#1
|
|||
|
|||
سيرة قائد
سيرة قائد <!-- / message --><!-- sig -->
نور الدين زنكي قائد مخلص من قادة المسلمين المخلصين وليس من المنافقين الذين باعوا دينهم بعرض من الدنيا وكانوا سببا في ذل الامة مؤمن صادق الإيمان. جلس على ظهر فرسه أكثر مما جلس على عرشه. رقد في الخيم والتحف السماء مع مقاتليه أكثر مما نام بجوار أهله. تجول في الفيافي في قر البرد ولحيف الحر أكثر ما تمتع بالتنزه في بساتين وحدائقها الغناءة. زخرف طعنات السيوف والرماح جسمه بدلا من التزين بالحلى والجواهر والأوسمة. فارس زاهد لم يتكرر. زخ عرقا في سوح القتال أكثر من التزين بعطر العود والمسك أو القيلولة في أحواض الحليب. مجاهد عظيم. زاهد متصوف لم يغمض له الجفن الا منتصف الليل لينهض في الثلث الأخير من الهزيع ليتهجد. يقبل على الصلاة والدعاء والاستغفار كأنه يحمل على عاتقه خطايا الناس أجمعين. يتلوا ما تيسر من القرآن الكريم حتى ينبلج الفجر ليوقظ أهله ان كان بينهم او قواده وجنوده ان كان في ساحة الوغى والجهاد ليؤم فيهم صلاة الفجر ثم يجلس لتمشية شؤون دولته واستقبال ابناء رعيته لقضاء احتياجاتهم. قال أبن الأثير في بيان فضله: "قد طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الإسلام وفيه إلى يومنا هذا، فلم أر بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن سيرة من الملك العادل نور الدين، ولا أكثر تحرياً للعدل والإنصاف منه، قد قصر ليله ونهاره على عدل ينشره، وجهاد يتجهز له، ومظلمة يزيلها، وعبادة يقوم بها، وإحسان يوليه، وإنعام يسديه". لم يأبه بأبهة الحكم والسلطان ولم يتقاضى راتبا من بيت المال المسلمين وإنما كان يأكل ويلبس هو وأهله من ماله الخاص ولم يكن له بيت يسكنه، وإنما كان مقامه في غرفة في قلعة قد اشتراه من ماله، يحل فيها عندما يعود من ساحة الجهاد. كان رحمه الله لايبتسم ، وروى أبو شامة قائلاً: أنه قرئ عليه جزء من حديث كان له به رواية، فجاء في جملة تلك الأحاديث حديث مسلسل بالتبسم فطلب منه بعض طلبة الحديث أن يبتسم لتتم السلسلة على ما عرف من عادة أهل الحديث، فغضب من ذلك وقال: إني لأستحي من الله تعالى أن يراني مبتسماً والمسلمون محاصرون بالفرنج" ذلكم هو البطل التركماني الشهم نور الدين محمود بن عماد الدين بن آق سنقر زنكي. فكان هذا الشبل من ذاك الاسد قبل ان نسافر معا في رحلة الى بطون التاريخ لنقتطف الازهار ونزيل الاشواك عن سيرة هذا البطل التركماني العظيم، نود ان نوضح باننا لا نبغي اعتماد التفسير الأحادي للتاريخ في سيرة الأبطال والقادة الذين كتبنا وسنكتب عنهم. ولاننظر الى سيرتهم من منظار عرقي ضيق او الدافع الاقتصادي أو المذهبي او محاولة طمس حقوق الآخرين ... الخ. إنما هدفنا هو البحث عن تلاحم القائد البطل مع المبادىء الإسلامية التي كانت محور حركته وتفسيره للوقائع ونظرته الى المحتلين الغزاة، ودور القائد او البطل في استنهاض الهمم و وضع كل القوى المؤمنة الفاعلة في المنظور الاسلامي للتوحد واحداث التغيير في النفوس وتهيأتها لتحرير الارض والمقدسات. أن اتباعنا للمنهج التأريخ الفردي الذي يركز على شخص القائد وجهوده في مواجهة التشرذم والتناحر من جهة و التحدّي الصليبي الاحتلالي من جهة اخرى هو ليس تمجيد الفرد، حتى وان كان يستحق ذلك بجدارة وامتياز، لأننا نؤمن ما من امة تنهض ويكون لها مكان تحت الشمس ما لم يظهر قائد يأخذ على عاتقه تجيير المرحلة التاريخية لصالح الأمة ونهوضها ورفعتها. ولا يخفى على القارىء الكريم أهمية وضرورة القائد المحرك للهمم والذي يضع الأسس الصحيحة لنهضة الأمة وأعدادها للنضال والجهاد من اجل الوحدة والتحرير. وكما يقول المؤرخون ان التاريخ يبقى يدور في فلك "الأشخاص" العباقرة لا في فلك "الأفكار الصحيحة. وكيف اذا كانت العباقرة يدورون في فلك