الوطنية الوثنية المقيتة من أخطر مخلفات و رواسب الاستخراب الغربي في بلا

[فارووق]

الوطنية الوثنية المقيتة من أخطر مخلفات و رواسب الاستخراب الغربي في بلاد المسلمين


إن أخطر و أعظم مخلفات و رواسب الاستخراب الغربي (المسمى زورا الاستعمار) هي الوطنية الوثنية المقيتة التي أسس المُخَرِّب (المستعمر) على أساسها دويلات في بلاد المسلمين، رسم لكل منها حدودا وهمية فرقت بين أبناء الامة الواحدة {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)}(سورة المؤمنون)، فتحولت وظيفة جيوش المسلمين من الرباط على الثغور (اي على المناطق التي تفصل بين بلاد المسلمين و بلدان الكفار) الى حماية الحدود التي رسمها الغرب لتفصل بين المسلمين، فأصبحت وظيفة الجيوش و رجال "الأمن" مَنْع المسلمين من الانتقال و التحرك بحرية في بلادهم الواسعة الشاسعة، بلاد الامة الاسلامية! ... فأصبحت كل دويلة في بلاد المسلمين لا تسمح إلا لحاملي جنسيتها الوطنية من دخولها و العيش و العمل فيها، أما غيرهم، و رغم انهم مسلمون، إلا انهم بحكم عدم حيازتهم على الجنسية الوطنية، فإنه لا يسمح لهم بالدخول إلا بتأشيرة و تحت شروط و قيود معقدة، و كثيرا من الاحيان مهينة! ... أما القليل من المسلمين الذين يُمَنَُ عليهم بجنسية وطنٍ مسلمٍ غير وطنهم الاصلي الذي يُحسبون عليه حسب أعراف و قوانين المخرب (المستعمر) فمعرضين في أي وقت لأن تُسحب منهم الجنسية بطرق عشوائية!

لكننا لا نريد في هذا المقال الحديث عن و طنية الأنظمة التي صنعها المُخَرِّب (المستعمر) لتمنع وحدة المسلمين و تحصرهم ضمن حدود وهمية و تمنع وحدتهم، بل نريد الحديث عن الوطنية التي امتدت من الأنظمة و مؤسساتها لتعشش و للأسف في عقول و مشاعر الغالبية من المسلمين، عامتهم و علمائهم، فتجد كثيرا من المسلمين رغم التزامهم بشعائر الاسلام من عبادات و رغم قراءتهم أو حفظهم للقرآن و السنة، و رغم معرفتهم للآيات و الاحاديث التي تذم العصبية و الوطنية و تحرمها و تجعل الرابط بين المسلمين هو رابط الايمان بالله و برسوله محمد، .... رغم هذا كله تجدهم سرعان ما تتحرك فيهم مشاعر الوطنية في كثير من المناسبات و الاحداث، فتتحرك العصبية المقيتة لإبن "الوطن" و لقائد الوطن، و لرئيس الوطن، و لملك الوطن، و للفريق الرياضي للوطن، بل و حتى لشيخ الوطن الخ .... ، فتجد كل مسلم يفتخر بدويلته الوطنية و يعتبرها و يعتبر مُواطنيها احسن و اعظم و اشرف ... من دويلات المسلمين الاخرى و مُواطنيها، ... و تجد كل مسلم يضع خطا أحمرا للمسلمين من غير وطنه لا يجوز لهم المساس به، ... فالوحدة الترابية لوطنه مقدسة و لا يجوز للمسلمين من وطن آخر المساس بها، .... و رئيس أو ملك وطنه مقدس لا يجوز لمسلم من غير وطنه الطعن فيه و انتقاده، .... و هكذا دواليك، ...

