![]() |
جديد المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
بسم الله الرحمن الرحيم ( أرأيت الذي يكذّب بالدين ، فذلك الذي يدعّ اليتيم ، ولا يحضّ على طعام المسكين . فويل للمصلين ، الذين هم عن صلاتهم ساهون ، الذين هم يراءون ، ويمنعون الماعون ) .
سورة كريمة لها أبعاد مجتمعية أكثر من سواها ، رغم حصْرها من البعض في " ركن " ضيق من " التشريعات " لم ينزل هذا القول الكريم ، ربما ، بشأنها !!! . ولنا تقسيم هذا القول الكريم قسمين : الأول يبدأ بـ " أرأيت " ، والثاني يبدأ بـ " فويلٌ " . في الغالب الأعم تقوم استثارةٌ لـ " النظر " حين يكون الأمر على غير " العادة " لغةً أو منطقاً !!! ؛ فـ " أرأيت " هي استفهام " تحفيز " استعداداً لما سيأتي بعدها : فالذي يكذب بالدين يُتوقع أن يجاب عن السؤال ذي التعلق به بأنه منكر وجود الله ، أو منكر شيء عقدي ... إلخ ! لكن المكذب هنا بهذا " الدين " لا يقدمه لنا القول الكريم بحسب " مفرداتنا الدينية " ، بل بحسب " رؤية " الله ، سبحانه ، ومراده لهذا الدين ... هذه الرؤية تجعل الدين مُركّباً لتعاليم هدفها الأساس إنشاء " قيم " تتطور من الحالة الطبيعية الاكتسابية لتصبح وضعاً نفسياً وزمنياً في آن ! أي من " الاكتساب " إلى " الملَكة " !!! . ساعتها ، فقط ، يصبح الإنسان " الكائن " العضوي " وحدةً " اجتماعية !!! ، ويصبح الوقت – وهو ، فلكياً ، ساعات تمُر – وقتاً اجتماعياً فيتحول من " ساعات تمر " إلى " ساعات عمل " ، ويصبح التراب – وهو ، جيولوجياً ، ما يقدم للمرء حاجاته في صورة استهلاكية – ذا تجهيز / تكييف فني يسد لا الحاجات الاستهلاكية الفردية ، بل الحاجات الاجتماعية تبعاً لتطور المجتمع من حال إلى آخر رأسياً . ولا نرى الصواب لمن ذهب إلى القول بأن " المكذب " بيوم القيامة كافر ، ومن ، أو تبعاً لـ ، كُفره فهو لا يواسي اليتيم ، ولا يحض على طعام المسكين !!! حيث الاستقراء الاجتماعي يظهر غير ذلك في بلاد ربما لا تعترف بالدين أصلاً !!! ... فهذا الفريق يقول " إن المكذب بالدين كافر ، ولما كان كافراً مكذباً ، كان كفره سبباً لدع اليتيم " !!! . وبالطبع لن نخوض في المعاني اللغوية لهكذا " دع " ؛ فالورقة تقتصر على البعد المجتمعي لهذه السورة الكريمة . وعدم الحض / الحث على إطعام المسكين هو أيضاً من أدلة نقص ، أو قُل عدم ، الإيمان بالدين ! لأن الدين ، بالأساس ، تنظيم إلهي لما هو مجتمعي . وأما " فويل " فالتحذير ، بصرف النظر عن معنى الويل ، منصب باتجاه " من يصلي " فيكون غريباُ تحذيره بأن له ويلاً !!! لكن العودة للبعد المجتمعي يصرف المعنى إلى غير " الصلاة " ليكون – أقرب ما يكون – إلى " الصلات !!! فكأن المصلي " الصلاة " وهو غافل عن الصلاة " الصلات " التابعة لـ " الصلاة " وتلك – وهي صلات اجتماعية – تجعل الصلاة منقوصة !!! لأن أي " صلاة " لا بد لها من "صلات " : فللصلاة بُعدها العَقدي ، ثم بُعدها التشريعي ، ثم – لتكتمل – بُعدها الاجتماعي الدال على صدق فعل صاحبها . ويصدق زعمنا هذا : • فَهْمُ " الصلاة الوسطى " الواجب صرفه إلى " الصلات " : فالقول الكريم " حافظوا على الصلوات " هو قول " كلي " ، و القول " والصلاة الوسطى " هو " قول جزئي " ولا يصح – بلاغياً – التكرار في مكان لا حاجة إليه فيه ! فلا يصح القول المتكرر أن نحافظ على الصلاة ، ككل ، ثم يأتي القول لنحافظ على الصلاة الوسطى التي هي جزء من كل ( = الصلوات ) ! تماماً كما هو غير مقبول القول من أحدنا " حافظ على البيت " ثم يقول القائل " حافظ على الغرفة الفلانية " وهي إحدى غرف البيت ، لأن ما يصدق على الكل يصدق على الجزء !!! لذا فلننظر في سياق القول الكريم ذي التعلق بالصلاة الوسطى : الـ قبل : " وإن طلقتموهن " : أعباء مجتمعية ! ، والـ بَعد " فإن خفتم " : أعباء اجتماعية ! وهذه وتلك فيها صارف ، ربما ، عن الصلات المفترض قيامها ، بحكم البعد الاجتماعي للدين ، بين الناس ، فجاء الأمر القرآني بالمحافظة ، وفي هذه الظروف ، على الصلوات الدينية ، والتشديد على الإبقاء على الصلات الاجتماعية التي هي مدار الدين . • فلاقتحم العقبة ، وهذا – أيضاً – مساق اجتماعي بامتياز ! ؛ فالسؤال : " وما أدراك ما العقبة " لم يأتِ على سبيل الاستفهام ، بل جاء تنبيهاً / تحفيزاً للآتي بعده ، الذي سيكون على غير المتوقع ؛ فهذا الاقتحام – في مراد الدين – هو ، وبالترتيب ، : فك رقبة ( بُعد اجتماعي يتغيا " حرية الإنسان " ) ! ، ثم : إطعام " يتيماً ذا مقربة " ( بعد اجتماعي بإطار " الأسرة " الصغيرة ) ! ، ثم : " مسكيناً ذا متربة " ( بعد اجتماعي بإطار " الأسرة " الكبيرة ) ! ، ثم : الكونْ " مِن الذين آمنوا ، وتواصوا بالصبر ( وهو سلوك " نفسي " يبدأ من الفرد ليصب بخانة التعاملات المجتمعية ، فـ " يرضى " المرء أن تسود المجتمع قيمة " فلنتعاون فيما اتفقنا فيه ، وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه " ) ! ، وتواصوا بالمرحمة " وهو سلوك " عملي يدرب صاحبه أن يكون فرداً في مجتمع هو : ( على قلب رجل واحد ، كما الجسد الواحد : إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) . |
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|