الأفكار الصحيحة، فعند ذلك تحدث المعجزة كما حدثت عند تحرير بيت المقدس. ولهذا تعمدنا البدء بالكتابة عن المغوار عماد الدين زنكي وابنه الشهيد نور الدين محمود زنكي لاتهما هما اللذان وضعا استراتيجية تحرير بيت المقدس . وسار على نهجهم القائد الكردي البطل صلاح الدين الأيوبي الذي تعلم وتهذب واحترف العسكرية في مدرسة نور الدين محمود. وان معظم قواد جيش صلاح الدين ومقاتليه عند فتح بيت المقدس كانوا من الفرسان التركمان الصناديد الذين صقلتهم مبادىء الإسلام الحنيف وهذبت شجاعتهم وفروسيتهم المتجذرة فيهم، فاندفعوا للجهاد تحت راية الاسلام لتحرير ارض العرب والمسلمين المقدسة دون أي التفات إلى العرق او القومية او المذهب اذ كان يضم جيش نور الدين المسلمين السنة والشيعة التركمان والعرب والأكراد. فمن هنا تنبع أهمية القائد المحنك الذي يجمع ولا يفرق. أكرم الله نور الدين بذكر مجيد وسيرة عطرة ولم يقطف من هذه الدنيا سوى ثمانية وخمسين عاماً، فقد ولد الفارس التركماني الزاهد وقت طلوع الشمس من يوم الأحد 17 من شهر شوال سنة 511 للهجرة، الموافق 11 شباط، فبراير 1118 للميلاد ومات يوم الأربعاء 11 من شوال سنة 569 للهجرة. مكث منها في الملك 28 عاماً. وهو ثاني أولاد عماد الدين زنكي بعد سيف الدين غازي. وبعد وفاة عماد الدين زنكي اقتسم ولداه حسب تقاليد ذلك الزمان ملك أبيهم: فاستقر سيف الدين غازي على ولاية الموصل وتولى نور الدين محمود حكم حلب. وقد كان نهر الخابور هو الحد الفاصل بين أملاك الأخوين. اشتهر سيف الدين غازي بالسياسة والأناة، على حين كان نور الدين الذي ذاع صيته محاربا فارسا مجاهدا جياش العاطفة صادق الإيمان، ميالا إلى جمع كلمة المسلمين وإخراج الأعداء من ديارهم ، مفطورا على الرقة ورهافة الشعور؛ وهو ما جذب الناس إليه والتفوا حوله، وحبب القلوب فيه. وواصل سياسة أبيه الجهادية. ظهر نور الدين محمود زنكي في وقت كان عصيبا على المسلمين والناس في أشد الحاجة إلى مثله ليأخذ بيدهم في حلكة الظلام الدامس الذي اكتنف بلاد المسلمين في بلاد الشام، منذ أن وطئتها أقدام الغزاة الافرنج الصليبيون، واحتلوا القدس الشريف. وقد استطاع أباه المرحوم عماد الدين ان يباشر في توحيد المسلمين ويهيء لهم ما استطاع من قوة ورباط الخيل وتضييق فجوة الخلاف والتناحر بين امراء المسلمين. نجح المغوار بقدرته وكفاءته العسكرية والادارية العالية من فتح مدينة الرها سنة (538هـ = 1144م) الذي كان بمثابة ضربة قوية للكيان الصليبي المحتل؛ لأن الرها كانت أولى الإمارات الصليبية التي تأسست في الشرق إبان الحملة الصليبية الأولى، ولم يمهل القدر عماد الدين لكي يواصل تحرير الأراضي المحتلة، حيث اغتالته يد الغدر في (6 من ربيع الثاني 541هـ = 14 من أيلول، سبتمبر 1147م) وكما تحدثنا بالتفصيل عندما تحدثنا عن عماد الدين زنكي. لم تسقط الراية الجهادية، بل حملها يد مؤمنة جبل على حب الجهاد وسار سيرة ابيه بل رفع رأس ابيه وقومه عاليا وتبوءة بامتياز مكانة مرموقة في سجل التاريخ وأحتضن نور الدين محمود زنكي التركماني ومنحه اشرف صفحاته وخلده كأعظم القادة المسلمين الأبطال وكاد ان يسمى الخليفة الراشد السادس لورعه وزهده وعدله وفروسيته وشجاعته. يقول الإمام ابن عساكر: "بلغني أنه ( نور الدين محمود) في الحرب رابط الجأش، ثابت القدم، شديد الانكماش، حسن الرمي بالسهام، صليب الضرب عند ضيق المقام، يقدُم أصحابه عند الكرة، ويحمي منهزمهم عند الفرة، ويتعرض بجهده للشهادة لما يرجو بها من كمال السعادة". وعن شجاعته وأقدامه قال ابن الأثير: "وأما شجاعته وحسن رأيه فقد كانت النهاية إليه فيهما، فإنه كان أصبر الناس في الحرب، وأحسنهم مكيدة ورأياً، وأجودهم معرفة بأمور الأجناد وأحوالهم، وبه كان يضرب المثل في ذلك، سمعت جمعاً كثيراً من الناس لا أحصيهم