أيها المؤمنون: كم من محنة في طيها منح ورحمات، هاهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام يضرب المثل في الرضا عن مولاه، والصبر على ما يلقاه صبراً جميلاً بعده صبر أجمل مع الأخذ بالأسباب والقوة بالأمل، يقول لأبنائه في حاله الأول: { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } [يوسف:18] ثم يقول في الحال الثاني، وهو أعظم أملاً، وبربه أكثر تعلقاً: { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } [يوسف:83] .
كل ذلك من هذا الشيخ الكبير صاحب القلب الوديع، ثم يقول: { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ } [يوسف:86] يقين أرسى من الجبال، وعلم بالله لا يرقى إليه شك، وإن من علمه ويقينه وقوة رجائه أن أمر أبناءه: { يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } [يوسف:87] .
(من خطبة للشيخ الشريم حفظه الله).
قلت: والمقصود يا أخي في الله ويا أختي في الله ألا نيأس أبداً من الوصول إلى أهدافنا المشروعة، وآمالنا المباحة، وإزاحة الفتن عنك والمصائب، ما دمت تستخير وتدعو الله عز وجل وتطلب منه العون والتيسير.
د. محمد إمام.
جامعة المدينة العالمية
http://www.mediu.edu.my/ar/