ولكن إذا لم يهتم لنفسه فسيكون له طريق آخر وهو طريق الأخلاق والفضائل ، ومن خلاله يعرف إذا كان يفكر بأنانية أو لا ، لأنك لا تعرف الشيء إلا اذا خرجت عنه . الأناني لا يعرف الأخلاق ، لأنه ليس له طريق آخر يقارن عن طريقه ومن خلاله ، فيقع في الرذائل وهو لا يدري ، ويقع في الفضائل وهو لا يدري ، فيحسب أن الفضائل أنانية ، ويحسب أن الرذائل مصالح . لا بد أن تفصل نفسك ، وتتعامل مع نفسك كشخص آخر مختلف ، تحبُّه إذا عمل العمل الطيب ، وتكرهه إذا عمل العمل السيء ، وتحاول أن تسعى للوصول إلى المثالية في كل حياتك . ولا يسخط على ذاته السخط الكثير المستمر إلا شخصٌ متكبرٌ يريد كما أراد المتنبي في قوله : أريد من زمني ذا أن يبلغني .. ما ليس يبلغه من نفسه الزمنُ فهو لم يجلد نفسه فقط ، بل جلد الزمان معه! وهذه من صور الطموح ، فالطامح دائماً يعذب نفسه . مثل من يقول : النوم أكثر من أربع ساعات = فشل ، فيعتبر أن في نومه هذا إضاعة للوقت الذي قد يستغله بالمزيد من المصالح. فالتوازن النفسي لا يكون إلا لشخص مؤمن بالله ، فإذا نظرت للناس تجد مشاكلهم ناتجة عن معرفة ما يستطيعه الشخص وما لا يستطيع ، ومشاكل أخلاقية من تكبر وحسد وقلة الشكر وغيره ، وهذه لا تأتي إلا من ضعف إيمان ، أو ضعف في فهم الأخلاق مع الله ، فحينما تغار من أحد أن أعطاه الله نعمة ، فمن أنت حتى تطلب من الله أن يزيل نعمته عنه وينقلها إليك ؟ وهل الله ضيعك أساساً حتى تقول ذلك ؟ {وأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن ، وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن} مشاكل الأمراض النفسية هي مشاكل أخلاقية مع الله . الخروج عن الذات لا يكون إلا لأحد سلم نفسه لله ، فليس الله أهم من نفسك . وفي نفس الوقت فإن بقاءك على نفسك يجلب لك الأمراض ، فتخيل شخصين : أحدهما يفكر بنفسه ومشاكله وشؤونه الخاصة فقط ، وشخص آخر ترك نفسه وبدأ يساعد الناس ويتعلم ...الخ ، تركناهما لمدة سنة ، وعندما نعود إليهما وننظر ماذا حدث لهما ، سنجد الشخص الأول مريض جداً ويعاني من العقد النفسية ، بينما الشخص الآخر تجده كوّن علاقات طيبة مع الآخرين وكسب فوائد مادية ومعنوية تعود على الذات بالنفع . والخروج من النفس أنواع منها : الخروج الراجع : مثل من تجده يحاول الدخول بالمجتمع عن طريق العمل والصداقات النفعية كي يستفيد لا ليفيد الآخرين . ليس هناك أسوأ من شخص يفكر بذاته كثيراً ، فتجده مثلاً حينما يخرج من اجتماع لأصحابه تجده يفكر : لماذا هذا الشخص نظر إلي هكذا ؟ لماذا اهتموا بهذا ولم يهتموا بي ؟ ... الخ قم بأعمالك لوجه لله ، والله سيعمل لمصلحتك : {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} ، ومن سخط فله السخط ، اقبل نفسك التي قبلها الله لك ، وما الشيء الذي يمنعك من قبولها ؟ إن كثرة النظر لما عند الآخرين يفقدك قيمة ما عندك ، فالله لا يخلق لا شيء . لا بد أن ندفع جزاء النعم التي أعطانا الله إياها ، والله قد أعطاك ، والله يرحم من يرحم عباده ، و دائماً تتعلم إذا علّمت أولاً . ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، ومن يخدم غيره سيسخّر الله من يخدمه ويهتم لأمره . إن السعادة ليست تأتي من داخل الذات ، بل تأتي من خارجها . كل ألم وتعب يصيبك ، فهو يعني أنك منحرف عن الخط السليم . الخروج عن النفس كما قلت هو باب العلاج النفسي ، ولكن لا يوازن هذا معرفة الله عن طريق الأخلاق ، فتجد المسلم يقول : إن لله محياي ومماتي ، وليس لنفسي ورغباتي وشهواتي . فالعابد لله لا يكون أسيراً لنفسه ، لأن الدنيا غدّارة ومتقلبة ، فالمؤمن لا يهمّه كل هذا ، لأنه مستقر على ثابت ، فالشهادة والمنصب والطموح مثلاً ليست أشياء ثابتة يُعتمد عليها ، فالكثير من أصحاب المناصب ورجال الأعمال انتحروا وهم في أوج مجدهم . هوِّن على نفسك يا أخي ولا تقسو عليها ، فهي غالية . وشكراً .. |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع: رؤية حول الرهاب الاجتماعي | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
لا حول ولا قوة إلا بالله(فوائد وثمار | معاوية فهمي | موضوعات عامة | 1 | 2021-05-30 08:25 AM |