فتجد المسلم يصلي الى جانب أخيه المسلم باتجاه نفس القبلة و تَعَبُّدًا لنفس الخالق، و يتلوان آياتٍ من نفس القرآن و يهتديان بنفس السنة عن نفس الرسول محمد، .... لكن حين يتكلم أحدهم عن وطن أو رئيس أو ملك أو شعب المسلم الآخر تنشب العداوة و يحتدم الخصام بينهما، ....
فإذا قال مثلا مسلمٌ لمسلمٍ بلدكم اشتهر بعهر نسائها و فسادهن، فبدلا من نقاش المسألة على أنها مشكلة تخص المسلمين كأمة و تهم كل مسلم أيًّا كان موطنه، بدلا من هذا تجد العصبية المقيتة تتحرك عند المُخاطَبْ فيرد: "بل نسائكم هم العاهرات، ... نسائنا اشرف من نسائكم، ... الخ ، ..." ، و ينسى الطرفان انهم بصدد الحديث عن أخواتهم المسلمات، أيًّا كانت الجنسية الوطنية التي أجبروا على حملها ! ...
و إذا قال مسلمٌ لمسلمٍ رئيسكم أو ملككم خائن أو ظالم أو لص تحركت العصبية المقيتة فيرد عليه: "لايحق لك أن تتدخل في شؤوننا الداخلية، فسيادة و كرامة وطننا و رئيسها و نظامها خط أحمر لا يجوز لك المساس به، ... و قبل أن تنتقد "الغير" انظر اولا الى مساوئ حكام بلدكم و ظلمهم و خيانتهم، ...."،....

و إذا ذهب مسلم ليشتغل في بلدٍ مسلمٍ يعامله غالبية المسلمين في البلد "المضيف" على انه اجنبي، ...

و إذا وقع نزاع بين أنظمة و حكام بلدين إسلاميين ترى العداوة انتقلت الى غالبية المسلمين في البلدين، ...

و إذا امتثل مسلمون لأمر الله {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75)}(النساء) و هاجروا لمساندة و نصرة إخوانهم في بلد مسلم بطش فيه حكامها بالمسلمين، تجد حتى من المشايخ من تتحرك فيهم النزعة الوطنية فيتبرأ من "المهاجرين" و يأمرهم بمغادرة البلاد و يحرم عليهم التدخل في شؤون البلد المسلم و في تحديد مصير شعبه المسلم، ... الخ! .... و العجب أن نفس المشايخ "الوطنيين" لا يجدون حرجا في تدخل الغرب في بلاد المسلمين و تحديد مصير شعوبها، بل تجدهم -اي المشايخ "الوطنيين"- كثيرا ما يفتون بجواز طلب تدخل الغرب لِ"نصرة" المسلمين و حمايتهم، و يلحون على ذلك، ....


فنُذَكِّر المسلمين، عواما و علماء، الذين عششت في عقولهم و مشاعرهم الوطنية الوثنية المقيتة و يقبلون، بل و يساهمون في تقسيم أمة الاسلام الواحدة الى تونسيين و مصريين و سوريين و عراقيين و يمنيين و جزائريين الخ ...، نذكرهم بقول الله: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}(سورة الحج)، ... {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا}(سورة المائدة)، ... {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}(سورة المؤمنون)، ... {وَلاَ تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}(سورة الروم)، ... {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ مقُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(سورة ال عمران)، .... {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}(سورة الأنفال)، ... {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}(سورة الشورى)، .....
و نذكرهم بقول الرسول للصحابة "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ" و في لفظٍ "دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ"، قالها رسول الله حين كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ (كسع اي ضرب دُبُرَهُ بيده او بصدر قدمه)، فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلك رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ" (رواه البخاري و غيره)! فالدعوة الى الوطنية و الاحتماء بها، هي دعوى الى الجاهلية التي حرمها الله، و هي مُنْتِنَةٌ أي كريهة الرائحة و متعفنة، و هي خبيثة، كما قال رسول الله، فالخبث و العفن و النتن الذي حل ببلاد المسلمين سببهم الرئيسي تلك الوطنية العفنة النتنة الجاهلية التي فلح المُخَرِّب الغربي في زرعها في بلاد المسلمين و عقولهم و مشاعرهم!

