المؤمن يعلم أن التوكل لا يتم إلا بأمرين
أنَّ المؤمن يعلم أنَّ التوكل الحقيقي لا يتم إلا بأمرين اثنين لابد منهما :
الأول : اعتماد القلب على الله واستناده إليه وسكونه إليه -كما قال ابن القيم رحمه الله - بحيث لا يبقى فيه اضطراب من تشوش الأسباب ولا سكون إليها ، بل يخلع السكون إليها من قلبه ويلبسه السكون إلى مسببها وهو الله . وعلامة هذا : أنه لا يبالي بإقبالها وإدبارها ولا يضطرب قلبه ويخفق عند إدبار ما يحب منها وإقبال ما يكره ، لأن اعتماده على الله وسكونه إليه واستناده إليه .
والثاني : إثبات الأسباب والقيام بها ، وقد كان سيد المتوكلين وإمامهم وحامل لوائهم محمد صلى الله عليه وسلم يقوم بفعل الأسباب وما أخلَّ بشيء منها ؛ فقد ظاهر بين درعين يوم أحد ، واستأجر دليلاً مشركاً على دين قومه يدلُّه على الهجرة ، وكان يدَّخر القوت لأهله ، وكان إذا سافر في جهاد أو حج أو عمرة حمل الزاد معه ، وجميع أصحابه كانوا كذلك ، فهم أولوا التوكل حقاً .
|