يقولون: إنهم لم يروا على ظهر الفرس أحسن منه، كأنه خلق منه لا يتحرك و لا يتزلزل" . كان نور الدين رحمه الله إذا حضر الحرب أخذ قوسين وجعبتين، وباشر القتال بنفسه، وينادي بأعلى صوته الله أكبر حي على الجهاد ويندفع نحو العدو كالغضنفر الهصور. وعن زهده يقول سبط ابن الجوزي: "كان إذا أقام الولائم العظيمة لا يمد يده إليها إنما يأكل من طبق خاص فيه طعام بسيط" . استهل نور الدين حكمه بالقيام ببعض الهجمات على إمارة إنطاكية الصليبية، واستولى على عدة قلاع في شمال الشام، ثم قضى على محاولة "جوسلين الثاني" لاستعادة الرها التي فتحها ابوه عماد الدين زنكي وكانت هزيمة الصليبيين في الرها أشد من هزيمتهم الأولى. وكان نور الدين دائم السعي إلى استمالة القوى الإسلامية المتعددة في شمال العراق والشام وكسب ودها وصداقتها لمواجهة العدو الصليبي، فعقد معاهدة مع "معين الدين أنر" حاكم دمشق سنة (541هـ = 1147م) وتزوج ابنته، فلما تعرض أنر لخطر الصليبيين وكانت تربطه بهم معاهدة وحلف لم يجد غير نور الدين يستجير به، فخرج إليه، وسارا معا واستوليا على بصرى وصرخند قبل أن يقعا في يد الصليبيين، ثم غادر نور الدين دمشق؛ حتى يبعث في قلب حاكمها الأمان، وأنه لا يفكر إلا في القضاء على الصليبيين؛ فتوجه إلى حصون إمارة إنطاكية، واستولى على أرتاح وكفر لاثا وبصرفوت. وعلى أثر ذلك ملك الرعب قلوب الغزاة من نور الدين، وأدركوا أنهم أمام رجل لا يقل كفاءة وقدرة عن أبيه عماد الدين، وكانوا قد ظنوا أنهم قد استراحوا بموته، لكن أملهم تبدد أمام حماسة ابنه وشجاعته، وكانت سنه إذ ذاك تسعا وعشرين سنة، لكنه أوتي من الحكمة والتدبير خيرا كثيرا. وفي سنة (542هـ = 1147م) وصلت الحملة الصليبية الثانية على الشام بقيادة لويس السابع وكونراد الثالث، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها وتعرضت لخسائر هائلة، وعجزت عن احتلال دمشق، ويرجع الفضل في ذلك لصبر المجاهدين واجتماع كلمة جيش المسلمين ووحدة صفهم، وكان للقوات التي جاءت مع سيف الدين غازي وأخيه نور الدين أكبر الأثر في فشل تلك الحملة. استغل نور الدين هذه النكبة التي حلّت بالصليبيين وضياع هيبتهم، للهجوم على إنطاكية بعد أن ازداد نفوذه في الشام، فهاجمها في سنة (544هـ=1149م) الإقليم المحيط بقلعة حارم الواقعة على الضفة الشرقية لنهر العاصي، ثم حاصر قلعة إنب، فنهض "ريموند دي بواتيه" صاحب إنطاكية لنجدتها، والتقى الفريقان في (21 من صفر 544هـ= آخر حزيران يونيو 1149م) ونجح المسلمون في تحقيق النصر وأبادوا الصليبيين عن آخرهم، وكان من جملة القتلى صاحب إنطاكية وغيره من قادة الفرنج وكان فرح المسلمون بهذا النصر عظيما. نجح نور الدين في ضم دمشق إلى دولته في سنة (549هـ = 1154م) وكانت هذه الخطوة حاسمة في تاريخ الحروب الصليبية؛ حيث توحدت بلاد الشام تحت زعامة القائد التركماني نور الدين محمود زنكي: من الرها شمالا حتى حوران جنوبا، ولاول مرة منذ الغزو فيا ترى هل يوجد من قادة العرب اليوم بمثل رجولة وشهامة هذا القائد المسلم...؟ اترك الجواب لكم...
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
لا والله ، ونسأل الله أن يولى من يصلح ، ويصلح من تولى.
بوركت أخانا أنصار الخلافة ، وكم نحن بحاجة لدراسة سير هؤلاء القادة العظماء الأفذاذ ، ونعلم سيرتهم لأولادنا فى بيوتنا ومدارسنا ، عسى الله أن يبعث منهم من يقتدى بهؤء فيكون على يديه الفتح. ولا يهم يا أخى عِرق القائد : كردى ، تركمانى ، تركى ، فارسى ، قوقازى ... الكل يا أخى منصهر فى بوتقة الإسلام ، نحن الإسلام بالنسبة لنا دين ووطن ، فهو ديانتنا وهو جنسيتنا. جزا الله خيراً ننتظر المزيد.
__________________
قـلــت :
|
#3
|
|||
|
|||
بارك الله بك اخي الكريم
__________________
|
أدوات الموضوع | |
|
|