و نذكر المسلمين، عوامهم و علماءهم، أن هويتهم هي الاسلام {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)}(الأنعام) و ليست أهرامات الفراعنة الكفرة، و لا حضارات الكفر قاطبة سواء التي تواجدت في بلدانهم قبل الاسلام أو بعده، ... فالإسلام هو هوية المسلم و هو دينه و حضارته و تفكيره و هو الروح التي تجري في دمه و هو حياته و مماته {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ... و المسلم لا يعتز بسكان بلده "الاصليين" أو "الأوائل" و لا يتعصب لهم إِذْ كانوا كفارا قبل وصول الاسلام اليهم! .... فقبل الاسلام لم يكن أسلاف أجداد أجدادكم شيئا، إنما كانوا، كما كانت كل البشرية، في ظلمات و جهل و شرك {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)}(ابراهيم) ، {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (9)}(الحديد)، ...

و نقول للمسلمين "الوطنيين"، ما هي جنسية رسولكم محمد؟ و ما هي جنسية صحابة رسول الله الذين تجلونهم و تحبونهم و تأخذون عنهم دينكم؟ ... ماذا انتم فاعلون لو جاء محمد صلى الله عليه و سلم و وقف على الحدود "المقدسة" لبلدانكم الوطنية، هل تسمحون له بدخول البلد؟ هل يحتاج الى تأشيرة دخول؟ .... و ماذا لو جاء أحد صحابة رسول الله و وقف على الحدود "المقدسة" لبلدانكم الوطنية، هل تسمحون له بدخول البلد؟ هل يحتاج الى تأشيرة دخول؟...
و لو افترضنا أن حكامكم سمحوا لرسول الله دخول بلدكم الوطنية المقدسة، فهل ستقدمون حكامكم و رؤساءكم و ملوككم على رسول الله و تطيعون حكامكم و تتركون نبيكم محمد؟
و ماذا لو جاء رسول الله بالمسلمين الذين امنوا به و طلب منهم أن يهاجروا معه الى بلادكم "الوطنية"، هل تسمحون لهم بالدخول و تقتسمون معهم أموالكم و بيوتكم و تسودونهم عليكم، كما فعل انصار رسول الله في المدينة مع المهاجرين و جعلوا الرياسة بعد رسول الله لصحابته من المهاجرين الذين لم يكونوا من اهل المدينة، فقدموهم للرياسة لأنهم كانت لهم الأسبقية في الايمان و في العلم بالإسلام؟ ...
و إذا قلتم ستقدمون رسول الله على حكامكم و تجعلوه قائدكم و زعيمكم و رئيسكم إذا جاءكم اليوم، و ترحبون كذلك بكل من آمن به، كما فعل الأنصار في المدينة مع المهاجرين، فنقول لكم و ما يمنعكم من فعل هذا الآن و اليوم و في كل بلاد المسلمين، ... فما جاء به رسول الله بين أيديكم، القرآن و السنة، فإن احتكمتم إليهما و قدمتموهما -أي القرآن و السنة- على ملوككم و رؤساءكم و حكامكم، فذاك هو مناصرة رسول الله و ذاك هو حبه و الايمان به، .... و إن كفرتم بالحدود الوطنية الوثنية و آمنتم أن لكل من آمن بمحمد له الحق في الهجرة الى بلاد المسلمين، الى أي بلد من بلاد المسلمين أحَبَّ أن يهاجر اليها، فذاك هو ما فعله الأنصار و قال فيه ربكم {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)}(الحشر)، ...

و إذا قلتم أن الحدود الوطنية الوثنية تفرضها الأنظمة المتحكمة في بلاد المسلمين و أنكم لا طاقة و لا قدرة لكم على تغيير هذا الواقع، فنقول لكم فلا تكونوا انتم وطنيين و لا تفكروا على اساس وطني و لا تتحرك مشاعركم على اساس وطني وثني، بل كونوا مؤمنين ترون في المسلمين أمة واحدة و لا تؤمنوا بالحدود الوثنية التي زرعها المُخَرِّب و لا تروجوا لها، تقلعوا الوطنية الوثنية العفنة النتنة من عقولكم و قلوبكم {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)}(سورة المؤمنون)

.....